منصور الناصر: التسوية التاريخية اعتراف بالمشاكل وليست حلا..فكيف يدعو للمدنية قادة عشائر وطوائف لا أكثر؟
كتب الكاتب والشاعر منصور الناصر مقالا في صفحته على الفيس بوك قال فيه
قرأت نص #التسوية_التاريخية
وأكاد أجزم ان قادة الثورة الفرنسية سيغارون منه، لو قرأوه!
.
وقبل أن أعلق على فقرات هذه التسوية سأتساءل: بماذا شعر أولئك الذين وضعوها بدءا؟
سأجزم مرة أخرى وأقول إنهم كانوا يشعرون بكمالهم و”عصمتهم” ساعتها
وتناسوا أنهم مجرد “قادة” فشلوا في وضع اي منهج لبناء دولة، انما ما يشبه تكية او جامع فخم تحيط به اكواخ فقراء ودهماء وعابري سبيل.
وجو مثل هذا لا يسفر حتما، عن رؤية واضحة وجادة لأي مستقبل.
-دليل ما نقول هو انهم لا يرون ولا يعترفون مطلقا بالخطأ. رغم جبال الأخطاء حولنا
فكيف يمكن بناء دولة دون أخطاء، ولا مخطئين؟
***
عذرية هذه القيادات المصانة من الأخطاء إذن، هي المفاعل السري الذي بث أشعته المخربة في جميع الاتجاهات، فلوثت كل شيء دولة ومجتمعا، ففسدت بسببها جميع القيم وطنية أو دينية أو اجتماعية
وعذرية كهذه هي التي فصلت تماما، بين “ولاة الأمر” هؤلاء، وبين الناس
فلم يعد امامهم الا تعزيز انفصالهم سلطويا، بالهيمنة على كل شيء، سياسة واقتصادا وثقافة وحتى رياضة.
أما المنفصلين، أي نحن “العوام” فلم يعد أمامنا سوى أن نقبل بان نكون تابعين لهذا الوليّ أو ذاك..
أما من يختار الطريق الاصعب، فله ان يتشرد أو يهاجر أو يسجن أو يطارد الخ
***
وبفعل هذا المناخ المنشطر بين سلطة و”ناس” وليس “شعب”
أصبح النسيان هو مصيبتنا الكبرى، ولا بد لنا أن نبدأ كل صباح من جديد،
فلا أحد يعرف ماذا سيحصل غدا أو ماذا يجب عليه ان يفعل وإلى أية جهة يتجه
..كل شيء مختلط، وكل حدث صدفة، وفي افضل ألاحوال: ضربة حظ!
وهذا ما يعرفه “الأولياء” جيدا، ولهذا يطلقون، بين فترة وأخرى، بالونات تسوية فيما بينهم بمعزل عن الناس، وعلى مرآهم، ولكن يمكن الاكتفاء ببعض منهم لإدامة الصلة، فبينهم يوجد كثير من المطبلين الجاهزين لأي وثيقة “شرف” جديدة، على انها ستكون الحل الأمثل لكل اختناقاتنا!.
***
وفق ما سبق، يكفي نظرة لهذه التسوية الجديدة حسب النص المنشور، لنتأكد من حجم الدجل والوهم فيها
فهل يصدق احد انها ترسم خارطة طريق لتحقيق “دولة مدنية” فيما نحن منشطرون إلى عشائر وقبائل وعوائل وطوائف؟
ليس هذا فحسب بل أن هناك انشطارات داخل الانشطارات وهي في تفاعل تحللي مستمر.
أي خطة سحرية هذه إذا !!
.
ولنفترض أن هذه “الدولة المدنية”، حسب التسوية، ستتم المباشرة بها، فمن “سيعمل” على تنفيذها، ونحن فقدنا القدرة على العمل أصلا، إلا بأمر منهم؟
كلنا نعلم ان الأغلبية لا تعمل بمعنى الكلمة، إلا وفق أوامر وتعليمات كل طرف من اطراف المشاركين في التسوية، وهم، في كل حال مختلفون بل متحاربون مع وقف التنفيذ.
ماذا يعني هذا؟
ألا يعني أنها محاولة جديدة لكسب الوقت، وانها لن تفضي مقدما ألا للعودة من حيث انطلقنا، وربما اسوأ؟
الا يعني، ان هذه التسوية ليست حلا للمشاكل والخلافات المتراكمة بيننا، إنما هي مجرد اعتراف بها، وخضوع لها؟
***
إشارات:
- وضع اسم الأمم المتحدة و يونامي في مسودة المشروع، لتكحيل عين المسودة، وإعطائها شكلا جذابا (جذابا تعني كذابا باللهجة العراقية) فهي ستوقع عليها طبعا، كما ستوقع خمسين تسوية أخرى، وحتى ورقتي هذه! .. هذه ستوفر وظيفة جديدة للمنظمة أيضا لحرق المزيد من الاموال والأعمال الوهمية.
- تنتشر في المسودة عبارات تشير إلى أطراف العملية السياسية، وكأنها وضعت ليس من أجل العراق، بل من أجل التفاوض بين المتنافسين على ذبيحة العراق، ليس لحسم خلافاتهم، بل لاتفاق على صيغة جديدة للعمل المشترك. وفي الوقت نفسه، هناك إشارات عابرة للشعب العراقي، وأغلبها إنشائية.
- المشككين والساخرين والمنتقدين للوثيقة، سواء من قبل أطراف التحالف المهمة “كالصدر” و”المالكي” أو من أغلب الكتاب والمتابعين، ركزوا على انتقاد أطراف فيها، وهو جزء يناقش شروط اللعبة، ولا يمثل اعتراضا عليها بالكامل، وهذا معناه، أنهم مشتركون فيها، بشكل أو بآخر.
لقراءة نص التسوية المنشور: النص الكامل لمبادرة “التسوية الوطنيّة” أو “التسوية التاريخية” التي سيطرحها التحالف الوطني العراقي | أزاميل
كلمة ازاميل
منذ أن بدأت عمليات تحرير نينوى، والسياسيون العراقيون في واد، والعراق جيشا وشعبا في واد،
فعلى الأرض وجبهات القتال وفي مواقع التواصل، تجد العراقيين في حالة حرب ضارية جدا مع داعش ويقف فيها جميع العراقيين خلف المقاتلين بكل الصور والأشكال..
أما في الغرف السرية ومكاتب المسؤولين، الكبار منهم خاصة، تجد ومن خلال التصريحات التي ظهرت، انهم مشغولون بإعادة ترتيب أوراقهم، وحساباتهم، لمرحلة ما بعد داعش، و”استثمار” النصر، وعصره لأقصى حد ممكن لصالحهم!
هنا هم قاتل ومدمى بتحرير الأرض وجمع الكلمة وهناك في الأقبية السرية، قوم لا هم لهم، إلا مصالحهم، ونفوذهم على الملايين الذين دفعوا ثمن أخطائهم وفسادهم غاليا جدا، ومازالوا.
هنا يجد العراقي المعذب نفسه عاجزا عن وصف شجاعة أهله وأخوته وأبنائه في جبهات القتال وهم ينزفون دمهم أنهارا فيها، وبإندفاع يندر وصفه.
فأي كلمات تصف استعادة الجيش والشرطة لهيبتهما في نظر العراقيين، والأهم، استعادة روحنا العراقية التي أهدرها الفاسدون والدجالون من كل لون وصنف؟
أي عراقي يستطيع إنكار صدق مشاعر أهل نينوى وقبلهم الأنبار وهم يتحررون من أبشع تنظيم في العصر الحديث، وكان إفرازا لا يقبل الشك لتاريخ محتشد بالجرائم والتطرف والإرهاب؟
ولكن ماذا عن الرموز السياسية “القديمة” التي لم تزل تحلم بمواصلة مشوارها العظيم الذي لم يترك شيئا واحدا له قيمة في حياتنا؟
وماذا عن اولئك الذين لن يقبلوا مراجعة انفسهم، والاعتراف بأن طائفيتهم هي السبب الذي أوصلنا لما نحن فيه؟
شخصيا، لا أعتقد أن هؤلاء سيغيرون طبعهم ويتعظون من الدرس، لأنهم أصلا، لا يعرفون شيئا اسمه درس ولا موعظة.
فكل ما لديهم في قعر رؤوسهم المتحجرة، هو مجرد وحش بلاغي نهم جدا، وغير قابل للتغيير، محتجز في قالب ذهني ثابت ولا يلتهم إلا نوعا واحدا من الغذاء مهما تغيرت في الخارج الظروف والأماكن والازمان، فقد أدمنوا عليه، ولا بد من توفيره بكل طريقة، قتلا او سرقة او فسادا، ولو انقلبت الدنيا عاليها سافلها.
وأدناه أسئلة وملاحظات على وثيقة التسوية التأريخية
ا- بماذا تختلف التسوية الجديدة عن سابقاتها؟ الأطراف هي تفسها، والوسائل والأقاويل كذلك، فما هو المتغير الوحيد؟ المتغير الوحيد باختصار هو زوال داعش التي لم يكن لها من وجود أصلا لولاهم!
2- وما سبب ظهور هذه الوثيقة في هذا التوقيت الغريب، ونحن في حرب ضارية لتحرير ارضنا؟ الجواب الوحيد متعلق بالجواب المذكور في أولا
3- التسوية تشير إلى وجود خلافات بين الحيتان الحاكمة، ولكن أليس علينا اولا أن نعرف ما هي هذه الخلافات؟ وهل هي خلافات وطنية ام “محاصصية”؟
4- ما علاقة توقيت إعلان التسوية بالانتخابات؟، ولم يفترض المشاركون فيها انهم باقون لامد طويل في الحكم؟ ألا يشير هذا الإفتراض إلى أمر مهم وغير معلن؟
5- ما هي أهلية ومصداقية الاطراف المشتركة في التسوية؟ وهل هم في مستوى يحضى بالثقة والاحترام شعبيا؟ كل الوقائع تدل على العكس تماما!
6- ما هو موقف القوى الجديدة التي ظهرت (ومنها فصائل في الحشد الشيعي والعشائري) وهي قادرة على رفض وإفساد اي تسوية اذا ما تهددت مصالحها؟ ألا يعني هذا أننا سنواجه نوعين من المخاطر الأول: حرب أهلية جديدة، والثاني: فساد مالي وإداري ابشع من كل ما سبقه، نظرا لقلة الموارد، ما يؤدي إلى كوارث إنسانية لا يمكن تصورها
7- ما هي علاقة الاطراف المتصالحة بالشعب العراقي، وما هي منجزاتها التي تؤهلها للحديث باسمه؟
8- ما علاقة هذه التسوية بمبدأ المحاصصة الذي دمر العراق، وبماذا ستختلف عنه؟ وهل هي مجرد طور جديد من اطوار المحاصصة نفسها، وقد يكون اسوأ مما سبقه؟
هذه الأجوبة لن يجيب عنها السادة الذين سيعقدون هذه التسوية، لأنها لا تخطر ببالهم أصلا، فهي مجرد حديث يخوضه “العامة” فيما بينهم، ولا شأن لهم بالتالي بذلك!
ورأينا أن الخيار الوحيد، هو ان يعي الناس أمرهم، ويوحدوا كلمتهم ليزيحوا هؤلاء عن المشهد تماما، وهذا هو الامر الأصعب.
https://www.youtube.com/watch?v=4FCkFHrXCxQ