أزاميل/ لندن: اعتبر مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية غسان العطية تعليقا على الإصلاحات التي أقرها البرلمان العراقي الثلاثاء، أن العملية السياسية في العراق وصلت إلى طريق مسدود مما حتم اتخاذ قرارات من هذا القبيل.
وقال “إن الخطوة التي أقدم عليها العبادي مهمة وإيجابية لكن الأهم هو كيف نرعاها وندعمها كي تتطور”.
وأشاد العطية بالمتظاهرين الذين خرجوا بالآلاف، وامتنعوا عن رفع شعارات طائفية رغم أن غالبيتهم من الشيعة، مشيرا إلى أن هذا السلوك الراقي يطمئن السُنة بأنه لا يزال هناك باب للإصلاح.
في المقابل انتقد النخب السياسية الممثلة في الحكم والممثلة للمكون السني، قائلا إنها فشلت في خدمة أبناء المناطق المنكوبة.
وكان العطية قد أجرى لقاء مع موقع قنطرة حول سنة العراق أليكم فقرات منه:
سنّة العراق بين الإقصاء الطائفي وداعش…”كالمستجير من الرمضاء بالنار”
قنطرة: داعش في العراق تتحرك تحت عباءة السنّة، كيف آلَ الوضع الى هذا الحال؟
غسان العطية: انهارت 6 فرق عسكرية عراقية بين ليلة وضحاها حين دخل داعش إلى الموصل الى درجة أن أعلام داعش يتحدث عن فتح الموصل ” بالهورنات” ( أبواق السيارات بلا قتال. ومن الواضح للجميع مستوى الاموال الامريكية التي أُنفقت على هذا الجيش والتي تقدر بـ 25 مليار دولار، علاوة على ما صُرف عليه من الأموال العراقية.
أما السؤال، لماذا لم تقاتل المناطق السنية دفاعاً عن نفسها أمام هجمات داعش؟ فجوابه هو ما نسبه مسؤول رفيع في البنتاغون الى سياسات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، التي تميزت بالتفرقة الطائفية والتي لم تترك مجالاً أمام أبناء المناطق السنية، إلا أن يشعروا أن عدو عدونا قد يكون صديقنا. وكان هذا تقديرا خاطئا منهم، وهو خطأ يضاف الى أخطاء اخرى كثيرة.
قنطرة: كيف وصلت الأوضاع الى هذا الحال من التمزق والتشرذم والضعف؟
غسان العطية: جواب هذا السؤال هو الإحتلال الأمريكي الذي أسقط دولة ( قائمة) ولم يطرح بديلاً عنها يتمثل في دولة المواطنة القائمة على ضمان حقوق كل المواطنين بغض النظر عن طائفتهم وأعراقهم. عمليا النظام الذي أقامه بول بريمر بعد عام 2003 كان قائماً على التعامل مع العراقيين كشيعة وسنّة وكرد، وبذلك فجّروا حرب الهويات، وكان المفترض – وخاصة أمام سنّة العراق- هو أن يختاروا بين أن يكونوا سنّة وبين أن يكونوا عرباً؟
سنة العراق اختاروا أن يكونوا سنّة كردة فعل على الطائفية الشيعية (التي سادت)، وهكذا فقد وقعوا في خطأ كبير، فانتماءهم العربي كان يوحدهم مع الشيعة، وكان يمكن أن يعيد الوحدة الوطنية العراقية. وهكذا فإن الطرف الوحيد، الذي استفاد من اسقاط النظام السابق هو الطرف الكردي الذي ميّز هويته، معتبرا ان (قوميته ) الكردية هي هويته.
قنطرة: من ينظر الى المشهد العراق يلمس بوضوح هشاشة نسيج البلد، هل ترى أن هذا النسيج قد تمزق ولا سبيل لُلحمته؟
غسان العطية: التفكك هو الشيء السائد الآن ويؤلمني أني لا ألمس معاناة وشعور العراقي ابن الشمال وابن الجنوب بمآسي الآخرين، فهو يتحدث فقط عن مشكلته. صحيح أن أبناء السماوة ( جنوب العراق) -وأنا أيضا من جنوب العراق – قد قُتلوا على يد داعش في المناطق السنّية، ولكن من قتلهم كانوا عناصر متطرفة وشاذة، بينما لم نستطع أن نكسب عناصر الاعتدال.
الاعتدال الشيعي يحتاج الى الاعتدال السني، والعرب المعتدلون بحاجة الى الكرد المعتدلين. غابت كلمة الاعتدال ، وحل محلها التطرّف، بات كل طرف لا يرى الا همومه، ولا يدرك أو يحاول أن يفهم مشاكل الاخرين .
ثقافة نكران الآخر طائفيا أو اثنيا ليست جديدة في تاريخنا، فقد ضربنا اليهود وضربنا المسيحيين وضربنا الأيزيديين وضربنا الشبك وضربنا المندائيين، وهكذا فقد افرغنا بلدنا من مكوناته نتيجة سياسة الكراهية.
أنا أعتقد أنّ النقطة الغائبة في صراع اليوم في العراق هو غياب البعد الانساني في الخطاب السياسي، لم يعد ابن الجنوب( مثلا) يشعر بالمرارة لأن ابن صلاح الدين(غربا) يسكن في خيمة، وإذا قصد كركوك فهو يمنع عن دخولها، لأن اهل كركوك يخافون التغيير الديموغرافي.
أقول هنا بكل مرارة وبتجربة سنوات عمري الطويلة: لم أكن أتصور أن نصل كعراقيين الى هذا المستوى.
حاوره: ملهم الملائكة حقوق النشر: قنطرة 2015 ..لقراءة اللقاء كاملا اضغط هنا
https://youtu.be/gKy_PJ3WS0k