دبي ـ من سام ويلكين – بعدما انقطعت الوشائج بين إيران وحلفائها باليمن بسبب الحملة العسكرية التي تقودها السعودية هناك.. عكفت طهران على تكثيف حملة إعلامية مضادة تتهم فيها الرياض بالتسبب في معاناة شعب وتصور فيها نفسها كصانع سلام لا تشوبه شائبة.
وتقدم وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية تغطية شاملة بالعربية والفارسية والإنجليزية للحرب التي اندلعت قبل ثلاثة أشهر في اليمن حيث تقصف السعودية ودول عربية متحالفة معها جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من 2800 شخص في أحداث العنف ونزوح مليون شخص ووجود أكثر من 21 مليون نسمة أي 80 في المئة من السكان بحاجة لشكل أو آخر من المعونات الإنسانية أو الحماية.
وبثت وكالة فارس للأنباء في أحدث هجماتها الدعائية المكثفة أمس الأربعاء شريطا مصورا يظهر فيه وجه العاهل السعودي الملك سلمان وهو يتداخل مع وجه صدام حسين الممقوت في طهران بسبب الحرب التي خاضها البلدان في عهده من عام 1980 إلى 1988. وتتخلل الصورة مشاهد لأطفال يمنيين يصرخون.
وهناك أيضا مسابقة ترعاها الدولة لأفضل رسم كاريكاتيري لحرب اليمن.. وذلك رغم أن محكمة إيرانية قضت بسجن نشط أكثر من 12 عاما بتهمة رسم كاريكاتير يسخر من نواب إيرانيين.
وتظهر في أحد الرسوم طائرة مقاتلة سعودية تسلم يمنيين مخضبين بالدماء إلى أيدي جهاديين. أما الرسم الفائز فيصور اختفاء الشهادتين من على العلم السعودي مع انهمار القنابل.
قال جوليان بارنز ديسي بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “انتصار إيران السياسي ينبع من القدرة على تصوير نفسها كصانع سلام محتمل وليس من القدرة على التوصل فعليا لاتفاق على الأرض.”
مستنقع
وأضاف “الإيرانيون ليس لديهم الكثير الذي يمكن أن يخسروه بل لديهم الكثير ليكسبوه من الصراع الدائر والشعور السائد بأن السعوديين وحلفاءهم يغرقون في مستنقع أعمق.”
تسعى السعودية وحلفاؤها لإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى بلاده ليمارس منها مهام منصبه لا من الرياض كما هو عليه الحال حاليا. وهم يقولون إنهم يدافعون عن سيادة اليمن في مواجهة صعود الحوثيين المفاجيء للسلطة خلال الأشهر التسعة الماضية.
والأمر ليس باليسير بالنسبة للرياض. فالمملكة تمتنع عن إلزام نفسها بإرسال قوات برية كما أنها لم تجد بعد حليفا يمنيا يتمتع بالقوة الكافية التي تعينها على إلحاق الهزيمة بالحوثيين على الأرض.
لكن التحالف سد الطريق كما يبدو أمام إمكانية أن ترسل إيران مساعدات عينية للحوثيين إذ سيطر على أجواء اليمن ومياهه ووقف بالمرصاد أمام محاولات إيران لتوصيل مساعدات بحرا أو جوا.
والآن ترد إيران الصفعة عبر موجات الأثير.
ويتحالف الحوثيون مع وحدات من الجيش موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تنحى عن الرئاسة في إطار انتقال سياسي توسط فيه الخليج عقب انتفاضة 2011.
“صانع سلام”
كانت إيران قد رسخت بهدوء وعلى مدى فترة طويلة وشائج العلاقات السياسية مع الحوثيين ويعتقد دبلوماسيون أن هذا امتد إلى مجال التدريب شبه العسكري والتزويد بالإمدادات في السنوات الأخيرة. أما إيران فتنفي تقديم أي دعم مادي للجماعة.
وسعت طهران لتحويل الحظر لنقطة يمكن أن تستفيد منها فأرسلت سلسلة من شحنات المساعدات التي منع التحالف دخولها بحسم وهو ما استغلته طهران دعائيا وبقوة.
وفي أبريل نيسان على سبيل المثال قصفت طائرات التحالف مدرج المطار الرئيسي باليمن لمنع طائرة شحن إيرانية من الهبوط بعد أن تجاهل قائدها أوامر بتحويل مسارها.
وفي الشهر التالي أبحرت سفينة شحن إيرانية لميناء يسيطر عليه الحوثيون برفقة قطع بحرية مما كاد أن يشعل مواجهة مع قوات التحالف الراغبة في تفتيش السفينة.
وفي النهاية تفادت السفينة الحظر عندما أفرغت شحنتها في جيبوتي كي تسلمها الأمم المتحدة قبل أن تعود أدراجها إلى إيران.
ويصور دبلوماسيو إيران بلادهم كصانع سلام يطرح خططا لإشاعة السلام ويدين “التدخل الخارجي” من جانب الأمم المتحدة في شؤون دول منظمة المؤتمر الإسلامي.
قال بارنز ديسي “يحاولون دحض رواية أن إيران هي دائما العنصر المزعزع للاستقرار في المنطقة.”
أما السعوديون فيحاولون من جانبهم تصوير حملة اليمن على أنها حملة مشروعة تخدم الصالح اليمني ونقطة تحول فيما تراه الرياض توسعا إيرانيا بلا كابح في الدول العربية.
وتشير المملكة إلى الاعتراف الدولي برئاسة هادي وبقرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من الأراضي التي يسيطرون عليها وتسليم السلاح وبعودة الحكومة من الخارج. (رويترز)