لم أختر أن أكون عراقيا يا امي، طين هذه البلاد هو من رشحني لأكون كذلك.
وانت تسقين تربتي بدموعك طويلا، لينمو الوطن في اغصان شراييني. ويمد له جذرا لقلب الارض.
حضرت الحرب العمياء، يدق الضمير بابنا، لنحمله فوق اكتافنا ونسير به نحو الجبهة.
لكن يا اماه، ابتسمت الاقدار بوجهي لتحيلني اسيرا في قفص بلدي، تخيلي ذلك فقط. ولا تحزني.
يا اماه، نعتوني بالجندي الصفوي وانا لا اجيد التحدث بغير لهجتنا التي صببتها في فمي.
يا امي، داروا بي في أرضي وأخوتي في الوطن يشاهدون ذلك بفرح، كما ستشاهدين في الصورة يا امي وانت تبكين
اتوسلك، دعي البكاء وانتبهي فقط لنظرتي لهم، انا غير آبه بقطيع الغول الذين معي في السيارة،
انا فقط احمل في نظراتي رقصات وسعادة ابناء جلدتي الذين سٌقوا من ذات الدموع، واخزنها في روحي، لتبقى معي في القبر.
ولا استطع معاتبتهم. بالطبع لا استطيع، لأنهم يعلمون مايفعلون،
انا انظر لصاحب العقال، سيعود بالتأكيد محملا بخبر قتلي السعيد لعائلته،
وصاحب القبعة ذاك اتشاهدينه -رغم جيش الدمع المحاصر لعينك-؟، سيمضي نحو المقهى ليناقش واصدقاءه طريقة اعدامي، وايهم اكثر تعذيبا وتمزيقا لجسدي.
سيشربون الشاي ويتسامرون، ويعودون لمنازلهم آمنين، محتفلين بالتخلص من خطري..
انظر لجميع الواقفين وهم يرحبون بموتي الذي سيقف مطببا على كتفي عند الجسر. انظر واتسائل. اذ زٌرعنا في نفس الارض.
لماذا يا اماه؟ وانت تعلمين جيدا، اني قد تركتك لوحدك مع قبلة يتيمة على الجبين لمساعدة ارضهم على الزرع مجددا.لن اطلب منك البكاء، لأني لم اشعر بأي الم، فقط، ابحثي عن جثتي حال عودة ارضنا. وادفنيني في وادي السلام.واحتفظي مدة اطول بالقبلة التي تركتها على جبينك.ابنك الذي مات واقفا كنخلة.
وكانت النسبة العظمى من المعقبين على المرثية قد رحبوا بها كثيرا وتعاطفوا مع النص، فيما عدا احد المعقبين الذي رأى ان النص يعمم أجكامه على جميع اهالي الفلوجة وهو مانفته الكاتبة، ونورد هنا جزءا من هذا الحوارلأنه يكشف عن الكثير من الهواجس والمخاوف التي تعتمل داخل الوان الطيف العراقي المختلفة وتنوع بل وحتى تناقض رؤيتها وفهمها للأحداث.
ويمكن الاطلاع على التعقيبات كافة من خلال رابط المادة مرثية مصطفى-آية منصور
الله يرحمه برحمته الواسعه شهيد العراق مصطفئ
ويصبر اهله امين