أثارت قضية اعتقال الأمير السعودي عبد المحسن بن وليد أل سعود اهتمام عدد كبير من وسائل الإعلام العربية والعالمية، وفيما دخل المغرد السعودي الشهير مجتهد على الخط والذب اعتبر أن الأمير كان احمقا ورمى نفسه صيدا ثمينا بيد حزب الله وأنه كان ينوي تهريب الكبتاغون الى حايل، كشفت صديفة لبنانية مصدر هذه المخدرات التي قد يكون لتنظيم داعش يدا فيها.
كشف المغرد السعودي الشهير “مجتهد”، في سلسلة تغريدات له ان “الأمير المعتقل في بيروت والذي ضُبط يهرب طنين من “الكبتاغون” هو عبدالمحسن بن وليد بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز وكان ينوي نقل الكبتاغون إلى حايل، وسبب اختيار حايل هو أن أميرها سعود بن عبدالمحسن (عم الامير المعتقل) وقد تحولت تحت سلطته إلى مركز استقبال وتوزيع للمخدرات بكافة أنواعها بحصانة كاملة.
اضاف “مجتهد”: “لقد رمى الأمير الأحمق نفسه صيدا ثمينا بين يدي حزب الله لأن الإدارة الأمنية لمطار بيروت بيد الحزب، وقد أهداهم فرصة للتشهير بآل سعود وابتزازهم، ولا يستبعد أن يستخدم حزب الله الأمير كرهينة لإطلاق سراح الشيخ السعودي نمر النمر أو تغيير السياسية تجاه سوريا واليمن والخليج والطائفة الشيعية في السعودية”.
تجدر الاشارة الى ان هناك اختلاف حول هوية “مجتهد” الذي يتابعه اكثر من مليون و400 الف شخص، إذ يرى البعض أن صاحب الحساب هو رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح الدكتور سعد الفقيه المقيم في بريطانيا، ويتحجج أصحاب هذا الرأي بأن المعارض السعودي المقيم في بريطانيا كتب مقالا في صحيفة الغارديان تحدث فيه بإسهاب عن حساب مجتهد في تويتر وتأثيره على المجتمع السعودي.
ويرى آخرون أن صاحب حساب مجتهد هو أحد المقربين من البلاط السعودي والدليل في رأيهم هو نوعية التسريبات التي ينشرها وتنبؤاته بالتغييرات المحتملة في القصر.
اضغط هنا لمشاهدة خبر جد الامير عبد المحسن
وتسلط حادثة “الكبتاجون” تسلط مزيد من الضوء على تاريخ أمراء آل سعود في تهريب وتعاطي المخدرات، حيث نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية تقريراً حول هذا الموضوع عنونته بـ”مشكلة المخدرات الملكية السعودية”، وضم سرد لتاريخ العائلة المالكة مع المخدرات، حيث ذكر التقرير أن “الصلة المباشرة للأمير السعودي الذي أوقف في بيروت لتهريبه المخدرات بآل عبد العزيز بن سعود، لا تقول أنها المرة الأولى التي يُتهم فيها أمراء سعوديين بمثل هذا، حتى ولو كانوا من فروع بعيدة نسبياً عن أسرة عبد العزيز بن سعود وأحفاده، ففي عام 1999، أتهم الأمير نايف بن سلطان بتهريب الكوكايين من فنزويلا إلى فرنسا، وأنه حالياً يعيش في السعودية تحت حصانة قانونية، فالأمير نايف تمت إدانته من قبل فرنسا باستخدام وضعه الدبلوماسي في تهريب المخدرات على متن طائرة تابعة للأسرة المالكة السعودية, وقد تمكن من الفرار قبل الحكم عليه بعشر سنوات عام 1999، وإصدار مذكرة ملاحقة دولية بحقه عام 2007, كما أن الولايات المتحدة قد سبق وقد وجهت له اتهامات بتوزيع الكوكايين قبل ذلك في الثمانينيات”.
ويضيف التقرير “في عام 2010، جاء في برقية مسربة على موقع ويكيليكس تعبير مزدهرة ونابضة واصفاً مشهد العالم السري للحفلات الملكية للمخدرات في مدينة جدة، وذلك لأن السلطات السعودية تغض الطرف عن هذه الحفلات في هذه المدينة, البرقية تصف حفلة هالوين ممولة من أمير ينتمي لفرع ثنيان آل سعود (شقيق الملك المؤسس)، حيث أكثر من 150 رجل وأمراءه يرتدون الأزياء التنكرية ويشربون الكحول المهربة الغالية التي تباع فقط في السوق السوداء السعودية، مع كميات هائلة من الحشيش والكوكايين يشاع استخدامها في هذه الدوائر الاجتماعية”.
وأشارت “فورين بوليسي” إلى طبيعة العقوبات التي تصدرها المملكة والتمييز في تطبيقها، حيث أشارت إلى “العقوبات القاسية المبنية على تفسيرات السعودية للشريعة الإسلامية لا تُطبق على نحو 15 ألف أمير وأميرة ينتمون إلى بيت آل سعود, لكن ذلك لم يحول دون تطبيق الإعدام على الأجانب والمواطنين غير المنتمين إلى العائلة المالكة المرتكبين انتهاكات أقل فظاعة من قانون تهريب المخدرات في هذه البلد”.
ولم يستبعد تقرير المجلة الأميركية أن يكون للمخدرات دور في الجرائم التي ارتكبها أمراء سعوديين في مختلف بلدان العالم، سواء جرائم النفس أو الاغتصاب والتعدي الجسدي، مثل قضية الأمير سعود بن عبد العزيز بن ناصر آل سعود الذي أدين فيها بقتل خادمه (سوداني الجنسية) تحت تأثير المخدرات بعد الاعتداء عليه جنسياً في أحد الفنادق بلندن، ومن ثم الحكم على الأمير السعودي بالسجن مدى الحياة وتم تنفيذ العقوبة وسجنه عام 2010، إلا أن القضاء البريطاني وبضغط أموال واستثمارات آل سعود قد أصدر قرار بأن يقضي الأمير السعودي ما تبقى من عقوبته في بلده، التي لم تحكم عليه طبقاً لما ينص عليه قانونها في مثل هذه الجرائم وهو الحكم بالإعدام.
حتى الأن لا يوجد مؤشر عما ستؤول إليه قضية “الكبتاجون” ومصير الأمير عبد المحسن، إلى أن سوابق جرائم مماثلة تشير إلى نجاة الأمراء منها دوماً، بالضغط المالي والسياسي والإعلامي، أو باستخدام نفوذ للتلاعب في سير التحقيق وتحميل شخص أخر المسئولية الأولى للجريمة, لكن على أياً كان ما ستؤول إليه القضية الأكبر من نوعها في تاريخ قوى الأمن اللبناني، فأن الظروف السياسية والأمنية في لبنان وكذلك الظروف الخاصة بالجريمة من حيث التأثير والحجم والصدى الإعلامي، تشي بأن الأمير عبد المحسن لن يكون كسابقيه من أقرانه الملكيين، حتى وإن بدأت الرياض في استخدام نفوذها المالي والدبلوماسي والسياسي في إسكات وسائل الإعلام في لبنان والدول العربية للحيلولة دون الحديث عن القضية، التي من المتوقع أن تحاط بقدر كبير من التعتيم الإعلامي الطوعي تمهيداً لإنهائها بشكل يضمن حرية الأمير الشاب دون أن يعرض السلطات القضائية والتنفيذية في لبنان للانتقاد.
وتعد جريمة تهريب المخدرات في السعودية من أحد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام بقطع الرأس، أياً كانت الكمية المضبوطة, والحادثة الأقرب إلى أذهاننا هي قضية المحامي المصري، أحمد الجيزاوي، الذي أتهمته السلطات السعودية بتهريب عقار “الترامادول” قبل نحو ثلاث سنوات.
وتشير إحصائيات وزارة الداخلية السعودية أن انتعاش في تجارة المخدرات شهدته المملكة خلال العامين الماضيين، حيث قدرت الوزارة في بيان لها العام الماضي أن حجم ما تم ضبطه في الربع الأول من 2014 يتجاوز ما قيمته 2 مليار ريال سعودي، بخلاف أكثر من 1400 شخص من المتهمين، وتنوعت المخدرات ما بين مشتقات القنب، مروراً بالحبوب المخدرة بأنواعها، ونهاية بالهيروين والكوكايين، فيما شهد العام الجاري، وبحسب الداخلية السعودية ما يتجاوز قيمته 1.3 مليار ريال سعودي خلال الستة أشهر الأولى، وما يتجاوز 1300 متهم معظمهم من الأجانب, وتعد هذه الإحصائيات مرتفعة للغاية ربطاً بتعداد سكان المملكة.
وكانت طائرة الأمير السعودي قد وصلت إلى بيروت في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وحدد لها ميعاد وصول وإقلاع قبل وصولها بنحو يومين، فيما تم شحن الطرود التي حوت المخدرات في يوم المغادرة وذلك عن طريق سيارة دفع رباعي نقلتها قبل وصول الأمير للمطار بساعات، حيث كان من المفترض أن توضع على الطائرة عند وصول الأمير قبل إقلاعها دون تفتيش كما تنص القوانين والأعراف الدبلوماسية التي لا تجيز تفتيش طرود أو حقائب خاصة بأمراء الأسرة الحاكمة في السعودية الذين يحملون امتياز دبلوماسي، سواء كانوا كذلك أم لا، والطرود التي تجاوز عددها 24 طرداً بالإضافة إلى 8 حقائب سفر كبيرة الحجم، ختمت جميعا بعبارة “خاص بصاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود”، ليتم كشفها عن طريق قوى الأمن اللبنانية في مطار رفيق الحريري بعد مشادة كلامية بين مساعدي الأمير وأحد عناصر الأمن اللبناني الذي أصر على تفتيش أحد الطرود بعد رفض الأمير وحاشيته إمرارها في أجهزة الكشف الأمني، ليكتشف عنصر الأمن اللبناني عشرات من أكياس “زينيا” وهو أسم أفضل أنواع “الكبتاجون” داخل أحد الطرود ومن ثم فتحها جميعا واحتجاز الأمير ومساعديه الذي بدا عليهم أثر مخدر الكوكايين.
حبوب الثورة السورية
صارت المخدّرات شائعة في سوريا نحن نلمس ذلك يوميا.. والحديث عنها حقيقة لا مبالغة فيه، لقد أصبحت هذه الحبوب تُنتج محلّيا ولها أسماء أكثر شيوعا مثل يامسهرّني والصاروخ وقاهر الامتحان، ويوميا تطالعنا الصحف عن اعتقال متاجرين ومُصنّعين لهذه الحبوب, وقبل هذا الربيع… لم نكن نسمع بها ولكن فضل الثورة على الشعب كان كبيرا, هكذا يتسائل مواطن سوري.
صحيفة ليبراسيون الفرنسية، Libération، كانت قد نشرت تقريرا حول نوع من المخدرات يُسمّى “الكبتاجون” أو “فينيثايلين”، يتم صنعه في لبنان خاصة، ويتميز بتوفيره “لحالة من الهدوء والثبات لمتعاطيه” وأن هذا “النوع من المخدّرات كان يُستعمل كدواء، حيث أن “مستهلكه هو الشخص الذي يعاني من اضطراب فرط النشاط، الخدار، الإجهاد، الاكتئاب، ومتلازمة ما بعد الصدمة أو الاضطراب العقلي”، غير أنه أصبح يُباع بكميات وافرة لدى الجماعات المسلحة، مثل تنظيم داعش، بعد أن تبين أنه يُمكّن منفذي الهجمات و”العمليات الإنغماسية” من تغييب حالة الاضطراب أو الخوف.
“حبوب الحرب السورية” كما لقبته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي BBC، هذا السم الزعاف الذي يؤدي إلى تدمير الخلايا العصبية بالمخ مما ينجم عنه الشلل الرعاشي، هو “ما يمكّن تنظيم داعش وغيرها من الجماعات المسلحة وبارونات الحروب، من ضمان مصدر تمويل ذاتي من جهة، نحو 300 مليون دولار سنوياً، والاطمئنان على مردود مسلحيهم، وبالأخص انتحارييهم، من جهة أخرى”.
في ذات السياق وفي تحقيق أجرته صحيفة “لونوفل أوبسرفاتور الفرنسية، Le Nouvel Observateur، تحت عنوان “الكبتاجون.. الجرعة السحرية للجهاديين”، أشارت الصحيفة إلى أن “مُقاتلي تنظيم داعش يتعاطون الكبتاجون، كما أنه يشكّل مصدر دخل للتنظيم، مشددة على أنهم ليسوا الوحيدين الذين يلجؤون إلى هذا المخدّر المنشط، فعلى الجبهة السورية، يتناول مسلحو جبهة النصرة وجنود الجيش السوري الحر أيضا نصيبهم من “إكسير الشجاعة”.
تقرير صحيفة ليبراسيون، الذي أشرنا إليه سابقا، أفاد أنه “ووفقا للأرقام الصادرة عن منظمة الجمارك العالمية، قد ارتفعت كمية الحبوب التي تمّ ضبطها في دول الخليج إذ رُصد ما يزيد عن 11 طنا سنة 2013 مقابل أربعة أطنان فقط في 2012.
فيما قالت صحيفة الديار اللبنانية ان “آخر المعلومات بشأن التحقيق مع الأمـير المهرب السعودي أنه اشترى البضاعة من اشخاص من آل عزالدين وهم من عرسال من الطائفة السنيّة الكريمة ودفع لهم نقداً المبلغ وسلّموه البضاعة في (بك آب) وهم رهن التحقيق لاستكماله ويبدو أن مصدر البضاعة قد يكون داعش وسلّمه “داعش” في عرسال لآل عزالدين الذين نقلوا البضاعة للأمير السعودي”.