أزاميل/ متابعة: الأحد 29 مارس 2015
تُعد العلاقات السعودية – اليمنية واحدة من أعقد العلاقات التي جمعت بين بلدين في المنطقة وربما العالم.
إستعادة تاريخية سريعة تُظهر ان المملكة السعودية ومنذ قيامها حتى وقتنا الحاضر، وضعت اليمن على رأس اولوياتها وسيطرت على ملوك السعودية خشية دائمة من حصول اي تغيير عند حدود مملكتهم الجنوبية يهدد سلطتهم وذلك عملاً على ما يبدو بوصية يقال ان الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود تركها لأبنائه وحذرهم فيها قائلاً “خيركم وشركم من اليمن”..
وصيةٌ إن صحت وعلى الاغلب هي كذلك تفسر جزءاً كبيراً من السلوك العدواني التي دأبت الرياض على اعتماده تجاه جارتها الجنوبية حيث تؤكد المعطيات التاريخية ان حكام السعودية لم يشعروا بالارتياح الا اذا كان اليمن ضعيفاً غير متماسك لذا عمدوا على مدار عشرات السنين الى اللعب على التناقضات القبلية والمناطقية وصولاً الى حد التدخل العسكري ضد هذا البلد.
لماذا اليمن؟
كثيرٌ من الدراسات العربية والغربية تناولت أسباب الخشية السعودية الدائمة من اليمن والحروب التي وقعت بين الطرفين من عشرات السنين حتى العدوان الراهن.
وفي دارسة نُشرت قبل سنوات يقول “غريغوري غوس” أستاذ العلوم السياسية بجامعة فرمونت الأميركية، إن السعودية لها هدفان رئيسيان في اليمن:
- اولاً: منع أي شكل من أشكال الوحدة اليمنية لإنها قد تكون دافعاً لنقض المعاهدة التي تمت عام 1934.
- ثانياً: تحاول السعودية منع أي قوة أجنبية من بناء قواعد تأثير لها في اليمن لإن من شأن ذلك أن يؤثر على الأحداث في اليمن وشبه الجزيرة العربية ككل وتفضل الرياض لو كانت كل الأنظمة في شبه الجزيرة ملكية وأن تكون علاقتها باليمن كعلاقتها بالإمارات الصغيرة على الخليج العربي.
من جانبها تقول سارة فيليبس، محاضرة في مركز دراسات الأمن الدولي في جامعة سيدني إن “العلاقات بين اليمن والسعودية ليست علاقة بين دولتين بالضروة”، وتضيف الكاتبة “فالسعودية لم تكن يوماً حليفاً للحكومة اليمنية بل مع مراكز قوى معينة على حساب السيادة وشرعية المؤسسات، وتؤثر على القرار السياسي في الجمهورية الضعيفة ومساعدة المشايخ على انشاء شبكات محسوبية واسعة خاصة بهم بعيدا عن تأثير الحكومة لعرقلة أي جهد منها لكسب ولاء قبائل أخرى”.
ويقول الكاتب غريغوري غوس “إن حكومة مركزية قوية تعني إنهاء استقلالية القبائل وتمكين الحكومة من تحسين أنظمة الدخل وبالتالي قطع الاعتماد الإقتصادي على السعودية وهو ما لا تريده الرياض رغم أن تصريحاتها توحي بعكس ذلك فبقاء أمر اليمن إقتصادياً معلق بالرياض أضمن وسيلة للأسرة السعودية بعدم نجاح مشروع الجمهورية في الجزيرة العربية المتمثلة في اليمن وإبقائها ضعيفة ومفككة”.
العدوان المستمر.. ولكن
هذه المعطيات التي نشر بعضها قبل سنوات تجيب عن اسئلة الكثيريين حول الاسباب الكامنة وراء العدوان الحالي على اليمن فالحقيقة الراسخة ان العدوان هو تأكيد للمؤكد بأنه الرياض لم ولن تسمح بسلطة قوية في اليمن.
ورغم شراسة العدوان ووحشيته تؤكد العديد من المؤشرات ان التدخل السعودي الحالي مصيره قاتم.
وفي هذا الاطار يقول عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية في الإمارات العربية “تؤكد هذه الحملة أن السعودية قوة ذات ثقل في المنطقة لكنهم خاطروا”.
وفي السياق نفسه يقول مسؤول اميركي رفيع لوكالة رويترز إن “احداث العملية كانت استجابة مذعورة من الرياض في مواجهة وضع سريع التدهور في اليمن وإن التحالف تم تجميعه بسرعة كبيرة ولذلك فإن الشكوك تحيط بفعاليته”.
وتقول رويترز “إذا نجح الحوثيون (انصار الله) في الاستيلاء على عدن في الأيام القادمة على الرغم من الضربات التي تقودها السعودية ومنعوا هادي من العودة إلى البلاد فإن هدفا رئيسياً للتحالف المكون من 10 دول الذي تقوده السعودية سيتم إحباطه سريعاً”.
وتضيف الوكالة “أي نكسة من هذا القبيل ستكون اختباراً حاداً للقوة السياسية للتحالف الذي يبدو بالفعل هشاً بعض الشيء. فقد ناقضت باكستان التصريحات الأولية للسعودية بأنها جزء من التحالف يوم الجمعة قائلة إنها لم تقرر بعد هل ستنضم إلى التحالف أم لا”.
اما روبرت فيسك فيقول في صحيفة الإندبندنت البريطانية ان السعودية قد “ألقت بنفسها في الهاوية، وأن غاراتها الجوية على اليمن تشكل ضربة قاضية للمملكة وللشرق الأوسط على حد سواء”.
ثم يتساءل فيسك “من اتخذ قرار خوض هذه الحرب في أكثر الدول العربية فقراً؟ السعوديون، الذين يشتهر ملكهم في العالم العربي بأنه عاجز عن اتخاذ قرارات تتعلق بالدولة؟ أم أمراء داخل الجيش السعودي قلقون من أن قوات الأمن قد لا تكون موالية للعائلة الحاكمة؟”
ويعتبر سايمون هندرسون في مقالة في مجلة «فورين بوليسي» أنّ الأزمة في اليمن ستحدّد مستقبل سياسة الملك سلمان الخارجية، فيما يشير مسؤول أميركي إلى أنّ الائتلاف الذي تقوده السعودية تمّ تشكيله سريعاً، ما يجعل فعاليته محلّ شكوك.
ويقول هندرسون أن لا خطة بديلة في حال لم تتمكن السعودية من إعادة هادي إلى القصر الرئاسي، وهو ما يعني فشل الرياض في العملية التي تقودها ضد اليمن.
مؤشرات وتحليلات توصل الى نتيجة منطقية ان الفشل بانتظار العدوان ولو بعد حين، وهو ما بدأنا نتلمسه في المواقف الخليجية حيث تحدث مسؤولون خليجيون لوكالة الصحافة الفرنسية ان العدوان على اليمن قد يستغرق ستة اشهر بعد ما كانت الرهانات تشير الى الانتهاء منه خلال شهر !!
- حسين ملاح – المنار