في سنوات الجمر: سلوى زكو تكتب ذكرياتها أيام الحصار وبناء صدام لقصوره ودعوته الناس للتبرع بالذهب

Advertisements

كتبت الكاتبة سلوى زكو بوستا على صفحتها في الفيس بوك اثار اهتام واسعا بين المثقفين العراقيين نورده لكم في ادناه

Advertisements
Advertisements

في سنوات الجمر

Advertisements

كنت احمل كيس الصمون اليومي عندما اقترب مني رجل في اواسط العمر وقال لي بصوت هادىء ونبرة محايدة ارجوك اعطني ثلاث صمونات فقط لان لا يوجد لدينا في البيت خبز. قلت له خذ الكيس كله وسأجلب غيره رفض تماما واخذ الصمونات الثلاث دسها في فتحة سترته وابتعد مسرعا.
وكأن عبد الزهرة زكي كان واقفا بيننا فعاد ليكتب رائعته “هذا خبز”

اعود من عملي لأسير في شارع شبه خال. اسمع خلفي وقع اقدام فيتسلط علي هاجس خوف وحذر من المجهول الذي يلاحقني فلا اعود قادرة على الاسراع في سيري ولا الالتفات الى الخلف كي لا اثير ريبة من يلاجقني.
مثل هذا الهاجس جربه العراقيون طيلة سنوات الخوف.

تزوجت صديقة لي شابا ممن كانوا يوصفون بالتبعية وفي اليوم الثالث للزواج اقتحموا عليهما المنزل واخذوه فضاعت آثاره.
كل ما نتداوله اليوم من قصص وروايات عن ذاك الذي حدث لالاف الشباب يدخل في دائرة التقديرات والروايات المرسلة. لا احد يعرف كيف تمت تصفيتهم الى ان يصحو ضمير احد شهود العيان كي يحدثنا عما حدث.

بعد ان تناولنا طعام الغداء قال لي الشاعر الكبير اتدرين؟ لم اذق اللحم منذ شهور ثم تغضن وجهه وكأنه باح بسر ما كان ينبغي له ان يبوح به.
يومها كان صدام حسين يبني قصر السجود والتلفزيون يعرض لنا مشاهد لزياراته التفقدية لموقع العمل. يقف وقفته المعهودة في القاعة المثقلة بزخارف بدائية واضعا كفيه على خاصرتيه ووجهه يطفح بالبشر فلقد اضاف قصرا جديدا الى قصوره.

Advertisements

انتابت البلاد حمى اطلق عليها تسمية (التبرع بالذهب). كان التلفزيون الحكومي يذيع علينا مشاهد لتجار وصاغة دفعهم الخوف الى جلب كميات هائلة من المصوغات يحملونها في اكياس لتفرغ امام كاميرا التلفزيون فوق منضدة العرض.
كانت تدور على البيوت فرق حزبية لتجمع ما تبقى من ذهب لدى الاسرالعراقية. جاءوني يوما فأخرجت لهم من احد الادراج خاتم زواج قديما فقال لي شاب منهم اهذا كل ما لديك؟ قلت له ان لم تصدقني فتش البيت احس الشاب بالخجل وتمتم لا العفو خاله. كان الخاتم اياه مصنوعا من معدن رخيص طلي بالذهب اقتصادا في النفقات.

ظلت جارتي عشرين عاما تنتظر عودة ابنها الذي فقد في الارض الحرام على اطراف نهر جاسم. كان كل املها ينحصر في العبارة التالية “بلكي يطلع اسير؟” ماتت وعينها على الباب ولم يعد الولد من نهر جاسم.

تلك كانت سنوات الجمر لا يعرف دقائقها الا من كابدها.

Advertisements

—–

وقال عبدالزهرة زكي في تعليق

Advertisements
محنتنا أننا لا نكتب، لا نوثق، لا سينما، ولا مسلسلات، لا نصوص مسرح، لا شعر، لا كتابة تاريخ، لا روايات تريد أن تستعيد محنة تلك السنوات، ما أكثر المحن وما أشدها وما أقلّ ما نستذكر. دمت وآمل أن تواصلي هذا الجهد النبيل المؤلم.
وأوضح الجملة لا تعني الإطلاق أبداً، وإلا فالكثير مما أكتب يصب في هذا الاطار.. ما عنيته أن هذه الجهود لم تؤسس بما يكفي لتشكل ظاهرة نحتاج إليها. أبناء عمنا اليهود انتجوا ما لا يقل عن ألف فيلم عن الهولوكست، والآن أخوتنا الزنوج ينتجون عشرات الأفلام عن معاناتهم، نحن ما زلنا نفتقد إلى صورتنا عن أنفسنا وعن حياتنا التي تضيع منا. دمت بخير عزيزي وآمل أن اطلع على ليل البلاد.
رابط البوست https://www.facebook.com/selwa.zako/posts/10154476912899263

شاهد أيضاً

خامنئي في ذكرى الحرب العراقية-الإيرانية:كانت حربا عقلانية وكان صدام مجرد أداة!

وصف المرشد الإيراني علي خامنئي، الأثنين، الحرب العراقية – الإيرانية في ذكراها الأربعين بأنها كانت …