أزاميل/ متابعة الصحف: كتب الإعلامي السعوي عبد الرحمن الراشد، الجمعة، في صحيفته الشرق الأوسط مقالا كاد ان يهنئ فيه اليمنيين على قيام السعودية بضربهم!، مؤكدا أن السعودية قالت هذه نهاية الحياد السلبي ونهاية السكوت عن إيران.
لا نريد هنا ان نعترض هنا على “منطق” الراشد، ومرجعيته السعودية، فهذا شأنه، ولكن كان من المفترض، باعتباره كاتبا “ليبرياليا”، ان لا ينظر بعين واحدة، ويشير إلى تدخل إيران في اليمن، بل إلى تدخل الدولة المفضلة لديه السعودية أيضا، فهو يعرف جيدا ان كل ما يجري في اليمن وغيرها عبارة عن حروب بالوكالة بين هذين الخصمين القديمين، وكل ما يجري هنا أو هناك، هو نتيجة للمخططات والمؤامرات التي يواصلان حياكتها بدماء الناس ومصالحهم، ودون آثار تتبقى خلف خطواتهما، أينما حلا، سوى مشاهد الخراب والدمار.
وادناه نص المقال:
التدخل في اليمن منع الكارثة
كنت كتبت مقالا لليوم، أجزم فيه بأن اليمن مآله التفتيت وحرب أهلية لسنوات، لكن لحسن حظي، وحظ اليمنيين، شن التحالف هجومه بقيادة السعودية أول البارحة، وفاجأنا جميعا.
الآن يوجد أمل كبير أن يقبل الجميع بحل سلمي، بما فيهم العصاة من حوثيين وجماعة الرئيس المعزول علي صالح. فقد وصل المتمردون إلى استنتاج سيئ جدا، أنه صار بالإمكان فرض واقع جديد، يحكمون من خلاله اليمن ضاربين بعرض الحائط الاتفاقيات والعهود التي وقعوها.
وضعوا الرئيس ورئيس الوزراء وبقية أفراد الحكومة الشرعية تحت الإقامة الجبرية، وبعد إفلات الرئيس والبعض منهم، إلى عدن، قرروا مطاردتهم إلى آخر اليمن وقتلهم.
كانت تلك آخر الكيلومترات من العاصمة المؤقتة، تحدد مصير النظام اليمني وشرعيته. وبلغ اليأس من اليمنيين درجة تأكدوا أنها نهاية اليمن، حتى شنت أسراب القوات الجوية هجماتها، عاد الأمل بقيام يمن يشارك فيه الجميع، لأن التحالف موافق على إشراك الجميع في إدارة الدولة ضمن ترتيب أشرفت عليه الأمم المتحدة.
كانت أمامنا خريطة تتمزق لليمن، بلا عاصمة ولا حكومة موحدتين، تعيث في أرجاء البلاد مجاميع مسلحة: حوثيون إيرانيون، «قاعدة»، إرهابيون، متمردون من مسلحي المعزول علي صالح، قوى جنوبية انفصالية، مقاتلو قبائل هنا وهناك.
ووسط هذه الفوضى سعى الحوثيون، بشكل خاص، للهيمنة على أكبر قدر ممكن من الأراضي وفرض الأمر الواقع، بأنهم القوة الأكثر تماسكا وزحفا.
وكان توجه ميليشياتهم إلى الممر البحري الاستراتيجي، باب المندب، ومحاولة السيطرة عليه سيعني حرمان السعودية من مرور بترولها وبقية دول الخليج.
وقبل التدخل السعودي – الإقليمي كان اليمن يسير إلى الأسوأ، إلى حرب أهلية عميقة بين القوى المختلفة، وطويلة الزمن.
بالفوضى المرعبة، كان الحوثيون ينوون إدارة اليمن. بسلسلة حروب مفتوحة، تكون لهم فيها اليد العليا.
الفوضى سياسة مفيدة لأنهم في ظل عدم وجود موارد كافية لإدارة البلاد، حتى لو سيطروا على قطاع النفط.
ومن خلال تجربتهم السابقة في الشمال، لا يكلف الحوثيون أنفسهم إلا بالسيطرة العسكرية، لم يعالجوا حاجات المناطق التي استولوا عليها، على اعتبار أن السكان بين فلاحين وموظفي حكومة، كانت العاصمة صنعاء مسؤولة عن دفع مرتباتهم.
والوضع في مناطقهم وخارجها بالفعل يعيش مأساة إنسانية خارج متابعة الإعلام. وقد سبق أن أصدرت الأمم المتحدة عدة تحذيرات من خطر المجاعة في كثير من المناطق اليمنية، مع تناقص موارد السكان، وتعطل الحكومة.
التدخل السعودي أوقف زحف الحوثيين وحلفائهم شرقا وجنوبا، وصارت هناك فرصة جديدة لليمن. وما لم تستفد دول المنطقة، والمجتمع الدولي، من التدخل ووقف الانهيار، فإنه لن يكون سهلا منع الفوضى التي ستجعل اليمن الدولة الرابعة حيث تشتعل الحروب وتنتعش فيها الجماعات المتطرفة، بعد سوريا وليبيا والصومال.
والذي يجعل اليمن مختلفا عن الثلاث، أن المجتمع الدولي متفق على نظامه السياسي. وما يحدث الآن هو تحطيم للنظام الذي رعته الأمم المتحدة ودول المنطقة، والذي بني بشكل مرن حتى يستوعب جميع القوى السياسية، بما فيها الحوثيون والمؤتمر الشعبي والقوى الجنوبية.
والحرب التي شنها المتمردون كان هدفها تخريب النظام وفرض واقع آخر. لكن هذه المرة، السعودية قالت هذه نهاية الحياد السلبي ونهاية السكوت عن إيران، وحان الوقت لتعزيز حكومة مركزية ودولة يمن جديد.