……..ليلة الانقلاب وشعوبنا المتسرنمة! ……..
أثبتت تركيا بانقلابها اليوم أنها مازالت دولة وشعبا، بعيدة عن أفق أوروبا، وهذا ما اكده مرارا، ومنذ سنين، عتاة الغربيين،
لكنها اثبتت ما هو أكثر: بأن العلمانية نبتة غربية لا شرقية وليس من السهل أن تزرع في بلداننا التي ما زالت قروسطية ثقافيا وحضاريا، وخارج التاريخ الحديث.
.
فيضان كل ما هو رجعي وقبلي على “شرقنا” في العقود الأخيرة، علامة صارخة على انتصار الرجعية التي طالب كثير من “التقدميين”، بموتها طوال أغلب عقود القرن الماضي، ودون جدوى، “ولنتذكر شعار: موتوا موتوا يا رجعية”
يكفينا ملاحظة ردود الأفعال على اخبار الانقلاب التركي منذ لحظاته الأولى
فهي دليل صارخ على ما نقول وتستحق أيضا وضع دراسة موسعة تحت عنوان “ليلة الانقلاب” التي توجز لشدة واقعيتها حكايتنا بشكل نموذجي.
.
كان هناك في مواقع التواصل، ما أسميه بحالة “تسرنم” مع هذه الأخبار..فرأينا استجابات تلقائية وشبه لاواعية رفعت وبسرعة مدهشة، عن الجميع كل الأقنعة وكشفت في لحظة نادرة، عن قاعنا الحضاري والفكري الحقيقي وكما هو ودون رتوش،
أردوغان يدعو الشارع لدعمه والانقلابيون سيطروا على المواقع الحساسة والإعلام و#الجيش:أضروا بالعلمانية
فماذا راينا؟ رأينا قاعا ناشفا مزدحما بمختلف أنواع الأحجار الساخنة.. الأحجار المتلألأة طائفيا أو شعبويا أو فئويا أو سلطانيا أو داعشيا الخ..احجار كالجمر تتقلب وتخرج من أعماق الجميع وهي تتحرق شوقا للانتقام من الآخر، بل والتهامه هو وأحجاره.
.
هكذا وفي وقت قصير، سارع الجميع للانضمام في اصطفافات واستقطابات عاجلة، وبين جهات كنا نعتقد أنها لا تتلاقى ..لكنها تلاقت!
اتضحت الألوان المختلفة وشاهدنا حشودا هائلة تنتصر لبعضها فجأة، “وحسب لون كل منها” على شبكات التواصل وراحت “تغرد” بإيقاع سرعان ما بدأ يتناغم مع تلاحق الأحداث وتطوراتها، بشكل عجيب..
تعددت الجبهات بسرعة هائلة وتوزع الجميع في كتل وفرق منفصلة وجاهزة للقتال، “الفرز” تمخض وخلال ساعات عن كراديس وافواج مقاتلة ولكل منها شعار وعلم، هذا فوج مع وذاك ضد، هذا محسوب على الاخوان وذاك على الامير فلان او الملك فلان الخ
كان هناك فعلا شبق حقيقي وشهوة عارمة لحدوث أمر “يثبت” وجود شيئ ما داخلنا ..
ولكن: ما هو هذا “الشيء”؟
هذا هو السؤال الذي كان يشغلني وانا اتابع ماجرى ليلة البارحة .. ولم افلح في القبض عليه حتى الآن
#عطوان “يشمت”بأردوغان وربعه ويقول:زيارة #الأسد لموسكو زلزالٌ ترك مرارة لا تمحى بحلق خصومه!
المهم انا الآن اخشى من شيء واحد وهو ان يقوم بعض المعلقين، بعد ان يصحوا من “ثمل اللحظة”، بإلغاء ما سجلوه من مواقف “متسرعة” استجابة لليلة كانت استثنائية تماما ولن تتكرر ربما ولعقود قادمة في تاريخنا “الشرقي” المدهش والمدمى أبدا
**
قرصة أذن: هناك من يتحدث عن انتصار للديمقراطية و”الشعب” في تركيا ..ولكن كيف للديمقراطية والعلمانية وهما بيضتان غربيتان ان تخرجا من رحم حركات اسلامية شمولية لا تعرف في أدبياتها حتى الآن، شيئا اسمه “الشعب” بل “الأمة” فقط؟
بصراحة لا أعرف
ولكن لنحسن الظن فقد يأتي يوم نرى فيه ديكنا الشرقي وهو يبيض .. ربما ..من يدري!؟