عناصر داعش في الساحل الأيمن وتلعفر، وحدات قتالية أغلبها محلية من أبناء المدينة وأريافها جمعتهم دعوة البغدادي في التسجيل الصوتي الذي بث في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، فصار هدفهم واحداً متضامنين مع بيعة الموت، وفيهم من السوريين قرابة الثلث، وأقل من العشر هم من الجنسيات الأخرى.
فالدواعش الذين لم يفروا من هذه الجغرافية يذكّروننا بتلك الوحدات التي تم حصارها في معركة الفلوجة، وحينما يئسوا من النجاة غامروا بالهروب على هيئة أرتال كبيرة تم سحق معظمهم بواسطة سلاح الجو.
قادة داعش عندما فرضوا البيعة على شيوخ العشائر ووجهاء وأعيان نينوى، كانوا يعيشون بوهم أنهم تحالفوا مع الحاضنة الشعبية ضد حكومتي بغداد وأربيل والعالم، وبالتالي هذه الحاضنة التي ستكون لهم درعاً وذخيرة، وقد استشعر البغدادي في تسجيله الصوتي الأخير هذا الوهم، ولذلك وبخ أهل السنة في العراق وشتمهم؛ لأنهم نكثوا العهد والبيعة كما يزعم، وها هم وحدات داعش يعيدون كرّة الانتقام من مدينة الموصل كما فعلوا في كوباني والرمادي!
قادة داعش في الموصل يقومون بأقذر مغامرة “الأرض المحروقة بمعية 800 ألف إنسان” لهم لم يقم بها أي قيادي داعشي في جغرافية العراق التي هزموا فيها، في زمن التحرير وذروة انهيارهم وتقهقرهم.
أما عن وحدات داعش في الحويجة وتلعفر الآن فهي مجرّد وحدات مرابطة تنتظر نتائج معركة الساحل الأيمن، وكأن الأدوار بينهم أحادية متبادلة!
عمليات “قادمون يا نينوى” تعتبر أنموذجاً فريداً من نوعه في معارك مكافحة الإرهاب لها أبعاد استراتيجية وجيوسياسية إيجابية، ما دفع المراقبين إلى الكلام بفخر عن هذه الإيجابيّة.
وفي خضم المقاومة الشرسة لوحدات داعش اليائسة من الحياة، لم يمنع القوات المشتركة العراقية بكافة أصنافها على التقدم المستمر والحذر واتخذوا قرارات مهمة بتعزيز حضورهم العسكري في الأحياء الجنوبية للساحل الأيمن خوفاً من موت الأهالي المحاصرين بسبب نقص المواد الغذائية والطبية.
وحدات داعش تفقد توازنها في حرب المحاور المتعددة وتتحول من وحدات معرقلة دفاعية إلى فلول مناورة بعمليات قنص وتفجيرات انتحارية، خبيثة دون أدنى شك باتخاذها الأهالي دروعاً بشرية، وواجب كل مواطن التعاون مع القوات المحررة دون أدنى تردد وأي مواطن يقدم معلومة سوف يسرع الخلاص والتحرير للإنسان والبنيان!
شعب نينوى حي وولود، وفيه مدد لا ينضب من العلماء والمهنيين وأصحاب الحرف والتجار والمثقفين، وفيه الفن والإبداع والجمال والثروات والخيرات، ما يحلم به الدواعش في كل مكان؛ أن يرتقوا من حكم قرية إلى حكم قارة، ولو على حساب دماء كل أهل الأرض، الدواعش المحليون يبحثون عن غواية ودعاية فكرية جديدة كي يعززوا سلطاتهم وثرواتهم.
يقتلون كل من خالفهم بأعتى الأسلحة وأكثرها فتكاً ولا يوجد في هذا العالم المحارب للإرهاب من ينتصر على داعش واقعاً إلا العراق!
ليست هزيمة داعش في أحياء الطيران والمأمون والجوسق مجرّد هزيمة أخرى تتلقاها وحدات داعش، فهذه الأحياء هي خطوط الصد التي يليها عمق داعش الاستراتيجي حيث مراكز القيادة والسيطرة ودار الوالي ومجلس الشورى ومقرات كل الدواوين وبيت المال والسجون والوثائق والمخازن ومصانع التطوير ومراكز الأمن والسيطرة والمراقبة، هذه الأحياء هي الأهم في فرع العراق. ولن تسنح لداعش فرصة جديدة للتمكين في العراق بعد هزيمتهم في الساحل الأيمن من الموصل. فداعش تحوّلت إلى تنظيم فاشل عسكرياً بعدما خسرت الفلوجة والرمادي وهيت وبيجي وتكريت، وجَاء تحرير الساحل الأيسر من الموصل كتكسير العظام، وسيكون – بإذن الله- تحرير الساحل الأيمن كتهشيم الجماجم.
وفي ضوء التحولات السريعة في عمليات تحرير غرب نينوى، التي تمخضت عن تقدم عسكري واضح للقوات المشتركة على حساب وحدات وفلول داعش، يحتاج المعنيون في قيادة العمليّات إلى تكثيف زخم الهجمات بالمحاور الأربعة، وربما إضافة محور النهر ومحور الشمال سيزيد من سرعة انهيار داعش.
عقلية القيادة الميدانية لداعش وكيفية إدارتها لمعركة المدن المغلقة باتت مكشوفة وماهية أدواتها التي توظفها لتحقيق عمليات العرقلة والاستنزاف، وعلاقة أهالي نينوى الرافضة لعناصر داعش من المحليين والأجانب من جهة، وتعاونهم الكبير مع القوات المحررة من جهة أخرى.
وحدات داعش المعرقلة في أحياء الجوسق والطيران ووادي حجر، تقاتل بشراسة بسلاح القنص والسيارات المفخخة وكمائن الألغام، تحاول هذه الوحدات سحب قوات النخبة العراقية إلى مناطق استنزاف، وأيضاً تحاول قطع طرق الإمداد القادمة من تقاطع العقرب، قوات النخبة العراقية حريصة على ألا تكرر أخطاء مستشفى السلام في الساحل الأيسر، هي تحاول نقل المعركة إلى مناطق لها رمزية معنوية أو تاريخية أو استراتيجية وبشكل مباشر.
في حدث غريب ان 3 وحدات من كتيبة الفرقان تسلم نفسها إلى قوات الرد السريع في منطقة حاوي الجوسق، وهذا مؤشر على انهيار إرادة القتال لديهم.
محاولاتهم المتكررة والفاشلة لفتح الطريق من منطقة أم الشبابيط وعين طلاوي نوع من الهروب الخطير كالذي حدث في جنوب الفلوجة، المدينة مليئة بالنازحين من كل المناطق.
محور الفرقة العباسية والفرقة 9 أساسي لقطع شريان تبادل الإمداد بين شرق تلعفر وغرب الساحل الأيمن، وهو محور لتعزيز مناطق قطعات جهاز مكافحة الإرهاب في أحياء الشهداء والمأمون واستعادة المبادرة، للانقضاض على عمق أحياء الساحل الأيمن.
وحدات داعش إذا خسرت باب الدواسة وحيي المنصور و17 تموز فإنها ستفقد هيبتها في باقي أحياء الساحل الأيمن لا سيما بعد عمليات حرق بيوت أحياء الجوسق والشفاء ووادي حجر لتضليل مروحيات الجيش العراقي، هذه الانهيارات سوف تدفع عناصر داعش في بغداد والمحافظات الأخرى إلى تنفيذ عمليات إرهابية نوعية.
تقارير الداخل تؤكد انسحاب معظم عناصر داعش من منطقة حاوي الكنيسة شمال الساحل الأيمن، وذلك لتعزيز المنطقة الجنوبية، وفتح جبهة هناك عبر الجسور العائمة سوف يعزز التقدم في الجبهة الجنوبية من الساحل الأيمن ويختصر الوقت ويشتت العدو.
معركتا المطار والغزلاني كشفتا عن أن الوحدات لم تدرس تكتيكات قوات النخبة العراقية وربما لم تجد لها الحلول مع العلم أن قوات النخبة لم تفاجئها بساحة القتال بتكتيك جديد عدا عملية الالتفاف التي قامت بها قوات الرد السريع ما منعهم من الصمود طويلاً.
العمليات الانتحارية لداعش في اسبوع كانت بمعدل 4-5 يومياً وهذا ما يعادل معدل انخفاض 75% عن العمليات الانتحارية في معارك الساحل الأيسر، وبحسب تقارير الداخل فإن داعش يسلح وحدات نسائية بأحزمة ناسفة في أحياء المنصور و17 تموز، وهذا مؤشر يدل على إنهاكه بشكل كامل بحيث يلجأ إلى استهلاك النساء بعد استهلاكه المراهقين والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة في عمليات انتحارية فاشلة.
منقول عن هافنغتون ستون