#حكاية_الإصلاحات :يجب تغيير الهواء نفسه لا إطلاق البخور!
أوضاعنا الاقتصادية والمالية والسياسية في انحدار شديد،
وباتت لا تنحدر بفعل الفساد وحده بل بفعل أسباب أعم وأخطر وأشمل
المشكلة اذا ليست أزمة عابرة وتنقضي مع الأيام. ومن يدعي أن هناك إصلاحات ستجري هو إما أن يكذب على نفسه، أو يكذب على الناس.
فكيف تصلح سيارة شبه ميتة، وكل شيء فيها عاطل بدءا من محركها وانتهاء بإطاراتها وحتى عقلها الذي أصيب بألزهايمر لا علاج له؟
الخلل إذا ليس نتاجًا لخطأ أو سوء تصرف، كما يشاع، وإنما نتيجة بناء على أساس خاطئ من الأصل وما بني على خطأ فهو خطأ وهو آيل إلى السقوط لا محالة
وهنا يجب التساؤل ما نحن فاعلون؟ وهل ستنفع الإصلاحات والترميمات؟ أم أن هناك معالجات أخرى يجب القيام بها؟
فهل علينا إصلاح الفاسد الموجود أم إصلاح ومراجعة القانون الذي اتاح له الوجود؟
هل علينا تغيير الهواء نفسه وعدم الاكتفاء بإطلاق البخور؟
سبق لنا أن جربنا ترقيع ورتق ثيابنا المهلهلة، فازدادت “هلهلة” وراح الهواء يلعب ويعزف في أرجائها وعلى راحته فازدادت صخبا وضجيجا،
حتى اسفر الأمر عما نحن فيه حاليا، من ثياب مترهلة أينما وليت وجهك، كل شيئ متضعضع و”على وشك”
كما ان “الفئران” بدات تستشعر الخطر، وراحت تجهز نفسها للسفر ومغادرة السفينة، ولم تنس أن تأخذ معها “ما تيسر” مما تبقى خشية وعثاء السفر!
الخلاصة نحتاج لبناء جديد وبنائين جدد..
فقد شبعنا طائفية حتى خرجت كلمتا الشيعة والسنة من عيوننا، من كثرة تكرارها ومضغها في حلوقنا الناشفة
عمليا نحن مفلسون والمفلس لا يحتاج لإصلاح لأنه حاول مسبقا حل مشكلته وفشل،
والمفلس هنا ليس أحزابا ولا كتلا ولا أشخاصا كما يحاول كثيرون تصوير الأمر،
بل جميع المشاركين والمدعوين إلى الحفلة بدءا من اليوم الاول لافتتاحها وحتى هذه اللحظة.
فأين الحل؟ ومن سيفرض على الجميع تطبيقه؟
الحل شعبي وثقافي بالدرجة الاولى
شعبي بمعنى ان يفرض الناس حضورهم وقدرتهم على التأثير، فبدون هذا لن يخشى نوتية السفينة أحدا، وسيستمرون في تصدر متنها وقيادتها غلى الأسوأ وربما إلى “علّيين” !
ولدى الناس هنا قدرات كبيرة فما وفرته وسائل التواصل الآن تكفي وتزيد.
أما الثقافي: فهو رفض الحديث بشكل مطلق بقضايا لا تمس حياة الناس مباشرة، واولها الأحاديث والمرويات الطائفية، وليأخذ المتحمس لها جدا إجازة مفتوحة منها لكي لا يقطع معها “أسباب الود” نهائيا، وإلى أن يبزغ فجر العراق الجديد وبعد ان يصيح الديك!
فبناء العراق لا يحتاج لطابوق شيعي او سني او طائفي يحتاج فقط لكل طابوقة عراقية صافية ومصفاة من الشوائب التي طالما هدت كل بناء بنيناه،
وقد حان الوقت لفعل ذلك، فلم يعد امامنا أبدا إلا أن نرفع جميع الاحجار الطائفية، وهي كثيرة جدا، من بنيان دولتنا، وقلع وتبديل جميع نوافذها وأبوابها لكي نسمح عبرها لمرور ضوء جديد.
فلنستثمر وجود داعش البغيض لتأكيد وحدتنا العراقية والتي ليس لنا سواها اي بديل.
#إصلاحاتالعبادي #إصلاحاتلاترقيعات
#هدمالموجود ً#أساسوهيكل_جديد
أما فيما يتعلق بإقليم كوردستان فهو بدأ يعاني من المشكلة الكيانية نفسها حسب أحد كتابها الذي قال
إن الإصلاحات كانت ستفيد لتكون لها نتائج فعالة لو طبقت مع بداية 2004 إلى2007، حيث كانت بعض الأمور ما تزال محتفظة ببعض مقومات الاستمرارية والتفعيل.
أما وقد بدأنا من حيث انتهت تلك المرحلة دون أي تحديث أو تجديد أو إصلاح، بل بنينا بناءنا الحديث على رمم وثغور وتصدعات وشروخ ذلك البناء دون أي تعامل أو ترميم، فهذا والله لب الكارثة ومبدأ السقوط والانهيار كما نرى اليوم!
ولأن الأمور بدأت هكذا وانتهت إلى ما نحن عليه وأصبح الوجود المؤسسي موبوءًا، فلن يفيد الإصلاح كحل مهما قدمنا من جهود وعمل وعطاء، بل يكون بهدم الموجود وببناء يحفر له أساسًا جَديدًا بعمق مجد والبناء عليه بأحدث المواد وأجودها وأنظف الأيدي العاملة، بناءً رصينًا ثابتًا شامخًا لتخرج المؤسسات الجديدة إلى الوجود بهيكل جديد وبناية جديدة وطاقم جديد ونظام جديد، وهذا هو العلاج الحقيقي والوصفة الفعالة.
والكلام هذا يمثل الواقع الذي لا مهرب منه ولا مناص وهو يمثل الحل الوحيد للكارثة التي يعيشها الإقليم اليوم، فأنوهُ إلى أن مقترحي ليس من باب نقد من شخص معارض أو كلام واحدٍ آخر مؤيد للحزب الحاكم أو آخر منحاز لجهة معينة، وإنما أتكلم بصفة من يشخص الداء لأنه مختص وملم بتلك المواضيع نتيجة دراساته فيحاول إيجاد علاج حقيقي يشفي المرض المستعصي، ثم على أصحاب القرار الحقيقيين اتخاذ اللازم بشكل سريع وحازم.
في مقالي السابق شرحت وبالتفصيل الوضع الاقتصادي لإقليم كوردستان بعد سنة2003 والوضع في الوقت الحاضر وتكلمت عن المستقبل القريب، والآن فإنني أشير إلى نقطة مهمة جدًا لكل من أصحاب القرار والمعارضة، وهي أن تكون هناك بِداية جديدة وبأسس قويمة وصحيحة والاستعجال في البدء فيها، واستبعاد التفكير بالإصلاحات؛ لأن هذا الموضوع نقطة فاصلة وحقيقية.