أزاميل/ متابعة: عن شبكة إرم: تركت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تساؤلات أكثر من الإجابات، تتمثل أغلبها فيما يمكن أن يكون مختفيًا في ستار الغيب لمستقبل مصر الاقتصادي، في ظل كم هائل من التفاؤل مصحوبًا بالوعود التي لا حصر لها، صُنعت أحيانًا أمام كاميرات التليفزيون وأحيانًا أخرى حملتها بيانات رسمية لدوائر حكومية مصرية.
التساؤلات العديدة التي خلّفتها زيارة بوتين تنتقل إلى مخاوف حين يرتبط الأمر بالناحية الاقتصادية، لا سيما في ظل مرحلة صعبة تواجه فيها القاهرة تحديات جمّة بشأن قدرتها على عبور تلك الظروف الحالكة ومواجهة تحديات أمنية كبيرة.
أسعار القمح
أهم تلك التساؤلات أو المخاوف أظهرتها أخبار عقب انتهاء الزيارة، تتعلق بشأن رفض سلطات موسكو رفع الرسوم التي فرضتها على تصدير القمح إلى مصر، بعدما ترددت أنباء إبان الزيارة بأن أهم نتائج مباحثات الوفد المصري بالقاهرة تتمثل في إثناء الحكومة الروسية عن قرارها فرض رسوم على صادرات القمح لمصر، وهو ما يُفاقم تلك المخاوف بشأن بقية التعهدات.
القرار الروسي يُنذر بارتفاع السعر العالمي للقمح بنحو 20%، في الوقت الذي تُعاني فيه مصر أزمة طاحنة تتعلق بتوفير رغيف العيش، مع تراجع المحصول المحلي واعتماد القاهرة على الاستيراد الأجنبي بنسبة كبيرة، وهو ما يضع الحكومة المصريّة حال تمسك الجانب الروسي بقراره أمام خيارات كلها صعبة.
السيناريو الأكثر تخوفًا، ذكره السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، قائلاً إن تمسك موسكو بقرارها مع احتمالية نقص المخزون العالمي للقمح سيجعل الحكومة المصرية في موقف لا تُحسد عليه، حيث ستضطر لاستيراد المحصول بالسعر المرتفع أو اللجوء إلى محصول أقل جودة وهو ما يمثل أزمة جديدة في الداخل المصري.
وأشار بيومي في تصريحات لشبكة “إرم” الإخبارية إلى أن الحكومة المصرية مطالبة خلال الفترة المقبلة بالاعتماد على الإنتاج المحلي من المحصول في ظل تفاقم أزمة أوكرانيا وهي ثاني مصدر لاستيراد القمح ، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، (التي تشير التوقعات إلى توتر محتمل للعلاقات مع القاهرة)، فضلاً عن رومانيا وفرنسا.
وتستورد مصر سنويًا ما يتراوح بين 8.5 – 9 ملايين طن بسعر يتراوح بين 250 – 300 دولار للطن، فيما تعمل زيادة الأسعار الأخيرة بسبب فرض الرسوم بقيمة نحو 70 دولارًا. بينما يظل الأمل معقودًا على عدم وصول سعر المحصول إلى ما وصل إليه فى الأزمة الاقتصادية العالمية عامى 2007، 2008، حيث بلغ سعر الطن عالميًا آنذاك إلى 500 دولار.
المشروعات سريعة الربح قليلة الأيدي العاملة
ثاني المخاوف الاقتصادية التي خلّفتها زيارة بوتين للقاهرة، تتمثل في الاهتمام بالمشروعات سريعة الربح قليلة الأيدي العاملة، وهو ما يعني استمرار أزمة البطالة التي عوّلت مصر كثيرًا على تطور العلاقات مع موسكو لإنهائها من خلال المشروعات كثيفة العاملة.
وأشار “بيومي” إلى أن معظم دول العالم تلهث وراء المشروعات سريعة الربح للمستثمر الأجنبي قليلة العائد للبلد المحلي ومنخفضة الأيادي العاملة؛ وهو ما يؤدي إلى بطء التطور الاقتصادي وليس تراجع معدلات النمو، لافتًا إلى أن أغلب الدول الساعية للتطور الاقتصادي ومواكبة الاقتصادات العاليمة تهتم بالإنتاج وتشغيل الأيدي العاملة بينما تهتم الدول النامية بمشروعات البنية التحتية والمشروعات قليلة الأيدي العاملة.
التوازن بين مشروعات الحاضر والمستقبل
وأضاف بيومي أن التخوف الآخر من التقارب المصري الروسي يتعلق في احتمالية تركيز الحكومة المصرية على المشروعات التي تحقق نتائج إيجابية على المدى البعيد على حساب مشروعات الحاضر سريعة النتائج أو العكس، مشددًا على ضرورة أن توازن الحكومة بين النوعين السابقين من المشروعات.
وأشار إلى ضرورة أن يشعر المواطن بتحسن اقتصادي على المدى القريب عبر المشروعات التي تحقق عائدًا على المدى القريب، كما يأمل في نقلة اقتصادية نوعية على المدى البعيد المتمثلة في المشروعات القومية الكبرى التي تخطط الحكومة المصرية للانتهاء منها قريبًا.
من جانبه، أشار الدكتور جودة عبدالخالق وزير التموين السابق، إلى أن زيارة بوتين إلى القاهرة فتحت آفاقًا جديدة للإدارة المصرية التي لم تكتفِ بالعلاقات مع الشمال والشمالي الغربي، وبدأت تتوسع لفتح علاقات مع كافة دول العالم وعلى رأسها روسيا وأفريقيا.
وأشار عبدالخالق في تصريحات لشبكة “إرم” الإخبارية إلى أن الرؤية المصرية السابقة ستظل رهينة الأفكار لحين تحقيق نتائج إيجابية على الأرض يشعر بها المواطن المصري الفقير، مشيرًا إلى أن كافة دول العالم تريد تطوير علاقاتها مع مصر الرائدة في الشرق الأوسط، لكنّ الأمر لابد أن يدخل في إطار تبادل المنفعة بين الطرفين.
وأضاف أن مصر تواجه أزمات اقتصادية كبيرة ومخاوف عدة، من ضمنها استيراد القمح، وهو ما علقته على زيارة الوفد الروسي الأخيرة لمصر، وحال عدم تحقيق نتائج إيجابية فإن النتائج العكسية ستكون هي البديل في ظل النظرة العالمية لخارطة التحالفات الجديدة.