هابرماس
الفيلسوف الألماني وعالم الاجتماع يورغن هابرماس (إلى اليسار) وزميله الكندي تشارلز تايلور (إلى اليمين) مُنحا سويةً في التاسع والعشرين من أيلول/سبتمبر 2015 جائزة جون دبليو كلوج في واشنطن، وتُعتبر هذه الجائزة أرفع تكريم على أعمال فيلسوف على مدى حياته وقيمتها 1,5 مليون دولار أمريكي. الصورة من موقع قنطرة

الفيلسوف هابرماس: صراعات الشرق الاوسط ردة فعل سياسية..ومن السذاجة وصفها بـ”الدينيَّة”

الفيلسوف هابرماس صراعات الشرق الاوسط لا دينيَّة إنما توصف سياسيا بالدينيَّة

Advertisements
Advertisements

دعا الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس  ألمانيا وفرنسا أن تصوغا سياسة أوروبية أكثر فعالية وذات منظور مستقبلي إزاء أزمة اللاجئين الحالية، مبينا ان البلدان الشرقيَّة المرشحة للانضمام للاتحاد الاوروبي لم يتح لها وقت كاف مثل ما حدث مع المانيا للتكيُّف سياسيَّا وفكريَّا وليس اقتصاديا فحسب،

Advertisements

 وقال الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني الشهير في حوار مع الصحفي شتيفان ريكيوس ونشره “موقع قنطرة”، “لا بد أيضا من أن ينصب تركيز هذه السياسة على التعاون بشكل أفضل في قضية اللاجئين”.

واعتبر أن “حق اللجوء حقٌ من حقوق الإنسان، وكلُّ من يتقدَّم بطلب لجوءٍ سياسيٍ ينبغي أنْ يُعامل بإنصافٍ وأنْ يُستقبلَ، مع كل ما يترتَّب على ذلك. هذا هو الجواب المبدئي، إلا أنَّه ليس لافتًا في مثل هذه الحالة على وجه الخصوص”.

واكد أن ألمانيا وفرنسا كان عليهما، قبل اليوم بكثير، أنْ تمارسا سياسةً أوروبيَّةً أكثر فعاليَّةً وتطوير سياسةٍ أوروبيَّةٍ، تشمل في إطارها التعاون في قضيَّة اللاجئين أيضًا التي جرى إغفال أزمتها.



Advertisements

https://www.youtube.com/watch?v=cSkDuLG1CaE

Advertisements

وكشف أنه ومنذ نهاية شهر أيلول/سبتمبر (2015) راضٍ عن حكومته كما لم يكُن منذ سنوات كثيرة، مستشهدا بجملة للسيدة ميركل “فاجأته”، حين قالت “إذا كان علينا الآن الاعتذار إذا ما ابتسمنا لأولئك الذين بحاجة لمساعدتنا، فهذا يعني أن هذا البلد لم يعد بلدي”، مضيفا لقد “قدَّرتُ تلك الجملة تقديرًا عاليًا”.

وأشار إلى ظاهرة انقسام الاتحاد الأوروبي في التعامل مع أزمة اللاجئين مبينا ان “ما يحدث هو الفصل بين بريطانيا وبعض دول أوروبا الشرقيَّة من جهة ونواة الاتحاد النقدي من جهة أخرى”، مبينا ان “هذا النزاع متوقَّع، ويرتبط بتاريخ الانضمام للاتحاد. وبصرف النظر عن الفوارق الاقتصاديَّة الكبيرة التي لا تزال قائمة، فإنَّ البلدان الشرقيَّة الكثيرة الجديدة المرشحة للانضمام لم يكُن لديها الوقت الكافي لاجتياز عمليَّة تكيُّف سياسيَّة-فكريَّة، بينما كان لدينا (في ألمانيا) بين سنتي 1949 و 1989 أربعون عامًا لاجتيازها. إذن، المدة الزمنيَّة كانت كافية لدينا.

Advertisements

إنها صراعات لا دينيَّة ولكن تعرّف سياسيا بالدينيَّة

وحول مجيء مئات الآلاف من عوالم دينيَّةٍ وثقافيَّةٍ مختلفة إلى الاتحاد الأوروبي وقضية اندماجهم وفلسفة هذا الاندماج، قال “هناك أساسٌ مشتركٌ يجب أنْ يقومَ الاندماج عليه، ألا وهو الدستور. هذه المبادئ ليست منقوشة على الحجر، إنما يجب طرحها ضمن نقاشٍ ديمقراطيٍ واسعٍ، وأعتقد أن هذا النقاش سينطلق مجددًا لدينا. لا بدَّ لنا من أنْ نتوقَّع من كلِّ شخصٍ نستقبله أنْ يلتزم بقوانيننا وأنْ يتعلم لغتنا. ولا بدَّ لنا فيما يخص الجيل الثاني على الأقل أنْ ننتظر منه أن يكون قد رسخ مبادئ ثقافتنا السياسيَّة عمومًا.

Advertisements

وعن دَفاعه في  1999 عن تدخُّل الناتو في حرب كوسوفو، وهل سيكون مشابها لموقفٌه من تدخله العسكري ضد نظام الأسد في سوريا أو داعش اعتبر  هابرماس أن هذا السؤال صعب، ولا يستطيع الإجابة عنه بنعم أو لا.

وأكد انه انتقد حرب العراق من اليوم الأول، وكذلك حروب أفغانستان ومالي وليبيا، وانها حروب جعلتنا ندرك أنَّ القوى المتدخِّلة ليست مستعدِّة لتأدية الواجبات المترتبة عليها بعد التدخُّل، رافضا نبوءة بيتر شول-لاتور بعد ضربات 11 أيلول/سبتمبر 2001 بأنَّ الصراعات الكبرى القادمة ستكون ذات طابع ديني، مبينا ان “هذه الصراعات ليست صراعات دينيَّة في جوهرها، بل يتمُّ تعريف الصراعات السياسيَّة على أنها دينيَّة.

وأكد ان “الأصوليَّة الدينيَّة هي رد فعلٍ على ظواهر الاقتلاع، التي جاءت عمومًا مع الحداثة من خلال سياسات الاستعمار وما بعد الاستعمار. وبالتالي فإنه من السذاجة بعض الشيء أنْ نقول إنَّ هذه صراعاتٌ دينيَّةٌ.

الحوار بتصرف من ترجمة: يوسف حجازي دويتشه فيله / قنطرة 2015  ar.qantara.de

ويعد يورغن هابرماس في الحياة الفلسفية الألمانية المعاصرة، رائد الخطاب النقدي، الفلسفي منه والسياسي على حد سواء، والصوت الأكثر حضوراً وتأثيراً على الحياة الثقافية الألمانية منذ أكثر منذ نصف قرن.

 

وولد يورغن هابرماس في مدينة دوسيلدورف (عاصمة ولاية شمال الرين ووستفاليا حالياً) وترعرع في أحضان عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى في المجتمع الألماني. وقد أثرت هزيمة الرايخ الثالث وما تبعها من كشف عن الوجه البشع للحقبة النازية تأثيراً كبيراً على تنشئة هابرماس الإجتماعية، وهو ما دفعه إلى وصف نفسه بأنه “نتاج إعادة التربية” التي شهده المجتمع الألماني خلال التطبيق المنهجي لسياسة “إجتثاث النازية” التي طبقتها سلطات الإحتلال بعد إستسلام ألمانيا النازية. وعلى الرغم من خصوصيته إلا أن تأثير رواد مدرسة فرانكفورت الذين إضطروا إلى الرحيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية فرارا من براثن النازية (1934- 1950) يبقي محورياً فيما يتعلق بنظرته النقدية التي تعتبر “الدفاع العقلاني عن قيم وإنجازات عصر التنوير وتحرير الذات الآدمية من العصبية القومية والتطرف والتعصب” أحد الأهداف الرئيسة للفلسفة الملتزمة.

وكان هابرماس أحد أقطاب حركة الإصلاح الألماني النقدية (1950- 1973) التي أخذت على عاتقها نشر وتأسيس علم الاجتماع والفلسفة وعلم النفس في الجامعات الألمانية من أجل تحرير الذات الألمانية من الأيدولوجيا النازية الفاشية. وبجانب أبرز المحاور التي تهم الإنسان الحديث مثل دور الفرد وآليات السيطرة، وأزمة الفرد ووهم حرية ما بعد الحداثة، و”كيفية التحرر من قبضة المؤسسات التي تمسخ الروح والجوهر الإنساني” إلا أن “أطروحته الفلسفية المعروفة بالخطاب النقدي الخالي من الهيمنة” تبقي الأطروحة الأكثر تأثيراً. فهابرماس يشدد على أن الفعل الديمقراطي التواصلي لا يستطيع أن يحصل على مشروعية حقيقية قائمة على سلطة العقل إلا في إطار خطاب نقدي خال من الإلزامات والقيود السلطوية. وهو يعلل ذلك بقوله:”الفعل التواصلي يمثل في الوضع المثالي خطاباً ناجحاً حتى في حالة انعدام أية إنعدام أية ممارسة لا تستند إلى أي إجماع.”

أما فيما يتعلق بالعلاقات المتبادلة بين الثقافات فان هابرماس يعتقد أن الأفضل هو إنشاء اطر مؤسساتية تهدف إلى المواكبة الرسمية لأشكال الحوار التوافقي البناء والمثمر مثل مؤتمر فيينا حول حقوق الإنسان من تنظيم الأمم المتحدة. لكن هذه اللقاءت الرسمية ـ ومهما بلغت أهمية الحوار الثقافي المتبادل على مختلف المستويات حول التفسير المختلف عليه لحقوق الإنسان ـ فإنه لا يمكنها لوحدها وقف آلية إنتاج الأفكار النمطية المهيمنة على التواصل بين ثقافات عصر العولمة. كما يشير هابرماس إلى أنه “لا يمكن الوصول إلى انفتاح للذهنيات إلا عبر تحرير العلاقات والتعاطي الموضوعي مع الإشكاليات المقلقة. وفي الممارسة اليومية للتواصل يجب العمل على بناء متواصل للثقة. وهذا ضروري كمقدمة من اجل إن تترجم هذه الشروحات العقلانية على قياس كبير في وسائل الإعلام والمدارس وضمن العائلة. وفيما يتعلق بنا، فان التصور المعياري الذي نملكه عن أنفسنا تجاه الثقافات الأخرى هو أيضا عنصر مهم في هذا الإطار. وإذا سعى الغرب إلى إعادة النظر في صورته عن نفسه، فإنه يمكنه مثلا أن يعرف النقاط الذي يجب عليه تعديلها في سياسته كي ينظر إليها على أنها تجسد مقاربة حضارية. وإذا لم تتم السيطرة السياسية على الرأسمالية التي لا تعرف الأخلاقيات والحدود، فسيكون من المستحيل وقف مسيرة الاقتصاد العالمي التدميرية.”

 

بتصرف عن DW لؤي المدهون

Advertisements

شاهد أيضاً

تعرف على 50 فيلسوفا صنعوا الفكر الغربي الحديث في موسوعة واحدة

«الفلسفة الغربية المعاصرة – صناعة العقل الغربي من مركزية الحداثة إلى التشفير المزدوج»، كتاب موسوعي …