عطوان: القوات التركية دخلت المستنقع السوري للمرة الاولى ووصلنا الفصل الأحطر في الازمة السورية

القوات التركية دخلت الى المستنقع الدموي السوري بشكل مباشر للمرة الاولى منذ خمس سنوات من الازمة.. خريطة الصراع تشهد “انقلابا” في تحالفاتها.. وهناك اربعة اسئلة تحدد اجاباتها مستقبل سورية والمنطقة ما هي؟ واين يقف النظام الآن؟ وما هو الدور الكردي الجديد

Advertisements
Advertisements

عبد الباري عطوان

بعد خمس سنوات من الحرب بالانابة، والاقتصار على تدريب وتسليح وتأسيس الفصائل السورية “العثمانية” المقاتلة، مثل حركة نور الدين زنكي، والسلطان مراد الرابع، وصقور الجبل، وفيلق الشام، ها هي تركيا ترسل 50 دبابة، واكثر من 350 جنديا الى جرابلس السورية، معلنة انضمامها رسميا الى العديد من المتدخلين عسكريا في الازمة السورية، والهدف الرئيسي هو الحرب على وحدات الحماية الكردية السورية، التي تعتبرها الجناح العسكري لحزب الاتحاد الكردستاني، وبدرجة اقل، القضاء على وجود “الدولة الاسلامية” وقواتها لتجنب غضب الحليف الامريكي.
التدخل العسكري التركي المباشر، الذي تأخر خمس سنوات، كان من المفترض ان يكون ضد قوات الجيش السوري، ولحماية حلفائها في حلب على سبيل المثال، ولكنه جاء لمواجهة الاكراد، واجهاض مخطط امريكي لاقامة دولة لهم، واقامة منطقة عازلة، ولكن بموافقة السلطات السورية والروسية معا، ومباركة ايرانية، لاعادة ترحيل مهاجرين سوريين يقيمون على الاراضي التركية (هناك من يقدر عددهم بمليوني لاجيء)، واقامة سد بشري عربي في مواجهة التمدد الكردي، وجعل مهمة القوات “العربية” السورية الموالية لتركيا اسقاط “الدولة الكردية”، كأولوية تتقدم على اسقاط “الدولة الاسلامية” في دمشق.

اين “الثورة السورية”؟ واين الاهداف “المعلنة” التي انطلقت لتحقيقها، خاصة تحقيق العدالة الاجتماعية، واقامة نظام ديمقراطي يحترم حقوق الانسان، ويقضي على الفساد والفاسدين؟


هذه اسئلة ممنوع طرحها هذه الايام، فالاولويات تغيرت، وخريطة التحالفات تتغير ايضا، وفقا لمصالح الاطراف المتواجدة على الارض، او في السماء، واعداء المساء يمكن ان يتحولوا الى اصدقاء الصباح، انها “سورية الجديدة”.
الصدام العسكري التركي الكردي ينتقل الآن الى الارض السورية، مدعوما هذه المرة بقوات عربية، والسيد صالح مسلم، قائد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، اكد ان تركيا ستغرق في المستنقع السوري، وستحاربها قواته كقوة “احتلال”، رافضا دعوات حلفائه الامريكان بالانسحاب من مدينة منبج وغيرها من البلدات السورية الى شرق الفرات، حتى لو ادى هذا الموقف الى خسارة الدعم الامريكي.
السلطات السورية في دمشق تلتزم الصمت، وتكتفي بإدانة “روتينية” لعملية “درع الفرات” التركية، التي اعتبرتها انتهاكا للسيادة السورية، ولسان حالها يقول (فخار يكسر بعضه)، ولكن هناك من يؤكد ان هذا “الدرع″ التركي جاء ثمرة اتفاق تركي سوري، بوساطة ايرانية، ومباركة روسية.
بات من الصعب علينا، وعلى الكثيرين مثلنا، معرفة من يقاتل من على الاراضي السورية، والهدف المعلن لكل هذه التدخلات والحشودات والحروب هو اجتثاث “الدولة الاسلامية”، العدو المشترك لجميع القوى المتضادة، اقليمية كانت او دولية.

هناك اربعة اسئلة رئيسية تفرض نفسها بقوة في ظل هذا الزحام:
الاول: تنظيم “الدولة الاسلامية” يمنى بخسائر على الارض، ويفقد السيطرة على مدن سورية وعراقية، وهناك مؤشرات حول خسارة المزيد منها مستقبلا، مثل الموصل والرقة، فماذا سيكون مصيره، وهل سيختفي من الخريطة، فوق الارض على الاقل، وكيف ستكون خطورته اذا ما اختفى تحتها؟

Advertisements

الثاني: ماذا سيحدث للاراضي والمدن التي يخسرها، في سورية والعراق، هل ستعود لسيادة السلطتين في بغداد ودمشق، ام الى الاكراد، او الاتراك في حالة منبج وجرابلس، او تنظيمات المعارضة الموالية الى هذا الطرف او ذلك؟
الثالث: ماذا سيحدث للتحالف الاقليمي والدولي القائم حاليا، ويتأسس على ارضية العداء لـ”الدولة الاسلامية”.. فهل سينفرط عقده، ويبدأ في خوض حروب ضد بعضه البعض، لفرض اجنداته والفصائل لمتحالفة معه؟

الرابع: اين النظام السوري من كل هذا وذاك، واين العملية السياسية التي انطلقت للوصول الى حل سياسي، وهل ستظل خريطة المتفاوضين ووفودهم على حالها، ام ستدخل اليها قوى جديدة فاعلة على الارض، وتنقرض قوى اخرى.

https://www.youtube.com/watch?v=0b_5JJsqKW8


الاجابة على هذه الاسئلة الافتراضية الاربعة هي التي ستحدد هوية الصراع الجديد على الارض السورية فيما هو قادم من اشهر، وربما سنوات، ومن المؤسف انه لا احد يملك هذه الاجابات كاملة، ولذلك لا نستبعد استفحاله، واستمراره، وتغير اهدافه وادواته.

Advertisements

ندرك جيدا بأن العداء للاكراد وطموحاتهم في قيام كيانهم الجديد الذي اجهض قبل مئة عام نتيجة تحالف الغرب مع مصطفى اتاتورك، هو الذي يحل حاليا مكان العداء لـ”الدولة الاسلامية”، ويغير خريطة التحالفات، بحيث بات يجمع بين المربع التركي العراقي الايراني السوري، ولكن هل ستضحي امريكا، وروسيا بدرحة اقل، بالحليف الكردي الذي خاض حروبها في سورية والعراق ضد الاسلام المتطرف وجماعاته؟
الامر المؤكد ان التدخل العسكري التركي المباشر في سورية بدأ، وهو مرشح للتوسع، والصدام مع الاكراد انطلقت رصاصته الاولى، وهذا هو التطور الابرز في الازمة السورية، فهل وقعت حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان في مصيدة كردية ثانية في سورية، اضافة لمصيدة حزب العمال الكردستاني في شرقها، اسوة بمصيدة السعودية في اليمن، وعراق صدام في الكويت؟

لا نملك اي اجوبة، ونستطيع ان نتكهن، مجرد التكهن، بأننا امام الفصل الاكثر خطورة في الازمة السورية، وان موقع النظام في دمشق لن يكون بالسوء الذي كان عليه طوال السنوات، او الاشهر الماضية، واستعادته مدينة داريا الاستراتيجية اليوم، ودخول قواتها اليها، يعتبر مؤشرا مهما في هذا المضمار، والله اعلم.

زجت القوات التركية بست دبابات إلى الداخل السوري ليبلغ عدد الدبابات خمسين دبابة وعدد جنودها قرابة الأربعمئة إضافة للعديد من الطواقم الهندسية والطبية واللوجستينية ما يفتح الباب أمام مستقبل التورط التركي في الميدان السوري خصوصا مع الأنباء الواردة عن اشتباكات بين مسلحين مدعومين من الأكراد والقوات التركية جنوب مدينة جرابلس.
لم تنته فصول العرض الذي قدمته تركيا بتوغلها البري بالانجاز السريع والحاسم والخاطف والمريب في الوقت نفسه إثر طرد جماعة “داعش” من مدينة جرابلس دون سقوط جريح فضلا عن قتيل في صفوف قواتها المهاجمة.
هي البداية فقط لسلسة من التعقيدات التي تفرضها طبيعة الميدان السوري المعقد والمتشابك.
أنقرة زجت بمزيد من قوات إلى مدينة جرابلس في الداخل السوري فأرسلت ست دبابات إضافية ليتجاوز العدد خسمين دبابة ومئات الجنود فضلا عن العديد من العناصر اللوجيستية والهندسية، ليست المعركة تقليدية هي معركة يغيب فيها الخصم فدوي الانفجارات المتقطعة ليس ناتجا عن اشتباكات أو عمليات تطهير ليست سوى أصوات ناجمة عن ابطال مفعول عبوات ناسفة من قبل مسلحين موالين لتركية كانت جماعة “داعش” أعدتها لاستخدامها في مواجهة أي هجوم إلا أنها لسبب أو لآخر أرتأت ألا تستخدمها.
العملية التي أسمتها تركيا درع الفرات حققت أهدافها المعلنة في المرحلة الحالية على أقل تقدير بأبعاد جماعة “داعش” عن حدودها ووقف تقدم المقاتلين الأكراد غرب الفرات.
لم تخف أنقرة نواياها منذ إطلاقها عملية درع الجزيرة فهي تقف على المسافة نفسها من الأكراد و”داعش” وتكاد لا تميز بين الخصمين اللذي تصنفهما كمنظمتين إرهابيتين هذا في المعلن إلا الهاجس الكردي يشكل أولوية لصانع القرار التركي ولا تعدو مواجهة “داعش” سوى غطاء لضرب المشروع الكردي المفترض بإقامة كيان كردية بمحاذاة الحدود التركية.
فقد اندلعت مواجهات بين مقاتلين مدعومين من الاكراد ودبابات تركية في محيط قرية العمارنة بريف حلب الشمالي الشرقي على بعد حوالى ثمانية كيلومترات جنوب مدينة جرابلس جنوب الحدودية بين ما يسمى مجلس جرابلس العسكري المدعوم من القوات الكردية ودبابات تركية تقدمت الى محيط القرية لأول مرة منذ بدء انقرة التوغل التركية شمال سوريا وفقا للمرصد السوري المعارض ومصدر كردي.
المواجهات التي لم تكن مستغربة نتيجة لقواعد الاشتباك الذي حددته القيادة العسكرية التركية لقواتها والتي تقضي بالضرب الفوري على أي تحرك لوحدات الحماية الكردية.

Advertisements

شاهد أيضاً

عطوان: مشاعر الخوف تراجعت من “داعش” لكن حدتها تصاعدت على مستقبل العراق

مهرجانات الفرح انطلقت بقوة بعد استعادة الموصل رسميا وانهيار اهم معاقل “الدولة الاسلامية” ما هي …