برطلة (العراق) (رويترز) – صورة تالفة للمسيح وقرص مدمج لصور حفل زفاف ابنته هما كل ما استطاع سعيد شابا المسيحي العراقي العثور عليه عندما عاد إلى بيته المنهوب الذي اضطر للفرار منه عندما وصل رجال تنظيم الدولة الإسلامية قبل عامين ونصف العام.
سرق المتشددون خزانة بها مدخراته وأشعلوا النار في بيته المكون من طابقين قبل أن تخرجهم القوات العراقية قبل شهر من مدينة برطلة الشمالية في إطار الحملة الرامية لاستعادة مدينة الموصل آخر معاقل التنظيم في العراق.
ومع استخدام الجهاديين للمفجرين الانتحاريين في هجمات بالسيارات الملغومة لمنع تقدم الجيش في الموصل الواقعة على مسافة 20 كيلومترا فقط تظل برطلة مدينة أشباح يسودها التوتر.
وتجوب عربات الهمفي السوداء التابعة للجيش الشوارع المليئة بالحفر حيث أشعل مقاتلو داعش النار في البيوت في حين سويت بالأرض خلال الاشتباكات صفوف من المتاجر والمطاعم.
لكن شابا الذي أرهقته الإقامة مع سبعة من أفراد الأسرة في بيت مستأجر في أربيل القريبة عاد هو ومجموعة من المسيحيين لتفقد بيوتهم للمرة الأولى منذ فروا من برطلة عام 2014 عندما سيطر التنظيم على الموصل وجانب كبير من شمال العراق.
وقال شابا (59 عاما) مشيرا إلى دولاب للملابس في غرفة نومه حيث كانت توجد خزانة بها ما قيمته 1400 دولار من أوراق النقد العراقي والدولارات “دمروا وسرقوا كل شيء حتى إنهم سرقوا خزانتنا.”
وعندما انتشرت شائعات عن هجوم للدولة الإسلامية في أغسطس آب عام 2014 نقل شابا أسرته في سيارة إلى الأمان في أربيل ذات صباح وخطط للعودة لنقل المال والوثائق. غير أنه لم يتمكن قط من العودة لأن المتشددين سيطروا على برطلة بعد ظهر اليوم نفسه.
وقال إن منشأة تخزين الوقود التي كانت مصدر الدخل الرئيسي للأسرة على مسافة قريبة من البيت المتواضع دمرت أثناء القتال.
وبين الركام كانت على الأرض صورة المسيح التي مزق الجهاديون بعض ملامح الوجه فيها. رفعت زوجته نضال الصورة وقبلتها ثم علقتها على حائط حجرة الاستقبال التي تعرضت للنهب.
ونجا من الاحتلال أيضا قرص مدمج يتضمن صور حفل زفاف الابنة ميلانو يوسف التي قالت “لم يتركوا شيئا سليما لا النوافذ ولا الأبواب ولا الجدران. هذا السي دي أهم عندي من كل الأثاث. فهو لا يعوض.”
- الشيعة
والعودة إلى برطلة أو المدن الأخرى القريبة منها للإقامة فيها ليست خيارا مطروحا في الوقت الحالي لآلاف المدنيين سواء في ذلك المسيحيون أو المسلمون ما دامت معركة الموصل مستمرة.
فقد أغلق الجيش برطلة وغيرها من المدن والقرى واستخدمها كقاعدة متقدمة. واجتمع في المدينة يوم الأربعاء قادة القوات الخاصة وضباط أمريكيون يساندون حملة الجيش.
وامتنع العراقيون والأمريكيون الذين وصلوا في عربات همفي عن مناقشة الاجتماع الذي انعقد وسط إجراءات أمن مشددة. وربضت في ميدان غير ممهد في المدينة عشرات من عربات الجيش عليها مدافع.
ويقول الضباط إن الجيش يسمح بدخول من يقع عليهم الاختيار من المدنيين لتفقد بيوتهم وأخذ بعض المتعلقات. ومع ذلك يأمل كثيرون البقاء في المدينة.
واصطف المئات عند حاجز أمني رد الضباط من عنده كثيرين على أعقابهم لعدم حصولهم على الأوراق اللازمة.
وقال شابا إنه حصل على إذن من الجيش بزيارة بيته من خلال “الواسطة”.
وقال ضابط عراقي مستخدما اسما شائعا للتنظيم “علينا أن نضمن أن هذه المناطق آمنة وأن داعش لم تترك فيها قنابل.”
وبالإضافة إلى المسيحيين كان هناك أيضا كثير من الشيعة – الذين يعتبرهم التنظيم كفارا – يحاولون العودة لبيوتهم.
وقال أحمد علي (28 عاما) الشيعي الذي هرب مع أسرته المكونة من 17 فردا من برطلة عند اقتراب المتشددين “نحاول أن نرى بيتنا للمرة الأولى منذ هربنا في أغسطس 2014.”
وأضاف أن المقاتلين السنة قتلوا ابن عمه.
وقال وهو يقف مع قريبة منقبة بالقرب من حاجز أمني طلب عنده الجنود من المدنيين الذين لا يملكون إذنا العودة “الحياة أصبحت صعبة جدا وعلينا سداد الإيجار في أربيل والعمل قليل جدا.”
وتابع “لا نعلم ما إذا كان البيت مازال موجودا لكن نرجو العودة بسرعة بإذن الله.”