أغرب ما يمكنك أن تسمعه.. الإعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد يحذر بلاده من سقوط النظام في إيران وهذه هي أسبابه
حذر الإعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد، من أبعاد “خطيرة” لسقوط النظام في طهران”، قال إنها ستتجاوز إيران إلى كل المنطقة، مؤكداً في الوقت ذاته على أهمية هذا الحراك الشعبي المشتعل منذ 6 أيام.
الراشد في مقال بصحيفة الشرق الأوسط حمل عنوان تساؤلي “هل الأفضل لنا سقوط نظام إيران؟”، اعتبر أن الوضع المثالي لنتائج التظاهرات هو ألا ينهار النظام تماماً، بل أن يغيّر من سياساته الخارجية، ويتوقف عن مشروعه العدواني على حد وصفه، مؤكداً في الوقت ذاته على صعوبة انهيار نظام الخميني، بسبب قوة هياكله وأجهزته الأمنية.
وتستمر الاحتجاجات المناهضة للحكومة لليوم السادس على التوالي، مخلفة عشرات القتلى والجرحى، في أكبر موجة اضطرابات تشهدها البلاد منذ عام 2009.
هذا التصور الغريب بعض الشيء من كاتب سعودي، برَّره الراشد بأن المنطقة الآن تعاني من حالة تدمير لا تحتمل فوضى جديدة، وحروب أهلية إضافية، ولاجئين بالملايين.
الكاتب لم يُقلل من أهمية هذا الحراك الشعبي، فقد يكون عاملاً على التغيير الجزئي أو الكلي لاحقاً من وجهة نظره، كما أنها ستكون موجعة للنظام الحاكم، وتهز من ثقة غالبية الإيرانيين فيه.
إلى أين يتجه الحراك؟
ووضع الراشد عدة احتمالات لهذا الحراك: أولها أن ينجح الأمن في قمع المظاهرات، كما فعل قبل 8 سنوات، ولم يتوان عن قتل المتظاهرين العزل أمام كاميرات الهواتف. والثاني أن يعمد إلى بعض التضحيات لاستيعاب أزمة مع القمع في الشوارع المنتفضة ضده، كأن تتم إقالة الرئيس روحاني وحكومته.
أما الاحتمال الثالث من وجهة نظر الكاتب فهي أن تكبر المظاهرات حجماً وعنفاً، وتستفيد من الأزمة القوى الداخلية المتصارعة من داخل النظام نفسه، سواء الحرس الثوري أو خصمه الجيش، للهيمنة على الحكم.
والاحتمال الأخير الذي رأى أنه مستبعد، هو أن ينهار النظام ويصبح الوضع مثل سوريا وليبيا.
وفي حال تمكن النظام من السيطرة على الوضع، قال الراشد إن على الحكومة أن تراجع نفسها وتستمع للمواطنين، أما في الحالتين الثالثة والرابعة، فاستيلاء فريق على الحكم أو انهياره، فإن ذلك ستكون أبعاده خطيرة وتتجاوز إيران إلى كل المنطقة.
الخيار المثالي
ويرى الكاتب أن المشهد المثالي للأزمة هو أن تُجبر الحكومة على تغيير سياساتها، وتوقف عملياتها الخارجية، والتحول إلى الإصلاح الداخلي والتنمية، بدلاً من انهيار النظام الذي سيكون “مشهداً مخيفاً”.
لكن الراشد يرى أن هذه الفرضية لها عيب يكمن في طبيعة النظام الإيراني، لأنه من وجهة نظره ليس مدنياً قادراً على تغيير نفسه، بل ديني أمني، أي “ديني فاشي”، ومن الصعب عليه أن يصحح من فكره وخطه ورؤيته للعالم من حوله.
وأضاف: “إن استطاع استيعاب الأزمة والاستفادة من دروسها فإنه قد ينجو، لكن إن عاند وقرر مواجهة المتظاهرين بالرصاص، وربما بأكباش فداء يضحي بهم لإسكات الغاضبين، فإن ذلك لن يمنع الانفجارات الشعبية لاحقاً”.
تخوّفات الراشد، نقلتها أمس صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها، حذَّرت فيه مما وصفته بـ”الآمال السابقة لأوانها” من خصوم ومنافسي إيران، الذين يراقبون الاضطرابات ويتمنون انهيار النظام، ومحذرة من أن أي إضعافٍ حقيقي أو مُتصوَّر لقبضة الحكومة الإيرانية قد ينبئ بتصعيدٍ خطير للتوتُّرات الإقليمية، وفق ما ذكر التقرير.
وقالت الصحيفة: “على الصقور الأميركية والسعودية والإسرائيلية الجارحة أن تحذر مما تتمنى”.
هل الأفضل لنا سقوط نظام إيران؟
بداية لا يفترض أن يؤخذ هذا التحليل يقيناً بأن نظام آية الله الإيراني يتهاوى وأنه ساقط لا محالة. الحقيقة أن النظام في طهران قوي في هياكله وأجهزته، ويمثل شريحة متمكنة ليس سهلاً إزاحتها من خلال المظاهرات. لكن أهمية الحراك الشعبي، الذي باغتنا من جديد، كما فاجأنا في عام 2009، أنه عامل مساعد على التغيير الجزئي أو الكلي لاحقاً.
وقبل الحديث عن انعكاساته على منطقتنا نتساءل عن تأثيراته على إيران والنظام فيها والتي تباعاً تؤثر نتائجها علينا. هناك عدة احتمالات أولها أن ينجح الأمن في قمع المظاهرات، كما فعل قبل 8 سنوات ولم يتوان عن قتل المتظاهرين العزل أمام كاميرات الهواتف. والثاني أن يعمد إلى بعض التضحيات لاستيعاب أزمة مع القمع في الشوارع المنتفضة ضده، كأن تتم إقالة الرئيس روحاني وحكومته. والاحتمال الثالث أن تكبر المظاهرات حجماً وعنفاً وتستفيد من الأزمة القوى الداخلية المتصارعة من داخل النظام نفسه، سواء الحرس الثوري أو خصمه الجيش، للهيمنة على الحكم. والاحتمال الرابع، والمستبعد حدوثه، أن ينهار النظام ويصبح الوضع مثل سوريا وليبيا.
في كل الحالات ما حدث ويحدث من اضطرابات معادية لحكم طهران موجعة وتهز ثقة غالبية الإيرانيين والعالم كذلك فيه. وهو مضطر لأن يراجع نفسه حتى لو قضى عليها بنجاح خلال الأيام القليلة القادمة. وكلمة الرئيس روحاني كانت تصب في هذا الاتجاه، أن على الحكومة أن تستمع إلى مواطنيها. أما في الحالتين الثالثة والرابعة، استيلاء فريق على الحكم أو انهياره، فإن ذلك ستكون أبعاده خطيرة وتتجاوز إيران إلى كل المنطقة.
بالنسبة لنا، أعني دول المنطقة، خاصة العربية منها، الوضع المثالي ألا ينهار النظام تماماً بل أن يغير من سياساته الخارجية ويتوقف عن مشروعه العدواني. وقد يبدو غريباً هذا التصور، المبرر له أن المنطقة الآن تعاني من حالة تدمير لا تحتمل فوضى جديدة، وحروب أهلية إضافية، ولاجئين بالملايين. إنما لو أن انتفاضة الشعب الإيراني حققت تغيير السياسة الإيرانية وأوقفت عملياتها الخارجية، وأجبرت النظام على التحول إلى الإصلاح الداخلي والتنمية هذا هو الخيار المثالي مقارنة بالمشهد المخيف فيما لو انهار النظام. العيب في هذه الفرضية أن طبيعة النظام في طهران ليست مدنية قادرة على تغيير نفسها، بل دينية أمنية، أي دينية فاشية. ومن الصعب عليه أن يصحح من فكره وخطه ورؤيته للعالم من حوله. وهذه مسألة أمام قياداته العليا، التي لا بد أنها في حالة انعقاد دائم بسبب التطورات الخطيرة التي تهدد وجوده. إن استطاع استيعاب الأزمة والاستفادة من دروسها فإنه قد ينجو، لكن إن عاند وقرر مواجهة المتظاهرين بالرصاص وربما بأكباش فداء يضحي بهم لإسكات الغاضبين، فإن ذلك لن يمنع الانفجارات الشعبية لاحقاً. قادة الحرس الثوري، ومعها القيادة الدينية العليا، يتملكها غرور واضح بأنها قادرة على نفخ الجمهورية لتكون إمبراطورية إقليمية، تحتل جغرافياً دولاً من المنطقة، وأنها قادرة على مزاحمة القوى الدولية وتهديد مصالحها في الشرق الأوسط، وتسعى لمحاصرة السعودية وتهديد إسرائيل، وخوض عدة حروب في وقت واحد. هذا تفكير المكابرين الذين يتناسون حدود القوة الإيرانية، في بلد يعاني أهله، ويعتبر اقتصاده من أفقر الاقتصادات الإقليمية.
*نقلا عن صحيفة “الشرق الأوسط”.
عبد الرحمن الراشد يكتب: إيران بين تهديدين: الداخل والخارج
عبد الرحمن الراشد
بعد أسبوع عصف بإيران، عبر حسن نصر الله عن خوفه، وخوف التنظيمات الإرهابية على شاكلة حزبه، التي أسستها إيران في المنطقة لتكون قواتها المتقدمة. رمى اللوم فيما أصاب إيران من مظاهرات على الولايات المتحدة والسعودية. لقد وصلت رسالة المنتفضين الإيرانيين على ولاية الفقيه إلى قادة الميليشيات العرب وغيرهم الذين يعيشون على حساب الشعب الإيراني. ولا بد أنها وصلت إلى أتباعهم الذين يدفنون كل يوم مزيداً من قتلاهم في سوريا الذين يموتون بالنيابة عن نظام المرشد الأعلى.
مظاهرات إيران هي إيرانية خالصة لم تكن سعودية ولا أميركية، لا يد لأحد من الخارج فيها. وهذا لا يعني أن دول العالم لن تهب مستقبلاً لنجدة المحتجين ودعمهم إن استمر النظام يهدد دول المنطقة؛ يمول أعداءها ويضرب مدنها بالصواريخ. إيران اليَومَ لم تعد تلك القلعة الحصينة، بل أرض مفتوحة لمن شاء دعم الغاضبين.
ما حدث في إيران كبير جداً، انتفاضات عمت نحو خمسين مدينة في أنحاء البلاد، وسار فيها إيرانيون من كل الفئات، فرس، وأذريون، وكرد، وبلوش، وعرب، وشيعة، وسنة، وحتى رجال دين وفي قم نفسها. أن تشترك كل هذه الفئات في المسيرات يعني أن النظام لم تعد له قواعد شعبية، وهذا أخطر ما أفرزته.
انتفاضة الشعب الإيراني روعت نصر الله، وبقية قيادات الميليشيات الشيعية في العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، وقادة المعارضة الشيعية المتطرفة في البحرين، والكويت، والسعودية، ونيجيريا، وباكستان وغيرها. وهي تهدد وجود الخلايا السرية المنتشرة في أوروبا، وأميركا الجنوبية، وجنوب شرقي آسيا. نظام ولاية الفقيه يمثل الفكر الشيعي المتطرف، وهو ملهم تنظيم داعش السني في طموحه بناء دولة الخلافة المتطرفة. نظام آية الله يدير دولة من دعاة، وميليشيات، وانتحاريين، ومخابرات، وخلايا سرية. في سبيل تمويل عملياته يغسل أموالاً، ويهرب المخدرات. لا يعرف حدوداً لحبه للهيمنة، تمدده مستمر في كل المنطقة.
وكما عمل المجتمع الدولي بشكل جماعي على محاربة «القاعدة» و«داعش»، فإن الكثير من دول العالم صارت ترى خطر إيران لا يهدد دول الشرق الأوسط فحسب بل صار مشكلة دولية. المظاهرات تطور مهم، أضعفت النظام وأصبح محاصرا من الإيرانيين في الداخل ومن قوى إقليمية ودولية في الخارج، والطرفان سيجبرانه على أن يتغير أو أن يسقط. وأول واجباته أن ينهي شبكته الإرهابية في الخارج التي تهدد استقرار العالم وتستنزف أموال الشعب الإيراني. «حزب الله العراق»، و«حزب الله لبنان»، و«أنصار الله» في اليمن، ولواء «الفاطميون» في أفغانستان، وحركتا «النجباء»، و«عصائب الحق» العراقيتان، و«الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين»، و«حزب الله الحجاز» في السعودية، وجماعة الزكزاكي (الحركة الإسلامية) في نيجيريا، و«جيش محمد» في باكستان وغيرها، كلها شبكة هائلة من تنظيمات إرهابية يديرها نظام آية الله في طهران من خلال الحرس الثوري. إيران بعد مظاهرات الخميس الأخير من عام 2017 غير إيران التي عرفناها، معرضة لزلازل محلية أعظم خطراً من تهديدات أميركا.
المصدر: الشرق الأوسط
عبد الرحمن الراشد يكتب: المشهد من مشهد
30/12/2017
مظاهرات طهران عام 2009 كانت مفاجأة غير متوقعة، ليس لأن نظام إيران بلا خصوم في الداخل، بل المفاجأة أن المتظاهرين الذين هددوا النظام هم من صلب النظام. عشرات الآلاف، ولأيام، ولم يتم كبحها إلا بقوة السلاح والقتل.
الآن المظاهرات خرجت من الأطراف؛ من مدن مثل مشهد وانتشرت، تحمل شعارات معادية لآية الله ولسياسات الدولة، وتردد صداها في أنحاء إيران.
قد لا تقتل المظاهرات الشعبية النظام لكنها بالتأكيد تجرحه. آية الله خامنئي مع قياداته العسكرية والسياسية كانوا يعتقدون أن الترويج لانتصاراتهم في العراق، وسوريا، ولبنان سيمنحهم الشعبية ويمد في عمرهم، لكنها صارت حجة عليهم. معظم المظاهرات التي ظهرت في اليومين الماضيين كانت تستنكر التورط في الخارج وتمويلها، وتهرب الحكومة من واجباتها في الداخل.
مع بدايات التورط الإيراني في حرب سوريا، قبل نحو أربع سنوات، حذّر عدد من النواب في البرلمان الجنرال المتحمس للحروب قاسم سليماني من أن الدولة لا تستطيع أن تتحمل تكاليف مغامراته، ولن يقبل الشعب الإيراني أن يعود أبناؤه في أكفان قتلى دفاعاً عن أنظمة اخرى وفي حروب غيرهم. رد سليماني بأن حربه في العراق وسوريا هي دفاع عن أمن إيران وعن وجود النظام.
ولم يكن كلامه كافياً لتبرير الخسائر، ثم عاد سليماني يفاخر بأن الحرب للدفاع عن الجمهورية الاسلامية ونظام ولاية الفقيه لم تعد تكلف إيران الكثير. عمل على تأليف ميليشيات من الفقراء اللاجئين على أرض إيران من أفغان وباكستانيين، ومن داخل العراق، ونحو عشرين ألف لبناني من حزب الله. كان عدد العسكريين الإيرانيين بضعة آلاف قليلة، يقومون بعمليات التدريب والمخابرات والقيادة. وقال مفاخراً بأنه لم يكلف الخزينة الإيرانية كثيراً. كلّف إيران بضعة مليارات وحول معظم الفاتورة على العراق الذي أجبره على تمويل الحرب الإيرانية. دفع العراقيون فواتير الميليشيات المقاتلة، وفوقها التزامات النظام الإيراني السنوية تجاه حزب الله اللبناني، وحماس في غزة. إلا أنه بعد أن انحدرت أسعار البترول امتنع العراق عن دفع معظمها.
إيران دولة من تسعين مليون نسمة تقريباً، تعيش بشكل أساسي من مداخيل النفط، وهي تعاني الآن، مثلها مثل بقية دول المنطقة البترولية. لكن إيران بلد مغلق تماماً، ترزح تحت سلطة تشبه نظامي القدافي وصدام في الماضي، تعتمد على الأجهزة الأمنية، وتقيد استخدامات وسائل الاتصال والتحويلات البنكية، وتفرض غرامات كبيرة على السفر للخارج. لديها شبكة هائلة ومكلفة من الميليشيات والتنظيمات الإرهابية في أنحاء العالم من ماليزيا إلى الأرجنتين.
نعم، إيران دولة متقدمة في الصناعات العسكرية مقارنة بدول المنطقة، لكنها تبقى من الدول الفقيرة. وهي معضلة الأنظمة المشابهة لها، مثل كوبا وكوريا الشمالية. الاتحاد السوفياتي، ويوغوسلافيا، وألمانيا الشرقية، وليبيا، واليمن الجنوبي، وسوريا، وغيرها، أنظمة انهارت لأنها اهتمت بالتفوق الأمني والعسكري دون غيره، وبقيت دولاً فقيرة في كل الجوانب الأخرى. في إيران الحرس الثوري لا يدير الأمن، بل يتحكم في كل صغيرة وكبيرة، وزاد من نفوذه في عهد الرئيس أحمدي نجاد، حيث استولى حتى على المؤسسات الاقتصادية الكبرى بما فيها مصافي البترول.
من الطبيعي أن يأتي اليوم الذي يواجه النظام في طهران غضب الأغلبية التي ساندت وصوله للحكم قبل أربعين عاماً اعتقاداً منها أن حياتها ستتحسن لكنها ساءت.
أستبعد أن يستطيع الشعب الإيراني تحدي آلة النظام القمعية في الوقت الحاضر، لكنه بانتفاضاته المتقطعة يظهر للعالم صورة مختلفة. جمهورية آية الله قد تكون ميليشياتها وصلت إلى دمشق والموصل وبيروت وغزة وصنعاء، لكنها عاجزة عن بسط سيطرتها على مشهد.
المصدر: الشرق الأوسط