#فيزياء: علماء يكتشفون موجات الجاذبيّة في إشعاع الخلفيّة الكوني، “أهمّ اكتشاف في علم الفيزياء منذ اكتشاف بوزون هيجز”.
لقد أعلن فريق من الفيزيائيّين اليوم اكتشافهم لأنماطٍ في إشعاع الخلفيّة الكوني التي تتوافق مع الأنماط التي تنبّأ بها العلماء لموجات الجاذبيّة سابقًا. هذا الإكتشاف، إذا ثبُت، قد يكون دليلاً مباشرًا على صحّة نظريّة التضخّم الكوني، وهي الفكرة التي تقترح أنّ الكون “تضخّم” بسرعة هائلة في الأجزاء الأولى من الثّانية بعد ولادته. بالإضافة إلى ذلك، الإشارات التي رصدها العلماء تبدو أقوى ممّا كان متوقّعًا، ممّا قد يُتيح إمكانيّة استبعاد بعض نماذج التضخّم التي لا تتوافق مع الأدلة المشاهدة.
“هذا اكتشاف هائل،” قال مارك كاميونوفسكي، من جامعة جون هوبكنز. كاميونوفسكي لم يُشارك في الدّراسة الأخيرة، ولكنّه تنبّأ بكيفيّة اكتشاف آثار موجات الجاذبيّة في العام 1997. اكتشاف جوهريٌّ كهذا سيتطلّب تأكيدًا من تجارب أخرى حتّى يُصدّقه العلماء حقًّا، ولكن مع ذلك لقد مدح هذه النّتائج أهمّ الخبراء في المجال. آلان جوث، بروفيسور الفيزياء في معهد ماساتشوستس التّكنولوجي والشّخص الذي تقدّم بنموذج التضخّم الكوني في العام 1980، علّق على النّتائج قائلاً: “هنالك إمكانيّة أن تكون النّتائج خاطئة، ولكنّي أرى أنّه من المحتمل جدًّا أنّها ستصمد. أنا أعتقد أنّهم قاموا بعملٍ جيّد في تحليل [النّتائج].”
الاكتشاف تمّ في سياق تجربة (بايسيب2 – BICEP2)، والتي تتواجد في القطب الجنوبي. الباحثون وجدوا نمطًا يُسمّى بـ (استقطاب نمط-ب) في الضّوء الذي بقيَ بعد الإنفجار العظيم، والذي يُعرَف بإشعاع الخلفيّة الكوني. هذا النّمط، والذي هو ببساطة تجعّد في استقطاب أو وجهَة الضّوء، لا ينتج إلاّ عن موجات الجاذبيّة التي يُسبّبها التضخّم الكوني. “[هذا النّمط] يبدو كدوّامة في السّماء،” قال تشاو لين كو من جامعة ستانفورد والذي عمل على تصميم جهاز الرّصد في تجربة BICEP2. “لقد وجدنا دليلاً دامغًا على [صحّة] التضخّم الكوني، كما أنّنا أنتجنا أوّل صورة لموجات الجاذبيّة في السّماء.”
أجهزة الرّصد في تجربة BICEP2 وجدت إشارات قويّة وغير متوقّعة للإستقطاب نمط-ب، ممّا أعطى الباحثين ما يكفي من البيانات لتفوق الدّلالة الإحصائيّة لنتائجهم حدّ الـ (5 سيجما)، وهو الحدّ الأدنى للإكتشاف الحقيقي في الكثير من التّجارب الفيزيائيّة. في الواقع، الباحثون كانوا مدهوشين من قوّة الإشارات لدرجة أنّهم امتنعوا عن نشر نتائجهم لأكثر من سنة حتّى يتأكّدوا من سلامتها.
إشعاع الخلفيّة الكوني هو ضوء خافت منتشر في جميع أنحاء الكون، ويعود إلى قرابة الـ 380,000 عام فقط بعد الإنفجار العظيم. قبل ذلك الوقت، الكون كان حارًّا جدًّا وكثيفًا لدرجة أنّ الضّوء لم يستطع السّفر لمدّة طويلة قبل الإصطدام بجزيئات المادّة. ولكن عندما برد الكون حتّى بدأت الذرّات الأولى بالتشكّل كان بإمكان الضّوء أن يُسافر بدون عقبات كثيرة، وهذا الضّوء هو ما أصبح يُعرف اليوم بإشعاع الخلفيّة الكوني.
المصدر:
http://www.scientificamerican.com/…/gravity-waves-cmb-b-mo…/
وكان الوسط العلمي يترقب هذا الحدث كما في المقال ادناه
قد يتساءل البعض عن سبب ذلك الإهتمام الزائد برصد موجات الجاذبية، ما هو المهم بتلك الموجات؟ لماذا يبالغ المجتمع العلمي في الإهتمام بتلك الموجات؟ وما سبب توقع البعض حصول فريق مرصد الليجو على جائزة نوبل إذا تمكنوا من رصد تلك الموجات؟
في الأسطر القادمة سنحاول شرح مدى أهمية تلك الموجات ولماذا قد يصبح غدًا أول أيام عصر جديد في الفيزياء والرصد الفلكي.
الكون منذ اللحظة صفر أو منذ لحظة نشأته حتى مرور قرابة ال 240 ألف سنة بعد لحظة الصفر كان معتمًا ومظلمًا، كانت أنوية الذرات منفصلة عن الإلكترونات وبالتالي كانت فوتونات الضوء تتفاعل مع الشحنات الموجبة والسالبة للأنوية الذرية والإلكترونات حتى بدأ الكون يبرد نسبيًا وأخذت الأنوية تلتقط الإلكترونات، وعادلت الشحنات الموجبة الشحنات السالبة وبالتالي أصبحت المادة شفافة وسمحت للفوتونات بالحركة.
لماذا ذكرنا ذلك؟ ما علاقة ذلك بموجات الجاذبية؟
لإن الرصد الفلكي حاليًا يعتمد على الأشعة الكهرومغناطيسية ووحدة بنائها الفوتونات، ولإن الضوء يستغرق وقتًا حتى يصلنا فبالتالي الرصد الفلكي نشاهد من خلاله الماضي وليس الحاضر.
وهكذا لو أن هناك مجرة ما على بعد 12 مليار سنة ضوئية منك فإن الضوء الصادر منها سيصلك بعد 12 مليار سنة ولذلك عندما نشاهد تلك المجرة فإننا نشاهد شيئًا منذ 12 مليار سنة مضت.
لكن، ما هو أبعد وأقدم شئ نراه على الإطلاق؟
أبعد شئ نراه هو إشعاع الخلفية الكوني أو Cosmic microwave background وهو عبارة عن أولى الفوتونات التي انطلقت من الكون تمامًا بعد التقاط الأنوية للإلكترونات كما ذكرنا سابقًا.
الآن عن طريق التلسكوبات نرى ونشاهد ماضي الكون حتى إذا ما وصلنا لتلك الفترة المظلمة في تاريخ الكون أو ال 240 ألف سنة الأولى فإننا نعجز عن رؤية أي شيء.
الآن نعود لموجات الجاذبية مرة أخرى، من تعريفها الأساسي سنعرف إنها تموجات في نسيج المكان-الزمان (الزمكان) نفسه وحدوثها هو نتيجة حركة الاجسام الكبيرة أو الأحداث الضخمة ف الكون مثل انفجارات السوبرنوفا.
الكون نفسه في نشأته خلال مراحل الإنفجار العظيم وحتى في خلال أول جزء من التريليون من الثانية الأولى تكونت به تلك الموجات وبالتالي لو استطعنا تطوير أدوات رصد بإمكانها استخدام موجات الجاذبية بدلًا من الموجات الكهرومغناطيسية فسنمتلك أداة تجعلنا نرى مراحل نشأة الكون الأولى.
سيصبح بالإمكان أيضًا رصد اندماج النجوم النيوترونية ومراقبة سلوك الثقوب السوداء. تأتي الأهمية البالغة لتلك الموجات أيضًا من فكرة إنها الطريقة الوحيدة التي يمكن بواسطتها تتبع أصل الكون.
وسط تلك الأهمية البالغة لتلك الموجات التي قد تفتح عصرًا جديدًا في مجال الفيزياء والرصد الفلكي فإن مرصد ليجو LIGO قد نوه لإقامة مؤتمر صحفي اليوم السعة 15:30 بتوقيت غرينتش للإعلان عن أحدث الجهود للكشف عن تلك الموجات وسط تسريبات بأن مرصد الليجو قد تمكن من رصد موجات الجاذبية لأول مرة، فهل نحن على موعد مع حدث سيصنع التاريخ؟