رحيل الشاعر العراقي الكبير معد الجبوري في مدينة الموصل..سيرة وذكريات

رحيل الشاعر العراقي الكبير معد الجبوري في مدينة الموصل

Advertisements
Advertisements

توفي صباح اليوم السبت الشاعر العراقي معد الجبوري الذي رفد الحركة الثقافية فكرا وشعرا ومسرحا على مدى اكثر من خمسين عاما.

Advertisements

يذكر ان الجبوري ولد عام 1946 بمدينة الموصل وعمل مدرساً ثم مديراً للنشاط المدرسي في تربية محافظة نينوى ومن ثم مديراً للمجمع الإذاعي التلفزيوني في محافظة نينوى.

واهم دواوينه الشعرية هي اعترافات المتهم الغائب 1971 – للصورة لون آخر 1974- وردة للسفر 1982 – هذا رهاني 1986 – آخر الشظايا 1988.

وعدد من المسرحيات منها: آدابا 1977 – شموكين 1980 – الشرارة 1986 – مسرحيات غنائية (بالاشتراك) 1986.

وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية كالإنجليزية والإسبانية والألمانية والروسية والهنغارية.

Advertisements

فيما اعلن اتحاد أدباء وكتاب نينوى، السبت، عن وفاة الشاعر والأديب معد الجبوري عن عمر ناهز الـ70 عاماً اثر مرض الم به في منزله في المحافظة.

وقال الاتحاد في بيان له، إن “الشاعر والأديب معد الجبوري توفي في منزله في نينوى بعد معاناة مع المرض وسيوارى الثرى في الموصل”.

والأديب المتوفي هو مَعَد أحمد حمدون الجُبوري وهو شاعر ومؤلف مسرحي ولد في مدينة الموصل ب‍العراق عام 1946، وحاصل على بكالوريوس آداب من جامعة بغداد – كلية الشريعة و1968 ومن 1969 – 1989 عمل مدرسا، ثم مديرا للنشاط المدرسي في تربية محافظة نينوى، ثم صحفيا في جريدة القادسية، ومديرا لفرقة نينوى للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح.

وعمل منذ 1989 – 2003 مديرا للمجمع الإذاعي والتلفزيوني في محافظة نينوى، وانقطع عن العمل الوظيفي بعد احتلال العراق في نيسان عام 2003 ثم أحيل على التقاعد بطلب منه.

وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وعضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق منذ عام 1971، وقد شغل عضوية مجلسه المركزي ثلاث دورات متتالية، بين 1996 – 2003
وعضو نقابة الفنانين العراقيين، رئيس فرع نينوى للنقابة من1981- 1985، ورئيس اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون في نينوى من 1996 – 1998.

Advertisements

هكذا ترجل شاعر آخر من صهوة الشعر عبر ضجيج البنادق والمدافع وفي حومة معارك تحرير الموصل من يد الإرهابيين الدواعش…هكذا رحل شاعرنا الكبير بعد معاناة من المرض محملا بالوجع والحزن الموصلي.
انها خسارة كبيرة للشعر والشعراء ..والثقافة العراقية عموما.
نعم بحزن والم عميقين تلقينا النبأ المفجع برحيل شاعر الموصل الكبير والذي ترك بصماته ليس في الشعر والادب بل في المسرح والصحافة والحياة …تعازينا الحارة لأهله ومحبيه وجميع اصدقائه طالبن من الله ان تكون مثواه الجنة مع الابرار والصالحين .

ذكريات لا تنسى
* وللشاعر ذكريات جميلة مع بخديدا / قره قوش التي أحبها واحبته عندما كان مدرسا في ثانويتها هناك حيث رعى مجموعة من الطلبة وشجعهم للسير في طريق الأدب ..شعرا وقصة ومسرحا..ورعى اغلب المهرجانات والمسابقات الأدبية التي انعقدت هناك …وهاهم طلابه اليوم يعتلون ناصية المنابر والمهرجانات والملتقيات والمؤلفات وكاتب هذه السطور واحد منهم حيث ساعدنا في النشر في الصحف الموصلية آنذاك كجريدة الرسالة ومن ثم الحدباء وانطلقنا بعد ذلك نحو صحف العاصمة بغداد ومن ثم العربية والعالمية وما زلنا.

Advertisements
معد الجبوري ..شاعر أم الربيعين الكبير
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
منذ نصف قرن ، وأنا أعرف شاعر أم الربيعين ، الاستاذ معد الجبوري ؛ فهو من أبناء مدينتي ، ومن مجايليي ، وزميلي في الدراسة الجامعية في جامعة بغداد ايام الستينات من القرن الماضي . كان هو في كلية الشريعة ، وكنتُ انا في كلية التربية . وفوق هذا وذاك فهو صديقي وأخي العزيز .
معد الجبوري قمةٌ في الشعر ، وقمة في الاخلاق ، وقمة في الكبرياء التي لاتليق إلا بمن هو مثله .عمل مدرسا للغة العربية لفترة من الزمن في مدارس الموصل الثانوية وبعدها إتجه الى الاعلام ، وعندما وقع الغزو الاميركي الغاشم على بلدنا العراق في 9 نيسان سنة 2003 كان يشغل موقع مدير المجمع الاذاعي والتلفزيوني في محافظة نينوى .ولم ينتظر إلا اياما محدودة ليحيل نفسه على التقاعد ، ويلزم بيته بعيدا عن المحتلين وأذنابهم منصرفا الى كتابة الشعر ، والعناية بجمع قصائده ، ودواوينه التي ظهرت في مجلد ضخم صدر عن دار شمس للنشر والتوزيع في القاهرة سنة 2009 بعنوان :” ديوان معد الجبوري :الاعمال الشعرية 1971-2008 ” .
وقد تشرفتُ بأن اهداني نسخة منه ، ممهورة بتوقيعه الجميل في الرابع من أيلول –سبتمبر سنة 2010 ترافقها كلمة أعتز بها أيما اعتزاز تقول :
” إلى أخي ورفيق عمري
الأستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف
المؤرخ المبدع الكبير
والكاتب والصحفي المتألق
الحاضر في واجهة المشهد الثقافي
كتاب عمري بين يديك الكريمتين
مرفقا به ،
واليك خالص تقديري واعتزازي
معد الجبوري 4/9/2010
لست بشاعر لكني أحب الشعر ..أليس الشعر ديوان العرب ، وأزيد فأقول ان الشعر ( وثيقة ) من وثائق التاريخ ، وليس فقط التاريخ القديم ، بل التاريخ الاسلامي الوسيط ، والتاريخ الحديث والمعاصر ؛ فكثيرا من أحداث التاريخ تأتي موثقة بالشعر ؛ فالشاعر هو الاعلامي الأمين الذي يلقي حزمة ضوءه على الحدث ، فيظهره بعبارات موجزة ، لكنها دالة .. وانا أجزم بأنني استطيع من خلال بيت لشاعر ان أوثق ، وأؤرخ لحادثة تاريخية . وقد تغنيني بضعة أبيات عن أن أدبج المئات من الكلمات . وأضرب من ذلك مثلا قصيدة الجواهري العظيم شاعر العرب الاكبر والتي رثى فيها أخاه جعفر الذي سقط ابان التظاهرات العارمة في ما سمي بوثبة كانون الثاني 1948 احتجاجا على معاهدة بور تسموث التي وقعت في بريطانيا ، فهي تغنينا عن ان نكتب كتبا ومجدات في كيف وقعت انتفاضة شعبنا العراقي ضد معاهدة بور تسموت بين العراق وبريطانيا والتي اسقطتها الوثبة وجعلتها أثرا بعد عين واطاحت بمن وقعوها والقت بهم في مزبلة التاريخ .
اقول لست بشاعر حتى اضع شعر معد الجبوري في ميزان الشعر ، ولست بناقد أدبي حتى أقيًم شعره من خلال معايير النقد الادبي ، ومدارسه المتنوعة .. لكني مؤرخ ، وكاتب ورسالتي ان اضع النقاط على الحروف من خلال اظهاري حقيقة ما قدمه هذا الشاعر أو السياسي أو رجل القانون ، لابناء بلده ، واوضح فيما اذا كان قد أسهم في البناء ، وتكوين الوعي ، وترسيخ قيم المواطنة والهيبة لبلده ، وشعبه .
ومعد الجبوري – بكل مقاييس النقد – قدم الكثير ، والكثير لبلده ، وشعبه ، وفنه عبر عقود خلت فما توانى ، وما إستكان عن التعبير من خلال قصائده الجميلة والعميقة عن خلجاتنا ، واحلامنا ، وآمالنا ، وأمانينا ، ووقف عن مآسينا ، ومشاكلنا وما واجهناه في حياتنا .
كان اللسان الفصيح ، وكان الناطق الامين ، وكان البلبل الصداح ، وكان الانسان الانسان الذي لم ينزو ، بل كان يجاهر بالحق ، ويقاتل بالكلمة ، والكلمة الطيبة الصادقة واذا تطلب الامر ، فإن كلماته بحق من خرب ودمر كانت جارحة ، وقاسية ، ومؤلمة .
بقدر ما كنا نشاهد معد الجبوري ، قاسيا في ملامح وجهه ، وفي طريقة حديثه ، وتعامله الرسمي ، بقدر ما كنا نحس بحجم طيبته ، وخجله ، وأدبه الجم ، وانسانيته وصدقه .كان حنونا ..كان يحس بما قدمته الام ، وما قدمه الأب .كان يحس بما قدمه المعلم ، وما قدمته المعلمة ، كان يحس بالفقير ، وما يكابده .. كان نبيلا في تعامله مع الاشياء . لم يكن يمزح ، كان جادا ، صارما ، حادا كحد السيف في التعامل مع الاخرين ، وكنا نراه من بعد ومن قرب انسانا يمتلك الكثير من الانفة، وانا شخصيا كنت اشعر بما كان عليه من قوة في الشخصية ، والصرامة في التعامل مع من يديرهم .. كانت له القدرة على العمل الجمعي ، كان قادرا على ان يخلق من اللاشيء شيء ، وبأقل التكاليف …كان مهندس ومصمم (جريدة أم الربيعين التلفزيونية ) ، وبأقل التكاليف . جعل منها عملا تلفزيونيا مرئيا ليس لأبناء ام الربيعين الموصل الحدباء ، بل لابناء العراق كله ، وكثيرا ما سمعت هذا من اصدقاء وزملاء في مدن العراق الكثيرة ، وهم يسألونني عن هذه الجريدة المحببة وكيف كانوا يتسمرون أمام الشاشة الصغيرة ليتابعوها معجبين ، ومقدرين للجهود المبذولة من اجل إخراجها وتنوع مواضيعها ، وفي أحلك الظروف ، وبأقل التكاليف .كان معد الجبوري وراءها .. كان ( المايسترو) الذي يحركها ، ويديرها ، ويعطيها الروح الوثابة المؤثرة .
ليس عبثا أن يبدأ (أعماله الشعرية الكاملة ) بأهداء جميل يقول : ( إلى أمي ) .. وليس عبثا ان يهدي معد الجبوري بعض أعماله الشعرية المبكرة (1971 ) الى عدد من اصدقاء طفولته وشبابه : الى حيدر محمود عبد الرزاق الشاعر والاكاديمي صديقنا الحبيب ..الى شفاء العمري الكاتب المسرحي والممثل صديقنا المشترك ..الى أمجد محمد سعيد الشاعر والكاتب والاعلامي صديقنا العزيز .وتزاد لهفة الاستاذ معد الجبوري الى اصدقاءه وهم بعيدون عنه فيستذكر ايامه معهم ، ويناجيهم في قصائده .
معد الجبوري شاعر أم الربيعين .. هكذا تسميه الموصل ..الموصل الأبية التي تعرفه ؛ فهو من رموزها ، ومن قاماتها الشامخة ، وهو من ابنائها الطيبين الشرفاء ..هو من يعرف قدرها ، وقيمتها ؛ فالموصل كما أحب دائما ان اقول : ليست مدينة عادية بل هي حضارة ، وتاريخ ، وموقف .. إنها بلد الانبياء ، والاولياء ، والشعراء ، والنحاة ، والمؤرخين والصناع والزراع والتجار .. اليست هي مدينة أبي تمام الحبيب بن اوس الطائي ، ومدينة إبن جني النحوي الكبير ، ومدينة إبن الاثير عز الدين المؤرخ الثبت ..وقبل وهذا فهي مدينة الجهاد ، مدينة الرماح ، مدينة نور الدين زنكي .. مدينة السيف والحب .
ديوان معد الجبوري في (أعماله الشعرية ) ، يضم قصائد قيلت طيلة (37 ) سنة بمعنى اننا نستطيع ان نلاحق تحولات الشاعر خلال جيل كامل أو بالاحرى ؛ فشعر معد الجبوري يعبر عن مشاعر واحاسيس جيل السبعينات ..جيل الغضب ، والثورة والتمرد والانقلاب على ما هو مألوف ، وهو في الوقت نفسه جيل البناء والاشتراكية .
من هو معد الجبوري ؟ اليس من حق أبنائنا وأحفادنا ان يعرفوا معد الجبوري قبل ان يعرفوا شعره .. ويقينا انهم تواقين لأن يقفوا على شيء يسير من حياته الرسمية واقول الرسمية لان ثمة جوانب في سيرته لم تكتب بعد ولعلنا نستطيع ان نلم بها اذا ترك لنا الشاعر مذكرات مكتوبة ، كما فعل عدد من الشعراء امثال الجواهري في مذكراته ؛ فالمذكرات تجلي الكثير من الحقائق ، وتوضع الكثير من الامور التي واجهها الشاعر بله تجربته الشعرية والانسانية في مسارها أو أقول في سياقها الزماني والمكاني ، وعندئذ نستطيع ان نقف على كم كبير من حقائق عصره وما قدمه .
ولد معد الجبوري في محلة باب العراق وهي من أعرق محلات الموصل القديمة سنة 1946. أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية في الموصل ، وسافر الى بغداد كأبناء جيله الى بغداد للدخول في جامعتها حيث لم تكن ثمة جامعة في الموصل.. سافرنا معا الى بغداد ، ودخل هو كلية الشريعة ، وتخرج فيها بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في الاداب سنة 1968 . بين سنتي 1969-1989 عمل في التدريس والتربية والصحافة والاعلام . ولفترة قصيرة إنتدب لتدريس اللغة العربية في مقاديشو عاصمة الصومال . وبين 1989-2003 كان –كما قلنا –مديرا للمجمع الاذاعي والتلفزيوني في نينوى وهو عضو في الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب ومن قبل ذلك عضو في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق منذ سنة 1971 ، وقد شغل عضوية مجلسه المركزي ثلاث دورات بين سنتي 1996 -2003 .
كما كان عضوا في ( اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون في نينوى ) من 1996-1998 وقد زاملته في اللجنة حيث كنت انذاك رئيسا لجمعية المؤرخين والاثاريين العراقيين –فرع نينوى . والاستاذ معد الجبوري عضو نقابة الفنانين العراقيين ، ورئيس فرع نقابتها من 1981الى 1985 .
نشر نتاجاته الشعرية منذ سنة 1965 في الصحف المحلية في الموصل وخاصة جريدتي (فتى العراق ) و( الحدباء ) كما نشر في صحف بغداد ومجلاتها وبعض الصحف والمجلات العربية .
في سنة 1971 نشر أول مجموعة شعرية وكتب اول مسرحية شعرية في السنة ذاتها وهو من الكتاب والشعراء الذين اهتموا بالكتابة في المسرح الشعري ومسرحية (آدابا ) وجدت طريقها الى مسارح الموصل والعاصمة بغداد وقد شارك معد الجبوري في مؤتمرات وندوات وملتقيات ثقافية ومرابد شعرية كثيرة .. كما حظيت قصائده بإهتمام الكثير من النقاد وظهرت بعض نتاجاته في الكتب المدرسية والنصوص الادبية ودرست اعماله في عدد من رسائل الماجستير واطروحات الدكتوراه وثبت اسمه وشعره في معاجم ، و( انطولوجيات) الشعر العربي المعاصر .كما ترجمت بعض اعماله الى اللغات الاجنبية كالانكليزية ، والاسبانية والفرنسية والكردية والالمانية والهنغارية .. وكرم كثيرا واقيمت له امسيات واصبوحات وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الابداع الشعري سنة 2001 عن مجموعته الشعرية ( أوراق الماء ).
صدر للاستاذ معد الجبوري الأعمال التالية :
1. إعترافات المتهم الغائب (شعر ) ،دار الكلمة ، النجف الاشرف 1971
2. للصورة لون آخر (شعر ) ، سلسلة ديوان الشعر العربي الحديث ،دار الحرية للطباعة ، بغداد 1974
3. آدابا ( مسرحية شعرية ) ، المركز الثقافي والاجتماعي لجامعة الموصل ، الموصل 1977
4. شموكين ( مسرحية شعرية ) صدرت في كتاب عن مجلة (فنون ) العراقية ، العدد 74 ، بغداد 1980
5. وردة للسفر (شعر ) ،وزارة الثقافة والاعلام ، سلسلة ديوان الشعر العربي الحديث ،دار الرشيد ، بغداد 1981
6. هذا رهاني (شعر ) وزارة الثقافة والاعلام ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد 1986
7. الشرارة (مسرحية شعرية ) ،وزارة الثقافة والاعلام ، دار الشؤون الثقافية ، بغداد 1986
8. مسرحيات غنائية ، تأليف مشترك مع الشاعر عبد الوهاب اسماعيل ، مطبعة الجمهور ، الموصل 1987
9. آخر الشظايا ، شعر ، وزارة الثقافة والاعلام ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1988
10. السيف والطبل ، مسرحية شعرية ،دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1994
11. طرديات أبي الحارث الموصلي ، شعر ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 1996
12. كتاب المكابدات ، مختارات من شعري ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 1999
13. أوراق الماء ، شعر ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 2001
14. خرق في فضاء الأرق ، شعر ، اتحاد الكتاب العرب ،دمشق 2005
15. في مهب دمي ، شعر ، اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 2008 .
قيل الكثير عن شعر معد الجبوري ، واسلوبه ، واتجاهات شعره ، ووضع النقاد معد الجبوري في مكانة متقدمة بين الشعراء العراقيين ، والعرب المجيدين .ولعل من ابرز ماقيل فيه ، ماقاله الناقد والاكاديمي الكبير الاستاذ الدكتور عبد الاله الصائغ الذي عرفه معرفة دقيقة وخبر شعره قال : ان “معد الجبوري شاعر شاهق الرؤية ، جديد العبارة ، يمتلك موهبة فائقة في ترويض العبارة لتخليق صور فنية حارة ،وطاقة تخيييلية هالة تمنحه كثيرها ونفيسها حين تدق في رأسه أجراس القصيدة ” .
في قصيدته :” لقاء أخير ” يقول
قبل أن تخطف الفلواتُ شِراعي ..
ها أنا ، يا عصور البداوة ،
ألقي أمام الجموع قناعي ..
ها أنا
ينضح الطين من راحتي
ويخفق تحت ثيابي
حنين الصحاري ..
ها أنا
تنهب الريح صوتي ،
وتنكر وجهي بُطون العذارى
ثم يقول :
فوق صدر القفار ارتميت ،
فما عرفتني ديارُ قريش ،
ولاعرف البدو وشمي
ولافهموا لغتي ..
وانسفحت على بئر زمزم ،
عانقت مكة جيلا ،
فما اعشوشب التيه بين عرقي ،
ولا إنطفأت جثتي
الى ان يقول :
قد اكون الغريب ،
الذي انكرته الدروب ُ
القتيل الذي انكرته القبورْ ..
غير أني ..
لن أكون المهاجر َ،
مادام بيني وبين الرياحِ،
إشتباك ،
وبيني وبين الضفاف ِ،
لقاء ٌ أخير ْ..
في اعتقادي ان هذه القصيدة تلخص السنوات الخمسين الاخيرة التي عشناها في العراق .. مع انها تؤكد الجذور ، والتواصل مع البادية .. لكن الغربة كانت المعلم الواضح في هذه الحياة ..الادعاءات والعنتريات والاهمال والنكران هو من كان سائدا ، كان هدف الأغراب ، والاعراب الاعراب ، هو اقتلاعنا واقتلاعنا اقصد اقتلاع الانسان العربي من جذوره لكن هذا الانسان ظل ، ويظل متشبثا بأرضه وكبرياءه ولن يكون بأي حال من الاحوال مهاجرا ، نازحا ، منفيا بل هو لصيق الارض .. على أديمها عاش ويعيش .. بينه وبينها وشائج ليس من السهولة إقتلاعها .. وبينه بين الضفاف قرابة ليس من السهولة نكرانها .
هكذا هو معد الجبوري ، وهكذا هو انا ، وهكذا هو كل انسان عراقي اصيل ، لايقبل بالذل والهوان.. في نفسه عزة ، وفي أنفه شموخ .. وليس من السهل اقتلاعه فجذوره في الارض عميقة ، وعميقة جدا .
كل يوم ،
أغادر كهفي ،
ألم الطحالب ،
أحتطب العري ، والجوع وحدي ..
كل يوم ،
أعود لكهفي ،
أعد خطوط السنين
التي يبست فوق جلدي
أتلمس وقد الرمال
التي غلغلت في عظامي ..
ثم أغلق أبواب مملكتي ،
فتسيل دمائي أمامي
يؤكد الناقد الاستاذ الكتور محمد صابر عبيد على :” ان معد الجبوري ، شاعر عراقي شديد الخصوصية ، والتميز …خطابه الشعري مديني .. يشتغل على سيرة المكان والانسان معا ، ويقبض على تموج اللحظة الشعرية بروح وثابة تتجلى فيها العفوية ، والرحابة ، والكثافة ، والعذوبة ، والخصب …يُسحرك بقوة لغته ، وتماسك صوره ، وقابليته على بعث الدهشة ، والإحساس المتدفق بروح الشعر ،ولذة نكهته ،وفرادة تشكلاته ، وقلقه الرهيف ومطره المشتعل بالرغبة والكبرياء منذ اللحظة الاولى التي تباشر فيها – بمتعة متناهية – المغامرة بقطف ثمار قصائده ” .
ولزميلته الشاعرة الاستاذة الدكتورة بشرى البستاني شاعرة الموصل ، رأي في شعر زميلها ورفيق دربها حيث انها من زميلاتنا في الدراسة الجامعية اذ تقول :” إن شعر معد الجبوري زاخر بالخصب والمكابدة والرؤيا ..هائم بتدفق ايقاعي ، مدهش ،ومتسم بكثافة حيوية تجعل قصيدته قادرة على التشظي من خلال تعدد الإحالة وطلاقة الدلالة ” .
والى شيء من هذا القبيل يشير كل من القاص والاكاديمي الاستاذ الدكتور نجمان ياسين عندما يقول :”ان معد الجبوري شاعر كبير له حضوره في خارطة الشعر العراقي المعاصر …إنه شاعر مجدد ومغامر لايستكين للمألوف ولايتهيب من دخول قارة الشعر والسحر بكل غموضها ومخاطرها ” …انه يقول الشاعر حسب الشيخ جعفر :” ان ما أبقى معد الجبوري قابضا على راية الشعر ،هو قدرته الفنية ، ووعيه العميق بأهمية الصورة وإخلاصه لها ” . و” تتسم لغة معد الجبوري – يقول الشاعر والمؤرخ الاستاذ الدكتور مزاحم علاوي – بشفافية وقدرة على تطويع المفردة في سياق القصيدة ويتمتع بإتساع قاموس مفرداته اللغوية ، وبهيمنة واضحة على بحور الشعر …ويتصرف بتفعيلة البحر بإتقان عال ؛ ففي إيقاعه هندسة موسيقية متقنة وممتعة ” .
وترى الناقدة والاكاديمية السورية الدكتورة هلا الحلبي ان ” معد الجبوري شاعر مكابد يقف عند عتبات الكون ،يحاوره في نبرة موغلة في الشفافية …وقصائده على نَفَسها المسرحي ،قصيرة ومنفتحة على احتمالات وتأويلات كثيرة وكأنها برق لايتكرر” .
لمدينته :الموصل مكانة عزيزة ، ومتقدمة ومحترمة في شعره وقد أفرد لها طيلة ال ( 50 ) عاما المنصرمة الكثير من القصائد .لنسمعه وهو يقول في قصيدته الموسومة ” وشم المدينة وشمي “:
غبت َ،
وها ….قَدْ حلَ الليلُ ،
فكيف تعود ُ ؟
مضى زمن ،
وجهُك فيه حمامةُ بيتٍ ،
حين تُحلقُ في الافق
وتنأى،
قبل حلول الليل تعودُ
مضى زمنٌ ،
تحفرُ فيه إسمك َ،
في جذع من شجر البيتِ ،
له في آخر بيت في الحي ،
جذورٌ ،
وأتى زمنٌ ،
غيًبَ كل الاسماء ،
ورحًلَ اشجارَ التوتِ ،
واشجار الزيتون
……………………………..
أدري
لكن الموصلَ في عينيً ،
كتابي المفتوحُ ،
ووجهي طفل ،
بين أزقتها
ورفيف عباءات ٍ ،
تحت قناطرِها
وهلال العيد الطالع ،
من بين منائرها
وجهي عنقودُ التوتُ الريان ،
وغصن الزيتونِ ،
المتدلي من فوق الحيطانِ ،
ووجهي ،
ما يحضنُ دجلة ُ ،
من غابات وبساتين
وأسمي محفور بالخط المسماري ،
على حجرٍ في (بوابة نركال )
على لوح رُخام
لم يعثر بعدُ عليه ،
وفوق رقيم من رقم الطين ..
وإسمي منقوش
بالخط الكوفي ،
على ركن في السور الغربي ،
على صدر الايوان ِ ،
بمنزل جدي ،
وعلى قوسٍ من مرمرَ ،
في جامع نور الدين
……………………..
ما غبتُ ،
عن البلد الطيبِ هذا ،
بل غيبني جبٌ ،
حتى عن نفسي ،
هو هذا الزمانُ الملعون ْ…
أمد الله بعمر أبا الحارث ، ومتعه بالعافية ، وزاده تألقا ليقدم المزيد من الابداع في مجال الشعر .

Advertisements