“نواقض الإسلام العشرة” حسب محمد عبد الوهاب هي التي فتحت أبواب التكفير على مصراعيها

Advertisements

 

Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل فتحت “نواقض الإسلام العشرة” أبواب التكفير على مصراعيها؟

عربي21- بسام ناصر
المقدسي دعا لعدم الجمود على “ما خصصه الشيخ محمد بن عبد الوهاب”- أرشيفية
وجدت جماعات الغلو والتشدد الديني في تراث الدعوة الوهابية، ما يغذي نزعتها الغالية والمتشددة، وتشبثت على وجه الخصوص بنواقض الإسلام العشرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب، والتي باتت في أدبياتها بمثابة الأصول والقواعد المعيارية، المعمول بها في تكفير أهل الشهادتين وفقا لباحثين ومراقبين.

لكن شيوخ الدعوة الوهابية ودعاتها، في سياق ردهم ومناقشتهم لذلك التوصيف، يؤكدون أن الانحراف كامن في سوء فهم تلك الجماعات لتراث الدعوة عموما، ونواقض الإسلام العشرة خصوصا، وليس في إنتاج الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وشيوخ الدعوة الآخرين.

ووفقا لباحث شرعي، فضل عدم الكشف عن هويته، لحساسية الموضوع، فإن الخطورة تكمن في أن صياغة “نواقض الإسلام العشرة” ـ في أغلبها ـ صياغة عامة مجملة، وبعضها يحتمل أفهاما مختلفة ومتباينة، ما جعل الأبواب مفتوحة على مصراعيها لتأويلها بحسب قارئيها، فمن كان جانحا نحو التكفير فإنه سيجد في تلك النواقض ما يسند توجهه، ويغذي نزعته التكفيرية تلك.

وتساءل الباحث في حديثه لـ”عربي21“: “ما الذي رفع تلك النواقض إلى مصاف الأصول الدينية الثوابت، والقواعد الشرعية الكلية، وهي في نهاية الأمر صياغات بشرية اجتهادية كغيرها من إنتاج البشر بكل ما يعتريهم من خلل وقصور وضعف؟”.

وتابع: “هل تلك النواقض العشرة محل إجماع؟ ثم أليست صياغتها العامة والمجملة تمنح جماعات الغلو والتشدد سندا شرعيا ذا رأسمال رمزي كبير كالشيخ محمد بن عبد الوهاب لتسويغ فكر الغلو وإشاعته بين الناس باعتباره امتدادا للدعوة الوهابية؟”.

Advertisements

ومَثَّل الباحث لذلك بالأصل الثالث الذي يقول: “من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر”، مبينا أن “هذا النص المجمل فتح المجال لجماعات الغلو للاستناد إليه في تكفير من لم يكفروه هم، حتى ولو كان تكفيرهم بمكفر لا يراه مخالفوهم مكفرا حقيقيا”.

وأبدى الباحث الشرعي تخوفه الشديد من التمركز حول شخصيات علمية ودعوية، مهما علت مكانتها، معللا ذلك بأنه يضفي على تلك الشخصيات مع تعاقب الأجيال، هالة من القداسة، تورث أتباعها التعصب الشديد لها، والانغلاق على أقوالها، فيجبن الناس عن نقدها بصوت مرتفع إيثارا للسلامة، وطلبا لراحة البال.

ملاحظات ومؤاخذات

من جانبه أكدّ الداعية الأردني، والباحث الشرعي، أحمد الصوي أن “النواقض العشرة” بمثابة متون عقدية مقررة عند أتباع الدعوة الوهابية، وهي بصياغتها المجملة والعامة، تحتمل تأويلات متعددة، وقد استندت إليها جماعات الغلو والتشدد في تكفير مخالفيهم من أهل السنة، كما يجري في سوريا والعراق مثلا.

Advertisements

وانتقد الصوي في حديثه لـ”عربي21” النسق الاستدلالي السائد في بعض أوساط شيوخ الدعوة الوهابية، الذي وصفه بقوله: “يعمدون إلى آيات نزلت في الكفار فيجعلونها في المسلمين”، ممثلا لذلك باستدلالهم بقوله تعالى (وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا)، “فتلك الآية نزلت في الكفار فكيف يجعلونها في المسلمين؟”، على حد قوله.


وناقش الداعية الصوي، الناقض الثاني من نواقض الإسلام العشرة، الذي يقول: “من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويسألهم الشفاعة، ويتوكل عليهم كفر إجماعا”، موردا عليه جملة من الأسئلة والاستشكالات: “فما هي الوسائط المقصودة؟ وهل التوسل داخل في تلك الوسائط؟ وهل التشفع وطلب الشفاعة محذور وممنوع هكذا على الإطلاق؟ ومن أين جاء بـ(كفر إجماعا)؟”.

Advertisements

وأضاف الصوي أن “هذه الصياغة المجملة موهمة بأن كل واسطة يتخذها العبد بينه وبين الله تفضي به إلى الكفر، والأمر يحتاج إلى تفصيل وبيان، فإذا كان الداعي يعتقد أن هذه الواسطة شريك مع الله ينفع ويضر، ويستقل بذلك من دون الله، فهذا كفر لا شك فيه، لكن إذا كان يعتقد أن الله هو النافع والضار، وأن العبد ليس بيده شيء، وإنما يتوسل به لمكانته وجاهه عند الله، فهذا أمره مختلف تماما”.

وفي السياق ذاته فصّل الأكاديمي الشرعي السعودي، المتخصص في الحديث النبوي وعلومه، الشريف حاتم بن عارف العوني في بحوثه ومقالاته الكلام على نواقض الإسلام، وشرح أقسامها وبين تفصيلات الأحكام المتعلقة بكل قسم.

وجوابا عن سؤال “عربي21” حول رأيه في “نواقض الإسلام العشرة” أحال العوني على كتابه “تكفير أهل الشهادتين موانعه ومناطاته”، معتذرا عن تقديم أي تصريحات جديدة حول الموضوع.

وبالرجوع إلى كتاب العوني المشار إليه أعلاه، يظهر بوضوح أن الكتاب في أصل فكرته قائم على مناقشة “النواقض العشر”، من غير أن يذكرها بالاسم.

ووفقا للعوني فإنه بعد التمعن في أحوال نواقض الشهادتين، تبين أنها تنقسم قسمين مختلفين: الأول: “ناقض الدلالة اللغوبة للشهادتين، مناقضة تُكذب لفظ الشهادة بها تكذيبا يقينيا، فهو ناقض يسلب الشهادتين دلالتها اللغوية الصريحة، ويجعلها بلا معنى”. والثاني: “ناقض للشهادتين، لكنه لا يقطع بالنقض، لورود الاحتمال إليه”.

ردود ومناقشات

فكيف يناقش علماء الدعوة الوهابية ومشايخها تلك المؤاخذات والانتقادات الموجهة إلى أصول دعوتهم، وتراث أئمتهم؟

سارع أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، محمد السعيدي في معرض جوابه عن السؤال السابق إلى القول بأن “نواقض الإسلام العشرة محل اتفاق بين أئمة المذاهب الأربعة، وأهل الحديث والمتكلمين من الأشاعرة، وهي موجودة في أبواب الردة من كتب الفقه، وفي أبواب أخرى متفرقة”.

وتابع السعيدي شرحه لـ”عربي21” قائلا إن “المشكلة اليوم ليست في أصل هذه النواقض، بل في تنزيلها، لأن الأئمة في كتب الفقه يرون هذه النواقض أحكاما قضائية لا يصح تنزيلها على الأعيان إلا بحكم قضائي يثبت به انتفاء الشبهة، وانتفاء التأويل”.

وأضاف أستاذ الفقه وأصوله: “ولذلك فإن العلماء على الرغم من وجود أبواب الردة في جميع كتب الفقه لم ينزلوا الأحكام على الأعيان إلا في أحوال قليلة، لو وضعنا لها معجما طيلة تاريخ الإسلام لم تتجاوز العشرين خلال 1400 عاما”.

ولفت السعيدي إلى أن “المشكلة ليست في أحكام التكفير حين تكون بين يدي أهل العلم، بل المشكلة في اقتحام الأغرار لها وعدم اقتفائهم أثر أهل العلم”.

بدوره، لفت أبو محمد المقدسي، أحد أبرز منظري “السلفية الجهادية” إلى أن “نواقض الإسلام غير محصورة بالعشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، بل أوصلها بعض العلماء إلى أربعمائة ناقض، وكتب أصحاب المذاهب في ذلك ما أسموه (قواطع الإسلام) حتى كتب فيه فقهاء الحنفية الذين يخالفون في تعريف الإيمان، فصنفوا في نواقض الإسلام وذكروا العديد منها”.

Advertisements

وبيّن المقدسي أن “إساءة استخدام الغلاة لهذه النواقض، وعدم ضبطها بشروط التكفير وموانعه لا يعني إلغاءها أو نقدها، بل التحذير من أخطاء التكفير والتنبيه على التحقق من أسبابه، والنظر في شروطه وموانعه”، لافتا إلى أنه فعل ذلك في رسالته المسماة بـ”الرسالة الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير”.

وردا على سؤال: “لماذا حصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب النواقض بعشرة؟”، قال المقدسي لـ”عربي21“: “يمكن التعليق على ذلك بأن الشيخ عدد ما رآه موجودا في زمانه، فدعا إلى التركيز عليها لإنكارها والتحذير منها، لكن التجديد يقتضي عدم الجمود على ما خصصه الشيخ، بل نعمل كما عمل هو فنبرز من النواقض ما انتشر في زماننا تحذيرا منه”.

وأوضح المقدسي أن “الغلاة إجمالا لم يسيئوا فهم هذه النواقض وحدها؛ بل وجدوا مادة خصبة لهم في رسائل بعض الأئمة النجديين في إطلاقات تحتاج إلى ضبط وتوضيح، وقد كنت نبهت على هذا قديما في هوامش كتابي (ملة إبراهيم) تعليقا على بعض إطلاقاتهم”.

ورأى المقدسي أن الناقض الثاني (من لم يكفر المشركين..) يحتاج إلى تفصيل، لافتا إلى أنه قام بذلك في كتابه (الثلاثينية)، لأن “الإجمال أوقع كثيرا من الشباب في الغلو، فكفروا من لم يكفر من كفروه، وهذا كان بداية الإنزلاق إلى  الغلو عند كثيرين”، بحسب قوله.

لكن، هل نواقض الإسلام العشرة جميعها محل اتفاق وإجماع؟ أجاب الداعية الأردني والباحث الشرعي إحسان العتيبي بأنها كذلك “إلا ناقضا واحدا فقط، ألا وهو السحر، فإن فيه تفصيلا، وبعض صوره أجمع العلماء على أنها ناقضة للإسلام”.

وأضاف العتيبي لـ”عربي21“: “لقد قمت بجمع أدلة تلك النواقض من الكتاب والسنة، ووثقت إجماع العلماء على كل ناقض من تلك النواقض، فهي محل إجماع، إلا ما سبقت الإشارة إليه فيما يتعلق بالسحر”.

وأوضح العتيبي أن نواقض الإسلام العشرة صيغت بطريقة مختصرة ومكثفة، وهي ثمرة شروحات مبسوطة، وتفصيلات موسعة سابقة، وحتى يفهمها القارئ بشكل دقيق وصحيح، لا بد له من قراءة شروحها وتفصيلاتها كما قدمها أئمة الدعوة وشيوخها.

وخلص العتيبي إلى القول: “إن النواقض العشرة لم تفتح أبواب الغلو في التكفير على مصراعيها، بل جاءت منضبطة بضوابط الشرع، ولا يعيب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته، إساءة فهم جماعات الغلو لتلك النواقض، وإنزالها تنزيلا خاطئا على غير مواضعها، ما أساء للشيخ ودعوته، وألحق بها ما هي بريئة منه، وغريب عنها”.

#
Advertisements

التكفير

Advertisements

محمد بن عبد الوهاب

شاهد أيضاً

النص الكامل لمبادرة “التسوية الوطنيّة” أو “التسوية التاريخية” التي سيطرحها التحالف الوطني العراقي

ننشر أدناه نص “التسوية التاريخية” التي كشفت النقاب عنها صجيفة المدى في عددها 3771 الصادر …