باحث لا ديني “حامد عبد الصمد” يؤكد: الفاشية الإسلامية مشابهة للنازية والفاشية!

صدر كتاب يتضمن انتقادات لاذعة للإسلام السياسي بعنوان “الفاشية الإسلامية” للألماني من أصل مصري حامد عبد الصمد عن دار “غراسيه” الفرنسية للنشر، بعد ستة أشهر من تخلي الناشر الأصلي عن ذلك.

Advertisements
Advertisements

ويرسم الكتاب، الاكثر مبيعا في ألمانيا حيث نشر عام 2014، خطا متوازيا بين الأيديولوجية الفاشية والإسلام، من خلال العودة إلى أصول القرآن.

ويرى عبد الصمد ان “الأيديولوجية الفاشية لم يتم ادخالها إلى الإسلام مع الصعود القوي للإخوان المسلمين، لكنها متجذرة في الأصول التاريخية للإسلام ذاته”.

ويضيف ان الإسلام “أنهى التنوع الديني في شبه الجزيرة العربية، وفرض على معتنقيه طاعة عمياء والا يتسامحوا مع أي اختلاف في الرأي وان يطمحوا الى السيطرة على العالم”.

واكد عبد الصمد ان “مشكلة الإسلام لا تكمن في منتقديه، وانما في ذاته ونصوصه ورؤيته للعالم”.

Advertisements

ولد الكاتب، وهو ابن رجل دين، عام 1972 في الجيزة قرب القاهرة. وأصبح احدى أبرز الشخصيات التي لا يمكن تخطيها في انتقاد الإسلام في ألمانيا. ويعيش تحت حماية الشرطة إثر تهديدات بقتله.

كان من المتوقع صدور الكتاب بالفرنسية في خريف 2016 عن دار “بيرانا” للنشر التي حصلت على هذه الحقوق عام 2014. لكن مديرها، جان-مارك لوبيه، قرر التخلي عن نشره لأسباب تتعلق بالأمن معتبرا أن الفرضية التي يسوقها المؤلف يمكن أن تصب في صالح اليمين المتطرف.

ويذكر عبد الصمد ما حدث في الفصل الأخير من كتابه مؤكدا شعوره “بخيبة الأمل والغضب” ومعربا عن أسفه وخصوصا أن دار بيرانا اختارت “الرضوخ لتكتيكات التخويف التي ينتهجها الإسلاميون”.

Advertisements

ورأى ان “الاصدقاء الغربيين للإسلام الذين يضمنون ل(النبي) محمد وضعا خاصا للحفاظ على السلام داخل حدودهم لا يقدمون بذلك خدمة للمسلمين”.

وتابع المؤلف “أولئك الذين يحترمون المسلمين ويأخذونهم على محمل الجد يحق لهم أن يتوقعوا منهم ردا على الانتقادات والسخرية بالطريقة نفسها التي ينتهجها أتباع الديانات الأخرى”.

Advertisements

وقال “أنا كاتب ينتقد بشدة الإسلام لكنني لم اهاجم المسلمين مطلقا”.

يذكر ان الكتاب صدر بالإنكليزية في كانون الثاني/يناير 2016.

وفي قراءة لايلاف عام 2014 جاء: 

 

في تعامله مع موضوعة الإسلام السياسي يتجه الباحث الألماني(المصري الأصل) حامد عبد الصمد في كتابه ( الفاشية الإسلامية) الصادر حديثا باللغة الألمانية، إلى النقد والتحليل المعتمد على الصراحة والوضوح حد الصدمة. لا يتردد في انتهاك حرمة “المسكوت عنه” في الإسلام، سائرا دون اكتراث في تشريح التاريخ والفقه الإسلاميين، متعمقا نحو المنابع، مشيرا إليها بأصابع الاتهام، قائلا إن فيها أس القضية ومكمن “العطب” المسؤول عن كل “التجليات” المعاصرة. والكتاب، هو الرابع في سلسلة الكتب التي أصدرها الباحث في مواضيع متقاربة هي: مستقبل العالم الإسلامي، التحولات الأخيرة في العالم العربي، والإسلام السياسي أو “الفاشية الإسلامية” كما عنوّن كتابه الأخير، دون مواربة أو رتوش. وقد احتلت كل تلك الكتب حيّزا متميزا في الساحة الثقافية الألمانية، وكانت من بين أكثر الإصدارات مبيعا، وكذلك، في رأي الكثيرين، أكثرها جديّة وجرأة في بحث وتحليل مشاكل ومعضلات العالم الإسلامي، سيما والباحث كان يلجأ دائما إلى الخوض في انعكاسات هذه المشاكل على المجتمعات الغربية الأوروبية عامة، والمجتمع الألماني على وجه الخصوص.

فتوى القتل التي تحولت لهجمة مرتدة قوية:
فكرة الكتاب جاءت إثر فتوى بالقتل أصدرها بحق الكاتب بعض رموز السلفية المصرية، بعيد إلقاءه محاضرة في القاهرة في 4 يونيو 2013، حول “الفاشية الدينية في مصر”. وكان حامد عبد الصمد، في الفترة الأخيرة، يطوّر من آرائه حول ظاهرة الإسلام السياسي، ويغوص في الجذور والحوادث التاريخية، مقارنا ومحللا، ضمن مشروع فكري خاص به، بدأت ملامحه تتشكل بوضوح. ويبدو أن الباحث لم ينتبه للتغيير الذي حدث في مصر، ووقع ـ في غمرة التحليل والرصد وربما الانتشاء بانهيار منظومة حسني مبارك ـ في “المحظور” الذي رفع الإسلاميون( سلفيين وإخوان) من سقفه كثيرا بعيد التحولات الأخيرة، ووثوبهم على الحكم في مصر أم الدنيا. فالفتوى التي طالبت علنا بقتل حامد عبد الصمد، أطلقها أبو اسحق الحويني، وهو أحد رموز السلفية في مصر، ولديه أنصار بين شبكات السلفية الجهادية في الغرب، وفي ألمانيا كذلك. ورغم ان الهدف كان ردع وترهيب الباحث لثنيه عن الموضوع، لكن العكس هو ما حصل. فقد عاد عبد الصمد إلى ألمانيا، وبدأ بالبحث في الفكرة التي خاض فيها بشكل عام في محاضرة القاهرة العابرة، ليخرج بكتاب/بحث أوسع حول الظاهرة. أراد حامد عبد الصمد التوسع في الموضوع، حيث إن “معظم الكتب في مجال الإسلام السياسي والأصولية لم تكن جريئة في تشخيص الحالة، ولم تشر إلى جذور المشكلة، لذلك كان لا بد من البحث والنشر”، كما قال في برنامج حواري معه بٌث على إحدى المحطات الألمانية.
ورغم ورود بعض الآراء بأن المؤلف أراد استغلال فتوى القتل من أجل تحقيق المزيد من الشهرة والحضور، عبر نشر كتاب “مستقل” مطوّرا القضية ومتشعبا فيها، إلا أن القارئ المحايد للكتاب، من الذي تابع مؤلفات عبد الصمد السابقة وتمعّن فيها، سيكتشف بأن الكتاب الجديد هو بحث جديد منفصل ورصين، بل يٌعتبر ـ من وجهة نظر كاتب هذه الأسطرـ أهم بحث علمي وفكري حققه عبد الصمد في مشروعه حول الإسلام السياسي، بخلاف بقية المؤلفات، ومنها الكتاب الأول( وداعا أيتها السماء) السيرة الذاتية للباحث، والتي تضمنت التحولات الوجدانية والفكرية التي عاشها منذ مجيئه إلى المانيا، وقراره ترك عالم الدين الغيبي و”اعتناقه العلم” كما قال، حيث الجرأة الكبيرة في فضح المجتمع وتناقضاته. ذلك الكتاب الذي أحٌتفي به أيضا في الساحة الثقافية الألمانية، رغم أن مؤلفه شاب لم يكن يبلغ الأربعين، وبدا من المبكر الحديث عن “سيرة ذاتية” و”تجربة حياتية” تخصه، إلا أن التحّول كان “نهائيا” في ترك هذا الشخص المصري، العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، ونجل إمام الجامع والواعظ الإسلامي، للدين وانصرافه للعلم، حيث إنه أراد أن يٌشرك معه الناس في التجارب التي خاضها والتحولات التي مرّ بها. إذن حامد عبد الصمد لم يركب الموجة للشهرة أو “استغلال فتوى القتل” كما أشاع البعض، بل طرح بحثه الذي كانت “خميرته” تختمر في رأسه بهدوء، عندما كان “يسايس” الإسلام السياسي في معقله، ويتحدث عن “الفاشية الدينية”، فجاءت فتوى الحويني تلك لتستفزه، فكان أن رد بكل قوة وعنف، قاطعا “الشجرة من جذورها” على رأي المثل الكردي.
جرأة الوقوف على “رأس النبع” وتتبع تفرعاته:
في الكتاب المقسم إلى 11 فصلا، يقارن الباحث فكرة الإسلام الأصولي بالإيديولوجية الفاشية، لا لكونهما ينبعان من المعين الزمان ـ مكاني نفسه، ولكن من حيث طريقة ونزعة الاختراق والتوسع، ومن حيث تشابه شروط التجنيد والولاء، وبيئة العمل و”الإيمان/النضال”. ويتوقف الباحث على بدايات الدعوة الإسلامية، الشق المديني منها خصوصا، حيث الدعوة وهي تحقق الانتصارات والسطوة والاقتدار بعد الانكسار والاندحار. كيفية تصفية الوجود اليهودي في جزيرة العرب، وهنا ناقش الباحث الحوادث التي وردت حيثياتها في كتب السيّر والأخبار الإسلامية، مشيرا إلى استناد الأفكار والأدبيات الأصولية الحالية على تلك الحوادث و”جرّها” إلى الزمن الحاضر، من أجل انتزاع الشرعية و”المسند الشرعي” لها. حامد عبد الصمد يقول بأن “حراك” الحاضر ما هو إلا “تطبيقات”، يٌجتهد أن تكون حرفية، لمجريات و”سياسة” الزمن الأول: كيفية مواجهته للمختلف والآخر، وشكل السياسة المتبعة مع هذا “الآخر”، والتي أصبحت قواعد واضحة و”مرجعيات” ثابتة للإسلام السياسي بجماعاته المختلفة.
يتمتع حامد عبد الصمد بقدر كبير من الجرأة والوضوح في طرح أفكاره، ونشر ما يختلج في عقله، فهو يتعرض إلى قدسية “النص” و”الدعوة” ويوسمهما بالمعين الأصيل للفكر الأصولي الفاشي النزعة!. ( الفصل الثالث: من إبراهيم إلى سيد قطب: جذور الفاشية في التاريخ الإسلامي). ففي هذا الفصل يخوض الباحث في مدارس الأصولية الإسلامية والآباء الأوائل لها، حيث التركيز على البيئة الاجتماعية والسياسية التي أخرجت كل من ابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب و أبو الأعلى المودودي وسيد قطب. ودائما يكون المعين هو النص القرآني والسيّرة النبوية وتصرفات السلف الصالح…الخ. فبحسب حامد عبد الصمد فإن “الفاشية هي نوع من الدين السياسي، اتباعها يعتقدون انهم يحتكرون الحقيقة المطلقة” ص 19. والحقيقة المطلقة هنا موجودة و”مسوّق لها” في النص المقدس الإسلامي، وفي السنّة النبوية، لكن التطبيقات تختلف من تنظيم لآخر. والكل يدعّي رجوعه إلى الأصول واعتماده على الشريعة وحدها. والإشارة إلى “رأس النبع” هنا، والبحث عنده عن الجذور الأصلية للعنف الحاصل حاليا، والتي تتقاطع مع “الفاشية” بشكلها التقليدي المعروف في نسختها الغربية، جرأة لا يمكن القفز فوقها، ولا يسع المرء سوى تكرار الإعجاب بها، سيما ونحن نشهد كل هذا القتل بحق المختلف في الهوية الدينية والطائفية في الشرق الأوسط.
في رأي الكاتب فإن التنظيمات المعاصرة للإسلام السياسي، تعتبر كلها إنها تسير على هدي “الأصول” ولا تتمسك بسواها. بل وترفض الأسماء التنظيمية والتبعية الفكرية لهذا المنظّر أو ذاك، وتقول أنها تعتمد على “الإسلام الصرف”، فهي تعتبر الحالة المتردية للأمة “جزاء وعقابا من الله” لانصراف المسلمين عن “تطبيق شريعة الله” ورفضهم الركون ل” حاكميته في الأرض”. بهذا الشكل من البحث، والإشارة إلى “نزعة العنف ” و”الإقصاء” و”التصفية” الموجودة في أصول/نصوص، و بدايات/مجريات الدعوة، زمن قيادة النبي محمد للدولة الإسلامية، يصبح حامد عبد الصمد الباحث العربي الوحيد ـ على حد علمنا ـ الذي يتعرض بهذا الشكل الواضح والمباشر للمقدس الإسلامي بالنقد الشديد والإشارات غير المواربة، بخلاف بحاثة آخرين، خاضوا تلميحا، في “جذور” العنف، في بدايات الدعوة التي انتشرت بحد السيف والتصفية، مثل: سيد القمني وخليل عبد الكريم وغيرهما…
محتكرو الحقيقة: لكل تنظيم لونه في موشور “الفاشية”:
لا يعتمد الباحث فقط على الجانب النظري وتحليل سيّر وأخبار الدعوة ولا فتاوى الآباء الأوائل للأصولية الإسلامية، للاستدلال على “الفاشية الإسلامية”، ولكنه يبحث في التاريخ الحديث لجماعات الإسلام السياسي ومواقف وسياسات الرعيل الأول. فيخوض في مواقف حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين من النازية والفاشية، وكيفية إشادته بكل من هتلر وموسوليني، ” يكتب حسن البنا عن تجربة كل من هتلر وموسوليني فيقول: هتلر وموسوليني يقودان دولتهما إلى الوحدة والتقدم والسلطة. يقومان بالإصلاحات الضرورية في الداخل وإحقاق سمعة طيبة في الخارج. يبثان الأمل في الأفئدة، ويوحدان الشراذم تحت راية واحدة قوية” ص 36.
كذلك يخوض المؤلف في كيفية احتضان البنا وتنظيمه للشيخ أمين الحسيني، مفتي فلسطين وحليف النظام النازي لاحقا، ومحاولة البنا اقتباس “الانضباط” النازي في تشكيل “الجناح العسكري السري المسلح” للجماعة، فيذهب عبد الصمد بأن طريقة التفكير والعمل والشمولية في الأهداف وإخضاع الفرد للسيطرة وفرض الولاء الأعمى عليه، وإذابة شخصيته وفردانيته في التنظيم و”الافتداء” به من أجل “الهدف الأعلى”، لهو سمة مشتركة بين الفاشية الأوروبية والإسلام السياسي. نعم، لقد كان الإخوان المسلمون مأخوذين بنموذج هتلر في الحكم، وكانوا يحلمون بنفس قوة التنظيم والولاء الأعمى، وتوحيد المجزأ بقوة السلاح، وإخضاع الداخل وتذليل كل قوة خارجية. ومن هنا فإنه عموما وفي كل “مكان يستلم فيه الفاشيون والشيوعيون والإسلاميون السلطة يحولون المجتمعات إلى سجون كبيرة، ويراقبون المواطنين ويفرضون عليه لونا واحدا وإيديولوجية واحدة، يكون الخروج عليها ضربا من الخيانة يتطلب عقوبات قاسية، منها التصفية أيضا” ص 25.
ونظرا لهذه المشتركات فإن التحالف بين التنظيمات والأنظمة ذات التفكير والتوجه الفاشي لم ينقطع أبدا، وكان واضحا إبان الحرب العالمية الثانية، بين كل من “الفاشيات” الغربية، التي قتلت الملايين في الحرب العالمية الثانية، وبين “الفاشية الإسلامية”ـ التي توضحت كثيرا في شخصية جماعة الإخوان المسلمين ـ والتي كانت تريد تعبئة كل الناس في “الأمة” وفرض لون واحد عليهم، وإلغاء الخصوصيات وتطبيق الشريعة، بالقوة والعنف طبعا. وقد تشعبت، لاحقا، من هذه الجماعة حركات ومجموعات مختلفة مارست العنف، ونشرت “الجهاد” في كل بقاع الأرض، فقتلت الآلاف في “غزوات” انتحارية، طالت حتى عمق الغرب وحواضره…
وحديثا يشير الباحث إلى تجربة الإخوان المسلمين في مصر بعد “ثورة يناير 2011″ وكيف إنهم أرادوا مصادرة الدولة وتطبيق رؤيتهم الشمولية و”إحياء” التنظيم القديم والوسائل القديمة ذاتها، بالاعتماد على الفكر ذاته، ” الإخوان اعتبروا الديمقراطية في مصر حصان طروادة للقفز على الحكم. حولوا مصر إلى ساحة للجماعة، نادوا للجهاد في سوريا وبدءوا بإدارة الدولة وكأنهم يديرون جمعية” ص 55 . لذلك لا يخفي الباحث في كتابه، وكذلك في المقابلات التلفزيونية والإذاعية والتصريحات الصحفية، موافقته على الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمهم، لأن “الديمقراطية لا تعني فقط صناديق الانتخابات” و “كان يجب حماية ثورة الشعب المصري من استبداد آخر أراد الإخوان تطبيقه”، على رأي الباحث.
كذلك نقرأ نقدا لتجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وانتقادا كبيرا للرهان الغربي على “الإسلام المرن” الذي كان رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، يمثل وجهه “الحضاري”، فيرى حامد عبد الصمد بأن تجربة أردوغان اتضحت معالمها الآن، بعد أن بات يعادي الديمقراطية والرأي الآخر صراحة، ويقمع الحريات وينشر في كل مكان أن “هناك مؤامرة من الغرب” عليه، ينفذها خصومه في الداخل.
إذن فلا أمان مع تنظيمات الإسلام السياسي، حتى تلك التي تدعيّ “المرونة” و”الاعتدال”، ففي أول اختبار ديمقراطي تكشف عن وجهها الحقيقي ورفضها البنيوي اليقيني للديمقراطية وللرأي الآخر، مصرة على الهيمنة والاحتكار باسم الدين أو معادة الآخر “المتربص شرا بالأمة”. ونجد بان الباحث يؤيد فكرة التصدي بإطار قانوني صارم، لهذه التنظيمات و الجماعات. فهو أيدّ فكرة الانقلاب العسكري على جماعة الإخوان المسلمين، ويرفض سياسة الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا “الذي يعتقل الصحفيين والمخالفين له بالرأي”، ويطالب بوضع حد لسياسة الرهان على “الإسلام المرن” في الخارج، وكذلك سياسة “الامتيازات” التي تمنحها الحكومات الأوروبية للجماعات السياسية التي تدعيّ تمثيل الجاليات المسلمة.
الإسلام الأوروبي: حماية الأكثرية من شرور الأقلية “الفاشية”:
يراقب حامد عبد الصمد منذ زمن تمدد الفكر السلفي الجهادي داخل الجاليات المسلمة في الغرب، وبشكل خاص في المانيا. يتابع مناهج التعليم والخطاب الإعلامي وخطب الجمعة، ويرى كيف تنمو الجماعات السلفية وسط الجاليات المسلمة وبشكل خاص الشباب منها. لذلك ينتقد سياسة الغرب و”قلة حيلته” وهو يرى كيف يصادر السلفيون مستقبل الآلاف من الشباب المسلم المحبط ويستغلون حنقه وغضبه من التفرقة العنصرية، ومن واقع التمييز والتهميش المفروض عليه. ويرى الباحث كيف انعكست الأزمة في سوريا على الظاهرة السلفية وساهمت في ازدياد الاهتمام بها، مع تدفق المئات من “المجاهدين” للانضمام إلى منظمات “القاعدة” في هذا البلد المنكوب. كما ويحلل عبد الصمد أساليب عمل السلفيين وكيفية اصطيادهم للشباب المسلم المحبط، حيث الإغراءات الكبيرة، مع ملاحظة بنية الخطاب السلفي وأساليب عمله: إشعار الشباب المسلم بمدى أهميته وان الإسلام والأمة بحاجة إليه، وانه، باعتناقه للتطرف السلفي الجهادي، قادر على تغيير العالم، فتتسع الهوّة بين الحقيقة المرة: حيث البطالة والتمييز ورفض المجتمع الغربي، وبين المتخيّل السحري: حيث السلطة والأهمية والشعور بالقدرة الكبيرة على “تغيير العالم”، وإن “الإسلام بحاجة إليه”، والواجب الذي يناديه في “إنقاذ اخوة الإسلام” في هذه البقعة أو تلك من العالم الإسلامي. وأمام هذه المعادلة المختلة، لا يملك هذا الشباب سوى الانقياد للسلفيين والتحول لمسنن صغير في آلتها الكونية الكبيرة المسماة بالجهاد!.
ويطالب عبد الصمد السياسة الرسمية باتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للفكر السلفي ومنعه من التمدد عبر سن قوانين رادعة تحد من مساحة الحرية “الكبيرة” الممنوحة له في تجنيد الشباب المسلم للجهاد ونشر الفكر السلفي بين الجاليات المسلمة، ص 186.
لكن الباحث يدعو، في نفس الوقت، المسلمين لتنظيم صفوفهم بشكل جيد والتصدي لكل من يحاول مصادرة مستقبل أولادهم وسوقهم نحو التطرف والقتل، ويحثهم أن يرفعوا أصواتهم ضد التطرف وألا يبقوا في موقع المتهم، منتقدا دور الجمعيات والمنظمات الإسلامية التي لا تتحرك سوى ضد سياسة الدولة في “التمييز” ضد المسلمين. كذلك، يرى عبد الصمد، إنه من المهم أن تتوقف الحكومات الغربية ومؤسساتها المعنية عن مخاطبة المسلمين عبر هذه المنظمات وعدها هي فقط من تمثلهم، بل اللجوء مباشرة إلى المسلمين، وحل مشاكلهم بعيدا عن “التسييس” الذي تحاول هذه الجمعيات والمنظمات الاستفادة منه لتحسين موقعها ونشر خطابها، ص 197.
وفي نهاية الكتاب يقتبس الباحث جزءا من حوار دار بينه وبين المفكر السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما، صاحب نظرية (نهاية التاريخ)، فيسأله عن رأيه حول “نهاية الإسلام السياسي” فيجيب فوكوياما بأن حالة الإحباط والغضب لدى الشباب المسلم، بالإضافة إلى التردي الاقتصادي وفشل التنمية، سوف يزيد من قوة وحضور الإسلام السياسي الجهادي في الفترة القادمة، وهو ما يعني مشاكل اكبر في الفترة القادمة، واضطرابات في العالم الإسلامي، وكذلك وسط الجاليات المسلمة في الغرب، وهو ما يتطلب وضع مشروع كبير من اجل الحد من الظاهرة واستيعاب مئات الآلاف من الشباب المسلم المحبط في الغرب، والذي يعاني من صعوبة الاندماج ويحتفظ بقدر لا بأس به من الغضب والحنق إزاء سياسة الاندماج الغربية التي ترفضه وتجعل منه “مشروع فشل” فيقع فريسة سهلة لحركات الإسلام السلفي المدعومة بالأموال الخليجية وبفتاوى الشيوخ العابرة للقارات، فينكفئ على نفسه، قبل أن يتحول من تلك الحالة البائسة إلى “منقذ” للأمة مصحوبا بفتاوى “صحيحة” حول الجهاد و”الحرب المقدسة” و”التضحية بالنفس للدفاع عن عرض وحياة المسلمين” هنا أو هناك.
في “الفاشية الإسلامية” يحاول حامد عبد الصمد الإشارة إلى أصول العنف والشمولية الحاضرة والتي يعتبرها ضربا من ضروب “الفاشية”، ومن ثم يستقرأ الحاضر والمستقبل، وفي النهاية يقدم العلاج على أن يكون الطبيب حازما وحكيما في نفس الوقت.
التجربة الشخصية للكاتب ومعايشته للواقع وتواصله مع الناس، وقراءاته الكثيرة والمعتمدة على أكثر من وجهة نظر للقضية، وخبرته بالمجتمع الغربي واطلاعه على المشاريع الفاشلة لدمج وتفعيل المهاجرين المسلمين، يجعل من الأهمية الكبرى متابعة رأيه والاستماع إليه وهو يحلل ويضع مقترحات الحل و”التهدئة” بين الجميع. حامد عبد الصمد في كتابه الجديد يقدم: الصدمة والردع، بمعنى: الإشارة إلى “جذور” المشكلة و”منبع” كل هذا العنف، ومن ثم الحزم وعدم التردد في تحجيم الخطاب السلفي في منبته الشرقي، وكذلك المٌصدّر من الخارج لأوروبا، ومكافحته على أكثر من محور وصعيد، بالقانون وبمزيد من الأبحاث الجادة الصادمة…
[email protected]
بطاقة تعريف بالكتاب:
Hamed Abdul-Samad
Der islamische Faschismus
2014 Droemer Verlag, München, Deutschland
221 S.

شاهد أيضاً

مستشار النمسا: زمن التسامح انتهى وعلى أوروبا مكافحة الإسلام السياسي

قال مستشار النمسا إن زمن التسامح وعلى أوروبا مكافحة الإسلام السياسي الذي بات يشكل تهديدا …