السرعة والسياسة: كلّ البشر أصبحوا جنوداً لدكتاتورية الحركة، أما الدولة فشرطي مرور لمراقبة حركة الناس والبضائع والأفكار
بيروت / العربي الجديد
يحاجج فيريليو (1932) فيلسوف السرعة في الكتاب بأن السلطة هي الحركة، ويرى أن جهد الدولة الحديثة يسعى إلى إيجاد آليات وتطويرها للسيطرة على الفضاء وحركة الجمهور وتنقّل الأشخاص والبضائع والأفكار ولأجل ذلك تجتهد هذه الدولة في وضع الحواجز بدءاً بإشارات المرور وانتهاء بالسجون والجمارك والرقابة.
وبحسب المترجم، فإن الكاتب يرى “أن الثورة الحديثة ليست الثورة الصناعية ولا التكنولوجية ولا اللسانية إنها ثورة الدرومولوجيا بامتياز.
لقد أضحت السرعة قدَراً ومصيراً في الآن نفسه. فكلّ البشر أصبحوا جنوداً لدكتاتورية الحركة، فالسلطة حركة والثورة حركة والدولة شرطي مرور ينحصر دورها في مراقبة حركة الناس والبضائع والأفكار. وبالنتيجة فإنّ مدار الصراع بين الدولة والثورة هو من يكون الأسرع والأنجع لامتلاك الفضاء والشارع والطريق والمجتمع والتاريخ”.
وبالنسبة إلى فيريليو فإن الثورة يقوم بها المهمشون والفقراء ولا تكون إلا في المدينة ضدّ البورجوازية الحاكمة التي تتمتع بحق الحماية والأمن من خلف الأسوار والتحصينات.
ويذهب المفكّر الفرنسي إلى ما هو أبعد من ذلك، فوفقاً لمترجمه يعتبر أن السلطة “تعمل على إفراغ الشارع وذلك بتوجيه الجميع نحو الطريق”.
ويأتي على أمثلة تاريخية من الثورة الفرنسية والشيوعية والنازية والأميركية تؤكد صحّة كلامه، حول تحوّلات الثورة بعد وصولها إلى السلطة. ضارباً أمثلة من الحياة اليومية مثل الالتزام بإشارات المرور كمؤشر للسلطة على الالتزام بالحركة السياسية، أو إغراق الشارع بالسيارات والدعوة إلى ممارسة الرياضة والتسلية ووسائل الترفيه ..إلخ.
يبدو أن بول فيريليو، كما يقول المترجم، الوحيد الذي تناول، في إطار نقده للحداثة ولما بعد الحداثة، العلاقة بين السلطة والسرعة والشعب على هذا النحو.
في سبيل عالم بلا خوف وبلا حروب وبلا استغلال وبلا تفاوت. صدر الكتاب في فرنسا لأول مرة عام 1977، ويعتبر العمل المرجعي لفيريليو، حيث يبني فيه رؤية مستنداً على أعمال موران ومارينيتي وماكلوهان، ولكنها رؤية أكثر راديكالية من أي من المفكرين معاصريه، السرعة كآلة التفكيك. أصدر الفيلسوف عدة كتب ومقالات تتناول سؤال السرعة والتكنولوجيا وعلاقتهما بالسلطة السياسية، من أعماله “جماليات الاختفاء” و”حادثة الفن”.