مختارات من كتاب آلهة في مطبخ التاريخ قراءة في سورة الفاتحة

آلهة في مطبخ التاريخ: قراءة في تاريخ سورة الفاتحة – جمال على الحلاق

Advertisements
Advertisements

سيكون من السهل إستيعاب هذا الكتاب إن كان لدى القارئ إستعدادًا على تقبُّل فكرة -تبدو في غاية المنطقية والعقلانية إلا أنّ نتائجها- تتقاطع تمامًا مع إرث تأريخيّ طويل وتثقيل، يعمل على غلق مسامات التنفس في عالم مختلف. أي أن ما نعرفه لا يعني كل المعرفة، وما نؤسس عليه قد لا يكون صلدًا مثلما نتوقّع، بل لعلّه الفراغ بذاته، وليس غريبًا أن تنهض أمّة بأكلملها على فراغ.

يقدم جمال الحلاق لكتابه“آلهة في مطبخ التاريخ”(منشورات الجمل)بالقول“ان ما نعرفه لا يعني كل المعرفة، وما نؤسس عليه قد لا يكون صلدا مثلما نتوقع، بل لعله الفراغ بذاته، وليس غريبا ان تنهض امة بأكملها على فراغ”. ينطلق من نظرية داروين في منهج النشوء والارتقاء ليكشف عن آلية التغيير التدريجي للكائنات، ومن ضمنها اللغات والافكار التي يراها كائنات حية، لها بدايات وتسير في دور التشكل على غرار الكون وتعبّر عن وعي الانسان وقدرته على فهم مسار التحولات التاريخية.
“البحث عن إله همٌّ انساني بدأ مذ وقف اول انسان امام سعة الارض والسماء ومجهوليتهما، ولا يزال الهم انسانيا حتى بعدما بدأ يرسم شكل الكون، ويحدد سعته، ويقترب من الغوامض التي تسكن فيه، التي تهدده بالانقراض من الثقوب السوداء، او سرعة اتساع الكون، وفقدان الحرارة المستمر، بل ان المعرفة تحاول دائما ان تعطي صورة للاله تتوافق مع درجة اتساعها، او انكماشها”.

يبدأ هذا الكتاب بالبحث حول تاريخ الآلهة نشوءها وتطورها, وأنسابها وتصاهرها مع بعضها البعض. ومعاركها وانتصارتها وانهزاماتها سواء بانتهاء ألوهيتها أو وقوعها في الأسر. من ثم البحث في بعض التصورات الحديثة عن مفهوم (الإله) في حقل الفيزياء والفلك مع قراءة لـ(إله آينشتاين) وقراءة لـ(إله ستيفن هاوكينغ) والمقارنة بينهما. ويحتوي المبحث الثاني على دراسة حول علاقة الإلهين (الرحمن والله) ببعضهما وانتشارهما قبل أن يتحدا في صورة إله واحد هو (الله), وذلك بتتبع عملية تحول كلمة (الرحمن) من إسم علم خاص قائم بذاته إلى صفة أو ظل لإسم (الله), من خلال قراءة مركزة في الأصول التاريخية لسورة الفاتحة في القرآن.

 

Advertisements

إقتباسات من الكتاب:
“الحقيقة شيء آخر لم نتعود على سمعه بعد.”

“ارتبط وجود الإله واتساعه بوجود الوعي الإنساني واتساعه.”

Advertisements

“لقد تجاوز العلم مفهوم المعرفة المطلقة, وأصبح الذي يتحدث بيقين تام مثل عنكبوت يبي بيته على عقول التلاميذ.”

“إن الإله احتياج فردي أو اجتماعي, ينتهي مع إنتهاء الاحتياج وأن ولادة أي إله ترتبط ارتباطاً عضوياً بولادة الحاجة الاجتماعية التي تدفع إلى ولادته.”

” في بلد كالنيبال مثلاً, والحديث عن الهندوس فقط, الذيم يمثلون أحد أهم وأوسع أربعة أديان فيه, فإن الآلهة لاتزال تتناسل أيضاً وتلد, وأن عددها الآن يفوق عدد النيبالين فقد ورد أنها تبلغ ثلاثة وثلاثين مليون إله, من بينها إله يسمى بسيد الحيوانات وإله يسمى بملك الرقص.”

Advertisements

“لقد كان فيثاغورس حكيماً بقوله:(لاتطلب من الآلهة مالا تستطيع أن تقوم به بنفسك), وحتى لايدخل الرب في أزمة مع العبد قال المسيح:(لاتجرب الرب إلهك).

“(أنا لست ملحد, أنا متدين غير مؤمن) بهذا القول يعلن آينشتاين انفصاله عن كل انتماء ديني تقليدي.”

Advertisements

وليد يوسف عطو 
الحوار المتمدن-العدد: 4079 – 2013 / 5 / 1 – 12:15 

Advertisements

( الحقيقة شيء اخر ,لم نعتد على سمعه بعد ) الباحث جمال علي الحلاق
( ليس غريبا ان تنهض امة باكملها على فراغ ) الباحث جمال علي الحلاق
( كل فكرة تموت لحظة التوقف( الاكتفاء بالنص توقف )والتاريخ البشري ليس اكثر من افكار تتوقف مع نمو المعرفة , وهذا سر ديمومة الخروج على الافكار , فلماذا التشبث بتابوات متوقفة اصلا ؟) .( الباحث جمال علي الحلاق )
اسئلة ذات صلة بموضوع المقال :
– هل ان فكرة الاله كما تصورها الديانات هي فكرة يقينية ؟
ام فكرة قائمة على الاحتمالية ؟
هل الكون خلق عن قصدية في الخلق او كما يسميها الباحث جمال علي الحلاق ( قصدية الكائن الضروري ) ؟- تجربة اينشتاين نموذجا .
ام نتج خلق الكون عن عبثية قوانين الكون ؟ ام ظهر نتيجة احتمال من بين احتمالات اخرى ؟
يؤكد الباحث العراقي جمال علي الحلاق , والمقيم حاليا في استراليا , في كتابه الجديد ( الهة في مطبخ التاريخ – قراءة في تاريخ سورة الفاتحة )- ط1 -2012 – اصدار منشورات دار الجمل – المانيا :
ان ظهور الاله هو احتياج فردي او اجتماعي , ينتهي مع انتهاء الاحتياج , وان ولادة اي اله ترتبط ارتباطا عضويا بولادة الحالة الاجتماعية التي تدفع الى ولادته . وبالتالي تدفع المجتمع الى تبنيه , وعليه فالاله ( اي اله ) متبنى من قبل المؤمنين به .
يمكن ان تكون تجربة كل من اخناتون في مصرالفراعنة , ورضا شاه في ايران نموذجا مثاليا لهذه المقولة كما يؤكدالباحث الحلاق .فاخناتون اقحم المجتمع الفرعوني بلا مقدمات اجتماعية داخل دائرة التوحيد .بينما نرى رضا شاه قد اقحم ايران قسرا داخل بوتقة العلمانية , فكانت نتيجته, ,.اجهاض عبادة الاله (اتون ) بزوال الداعي اليه . وانهيار المجتمع العلماني في ايران مع انهيار حكم الشاه .
اي ان التغيير لايمكن ان يكون الا بوجود رغبة جماعية , وان تكون هناك حاجة مجتمعية تتضامن مع هذه الرغبة .
كانت الالهة , ولاتزال تولد كما يولد الناس ,تنمو مثلهم تماما , وتشيخ فتتعكز بالمؤمنين بها , وتتوقف , لكنها لاتموت , كالافكار تماما .
وغالبا ماكانت الالهة تتداخل فيما بينها , كان يرتدي اله ثياب اله شبيه , او مقارب له , او يتقمص زي نقيضه . وكان التطرف هو الذي ينتصر دائما , والحديث لايقتصر على الاديان فحسب , بل يشمل الحركات الاجتماعية والتيارات السياسية ايضا .
في النصوص السومرية والاكدية والاشورية عن ولادة واصل الالهة نقرا عن حادثة اغتصاب جرت في مدينة نفر ادت الى ولادة الاله سين , اله القمر .فقد اغتصب الاله ( انليل ) ذو النظر البراق حسب تعبير الباحث الحلاق الالهة الالهة ( ننليل ) عندما راها تستحم في مجرى الماء الصافي . قارن هذه القصة الاسطورية مع حادثة اغتصاب الملك والنبي داود لزوجة قائده العسكري , عندما راها تستحم في سطح المنزل المقابل له , وقام بالايعاز الى قادته بارساله الى الخطوط الامامية في جبهة الحرب والايعاز بقتله .
تختلف الامزجة بين الالهة كاختلاف امزجة البشر تماما , كما نجد هناك صراع الاجيال . بل ان قصيدة التكوين والخلق البابلية تتحدث عن التقسيم الطبقي للالهة , فكان هناك الهة تحكم , كما كان هناك الهة تعمل , وكيف ان طبقة الالهة العاملة احتجت وانتفضت وثارت واعلنت العصيان على الالهة المتحكمة بها , فكانت النتيجة ان تحال طبقة الالهة العاملة على التقاعد . بعد ان تم خلق الانسان كحل للازمة , ليتحمل عناء الالهة المتقاعدة ( ديوان الاساطير :2 – 113 وما بعدها ) .
هناك مايشير الى استمرار تناسل الالهة , وبالتالي استمرار ولادة الهة جديدة , ففي بلد كالنيبال مثلا , والحديث عن الهندوس فقط , الذين يمثلون احد اهم واوسع اربعة اديان فيه ,فان الالهة لاتزال تتناسل وتلد , وان عددها الان يفوق عدد النيباليين , فقد ورد انها تبلغ ثلاثة وثلاثين مليون اله , من بينها اله يسمى بسيد الحيوانات , واله يسمى بملك الرقص .
لقد كان ثمة زيجات عديدة بين الالهة والبشر ايضا , كان يتزوج اله من امراة من بين الناس , او قد يتزوج رجلا من الناس الهة من الالهة , وقد انتجت لنا مثل هذه الزيجات كائنات هي انصاف الهة وانصاف بشر .
فعلى سبيل المثال تزوجت الالهة عشتار من الراعي . وقد استمرت عملية اعادة انتاج هذه التجربة كجزء من بنية بعض الاديان التوحيدية كالمسيحية والاسلام . فنحن نرى كيف اصطفى ( الاب , الله , الرحمن ) مريم العذراءكي تكون اما لكلمته او ابنه , فهو اله من جهة الاب , وبشر من جهة الام ( المفصل :6 – 490 ) . بينما اقر الابيونيون بعقيدة ( العذراء ) الا انهم راوا المسيح بشرا مثل غيره من البشر لكنه امتاز عنهم بالنبوة ( المفصل : 6 – 496 ).
الجنس كاتصال معرفي :
يشير الجنس في المثولوجيا (الاساطير ) الى نمو المعرفة البشرية ( مضاجعة انكيدو للبغي وتحوله من شبه حيوان الى انسان مديني ) .
هناك نص سومري يتحدث عن ممارسة جنسية هائلة تمت بين السماء والارض ,فالكل مقدس, لافرق فيه بين ( الفوق ) و (التحت ) :
( لان الارض ذات الجلال , الارض المقدسة
حملت نفسها , من اجل العالم السماوي المهيب .
وهو , هذا الاله البديع , غرس
في الارض الفسيحة قضيبه
وسكب دفعة واحدة في فرجها
بذرة الابطال والشجر والقصب ,
والارض بكاملها ,مثل بقرة
وجدت نفسها مشبعة بمني العالم السماوي الغني .) ( ديوان الاساطير : 2 – 39 )
الكل مقدس, الكل الهة , هذا التساوي جعل تاسيس المعرفة امرا يسيرا ,الكل يعمل من اجل اكمال خلق العالم كي يصل الى ماهو عليه الان , بل ان كل شيء في العالم اقترن مولده بطقس جنسي مقدس, هو اشارة الى توافق معرفي , ادى هذا التوافق الى لحظات تاريخية اسست مفاهيم اجتماعية جديدة , هي في النهاية ثمرة لنمو المعارف البشرية ككل , فزواج الالهة عشتار من الراعي كان تاسيسا للمجتمع البدوي , وزواجها من تموز لاحقا كان تاسيسا لمجتمع المدينة , وتنافس الراعي على عشتار هو امتداد للصراع الاجتماعي بين البداوة والتمدن .
لقد كانت المعرفة شيئا مقدسا لانها نتاج المقدس ذاته , استلام حمورابي لشريعته من اله الشمس نموذجا .ومن هنا تحديدا جاء رهاب الخضوع لها , وصرامة المراقية والعقاب المجتمعي . ولان الانسان قاصر عن رؤية نفسه كائنا فضائيا او كونيا , جعل المعرفة تهبط من الفوق ,بعد ان جعل التحت مهيئا تماما لاستقبالها , اي ان النص السابق جعل كلا من وجود الارض ووجود السماء ضروريا للاخر .وان نمو المعرفة بكل تمثلا تها عبر الزمن هو امتداد لقدسيتها الاولى عبر الاشياء .
فضائيون على الارض :
هناك نظرية تبناها ( ارك فون دانيكن ) في كتابه ( عربات الالهة ) الذي صدر في منتصف القرن العشرين تشير الى ان كائنات فضائية قامت بزيارة الارض في الماضي البعيد , وان اشارات ورسائل من الحضارات البشرية القديمة قد وصلت الينا ,تجعل الشارحين له يعتقدون بوجود مركبات فضائية , وان بعض البشر قد ركب احداها الى اعماق الفضاء . كما في رؤية جلجامش للارض من السماء .
لاتزال النظرية قائمة , ولايزال هناك من يروج لها رغم ان كاتب المقال يعتقد انها نظرية تتبناها جهات غربية اوربية وامريكية لابعاد العراق القديم ممثلا بحضارته السومرية الكونية العالمية , اول حضارة زراعية – معدنية اعطت ثمارها ونموذجها للعالم , ولغرض جعل الحضارة السومرية قادمة من خارج الكون ومزروعة صناعيا في ارض سومر . وهي نفس الفكرة التي تتبناها الدوائر العلمية في الغرب بقولهم ان السومريين قادمين من مناطق جبلية في اسيا او اوربا وذلك لغرض جعل الفضل الاول في حضارة ورقي الانسان هو للحضارة الغربية فقط .
يقول الباحث الحلاق ان قراءة نص التزاوج السومري بين الارض والسماء باعتباره يشير الى العلاقة العضوية بين الارض والعالم الخارجي . وان هناك العديد ممن يعتقدون بان الانسان هو نتاج الانوناكي ( الصديق الاستاذ كامل ساكو (ابو ربيع ) نموذجا-يؤكد العالم ليفي شترتاوس في كتابه العرق والتاريخ ان الحضارة السومرية حضارة تجميعية تراكمية استغرقت لنسشؤوها فترة لاتقل عن مئتي الف سنة فكيف يمكن الحديث عن حضارة نزلت من السماء فجاة ؟ )كما في الاسطورة البابلية , وان الانوناكي اقوام يعيشون الان على سطح المريخ, وعلى سطح الكوكب العاشر ايضا , ويمكن ان نفهم بسهولة اصرار الاديان التوحيدية على دور السماء , باصرارها على الية الوحي التي هي في النهاية مخاض اخر للعلاقة البشرية مع العالم الخارجي .
الخاتمة :
يؤكد الباحث جمال الحلاق في ختام الفصل الاول ,ان كل محاولة في الاضافة , او في الحذف , ستنتج الها اخر يختلف عمن كان قبله , او عمن سياتي بعده , من هنا فان الله كما تم حتى لحظة موت محمد بن عبدالله هو اله يختلف تماما عمن نعرف من تمثلاته في كل المدارس والفرق الاسلامية لاحقا , وما يفعله السلفيون الان هو الرجوع الى الله كما هو في لحظة محمد بن عبدالله , وهذا بحد ذاته يجعلهم خارج حركة التاريخ , لان الانسان في النهاية هو نتاج خبرة حياتية متراكمة , وحياته تتلخص بالنموذج الذي يطرحه لنفسه كاله وان هذا النموذج يجب ان يكون قابلا للتطور ايضا , بل يجب عليه ان يواكب نمو الوضع الاجتماعي للمؤمنين به , اي يواكب الاحتياج الجمعي , لان اي توقف هنا سيقود الى خلخلة في العلاقة بين الاعتقاد والممارسات اليومية , تكون نتائجها انفصامات مرضية حادة تقود الى خروج الاله من دائرة الاحتياج , فينتهي كضرورة اجتماعية .
يرى كاتب المقال , ان ازمة مجتمعاتنا العربية – الاسلامية وخصوصا في نسختها الاصولية السنية – الشيعية , هي نتاجا لهذه اللحظة التاريخية المنتجة للاله , والتي جرى التوقف عندها وبات المؤمنون به يرددون ماتطلبه منهم المؤسسة الاسلامية , لاان يبحثوا الحالة وفق احتياجهم الاجتماعي .
على المودة نلتقيكم …

 

(لاتطلب من الالهة مالاتستطيع القيام به بنفسك ) فيثاغورس
يؤكد الباحث والكاتب جمال علي الحلاق في كتابه الجديد (الهة في مطبخ التاريخ – قراءة في تاريخ سورة الفاتحة ),ان الانسان بصفته كائنا مفكرا لايتوقف عن التفكير ,فان الالهة لاتتوقف عن التغير والتجدد . وقد كانت الالهة تذهب الى الحرب مع المؤمنين بها ,تقاتل معهم او تقف الى جانبهم ,وقد ورد في كتب السيرة ان الله زود المسلمين يوم بدر بجنود من الملائكة تقاتل معهم ( ابن هشام :2 – 286 ) وصورة الله هذه في الاسلام تشبه صورة الاله ( يهوه ) اله موسى والملقب ب (رب الجنود ) فهو اله قاتل ومقاتل وهو يملك ربوات ربوات من الملائكة , اي الالاف المؤلفة من الملائكة المقاتلة على شكل جيوش .
لقد روت التوراة كيف ان ( يهوه )وقف مع موسى لحظة الخروج من مصر حيث شق البحر لبني اسرائيل , ومن ثم اطبقه على فرعون وجنوده .
ستكون الالهة محظوظة التي يؤمن بها شعب قوي ومنظم ,وقد تقع في الاسر وتقضي فترات طويلة في سجون اعدائها , تعاني الذل والتهميش على ايدي الالهة المنتصرة , وسيكون هناك نواح طويل من قبل انصار الالهة الاسيرة .
ان مفهوم الوهية وقداسة اي اله محصورتان فقط على الشعب المؤمن به . وان الاله خارج دائرة شعبه يتجرد من قداسته ومن الوهيته , فلو صادف ان دخلت بقرة هندوسية حقلا غير هندوسي فانها ستفقد قدسيتها حتما .
يقول نص كتب قبل 4000 سنة على لسان الالهة عشتار :
( لقد انتهك العدو حريتي بيديه النجستين
انتهكت يداه حرمتي وقضي علي من شدة الفزع
اه , ما اتعس حظي
ان هذا العدو لم يظهر لي شيئا من الاحترام ,
بل جردني من ثيابي والبسها زوجه هو ,
وانتزع مني حليي وزين بها اخته ,
وانا (الان ) اسيرة في قصوره- فقد اخذ يبحث عني
في ضريحي – واحسرتاه
لقد كنت ارتجف من هول اليوم الذي خرج فيه ,
فقد اخذ يطاردني في
هيكلي ,
وقذف الرعب في قلبي ,
هناك بين جدران بيتي ,
وكنت كا الحمامة ترفرف
ثم تحط
على رافدة ,
او كالبومة الصغيرة اختبات في كهف
واخذ
يطاردني في ضريحي كما يطارد الطير
وانا
اتحسر وانادي
ان هيكلي من خلفي , ما ابعد المسافة بينه وبيني ؟
هذه الصورة نجدها في الاسلام الاموي والعباسي والعثماني , عندما قهر الشعوب المفتوحة , فاستباح دمائها ونسائها , واصبح الاكل معهم محرما , واصبحوا(نجسا ) . بهذه الصورة تم اغتصاب الاسيرات وجعلهن ملك يمين , بعكس اسلام محمد الذي شجع على العفو ( المن )وعلى ( الفداء ) ومبادلة الاسرى .
يؤكدالباحث جمال الحلاق ان عبارة (هيكلي من خلفي ما ابعد المسافة بينه وبيني ؟) هذه الصورة النفسية والاجتماعية توضح ان الالهة مصابة بمرض الحنين الى الوطن home sick في حالة ابتعادها قسرا , فتكون غربة الاله او الالهة هنا هي في الاقامة بين اناس غرباء لايرونه الها .
ويبدو ان طقوس القرابين تتوقف حتى عند المؤمنين به الى حين عودته من الاسر , وهذا يذكرنا بازمة العباسيين مع القرامطة , حين اخذ ابو طاهر الحجر الاسود اسيرا الى منطقة الاحساء لاكثر من عشرين عاما( 317 – 239 ) , وكيف توقف الحج بعض الاعوام خلال تلك الفترة ( القرامطة : 110 ) , وعاد كل شيء الى طبيعته بعد عودة الحجر الاسود من الاسر .
الشعوب المتحاربة تجعل الهها عرضة للاسر اكثر من غيرها , فقد ورد في اخبار الاله مردوخ , اله بابل الشهير انه وقع في الاسر مرات عديدة , وان بابل كانت تشن الحملات الحربية من اجل استرجاع تمثال الاله مردوخ الاسير ( مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة : 368 – 369 ). ومع سقوط بابل على يد كورش سنة (539 ق . م ) توقف الاله مردوخ عن ان يكون الها رئيسا , وتدريجيا اختفى طيفه ضمن صعود الاله اهورا مزدا والاله مثيرا وغيرهما من الالهة .فالالهة تظل اسيرة الى ان يتمكن المؤمنون بها من اطلاق سراحها بالقوة , او بالهدنة والمصالحة , لكن بعد ان يوصم الاله الاسير بوشم الاله الاسر , وبوشم الملك خادم الاله المنتصر ايضا .
علاقة الاسر بتغير لسان الاله
لم يحدث ان خاطب اله شعبه بغير لغتهم , من هنا كانت لغة الالهة هي لغة شعوبها , فاذا صادف ان وقع شعب ما اسير لغة اخرى فان لغة الاله ستتغير مع الجيل الثاني , او الجيل الثالث نتيجة لتغير لسان المؤمنين به . وهذا ماحدث مع الاله (يهوه )اله بني اسرائيل .
عندما كان اليهود في فلسطين , كانت اللغة العبرية هي لسان الشعب , وبالتالي كانت اللغة العبرية لسان يهوه ايضا ,فلما وقع اليهود اسرى نبوخذنصر , وطالت اقامتهم في بابل لاكثر من جيلين , تم اخضاع الشباب منهم تحديدا لنظام تعليمي صارم , تحول لسانهم عبره تدريجيا من اللغة العبرية الى اللغة ( الارامية ) التي كانت هي اللغة المحكية في بابل يومذاك , ونتيجة لذلك فقد تحول لسان الاله يهوه من العبرية الى الارامية , لذا نجد ان اسفار التوراة التي كتبت في فترة ماقبل الاسر جاءت باللغة العبرية ,بينما جاءت الاسفار التي تم انتاجها بعد الاسر ممزوجة باللغة الارامية , سفر عزرا وسفر دانيال نموذجا ( نبؤة دانيال : 26 ). وهكذا بقي الاله ذاته لكن بلسان ولغة اخرى . وتغير لسان الرب جاء نتيجة لتغير لسان شعبه , ليس هذا فقط , بل ان اليهود المقيمون في بابل وبفعل شيوع اللغة الارامية احسوا بتنامي فجوة في الاتصال مع نتاج يهوه العبري , ولتلافي هذه الفجوة تحتم ترجمة الاسفار العبرية الاولى الى الارامية ( كل الكتاب :307 )
التضييق شكل من اشكال الاسر
ولان صورة الاله الاجتماعية تعكس صورة الحالة الاجتماعية للمؤمنين به , فان مايحدث من تضييق على صور الالهة التجريدية , الله مثلا , لايبتعد كثيرا عن صورة الاله في الاسر قديما , وعملية التضييق هذه تصعد الاحساس بفقدان العدالة الاجتماعية على الارض, وبالتالي ( ونتيجة لعدم تدخل الاله ارضيا ) تفتح باب الاخرة على مصراعيه , فتكون الاخرة هي الحل للازمات الاجتماعية , والكارثة هنا ( والكلام للحلاق ) , ان هذا الحل الافتراضي يجب ان يتعامل معه المعتقدين به كيقين خالص لتحقيق العدالة الاجتماعية بتدخل الهي .ولذا فكل اله يقع تحت التضييق الاجرائي يكون بحاجة الى اطلاق سراحه اجتماعيا من اسر العقليات الضيقة التي تعمل على تحجيمه في قوالب جد ضيقة على صعيد الممارسة الاجتماعية .
ان الاله الاسير تتماهى صورته تدريجيا مع صورة الاله الاسر , بعد ان يعجز اتباعه عن اطلاق سراحه , بل يبدا اتباع الاله المنتصر بادراج التاريخ الشخصي للاله الماسور باعتباره جزءا لايتجزء من تاريخ الههم , فيمحى وجود الاله الماسور , ويتحول اسمه الدال عليه الى اسم من اسماء الاله المنتصر .
وكنموذج على ذلك راينا في استعراضنا لكتاب الباحث جمال علي الحلاق ( مسلمة الحنفي قراءة في تاريخ محرم )ان اليمامة كانت تعبد الاله ( الرحمن )كاله مستقل عن بقية الالهة , بينما كان محمد بن عبدالله يدعو الى عبادة ( الله )في مكة , وكان كل اله منهما لايشير الى الاخر , ولايمت له بصلة , ونتيجة لتحالف مسلمة مع محمد اصبح ( الله = الرحمن ) , اي تم اعلان مساواة الالهين لبعضهما , وانهما يلتقيان في مجرى اخلاقي واحد , كما في الاية :
( قل ادعو الله او ادعو الرحمن ) ( الاسراء ) ص 116
الا ان انتصار المسلمين على مسلمة الحنفي ومقتله جعل فيما بعد الاله ( الرحمن ) يتوارى تدريجيا عن الانظار ويصبح صفة من صفات ( الله )الاله الاسر .
مقالتنا (مسلمة الحنفي قراءة في تاريخ محرم – ج3) وعلى الرابط التالي :http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=349565

ومقالتنا ( هل الله واحد ام ثلاثة في الاسلام وفي المسيحية) وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=278498
اله دائم التجدد
( وعي الفرد هو الهه الشخصي ) الباحث جمال الحلاق
( الدستور في المجتمعات المدنية الحديثة هو الهها الجديد المتجدد ) الباحث جمال الحلاق
يقول الباحث الحلاق ان كل اضافة على الدستور هي اعادة في صياغة الاله المدني , وهو اله يتقاطع اجتماعيا مع اشكال الالهة القديمة , من خلال فتح نافذة حقوق الانسان التي تقوم على مبدا تعطيل ( الحدود ) وفق الصياغة الدينية لها . ان القانون المدني لايلغي العقوبة , لكنه يلغي التشهير بها (كالجلد والقتل في الساحات العامة امام مراى ومسمع الناس ). كما انه لايمنح الحق في تشويه جسد الانسان المرتكب للذنب , اي تعطيل مبدا ( العين بالعين والسن بالسن ) , لكنه بالمقابل يضع عقابا مكافئا للجرم يحافظ فيه على كرامة الانسان .
لقد تم في المجتمعات المدنية الحديثة اعلان حق المساواة بين الجنسين , فاللمراة مثل حقوق الرجل , وتم فتح باب فرص العمل امام الجميع بالتساوي وجعل الكفاءة هي المقياس في التفاضل .
اضافة الى اعادة صياغة هندسة الجنس حديثا باقرار الزواجات المثلية في اماكن عديدة في العالم , سواء اكانت هذه الزواجات ذكورية ام انثوية .
لقد حضر الباحث الحلاق كما كتب في كتابه احدى مسيرات المثليين في سيدني عاصمة استراليا , وكانت تضم اعداد غفيرة بالالاف , وكان يراقب اعتراضهم ضد النظرة الدونية التي يواجهونها من قبل من يعتقدوا انهم اسوياء, كان الاعتراض سلميا وانسانيا , كتبوا على احدى لافتاتهم : ( نحن مسيحيون ايضا ايها السيد المسيح ) . وهذه المسيرة طقس سنوي يقوم به المثليون في ارجاء عديدة من العالم ابتدا به على يد الامريكي ( هارفي ملك ) ( بكسر الميم ) في سان فرانسسكو 1978 بعد ان رفع شعار يقول : ( لسنا مرضى , ولسنا مخطئين ). هذه التفاصيل تجعل الانسان المدني( كما يؤكد الكاتب والباحث الحلاق ) يخلق الهه على صورته بعد ان كانت الالهة القديمة تخلق الانسان على صورتها . ان قبول بعض الكنائس للمثلية الجنسية , وهي باغلبها كنائس انجيلية , تعكس تغير مفهوم الاله كما يراه كاتب المقال , من مفهوم تقليدي الى اله يقبل بالمثلية الجنسية وقيم الليبرالية والحداثة , وبمسيح يقبل بالمثلية الجنسية ايضا , بخلاف الانجيل . اي ان اعادة فهم وتفسير الانجيل وفق متطلبات العصر, مثلما احدث كالفن مسارا جديدا في المسيحية البروتستانتية بتشريعه للربا والتشجيع على نمو الراسمالية وفق اقتصاد السوق .
يؤكد الباحث الحلاق ان المجتمع المدني هو نتاج خبرة بشرية في حقل التعامل الانساني ,تتراكم خارج نطاق وصايا الدين , وعليه فالمجتمعات الدينية بحاجة الى تراكم حياتي في حقل حقوق الانسان خارج الدين , لكي تتحول الى مجتمعات مدنية . ان فقدان هذه الممارسات المدنية في الشارع هي التي تخلق الانفصامات الفردية او المجتمعية التي نراها هنا وهناك على الارض , مثل شخصية ( الملحد الطائفي ) التي تحدث عنها د . علي الوردي في كتابه ( شخصية الفرد العراقي : ج4 ).
لقد كان الانسان ولازال يعيش داخل رؤيته لالهه , وحين نتتبع بعض الممارسات الاجتماعية يستوجب على الانسان اعادة صياغة وضعه الاجتماعي بحيث يتلائم مع لحظتها التاريخية ضمن المجموع العام . وهذا يعني اعادة صياغة الهه .الالهة تاخذ( الان بوضوح صارخ )شكل ووعي منتجيها , بحيث تبقى دائرة الاله مفتوحة , وقابلة للتطور والاتساع , تطورا ونموا ضمن اليات النشؤ والارتقاء .
بدات بعض الكنائس تستقبل زواج المثليين , وهذا يعني ان منهجا جديدا وسع من دائرة الاله , وبفضل هذا الفهم والتوسع ,بدا الاله الجديد ذاته يستوعب ( المثلية ) باعتبارها ليست خرقا اخلاقيا , انه المسيح الجديد العلماني والليبرالي والراسمالي , نتاج مجتمع العولمة الراسمالية .
على المودة نلتقيكم …
مقالات ذات صلة
1 – ( لاوجود للالوهة خارج الانسان )وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=328351

2- (الالوهة التي فارقت الانسان), وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=287440