هذه خريطة طريق توني بلير لهزيمة “التطرف الإسلامي”
حدد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير رؤيته للحرب على ما أسماه “التطرف الإسلامي”، داعيا في الوقت نفسه قادة العالم “للتحرك بشكل شامل واستراتيجي وعاجل”.
بلير الذي يعتقد أنه يلعب دورا بارزا في الحرب على الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، حيث يعد مستشارا لعدد من زعماء المنطقة، يضع نفسه من خلال مركز الأديان والجيوسياسة التابع له في واجهة ما يسمى الحرب على التطرف الإسلامي.
ويرى بلير في مقال نشرته شبكة سي ان ان الأمريكية الأحد، أن “إلحاق الهزيمة بالتطرف الإسلامي علينا الوصول إلى توافق مع رؤية واضحة حول أسباب هذا الخطر العالمي”.
ويكشف بلير في مقاله نظرته لمنابع “الفكر الإسلامي المتشدد”، حيث يقول إن “تنظيمات مثل داعش والقاعدة ليست إلا الوليد الجديد لسلالة قديمة من الأفكار الشمولية الخطيرة التي ترفض وتعادي كل المفاهيم العالمية والقيم الفردية لصالح فرض وجهة نظر أحادية وعنيفة. هذه التنظيمات تغذيها أيديولوجيات سياسية عابرة للحدود وإيمان عميق بالجهاد العنيف من أجل استعادة رؤيتها المفترضة لما كان عليه الإسلام في القرن السابع للميلاد”.
ويمضي بلير في تشخيصه لما يراه “التطرف الإسلامي” بأنه “ينبع من مسلمات دينية من وجهة نظرهم تمنح أتباعهم الإحساس بأنهم “أفضل المؤمنين” وتبرر العنف ضد “الآخرين”.
تقوم نظرية بلير على أن المشكلة تكمن في الأفكار التي تتبناها التنظيمات المتطرفة والنابعة من فهمهم للإسلام، أما الأسباب الأخرى مثل التفرقة العرقية والفقر والتدخلات العسكرية للحكومات الأجنبية وانتهاكات حقوق الإنسان، فهي أسباب ثانوية كما يعتقد بلير.
ومن هنا فإن رؤية بلير لمواجهة التطرف الإسلامي تكمن في “فهم أيديولوجيتهم (التنظيمات المتشددة) وتفكيكها وعرقلتها فسنكون قد ضربنا الأسس الرئيسية التي تقوم عليها تلك الحركات على المستوى العالمي”.
ويحاول بلير وضع خطوط فاصلة بين ما يراه الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف، فمن وجهة نظره أن الإسلام المعتدل هو الإسلام الذي يفصل بين الدين والدولة، ويضيف “علينا أن نصل إلى مرحلة نقبل فيها بأن المواقف المنحازة ضد اليهود والأقليات والمرأة وكل من لا يقبل بالعقائد المتشددة هي بحد ذاتها جوهر المشكلة وعلينا معالجتها”.
بلير في معرض تحديده لمفهوم “التطرف الإسلامي”، يعتقد ودون مواربة أن هناك مشكلة لدى المسلمين بشكل عام وليس لدى “التنظيمات المتشددة”.
يقول بلير: هناك ممارسات أخرى موجودة في شرائح أوسع من المجتمعات الإسلامية تشكل مشكلة حقيقة.
ويضيف: مثلا، هناك الكثير من الإحصائيات التي لا تزال تعكس وجود حالة معادية لليهود في بعض الدول ذات الغالبية الإسلامية. كما أن بحثا آخر جرى عام 2012 عبر مؤسسة “بيو للأبحاث” شمل خمس دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أظهر أن 40 في المائة من السكان لا يعتبرون الشيعة من المسلمين.
ويتابع: إذا كان الناس يعيشون في مجتمعات تكره اليهود أو تكفّر الملايين من المسلمين فسيجدون أنفسهم مع الوقت في تربة صالحة لنمو بذور التطرف.
النقطة الهامة في حرب بلير على “التطرف الإسلامي” هو أن المسلمين يجب أن يكونوا في مقدمة هذه الحرب، ويقول “ نحن بحاجة إلى تحالف دولي جديد داخل الإسلام وخارجه لقيادة هذه الحركة ضد التطرف. الدافع لدى المسلمين يكمن في رغبتهم باسترداد دينهم المسالم من بين يدي المتشددين الذين يستغلونه. المسلمون المعتدلون هم على خط الجبهة المباشر مع المتطرفين وهم في صدارة ضحاياهم”.
وهنا يردد بلير فيما يبدو أنها من أهم ركائز نجاح الحرب على “التطرف الإسلامي” ويؤكد أنها ليست حربا على الإسلام “الاعتقاد بأن الحرب هي مع الإسلام هو إقرار بصحة المصطلحات التي تستخدمها تنظيمات مثل داعش والقاعدة وحركات اليمين المتطرف في أوروبا. علينا أن نفضح كذبة أن “الغرب” هو في حالة “حرب على الإسلام”، يقول بلير.