المشهد التركي منقسم بين “لا“، و“نعم” لإعطاء كافة الصلاحيات الى الرئيس رجب طيب أردوغان، في الإستفتاء الذي ستشهده البلاد يوم الأحد 16 من نيسان/أبريل الحالي.
وفوز جناح ال“نعم” سيمكن أردوغان من البقاء في السلطة حتى العام 2029 وسينقض الأسس الدستورية التي بنيت عليها الدولة التركية الحديثة على يد أتاتورك.
أردوغان في كلمة أمام مؤيديه من حزب العدالة والتنمية وجه انتقاداً لاذعاً للإتحاد الأوروبي واصفاً إياه بالرجل المريض:
“لقد فقدوا سمعتهم ومصداقيتهم، نحن لا ندافع عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان لأنهم يطالبوننا بذلك، نفعل ذلك لأن مواطنيننا يستحقون هذا ….وبإقترابنا من الديمقراطية ابتعدوا هم عنها”.
وانتقد أردوغان الإتحاد الأوروبي واصفاً إياه بالرجل المريض، مذكراً باللقب الذي أطلقته أوروبا على السلطنة العثمانية قبل سقوطها.
وفي حال فوز ال نعم فإن أردوغان قد ينظم استفتاء آخر لتحديد ما إن كان يتوجب على تركيا مواصلة سعيها للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي، وهو السياق الذي بدأته في العام 2005، أم أنها تتخلى عن هذا الطلب.
وفي اسطنبول سارت مظاهرة أخرى معارضة لمطالب أردوغان أويا أوتاري تقول:” لدي طفلين، وأنا هنا من أجلهما ومن أجل تركيا، دفاعا عن القيم التي نشأت عليها، وحيث أريد أن يتمتع أولادي بحرية التعبير وحيث لا يكون مصير المدرسين والصحافيين السجن”
وبإنتظار ما ستسفر عنه نتائج الإستفتاء يبقى الشارع التركي منقسماً بين مؤيد لأردوغان وتطلعاته بأن يكون القائد المطلق ومعارض له.
ومنذ بدء الأزمة السورية ووصول آلاف النازحين الى تركيا، باتت الأخيرة في موقع أساسي في التعامل مع الهجرة المتدفقة الى أوروبا. وينوي أردوغان في حال فوز جناحه في الإستفتاء إجراء استفتاء آخر لتحديد ما إن كان يتعين على تركيا مواصلة سعيها للإنضمام الى الإتحاد الأوروبي، وهو سياق بدأته في العام 2005 ، أم التخلي عن هذا المشروع.
تعرف على الفوارق بين النظام الرئاسي الذي يسعى #أردوغان لإقراره والنظام البرلماني الذي تعمل به #تركيا حاليا pic.twitter.com/lHo0KeQPJP
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 13, 2017
ديفيد هيرست: استفتاء الدستور المقبل.. هل يحوِّل أردوغان إلى بوتين؟
ساسة بوست: كتب الصحافي ديفيد هيرست مقالًا لموقع «ميدل إيست آي» حول الاستفتاء المقرر عقده في تركيا الأحد المقبل.
يتساءل هيرست في مقاله متى، بالضبط، قرر أردوغان، خلال الـ15 عامًا التي قضاها في السلطة، أنه، وحده، من يملك مصير تركيا بين يديه؟ متى بدأ في مقارنة نفسه بأتاتورك والانغلاق على نفسه؟
يملي المنطق علينا أنَّ هذا الأمر قد وقع في تلك الليلة الصيفية الدراماتيكية من شهر يوليو (تموز) الماضي، عندما كانت حياته وحياة أسرته على المحك. ويضيف هيرست، أن المنطق يملي أن ذلك قد حدث بسبب صدمة رؤية مقتل 249 شخصًا، وتفجير البرلمان، وتحطيم الدبابات للسيارات. قُتل من الأتراك في ذلك اليوم عدد أكبر ممن قتلتهم داعش في عامين. يملي المنطق أنَّ تلك هي اللحظة التي قرر فيها أردوغان أنَّ عليه أن يحكم بقبضة من حديد.
ليس ثمة أي عنصر آخر في الجدول الدوري بإمكانه وصف مدى حملة التطهير التي حدثت منذ ذلك الوقت: طرد أكثر من 97 ألف موظف حكومي، وإيقاف 37 ألفًا آخرين، وبدء إجراءات قانونية ضد 103 آلاف شخص، منهم 41 ألف شخص رهن الاحتجاز، وفتح 1094 محاكمةً، وإغلاق 158 منفذًا إعلاميًّا، بما في ذلك 60 قناة تلفازية ومحطة إذاعية، و19 صحيفة، و29 دار نشر، وخمس وكالات إخبارية، واعتقال أكثر من 150 صحافيًّا، وفقدان 10 آلاف موظف إعلامي وظائفهم، وانتظار الآلاف للمحاكمة بسبب تغريدات أو منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي.
لا كل هذه الأرقام، ولا انهيار وقف إطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني، ولا الحرب في سوريا، ولا الحاجة لدعم القوميين، تحكي القصة الكاملة للرحلة التي قطعها أردوغان.
ثمة سوابق لهذا التحول لرجل بدأ حياته ديمقراطيًّا قحًّا يتبنى التعددية، ومحادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، وحكم القانون، وسيادة البرلمان لينتهي إلى زعيم يتصرف ويتكلم كما لو كان قوميًّا تركيًّا يستمد سلطته وإلهامه من التهليل الشعبوي وحده.
الانفصال بين أردوغان وداود أوغلو
يرى هيرست أن آخر من تحدى أردوغان كان رئيس وزرائه السابق، أحمد داود أوغلو. ويعود تاريخ انقطاع هذه العلاقة إلى شهر فبراير (شباط) 2015، عندما حاول رئيس الوزراء تمرير قانون للشفافية يطلب من كل من في السلطة الإعلان عن ممتلكاته. في شهر سبتمبر (أيلول) من ذلك العام، تشاجر الرجلان، وراء الكواليس، شجارًا ضخمًا في أحد المؤتمرات الحزبية حول تشكيل اللجنة التنفيذية المركزية لحزب العدالة والتنمية. كان هذا اللقاء محتدمًا إلى درجة استقالة داود أوغلو بعده باثنتي عشرة ساعة.
استمرت العداوة حول تشكيل الحكومة بعد انتخابات شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما فرض أردوغان، الأضعف دستوريًّا، اثنين من المرشحين على مجلس الوزراء ضد رغبة رئيس الوزراء. غادر داود أوغلو الاجتماع الذي استمر 4 ساعات، مصممًا على استغراق الأيام الـ45 المسموحة له لإعلان مجلس الوزراء، لكنه استيقظ اليوم التالي على خبر إسقاط طائرة مقاتلة روسية. أُسقطت الطائرة الروسية في السادسة صباحًا، وأعلنت الحكومة الخبر في الساعة الحادية عشرة صباحًا. وكذا حقق أردوغان رغبته مرة أخرى.
وبعيدًا عن الخطاب الذي ألقاه داود أوغلو في مدينة ديار بكر، عندما قال إنَّ المسألة الكردية لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية وحدها (وفي ظرف يوم واحد، تعهد أردوغان بالقضاء على كل إرهابي في البـلاد)، فإنَّ خلافات الرجلين لم تكن سياسية. إذ اتفق كلاهما على تفاصيل صفقة اللاجئين مع بروكسل، وشرط رفع التأشيرة عن المواطنين الأتراك، وكان أردوغان على علم بهذا الشرط.
انضم داود أوغلو لقائمة متزايدة من الشجعان الذين اختلفوا مع الرئيس. تشمل هذه القائمة عبد الله غول، المؤسس المشارك للحزب، ووزير الخارجية السابق والرئيس السابق، وبوليت أرينك رئيس البرلمان، وفاطمة بستان أونسال العضو المؤسس، ونائبة رئيس البرلمان، وأرطغرل غوناي وزير الثقافة.
طبعًا لم يفِ الاتحاد الأوروبي بوعوده بخصوص المسألتين (إذ لم تتلق تركيا المال الذي وعدت به بروكسل، ولا حصلت على السفر دون فيزا) وهو ما صارت تحمَّل مسؤوليته الآن إلى الاتفاقية ذاتها. لكنَّ هذا لم يكن ما أغضب أردوغان وقتها. لم يكن أردوغان منزعجًا من الصفقة ذاتها، لكن من توقيع داود أوغلو لها. شعر أردوغان أنَّ رئيس وزرائه يسرق الأضواء منه. ثم ازداد غضبه عندما دعت الولايات المتحدة داود أوغلو لزيارة في شهر مايو (أيار). كان أردوغان يريد للعالم أن يعرف أنَّ رقمه هو الوحيد الذي ينبغي الاتصال به في تركيا.
انضم داود أوغلو لقائمة متزايدة من الشجعان الذين اختلفوا مع الرئيس. تشمل هذه القائمة عبد الله غول، المؤسس المشارك للحزب، ووزير الخارجية السابق والرئيس السابق، وبوليت أرينك رئيس البرلمان، وفاطمة بستان أونسال العضو المؤسس، ونائبة رئيس البرلمان، وأرطغرل غوناي وزير الثقافة.
حدث هذا الخلاف في أوقات مختلفة لأسباب مختلفة، مثل مظاهرات حديقة غازي، عندما شهد الكثير من أعضاء حزب العدالة والتنمية، لأول مرة، الميول السلطوية لأردوغان، وتوقيع عدد من الأكاديميين عريضة اعتراض على أفعال الحكومة في الجنوب الشرقي الكردي، وفشل الحصول على دعم أردوغان لمنصب حزبي. لكنَّ ما يوحد أولئك المختلفين شكوك يخفونها بالكاد، حول نوايا أردوغان.
المخاطر والتبعات
كل ما ذكرناه سوف يصل إلى ذروته يوم الأحد، عندما تصوت البـلاد على سلسلة من التعديلات الدستورية لتحويل النظام الديمقراطي البرلماني إلى نظام رئاسي تنفيذي.
لم يخفِ أردوغان – نفسه- ما يعتقده على المحك في استفتاء يوم الأحد، مع أنَّه لو كان يتصرف بموجب الدستور – أعني الدستور الحالي- فإنه لا ينبغي له القيام بأية حملة ترويجية على الإطلاق.
ويشير هيرست إلى أن أردوغان اتهم من ينوون التصويت بـ(لا) بالانحياز لمؤامرة انقلاب 15 يوليو (تموز) الفاشلة، التي يتهم الداعية فتح الله كولن، المقيم في أمريكا، بالوقوف خلفها. وقال أردوغان في خطبة ألقاها الأسبوع الجاري: «بكل صراحة، فإنَّ أولئك الذين يقولون لا، يقفون بجانب انقلاب الـ15 من يوليو (تموز). من أولئك الذين سوف يصوتون بـ(لا)؟ إنهم من يريدون تقسيم البـلاد، أولئك الذين يعارضون علم بلادنا».
وفي غضون ذلك قال رئيس الوزراء، بن علي يلديريم، إنَّ التصويت بـ(لا) هو ما يريده حزب العمال الكردستاني وجماعة كولن، التي تسميها أنقرة منظمة إرهاب فتح الله. وقال يلدريم: «الجماعات الإرهابية تروج، في جوقة جماعية، للتصويت بـ(لا). لكنَّ مواطني بلادي لن يقفوا بجانب الجماعات الإرهابية».
ليس هذا الجدل متعلقًا بأنظمة الحكم؛ بل إنه متعلق باستقرار تركيا ذاتها. فقد قال أردوغان للصحافيين بعد عودته من باكستان إلى تركيا في الثاني من شهر مارس (آذار)، مشيرًا إلى مقر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق: «لو قلتُ لا، فسوف يذهب صوتي إلى قنديل. لو قلت لا، فسوف تذهب هذه البـ(لا)د إلى عدم استقرار. لو قلت لا فسوف يذهب صوتي إلى مكان تنعدم فيه أجواء الثقة».
يخشى غول أنَّ ذلك النظام الرئاسي لن يكون مستندًا على فصل واضح بين السلطات، ورفض بشدة حضور اجتماعين حزبيين مع أردوغان، ويلديريم.
لكنَّ الأمر قد يكون أكبر من مجرد معارضة كولن وحزب العمال الكردستاني لهذه الخطوة.
فقد قال غول نفسه: «لقد جربنا نظامًا برلمانيًّا على النمط التركي، ورأينا مشكلاته. لا ينبغي أن يكون هناك نظام رئاسي على النمط التركي. لو كنا سوف نحظى بنظام رئاسي، فليكن مثل الولايات المتحدة حيث الفصل بين السلطات مكتوب بوضوح، وكل شيء محدد جيدًا… لو كان هذا النظام مبنيًا على سيادة القانون كما هو الحال في الديمقراطيات الناضجة، فليس ثمة شك إذن في أنه سوف يكون، هو أيضًا، نظامًا ديمقراطيًّا».
ما يعنيه غول واضح. فهو يخشى أنَّ ذلك النظام الرئاسي لن يكون مستندًا على فصل واضح بين السلطات، ورفض بشدة حضور اجتماعين حزبيين مع أردوغان، ويلديريم.
«لا» عبر الطيف السياسي
الخط الفاصل بين مؤيدي التصويت بـ(نعم)، ومؤيدي التصويت بـ(لا) ليس خطًّا دينيًّا. هناك إسلاميون من اليمين الديني المحافظ ممن يعارضون هذه التعديلات. فأقدم حركة إسلامية في البـ(لا)د، مللي جوروش (الرؤية الوطنية)، التي بدأها الأستاذ السابق لأردوغان، نجم الدين أربكان، ويمثلها اليوم حزب ساديت، سوف تصوت بـ(لا) على هذه التعديلات الدستورية.
وقال رئيس الحزب، تيميل كرم الله أوغلو: «لست مضطرًا إلى تسمية ما يحدث ديكتاتورية. لكن لو كان كلام رجل واحد هو ما يطبق في النهاية، فسوف يكون نظامًا من الإملاءات السلطوية. حتى النبي نفسه كان يتشاور مع صحابته، ويتبادل الآراء معهم عند الحاجة».
وليست الانقسامات حكرًا على معسكر حزب العدالة والتنمية وحده. إذ هناك مجموعة معارضة داخل حزب الحركة القومية تقودها ميرال أكسينير، التي أصبحت أول امرأة تشغل منصب وزير الداخلية، والتي تتهم رئيس الحزب، دولت بهجلي بالخيانة، وتؤيد معسكر التصويت بـ(لا) بكل قوة.
مؤيدو التصويت بـ(لا) قد وُجّهوا بتدخلات من الشرطة خلال القيام بحملتهم،
وألقي القبض على عدد منهم بتهم الإساءة للرئيس، أو تنظيم أنشطة عامة غير
قانونية.
ومثل كل زملائها في معسكر التصويت بـ(لا)، فقد تعرضت أكسينير لعدد من المشكلات التقنية غير المتوقعة، وأحداث غريبة مثل انقطاع الكهرباء أثناء خطاباتها، وهجوم الغوغاء على مسيراتها الانتخابية، وحظر حكام المقاطعات لها.
الحملة ذاتها كانت أبعد ما تكون عن التكافؤ. وكما قالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا فإنَّ: «حملة التصويت بنعم يقودها حزب العدالة والتنمية الحاكم، وإلى حد ما حزب الحركة القومية. وتحظى، بوضوح، بدعم مسؤولين حكوميين على مستوى إقليمي، وعلى مستويات أقل، بما في ذلك رئيس الوزراء، وعدد من الوزراء الآخرين، والرئيس، الملزم، بموجب الدستور، أن يبقى محايدًا، وأن يمارس واجباته دون انحياز».
«أما مؤيدو التصويت بـ(لا) فقد وُجّهوا بتدخلات من الشرطة خلال القيام بحملتهم، وألقي القبض على عدد منهم بتهم الإساءة للرئيس، أو تنظيم أنشطة عامة غير قانونية. وحظرت السلطات أغنية حملة الحزب الديمقراطي الكردستاني، باللغة الكردية، في محافظتي سيرناك وفان، على أساس أنها تنتهك مبادئ نزاهة الدولة، وتنتهك اللغة التركية باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد. وأبلغ أيضًا عن اشتباكات عنيفة في العديد من الفعاليات لحملة التصويت بـ(لا)».
سؤال بسيط
بالنسبة للتغييرات نفسها، يمكن تجاوز أكثر المزاعم والمزاعم المضادة من خلال طرح سؤالين مبسطين: لو لم يكن فعلًا ثمة شيء مميز حول السلطات التي على وشك أن تمنح للرئيس، ولو كانت هذه السلطات مساوية لسلطات باقي الرؤساء في كل العالم، فهل سوف يقبل أردوغان – نفسه- بموقف يصبح فيه أحد قادة المعارضة رئيسًا، ويمنح السلطات نفسها؟ الجواب الواضح أنه لن يقبل ذلك.
ولو كان في موقف المعارضة، ألم يكن حينها ليبحث عن الفصل الضائع بين السلطات في النظام البرلماني؟ الجواب الواضح أنه سوف يفعل ذلك.
التغييرات الدستورية ليست حُلّة مفصلة. ليس الغرض من التعديلات أن تصب لمصلحة حزب واحد، فضلًا عن شخص واحد. إنَّ النتيجة التي لا مهرب منها، بالنظر إلى سلوك أردوغان، أنَّ هذه التعديلات تفصيل على مقاسه. إنَّ تركيا ضعيفة، وهذه المؤسسات التي يحركها شخص واحد على وشك أن تصبح أضعف.
اقرأ أيضًا: «ذا نيويوركر»: أردوغان ضد أتاتورك.. صراع طويل بين العلمانية والأصولية في تركيا
ثمة مفارقة ضخمة، بالطبع، في هذا الحدث الذي على وشك الحدوث. فقد أرسل المدير الصحافي لرئيس الوزراء، ميميت أكاركا، بمناسبة نهاية العام، بطاقات لصق بكل منها قطعة من الرخام التي سقطت من حائط المجلس القومي الأعلى بعد تفجيره بطائرات إف 16 التي قادها المخططون للانقلاب. تقول هذه البطاقات: «في الخامس عشر من شهر يوليو (تموز) 2016، دافع الشعب التركي عن الديمقراطية بحياتهم».
وكذلك فعلوا، وكما كتبت في ذلك الوقت، فقد جاء أولئك الناس من كل الأحزاب، ومن كل أجزاء القوات المسلحة، للدفاع عن البرلمان، رمز كفاحهم الذي انتصروا فيه بشق الأنفس على الجيش والدولة العميقة. هذه المؤسسة ذاتها، هذا الرمز، هو ما يجري إضعافه الآن.
هل سوف ينبثق عن هذا الأمر تركيا قوية؟ اسأل روسيا التي فعلت الأمر ذاته عام 1993 تحت حكم بوريس يلتسين. أمر يلتسين عشر دبابات بقصف البيت الأبيض الروسي، مقر برلمان الاتحاد السوفيتي القديم.
كانت الصحافة الغربية كلها تؤيد سحق ما اعتبرته صوتًا منشقًا، وإحدى المخلفات السوفيتية. وسمت صحيفة الإيكونوميست الدم المراق في يوم الأحد ذلك «شرًّا لا بد منه». كانت النتيجة أن حصلوا على نظام رئاسي أكثر سلطوية بقليل من يلتسين نفسه، حصلوا على فلاديمير بوتين.
مترجم عنThe Putinisation of Erdoganللكاتب David Hearst
يحيى أحمد محمود
LikeShow more reactionsCom