بماذا تختلف المعارضة المعتدلة التي ذبحت طفلا في الـ12 من عمره عن الذين ذبحوا 1700 شاب في سبايكر؟
كم تشبه احداث اليوم عما حصل قبل عامين وقبل عقدين وحتى قبل 1400 عام ..
تاريخ من الذبح المتواصل برايات دينية والمقال ادناه هو حول المعضلة الهائلة التي نواجهها جميعا وكتب ونشر قبل عامين تماما
…..
أشعر بالعار فعلا مما يجري بحق كل من سمي بـ”العراقيّ”، سابقا..والمسيحي أو الشيعي أو السني أو الكردي .. إلخ حاليا وربما لاحقا.
أشعر بالعار الذي يجب أن نشعر به جميعا..مما جرى ويجري بحق التركمان والمسيحيين في نينوى مؤخرا .. وقبل ذلك عملية “غانمة ومضفرة” تم فيها ذبح 1700 طالب في زهرة شبابهم كالخراف في سبايكر في تكريت، -ولم يستنكرها من بين “المهمشين” أحد!-.
أشعر بخزي حارق يكاد يخنق روحي.. ويتصاعد فائرا كالطوفان ليحرق حنجرتي ويمنعني حتى من إطلاق آهة احتجاج أو ما يشبه الصراخ.
ألتفت علني أسمع صوتا يواسيني فلا أجد أحدا ولا جهة، تشفيني بكلمة واضحة وطيبة.. سوى أصدقاء “مهمشين” بدرجة 100% سابقا ولاحقا.. ولا يشاركوننا إلا بالوجع واليأس والألم نفسه.
وهاهم جميع “أولياء الأمور” مازالوا يقولون كلاما غامضا ولئيما، يتهمون هذا القائد أو ذاك الوزير، ذلك النائب أو تلك “النائبة” ..-قالت إحداهن أن أهل الموصل الآن في خير وأمان عظيمين!-
وكأن كل هذا الذي جرى أمام أعيننا مجرد “حدث” مؤسف، مجرد واقعة ضمن “وقائع” ..
لا أحد يشعر بالعار مما يجري، الكل يبحث عن أسلاب وسط الغابة، لا إشارات على وجود “إحساس” أو مجرد خجل، سمه خجلا شخصيا على الأقل وليس وطنيا، مشغولون بـ”الفرهود” الأكبر.. مصابون بعطش أعمى للسلطة.. ولا يهم وسط أي جحيم.
وأتساءل: أين أولئك الذين رفعوا صوتهم عاليا بشعارات التهميش والمشاركة..؟ لم نعد نسمع صوتا لهم وهم أسياد “وحكام” تلك المناطق الآن؟.. هل كانوا يطالبون بالمشاركة حقا؟، وهم رفضوها فعلا على الأرض في مناطقهم وبحق جميع مستضعفيها بدءا من الشيعة وانتهاء بالمسيحيين ومرورا بالتركمان والشبك، بل وأنهم لم يمنحوا أحدا حتى حقه في “التهميش”، بل حقه في أن يقتلع نفسه بنفسه من أرضه التي ولد فيها منذ آلاف السنين.
وأين الشيعة؟ هل هم هؤلاء الذين يتربعون على عرش أغلب المناصب الآن؟ هل هم قادة “حفلات” اللطم الجماعية التي أطارت ما تبقى من “عقل” و”وعي” في رؤوس الكثيرين؟،
أين أبطال الحكومة، ماذا يفعلون أو بالأحرى ماذا كانوا يفعلون طوال السنوات التي مضت؟..
أين الجيش؟ .. ماذا يفعل؟ .. ألم يمل من الانتظار والتهديد والوعيد الفارغ؟ .. أم أن الجلوس على التلة أسلم؟ ..وهل هو جيش مخصص فقط لحماية “الزوار” في مناسباتهم التي لا أول لها ولا آخر؟
وأين الدولة؟ .. أين هي ؟ لا أكاد أرى إلا “هياكل” فارغة سطرت على واجهاتها بضعة حروف…. هل أجد من يدلني على شيء ما يدخل أو يخرج منها وأستطيع تلمسه؟
أين نواب البرلمان “المنتخبون”، ولماذا تم انتخابهم ؟ .. لاستلام الرواتب “والعمولات” والسيارات المصفحة فقط ؟
أشهق غصة ألم-أخبار أخرى.. وأهذي: أية فضيحة تلك التي نحن فيها يا “عراق”.. ماذا سنقول لفرات ودجلة؟
وأين نحن الآن؟ .. في أية هاوية وقعنا .. وماذا سنقول لآبائنا، وأجدادنا.. بل لأبنائنا غدا؟
أين “الغيرة” ؟
بل وأين الإسلام نفسه؟ .. وما هو تعريفه وشكله ولونه بل وجدواه؟
وكيف لا نخجل ليس من عراقيتنا فقط، بل من أنفسنا على الأقل كبشر “أسوياء” ونحن نرى شذاذ الآفاق ومن جميع الجنسيات وهم يجولون ويصولون في شوارع الموصل وتكريت وووو .. ؟.. وقد يجولون قريبا في بغداد نفسها.
وكيف لا نخجل ونحن مازلنا مشغولين باسم رئيس الوزراء القادم .. هل هو “سين” السابق أم “صاد” اللاحق؟، وهل سيأخذ فلان هذا المنصب أم علان؟
يا لخزينا العارم ..أية مناصب وأية مقاعد وأية حصص.. وجراد داعش يلتهم الأرض والماء والحجر؟..
لنواجه الحقيقة الصارخة
نحن مجرمون فعلا بحق وطننا، وأكثرنا إجراما وإفسادا وإرهابا الغالبية العظمى من سياسيينا ورجال ديننا وشيوخنا .. ولا علاج لنا إلا بكنس هؤلاء جميعا وبلا أي استثناء.. زين أو شين .. يجب إلغاء فكرة المناصب نفسها ..وحتى الدولة .. نحول البلد كله إلى شركة.. نكتفي بإدارة عامة وشاملة ومتخصصة لها وانتهى.
لنواجه الحقيقة الصارخة ..يجب بعد الآن أن نعترف بما نحن فيه كما هو ..بلا تزويق ولا تجميل ولا تبرير ولا تهوين ..
لا مزيد من الكلمات والادعاءات.. وأيضا لا يذكر لنا أحد بعد الآن اسم إيران او السعودية او اميركا أو أي دولة .. فما جرى جرى بأيدينا.. وهو خلاصة لـ”قناعاتنا” و”ثقافاتنا” و “أخلاقنا”، نحن الشركاء الأصلاء وليس غيرنا.
نحن فاشلون جميعا ..سنة وشيعة .. الأحفاد تنخرنا نخرا .. ولن نتفق وعليه نحن لا نصلح بالتالي لبناء دولة إلا على طراز دولة داعش أو أمثالها.. دولة دموية متخلفة ..وخارج التاريخ والعقل وأبسط شروط الحياة المعاصرة.
ربما كل ما علينا فعله الآن هو استغلال ما تبقى لدينا من أموال لاستيراد موظفين محترفين من جميع أنحاء العالم لإدارة شؤوننا بطريقة علمية صرفة..
كفى ديمقراطية وانتخابات و”مرجعيات”
كفى أوهاما
كفى غرورا وتبجحا وصراعات
وهيا لنعطي “الخبز لخبازه”، ونضع كل مبادئنا “العظيمة” جانبا.. بل ندمر كل ما في داخلنا منها.. قبل أن تدمر كل شيء خارجها
ندمرها تماما -أو ليضعها عشاقها في الثلاجة مؤقتا، على الأقل- لكي نبني حقا كل ما هو خارجها.
هذه هي البداية ..ولا خلاص لنا إلا بهذا.
..