بيني لويس.. شاب ايرلندي لم يكن يتحدث سوي لغته الأم (الانجليزية) حتى عامه الواحد و العشرين، حين سنحت له الفرصة للعيش في أسبانيا لظروف عمل، فظن أنها ستكون الإنطلاقة لتعلمه الأسبانية التي طالما ما أراد التحدث بها بطلاقة.
أقوى المواقع العربية التي تقدم لك التعليم مجاناً من بيتك
ولكن بعد ستة شهور، أكتشف أنه حتى المعيشة مع أهل اللغة، ليس بالحل الناجز لتعلم اللغة. و لذا بدأ في رحلته لمقابلة من يدعونهم بالـ Polyglots أو متعددي اللغات (الذين يجيدون التحدث بالعديد من اللغات) محاولاً الوصول الى التركيبة المثالية التي تمكنك من إتقان التحدث بلغة ما في أقل مدة، و كانت هذه المدة هي 3 شهور..
ليبدأ التدوين عن تحدياته على المدونة المشهورة Fluent in 3 Months و التي عبارة عن خلاصة تجاربه التي تستغرق ثلاث شهور في كل مرة تقريباً، ليتمكن من تحدث لغة، و لكن نظراً لأنه لا يقوم بهذه المهمات بشكل منتظم، فقد تمكن فقط حتى الآن من إجادة سبع لغات فقط. وتمكن العام الفائت من طرح كتابة باسم المدونة، و الذي حظي بعدد قراء و تقييم جيدين.
أسلوب لويس في تدويناته أن يقوم بكسر حاجز الجليد بينك و بين اللغة، و يخبرك بماذا أستعان لكي يصل للمستوى المطلوب و ما مصادره و أي منها التي عانى منها و أي تلك التي أفادته كثيراً. فمثلاً يخبرك في تدوينته عن تعلمه الروسية عن أهمية أن تتعلم الروسية و أن الحروف ليست بالأزمة و تشبه كثيراً تلك التي في الانجليزية مع إختلاف الرسم..
وأن الروسية ليست بالمعقدة فهي تتشابه في كثير من الكلمات الإنجليزية، و كيف تتجنب الوقوع في فخ الكلمات المذكرة و المؤنثة بسهولة. و هكذا و أكثر مع كل لغة يشرع في تعلمها. و لكن لتنطلق مع لويس، لا بد ان تكسر معه المعوقات الخمسة.
المعوقات الخمسة
في حديثة المشهور على مسرح TEDx يتحدث لويس عن الخمسة معوقات التي قد تجعل محاولة تعلم اللغة فاشلة. و هي على الترتيب حسب الاكثر شيوعاً.
ليس لدي موهبة فطرية في تعلم اللغات
و في هذه لا ينكر “لويس” أنه لربما تظن بأحد انه لديه موهبة في الأمر، لكن أكثر الإحصائيات لا تعط لهذه الموهبة أكثر من 20 في المئة زيادة عن فرصة أي أحد آخر، لذلك لا تقلق، عشرون في المائة زيادة في العمل ستعطيك الفرصة كموهوب.
أنا كبرت جداً على تعلم اللغات
فالبديهي لدى الكثير أن الأطفال هم الأقدر ذهنياً في تعلم اللغات، لكن ماذا تقول الاحصائيات عن الكبار في السن ؟!. تفيد انهم أقوى قدرة على تعلم اللغات من الأطفال، و ما تحتاجه كطفل لنحو سبع سنوات لإتقانه، تستطيع ان تفعله في أقل من سنة كناضج.
لا أستطيع السفر لتعلم اللغة كأهلها
و هنايعطى “لويس” حلين بسيطين.. أولهما “الانترنت” و ما يمكنه من تواصل بين مختلف الثقافات لشتى الأغراض، و هناك – مثلاً – المئات من غرف المحادثة التي تضج بالأجانب من كل بلد، يمكنك أن تبادر فوراً بحجز مكان و قضاء ساعات تحاول التقاط الجمل الحوارية. (عرفت صديق لي بدوي كان يتقن الانجليزية و الاسبانية فقط من هذه التقنية).
ولكن الحل الثاني كان غائب عن الكثير، إنه حولك. ففي معظم المدن الكبيرة، تجد الكثير من الجنسيات حولك و لم تفكر مرة أن تتعلم لغة أي من الأجانب حولك. و السؤال هنا للقراء من مدن الخليج، هل فكر أحد أن يتعلم اللغة الهندية أو البنغالية أو أي من تلك اللغات الآسيوية المنتشرة حوله التي لربما سيدفع الكثير لو أراد تعلمها فيما بعد ؟! بينما بضع كلمات و ممارسة بسيطة مع أي عامل أجنبي حولك، سيمكنك بعد مدة من اتقان لغة جديدة بمنتهى البساطة.
أدوات ومواقع رائعة لتعلم الإنجليزية ولغات أخرى
ذاكرتي ضعيفة
و في هذا سيطرح عليك “لويس” طريقة بسيطة في المراجعة، ستمكنك دائماً من تذكر كل ما تتعلمه من مصطلحات دائماً، و هي طريقة قائمة على المراجعة الدورية و الربط بين الكلمات و الصور.
سيسخر مني جميع المتحدثين بطلاقة
و هذا للأسف قد تجده عند أقرانك العرب الذين من الله عليهم ببعض الطلاقة و لا يكفون عن السخرية من نطق الآخرين مهما كان (هداهم الله). و لكنك تتعلم لتتواصل مع أصحاب اللغة أنفسهم، و هنا لا تقلق، أنت نفسك كعربي لو وجدت أجنبي يحادثك بلغتك و لو كانت ركيكة، ستسر جداً من أجله و ستعمل كل جهدك لشتجعه ليكمل الحديث، و هذا ما سيحدث معك بالتأكيد.
مثلاً.. أراد لويس أن يتحدث العربية الفصحى ثم انتقل منها الى الحديث بالعامية المصرية، ستراه في محادثته في مؤتمر TED يأتي بالنموذج أنه أستطاع التواصل مع بدوي من صحاري “سيوة”، أي في مناطق لربما يظن بعض المصريين أنفسهم أنهم سيواجهون مشكلة في التواصل هناك، لكنك سترى أن التواصل كان جيداً و على مستوى جيد من التفاهم.
لربما تبتغ وظيفة، لربما تريدها لدراستك، لربما تريد التباهي فقط، و لذا كن متأكد أنه على قدر حاجتك من تعلم اللغة سيكون مستواك. و لذا سيطرح عليك “لويس” رأياً أخيراً..
لما لا تتعلم اللغة لأنك شغوف بها، و شغوف بالتحدث الى أهلها بلسانهم. حينها ستصل بقدراتك في التعلم و طموحك الى أعلى مستوى، و لربما أستطعت ان تخوض تحديك المقبل في وضع أقدامك بثبات على تعلم لغة ما في ثلاثة أشهر.
وأخيراً.. فإن العائق اللغوي أخر كثيراً من تواصل البشر و تناقل العلوم، ، فلتساعد معنا بتحطيم هذا العائق لنفسك و لمن حولك.
فيديو لويس في تيد ( يمكنك اختيار الترجمة العربية)
تخيل موقفك وأنت تنوي التقدم للعمل خارج البلاد، وكان ذلك العمل لا مثيل له إلا في الأحلام. لكن هناك مشكلة واحدة فقط تواجهك، وهي أنه ينبغي عليك أن تكون ماهراً في لغة لا تجيدها، والوقت ليس في صالحك.
لعل الأمر يبدو كمهمة مستحيلة، إلا أن خبراء اللغة يعتقدون أن بإمكاننا تعلم مهارات التواصل الأولية باللغة الأجنبية خلال أسابيع فقط، وإجادة الجوانب الأساسية لتلك اللغة خلال عدة أشهر.
ومع أننا لن نصل بسرعة إلى مستوى الطلاقة التي تتيح لنا فهم الأعمال الأدبية التقليدية المكتوبة بتلك اللغة الأجنبية، سنتمكن من فهم العبارات والمصطلحات الفنية التي تتعلق بما نحتاجه، سواء كان ذلك عملاً في السلك الدبلوماسي، أو في شركة متعددة الجنسيات لصناعة الرقائق الإلكترونية.
بالنسبة لمعظم الناس، لن يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن يكونوا في طريقهم لمناقشة آخر الأخبار مع شخص ينطق بلغته الأصلية في روما مثلا، أو مشاركة زملائهم الفرنسيين في باريس في نقاش أثناء فترة راحة قصيرة عن العمل.
البداية
أحياناً، سيجبرك السفر حول العالم بغرض العمل على أن تستنبط طرقاً لإتقان التحدث بعدة لغات. المهندس “بيني لويس” واحدا من عشاق السفر، وله تجربة مفيدة. تعلم لويس ما يكفيه للتحدث بسبع لغات– من بينها الإسبانية والفرنسية والألمانية- لكي يمارس مهام عمله بسهولة. كما أنه بلغ مرحلة قريبة من الطلاقة في عدة لغات أخرى، مثل اللغة الصينية الشمالية، التي تعرف باسم “الماندرين”.
يعتقد غايسلر أن إحاطة نفسك بشكل كلي بلغة ما، هو مفتاح الحل لإتقان تلك اللغة الأجنبية بسرعة.
وقد استغرق تعلمه الإسبانية، وكانت اللغة الأولى التي تعلمها بعد لغته الأم، أكثر من سنة. إلا أن تعلم اللغات اللاحقة، وحتى تعلم مباديء المحادثة بلغة “الماندرين”، كان أسرع من ذلك.
السرّ الذي يتّبعه لويس هو أنه عندما يريد أن يتعلم لغة ما، يقوم في البداية بجمع عبارات ونصوص يختارها لنفسه كي يستطيع الرد على استفسارات بسيطة تصدر عن الغرباء الذين يلتقيهم. حتى أنه استطاع خلال فترة تعلمه للغات جديدة، أن يعمل كمترجم لمصطلحات فنية في مجال الهندسة.
وقد أثبت فكرة تدوين العبارات في كراسات، وفكرة التعلم من خلال البرامج التعليمية عبر الإنترنت فاعلية في المراحل الأولى، بحسب قول الخبراء. فتلك الكراسات والبرامج تزودك بالمفردات اللازمة، وبالثقة بالنفس للدخول في نقاشات مبسطة مع متحدثين بتلك اللغة الأجنبية، وهي خطوات أولى حاسمة في تعلم أية لغة.
يقول لويس: “أكبر حاجز في البداية هو إنعدام الثقة بالنفس. تحسنتُ، من هذه الناحية، شيئاً فشيئاً كلما تحدثت بها أكثر”.
في الواقع، وحسبما يقول خبراء اللغة، يكفي أن تمتلك الشجاعة لكي تتحدث. ذلك أمر ضروري إذا كنت تريد أن تحسّن أداءك في أية لغة أجنبية.
يقول “مايكل غايسلر”، نائب رئيس قسم اللغات بكلية “ميدلبري” في مدينة “فيرمونت” بالولايات المتحدة الأمريكية: “لا يحقق الكثيرون أي تقدم إذا لم ينطقوا الكلمات.” ويضيف: “إن لم ترغب في وضع شخصيتك على المحك، سيكون تقدمك أبطأ”.
يعني هذا عدم الخوف من المجازفة أو ارتكاب الأخطاء. يقول لويس إنه عندما بدأ تعلم اللغة الإسبانية، كان يتكلم مثل “طرزان”، تلك الشخصية الخيالية الآتية من الأدغال.
ويضيف لويس: “كنت أقول مثلاً ’أنا يريد ذهاباً للمحل‘. إلا أنني لم أصل إلى المراحل المتقدمة إلا باتخاذ أولى خطواتي كمبتدىء. جاءتني لحظة ’الإلهام‘– بعد أسبوعين من تعلّمي اللغة الإسبانية- عندما انكسرت فرشاة أسناني واستطعت أن أسأل عن بديل لها في متجر للتسوق. أينما حللتَ، فسيكون الناس صبورين معك”.
اغمر نفسك فيها
عد معنا بتحطيم هذا العائق لنفسك و لمن حولك.
عتقد غايسلر أن إحاطة نفسك بشكل كلي بلغة ما، هو مفتاح الحل لإتقان تلك اللغة الأجنبية بسرعة. كلما أحطت نفسك أكثر بتلك اللغة– عن طريق القراءة والاستماع إلى المذياع أو التكلم مع الناس مثلا- كانت سرعة تقدمك في تعلمها أكبر.
يُفرض على طلبة “كلية ميدلبري” أن ينجزوا أنشطتهم المطلوبة منهم خارج الصف، مثل ممارسة أنواع الرياضة والتمثيل المسرحي، باللغة الأجنبية التي يتعلمونها.
وتدير كلية “ميدلبري”، بالإضافة إلى برامج الدراسات العليا، دورات في 10 لغات، بما فيها الفرنسية والألمانية والصينية والعبرية.
ويجري تشجيع مثل هذا الانغماس في اللغة في معهد الخدمة الخارجية بواشنطن العاصمة، علماً بأن هذا المعهد يدرب الدبلوماسيين الأمريكيين وموظفي الشؤون الخارجية الأمريكية على تعلم اللغات الأجنبية.
وللمعهد خبرة تدريسية في أكثر من 70 لغة أجنبية من خلال دورات تستمر لفترات تصل إلى 44 أسبوعاً. الهدف من هذه الدورات هو نقل الطلبة إلى “المرحلة الثالثة” في كل لغة يدرسونها –يعني هذا أساساً أنه سيكون باستطاعتهم قراءة وفهم مجلة بمستوى مجلة “تايم” الأمريكية والدخول في مناقشات معمقة.
يمكن الوصول إلى مستوى يتيح إتقان محادثة بسيطة في وقت أقل بكثير، يستغرق عدة أسابيع فقط، وذلك استناداً إلى الخبراء، وخاصة إذا ما استطعت التكلم بهذه اللغة بشكل منتظم.
يقول “جيمس نورث”، مساعد المدير لشؤون التوجيه في معهد الخدمة الخارجية، إن المعهد يشجع الطلبة على التعرف على أشخاص من الناطقين باللغة الأصلية التي يرغبون في تعلمها.
يقول نورث: “عليك إقحام الفؤاد أيضاً، وليس العقل فقط.” على سبيل المثال، يمكنك القيام بعمل تطوعي أو مشاركة المنظمات الاجتماعية المحلية في المطاعم ونشاطات الحي والمنطقة.
عصر الإنترنت
على نطاق أوسع، يغلب في المدن الكبيرة وجود مجموعات تلتقي دورياً، ربما عدة مرات أسبوعياً، وتهدف هذه اللقاءات إلى تقوية لغة المشاركين فيها عن طريق ممارستها.
مصدر الصورةTHINKSTOCK
Image caption
يشجع الطلبة على التعرف على أشخاص من الناطقين باللغة الأصلية التي يرغبون في تعلمها.
كما توجد بدائل لهذه المجموعات عبر شبكة الإنترنت. ويوصي “لويس” بالاستفادة من موقع (italki.com)؛ وهو موقع للتواصل الاجتماعي اللغوي يقوم بجمع الناطقين بلغة أصلية ما، وجمع المدرسين بالطلبة. كما توجد مواقع أخرى مثل موقعي (lang-8.com) و (voxswap.com).
عن طريق التحدث المنتظم مع خبراء لغويين أو ناطقين باللغة الأصلية، سيكون هناك مَن يتحقق من التقدم الذي تحرزه، ويقوم بتصحيح مسارك أيضاً.
يقول نورث: “الممارسة تقود إلى الإتقان، إلا أن ممارستك للغة بدون تعليق وتصحيح من أحد ستقودك فقط إلى إتقان ما تمارسه أنت. لن يكون لدى المتعلم الساذج أي منظور ليتحقق من صحة ما يمارسه. فمن الأمور الحيوية حقاً أن تجد شخصا يخبرك بما إذا كنت تسير في الطريق الصحيح”.
كما يتحتم عليك أن تسأل الأشخاص الذين تحادثهم باللغة الأجنبية عن رأيهم فيما تقول، وتتأكد منهم أن كلامك سليم، وعليهم أن يصححوا لك طريقة نطقك للكلمات وقواعد اللغة أيضا.
عليك أن تعي أيضا أن الخبراء ينصحون بعدم الاهتمام كثيراً بالقواعد في المراحل الأولى من تعلم اللغة الأجنبية.
استخدم اللغة أولاً، وركّز على قواعدها لاحقاً، حسبما يقول لويس أيضا. عندما تكون مستعداً لتطبيق قواعد اللغة، فإنه يوصي باستخدام مواد صوتية موجودة بالفعل على بعض مواقع الانترنت، مثل (radiolingua.com) أو (languagepod101.com).
يفيد الاستماع إلى هذه المواد المسجلة في تعلم قواعد اللغة بشكل خاص، وفي تحليل المعاني والتراكيب اللغوية أيضا.
ويضيف لويس: “عند تلك المرحلة، ستكون قد تعلمت العديد من الموضوعات. سترى عندها قاعدة ما، وتقول، ’آه، لهذا السبب يقولون ذلك على هذا النحو”.
عندما تتعلم لغة ما، تأكد من قراءتك واستماعك إلى الكثير من وسائل الإعلام الناطقة بتلك اللغة. وإذا كنت في البداية، اقرأ كتب الأطفال المصوّرة، أو شاهد أفلاماً مألوفة، ولكن باللغة الأجنبية، فذلك ما ينصح به الخبراء.
وإذا كانت لديك أهداف محددة تريد تحقيقها، مثل التحدث مع شريك حياتك، أو استخدام اللغة الأجنبية لغرض العمل، فقد يكون ذلك كل ما تحتاجه من حوافز كي تبدأ في إتقان تجاذب أطراف الحديث مع الآخرين.
ولكن كن حذرا من الطموحات المبالغ فيها. فإذا قلتَ أنك تريد أن تصبح طلق اللسان خلال شهرين فقط، فمن المحتمل أن تصاب بخيبة أمل. أما إذا كان الهدف هو الوصول إلى مستوى معين من الكفاءة في المحادثة، وخاصة من أجل إنجاز مهمة تتعلق بمجال العمل، فإن ذلك معقول تماماً.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.