نشرت مجلة “ذي نيشن” تقريرا لأستاذ التاريخ في جامعة متشغان البروفيسور جوان كول، حول تورط كل من إيران وروسيا عسكريا في سوريا، حيث قال إن معركة الزبداني الطويلة هذا الصيف تستمر حتى نهاية هذا الأسبوع، ولكن مع فرق، حيث تشير بعض التقارير إلى أن هناك تدخلا من القوات الإيرانية.
ويشير التقرير إلى أن المصادر الوحيدة للأخبار القادمة من الجبهة، التي تقع غرب سوريا قرب الحدود مع لبنان، هي حزبية ولا تتطابق مع بعضها البعض.
وتنقل المجلة عن المصادر الإيرانية قولها إن قوات حزب الله وقوات النظام وصلت إلى مركز الزبداني يوم الاثنين، وسيطرت على مسجد كبير، ودمرت مخزنا كبيرا لأسلحة الثوار، وتحاصر مقاتلي جبهة النصرة ومن معهم في مساحة كيلومتر واحد من المدينة.
ويورد كول أن صحيفة إيرانية بارزة ادعت أنه قد قتل 20 إرهابيا، وجرح 30 الإثنين. مشيرا إلى أن ما يميز هذه المرة عن سابقتها هو تأكيد وجود جنود إيرانيين، وليس فقط مستشارين عسكريين في الجبهة. ويتساءل الكاتب أنه بينما تقوم روسيا بإنزال دباباتها وجنودها لمساعدة نظام بشار الأسد، فهل تزيد كل من طهران وموسكو من مشاكلهما بتوريط جيشيهما؟
ويلفت التقرير إلى أن حملة حزب الله لاستعادة الزبداني بدأت في 3 تموز/ يوليو، وتطلب ذلك شق طريق بصعوبة في منطقة صعبة التضاريس من سوريا. ومع نهاية شهر آب/ أغسطس، وصل القتال إلى طريق مسدود، وكانت هناك هدنة قصيرة لم تستمر طويلا. واشتبك هذا الأسبوع جيش النظام يساعده مقاتلون من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله مع جبهة النصرة، ويدعي كلا الطرفين تحقيق تقدم في المعركة الدائرة.
وتبين المجلة أنه قد تم نشر تقارير هذا الأسبوع تشير إلى إنزال 200 جندي من مشاة البحرية الروسية في قاعدة جوية متقدمة، بالقرب من اللاذقية في شمال غرب سوريا، وأن كميات كبيرة من السلاح والعتاد يتم نقلها هناك من قاعدة في جنوب روسيا، باستخدام المجال الجوي الإيراني والعراقي.
ويذكر الكاتب أنه بخصوص القتال على الحدود اللبنانية، فقد نشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” الأسبوع الماضي، بحسب ما ترصده هيئة الإذاعة البريطانية، تقارير تفيد بأن روسيا وإيران تنسقان عملية دعم بالجنود في سوريا، وأن إيران أرسلت عدة مئات من مقاتلي الحرس الثوري لشن الحرب في الزبداني بجانب حزب الله.
وينقل التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، عن “الصحيفة الليبرالية اللبنانية “صدى البلاد” قولها: “إن هناك مبالغات حول الوجود العسكري الروسي والإيراني في سوريا من الإعلام الإسرائيلي وإعلام المعارضة الإسرائيلية، وذلك لأغراض دعائية، تهدف إلى التقليل من شأن دمشق”.
https://www.youtube.com/watch?v=QI_WWIoOCOA
وتشير المجلة إلى أن مدينة الزبداني، ذات الغالبية السنية، تقع في واد أخضر، وكان عدد سكانها 30 ألف نسمة قبل الحرب، وهي محاطة بجبال عالية يصل إرتفاعها إلى ثلاثة آلاف قدم، بالقرب من الحدود اللبنانية إلى الشمال الغربي من دمشق. وتقع في طريق الإمدادات للشيعة في لبنان، ووقوعها في يد تنظيم ينتمي لتنظيم القاعدة، جعل حزب الله والمسيحيين ينظرون إلى خطر ذلك على أمنهم. ومنذ 2012 وقعت المدينة تحت سيطرة المعارضة أكثر من مرة.
ويفيد كول بأن الراديو الرسمي الحكومي “سبيوتنك” أعلن صباح الثلاثاء أن معركة الزبداني وصلت إلى نهايتها، وأن هناك 350 من الثوار محاصرون. وقال إنه في الأيام الأخيرة استسلم 240 مقاتلا للحكومة السورية، وبعضهم تحول ليحارب مع الحكومة.
ويورد التقرير تأكيد الراديو “سبيوتنك” أن إحدى المجموعات التي تقاتل في الزبداني، وهي جيش الإسلام بقيادة زهران علوش، الذي تتهم تركيا بدعمه، تعرف جيدا أن الحكومة السورية هي المنتصرة في هذه المعركة، ولذلك تحاول الحصول على هدنة لعل مقاتليها يستطيعون الانسحاب، (جيش الإسلام يتألف من مقاتلين سلفيين متشددين معجبين بالوهابية، والمنظمة ليست منتمية لتنظيم القاعدة، ولكن لديها الاستعداد للتحالف البراغماتي مع جبهة النصرة).
وترى المجلة أنه رغم أن كلام الراديو يبدو وكأنه دعاية حربية، إلا أنه ليس غريبا، وقد يكون فيه شيء من الصدق.
ويلفت الكاتب إلى أنه في المقابل، فقد أعلن تلفزيون “الجزيرة” عن مقتل خمسة من حزب الله في عطلة نهاية الأسبوع في الزبداني، ليصل العدد إلى 100 منذ بداية الهجوم في تموز/ يوليو، ودون ذكر تفاصيل حول المعركة الحالية؛ وذلك لضرب معنويات حزب الله، بدعوى أنه تكبد خسائر كبيرة خلال هذا الصيف.
ويجد التقرير أن أي انتصار للنظام وحزب الله في الزبداني سيرفع معنويات قوات الأسد، خاصة بعد أن خسرت تدمر وإدلب في الأشهر الأخيرة، وبعد أن ساد التصور بأن الثوار سواء كانوا من تنظيم الدولة أو من تنظيم القاعدة وحلفائها لديهم نفس لحرب أهلية طويلة.
وتوضح المجلة أن التقارير التي صدرت هذا الأسبوع متعارضة وغير واضحة لدرجة كبيرة، بحيث يصعب الحكم على ماذا يجري حقيقة. وبالنسبة لدمشق على أي حال، فإن الخطر هو أن ينظر السوريون للقوات الروسية والإيرانية التي تساعد الأسد على أنها قوات احتلال أجنبية. وقد استخدم الثوار في الجانب السني والسلفي هذه الحجة في دعايتهم منذ زمن، ولكن تكاثر عدد الجنود الروس والإيرانيين الموجودين سيجعل سوريي الساحل يصدقون (مع أنهم إلى الآن يخافون من تنظيم الدولة أكثر من خوفهم من طهران وموسكو).
ويعتقد كول أنه إذا أصبح عدد الجنود الإيرانيين كبيرا لدرجة أن يؤثر على نتيجة المعركة في الزبداني، فإن التدخل الأجنبي المباشر سيكون بدأ بفرض مسار الحرب الأهلية. مبينا أن تزايد عدد الجنود الروس بالقرب من اللاذقية سيكون له أثر خطير إن تحقق. وهذا ما حصل عام 1965، عندما تحول المستشارون العسكريون الأمريكيون في فيتنام إلى جيش مشاة ينشغل في حرب بعيدة عن بلاده.
وتختم “ذي نيشن” تقريرها بالإشارة إلى أنه بالرغم من ضبابية الرؤية، وعدم معرفة ماذا يجري بوضوح، إلا أننا قد نكون نلمح مرحلة جديدة في الصراع السوري، مرحلة تخاطر فيها إيران وروسيا بالتورط في فيتنام خاصة بهما.