دشن الأزهر الشريف يوم الخميس الماضي مشروعا جديدا لإنشاء “أكشاك للفتوى” بمحطات مترو الأنفاق بالقاهرة، لتقديم الفتوى الدينية لمن يطلبها من المواطنين، بغرض مواجهة الفتاوى المضللة التي تروج لها بعض الجماعات المتطرفة.
وقالت تقارير صحفية إن أول كشك تم افتتاحه يوم الخميس في محطة رمسيس، وأن الإقبال على طلب الفتوى كان ضخما وغير متوقعا حيث جذبت العشرات من المواطنين خلال ساعات عملها.
لكن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات حادة من العلمانيين في مصر ومن كثير من مؤيدي النظام الذين رأوا فيها ترسيخا لمظاهر الدولة الدينية وتغذية للتطرف بدلا من محاربته.
وكان الأزهر قد بدأ مؤخرا في تنويع الأنشطة الدعوة ولم يقصرها على الخطب والدروس في المساجد فقط، بل انتقل إلى المواطنين في المصانع ومراكز الشباب والمقاهي ومحطات المترو والسجون وأقسام الشرطة لتوعيتهم بتعاليم دينهم.
ترفع من شأن الأزهر
أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر سيف رجب قال إن هذه الفكرة تعد خطوة جيدة من جانب الأزهر الشريف وشيخه ضمن جهود الأزهر لتجديد الخطاب الديني ونشر الإسلام الوسطي دون تطرف أو عنف.
وتعليقا على الهجوم على تلك الخطوة من جانب العلمانيين قال رجب إن هذا هو دور الأزهر الريادي في المجال الدعوي ومن المعتاد أن يكون هناك هجوم من العلمانيين على ذلك، لأنهم لا يريدون أي دور للدين في المجتمع ولا يريدون أن تنتشر مظاهر التدين بين المصريين بل يريدون نشر الفجور بين الناس بداعي الحرية والدولة المدنية، حسب قوله.
وأوضح أن النظام ومؤيديه لا يريدون لهذه الخطوة أن تنجح لأنها ترفع من شأن الأزهر بين الناس وهذا ما لا يريده النظام لأن الأزهر مستقل ولا يريد أن يتطور في أمور سياسية خاطئة يتبعها النظام الحالي.
من جانبه، أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية قال إن هذه الخطوة تتوافق مع ما أعلنه الأزهر من استراتيجية لتجديد الخطاب الديني.
وأشار عطية إلى أهمية أن تكون هذه الفكرة تابعة للأزهر بشكل كامل وتحت مسؤولية مشيخة الأزهر، وليست تابعة لوزارة الأوقاف، موضحا أن الأوقاف لو كانت هي التي تتولى تنفيذ هذه الفكرة فستنقل للناس تطرفا من نوع آخر بسبب كره وزير الأوقاف للإخوان المسلمين.
وشدد أن الأزهر هو الجهة الوحيدة في البلاد التي يمكنها أن تتولى مسئولية تجديد الخطاب الديني، ولذلك فإن النظام ومؤيديه غير مرتاحين لذلك ويهاجمون الأزهر دائما، لكن ذلك لم يحدث مع القوافل الدعوية التي كانت وزارة الأوقاف تطلقها في المحافظات والمدن المختلفة.
وأوضح أن الاستقلالية النسبية التي يتمتع بها الأزهر وعدم تبعيته الكاملة للسلطة الحاكمة هو السبب الحقيقي وراء الهجمة الشرسة التي يتعرض لها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب خلال العامين الماضيين، وكان آخرها تلويح الرئيس السيسي منذ عدة أسابيع بأنه سيكلف مستشاره للشؤون الدينية أسامة الأزهر بتولي ملف تجديد الخطاب الديني وسحبه من شيخ الأزهر لتهميش دوره وإضعاف تأثيره على المجتمع.
هجوم مستنكر
وأعلن الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف محيي الدين عفيفي، أن أكشاك الفتوى سيزيد عددها في المستقبل، موضحا، في تصريحات صحفية يوم الخميس، أن كثيرا من المواطنين ليس لديهم الوقت للذهاب لدار الإفتاء لأخذ الرأي الشرعي في المسائل الدينية، لذلك قرر الأزهر الذهاب لهم في أماكن تواجدهم”.
واستغرب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الانتقادات التي توجه للأزهر بسبب هذه الخطوة، لافتا إلى أن من يهاجمون الأزهر بسبب مشروع “أكشاك الفتوى” هم أنفسهم من كانوا ينادون الأزهر بالتحرك لمواجهة الفكر المتطرف.
وردا على انتقاد هذه الخطوة باعتبارها تمييزا بين المسلمين والأقباط، قال المتحدث باسم مترو الأنفاق أحمد عبد الهادي إن المترو يرحب بإنشاء الكنيسة مقرا لها بجوار كشك الفتوى في حال طلبت ذلك.
مزايدة دينية
في هذا السياق، قال مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد، إن هذه المبادرة “مزايدة باسم الدين وتشبه أنشطة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، مطالبا الدولة بالاهتمام بمساعدة المواطنين في حل مشاكلهم الحياتية وتوفير الخدمات الأكثر إلحاحا لهم”.
وقال النائب محمد أبو حامد إنها خطوة سلبية وعبثية، مشيرا إلى أن تطوير الخطاب الدينى يتم بتنقية المحتوى والمناهج والأفكار التي يتم تدريسها للطلاب وليس نشر مظاهر الدولة الدينية بشكل صريح، مؤكدا تقديمه طلب إحاطة لرئيس الوزراء ووزير النقل لمساءلتهما عن سبب السماح بوجود أكشاك الفتوى بالمترو بما يعد مخالفة صريحة للدستور الذي نص على أن مصر دولة مدنية.
أقوى من سلاح الجيش
في المقابل رحب النائب عمرو حمروش بالفكرة قائلا، لصحيفة “الشروق” يوم الجمعة، إنه يتمنى تعميمها في جميع محطات المواصلات العامة لنشر الفكر الوسطي ومحاربة التطرف.
فيما قال النائب سعيد طعيمة إن سلاح الأزهر والثقافة أقوى من سلاح الجيش والشرطة في مقاومة الإرهاب.
قال مسؤولون محليون إنه بعد مرور سبعة أشهر على دحر قوات ليبية لتنظيم الدولة في مدينة سرت الساحلية لا تزال جثث مئات من مقاتلي التنظيم محفوظة في مبردات بانتظار نتيجة تفاوض السلطات الليبية مع عدة حكومات دول أخرى لتقرير مصيرها.