ازاميل/ متابعة: لا يدرك المرء حجم مأساة العراق والاقليات فيه، الا حين يستمع الى الشهادات الحيّة عن معاناتهم والقهر الذي يُصيبهم في تلك البلاد المنكوبة.
واذا كان الارهاب والقتل الذي ينزله إرهابيو “داعش” بالأقليات معروفاً لجهة الفتك بكل من خالفهم الدين والموقف، إلا ان ما يثير الغضب هو الأخبار التي تروى عن لا مبالاة السلطات العراقية بمصير الأقليات الإيزيدية والمسيحية في مواجهة “داعش” وأخواتها وشركائها الكثر من البعثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة.
أكثر الروايات إثارة، هي تلك التي يرويها عدد من المتطوّعين الاوروبيّين والاميركيّين من الشباب الملتزم مسيحياً، والذين توجّهوا الى العراق تلبية لما يقولون إنه نداء الواجب للدفاع عن الجماعات المسيحية في شمال العراق وسهل نينوى في مواجهة مسلّحي “داعش” إبّان هجومهم الواسع على وسط العراق وشماله الصيف الفائت.
لكن المفاجأة التي صدمت المتطوّعين كانت، على ما يقولون، “أن السلطات العراقية لا تكترث كثيراً لمصير المسيحيين والإيزيديين من أبناء شعبها وهي تتركهم لمصيرهم المحتوم في مواجهة مسلحي “داعش” الذين لا يوفّرون مناسبة أو فرصة لأظهار بطشهم وقوّتهم وممارسة أساليب الحرب النفسية على ضحاياهم من خلال قطع الرؤوس وإرسال الانتحاريين لإثارة الرعب في قلوب أخصامهم.
وقد توجّه المتطوّعون المسيحيون القادمين من أوروبا وأميركا الى الجبهات في شمال العراق، وفي نيتهم الانتشار على خطوط الجبهة في مواجهة “داعش”، وهناك فوجئوا بحجم التسليح الذي يحظى به مقاتلو التنظيم كمًّا ونوعًا، سواء لجهة امتلاكهم دبابات أبرامز الاميركية الصنع، والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ أم لجهة التقنيات الحديثة للقتال مثل وسائل الاتصال وادارة العمليات، وذلك في مقابل الرشاشات الخفيفة وبضع قاذفات مضادة للدروع ومدافع مضادة للطائرات لدى “البيشمركة” والجماعات المسلّحة المتحالفة معهم مثل الإيزيديين والمسيحيين.
ويروي المتطوعون “أن المقاتلين الاكراد والمسيحيين جدّيون لكنهم يحتاجون الى مزيد من الدعم، في حين أن قصف طائرات التحالف لا يؤدّي الى النتائج المطلوبة في كثير من الاحيان، وان القصف الجوي يستهدف اماكن عشوائية في حين ان الجميع يعتمدون على هذه الضربات لكسر شوكة الارهابيين المدجّجين بالسلاح والمعبّئين للقتال نفسياً وعقائدياً(…)”.
أما عن أحوال المسيحيين ومن تبقى منهم في شمال العراق فيروي المتطوعون أن اعدادهم بالمئات، لكن لا سلاح ولا ذخيرة لديهم بما يتناسب وحجم المعركة ولا دول تساعدهم وتهتمّ لأمرهم سوى عدد من الجمعيات والتنظيمات المسيحية الاميركية والغربية. في حين أن هؤلاء المقاتلين المسيحيين والازيديين عالقون بين قوات “البيشمركة” الكردية اللامبالية بمصيرهم، والحكومة العراقية الغارقة في مشاكلها الكثيرة وكيفية إعادة سيطرتها على مناطق وسط العراق بدءًا من تكريت الى الموصل والمناطق الاخرى.
وفي روايات المتطوعين، أن استعادة مدينة الموصل وسهل نينوى من “داعش” سوف تكلّف الكثير من الدماء والخسائر وبكلفة مادية باهظة قد لا يستطيع تحالف الاكراد وسلطات بغداد الاقدام عليها الا بعد حسابات دقيقة وبالتعاون مع السكان المحليين السنّة في وسط العراق. ويروي المتطوعون العائدون من العراق، أن غالبية قيادات “داعش” المقاتلة على الارض في تلك المناطق هم من ضباط الجيش العراقي السابق اللذين يعرفون مناطقهم جيداً، والذين يحسنون القتال في تلك المناطق الصحرواية الشاسعة ويعرفون الوقت المناسب للانسحاب والمبادرة الى القتال، وهذا ما يزيد من صعوبة المعركة مع “داعش” ويطيل مدّتها الى أوقات غير محددة، والمسألة في رأي المتطوعين تحتاج الى الصبر وانتظار تهيئة الظروف المناسبة للانتصار على الارهابيين.
وكان 600 متطوع من قوات حرس سهل نينوى قد انهوا تدريباتهم في معسكر بمنطقة فيشخابور الحدوية بين إقليم كردستان العراق وسوريا، وستناط إليهم مهمة مساعدة قوات البيشمركة في تحرير مناطقهم بسهل نينوى ثم حمايتها.
المصدر: “النهار” بيار عطاالله 8 نيسان 2015
ستبقى راية الاسلام دوما يحمونها فوارس لاتخاف المنايا وقد شهدت لهم ساحات الوغى