يبدو أن أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم “داعش”، كسر صمته لحوالي عام بتسجيل صوتي مطول، سخر فيه من الولايات المتحدة الأمريكية، ودعا أنصاره إلى التحالف لهزيمة النظام السوري، مؤكدا أن “داعش” ما زال باقيا رغم خسارة كثير من الأراضي التي سيطر عليها.
التسجيل الصوتي انتشر، الخميس، على المواقع الموالية لداعش، ومنها موقع “مؤسسة الفرقان”، ولم يتضح تاريخ تسجيله. ولكن يبدو من حديثه أنه جرى تسجيل المقطع الصوتي حديثا، إذ يشير فيه إلى تهديدات كوريا الشمالية لليابان وأمريكا، ومحادثات السلام السورية التي تحاول فيها روسيا وتركيا وإيران توسيع مناطق وقف إطلاق النار في سوريا.
ولم يتسن لـCNN التحقق بشكل مستقل من صحة التسجيل المنسوب للبغدادي. وقال متحدث باسم مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، في تصريحات لـCNN: “نعلم بوجود تسجيل صوتي منسوب للبغدادي ونقوم بفحصه. ورغم عدم وجود سبب للشك في مصداقية التسجيل، فإنه ليس لدينا تأكيد في هذه المرحلة”.
ويبدو أن نشر التسجيل الصوتي للبغدادي يهدف إلى الرد على ادعاءات الجيش الروسي بأنه يكاد يكون على يقين من أنه قتل البغدادي في غارة جوية روسية قرب الرقة في 28 مايو/ آيار الماضي. ويرى مسؤولون أمريكيون أنه مع دفع “داعش” خارج الموصل والرقة، من المحتمل أن يكون البغدادي في مكان ما وسط وادي الفرات، في المنطقة الممتدة بين الحدود السورية والعراقية، التي يُعتقد أن الكثير من قادة التنظيم قد لجأوا إليها منذ مطلع العام الجاري.
وقال رايان ديلون، المتحدث باسم التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، إنه يجري فحص التسجيل وفحص ما إذا كان يحتوي على أي إشارة على مكان البغدادي. وأضاف، ردا على سؤال حول مصير البغدادي، أنه “في غياب أدلة موثوق بها على وفاته، لا نزال نعتقد أنه على قيد الحياة”.
وفي التسجيل الصوتي، حث البغدادي من وصفهم بـ”المجاهدين” على الوحدة ودعا إلى شن “هجمات جهادية” حول العالم. وقال البغدادي: “لقد أيقن قادة الدولة الإسلامية وأجنادها أن الطريق الموصلة للنصر والتمكين هي الصبر والثبات أمام الكفار مهما انتفشوا وتحالفوا وحشدوا”. وأضاف: “إننا، بحول الله وقوته، باقون، ثابتون، صابرون، ولن تثنينا كثرة القتل والأسر وألم الجراح”.
واعتبر البغدادي أن مؤشرات “النصر العظيم والفتح الكبير بادية ظاهرة، ولا أدل من ذلك من اجتماع أمم الكفر وعلى رأسهم أمريكا وروسيا وإيران وغيرهم على أرض الملاحم”. وقال: “يا جنود الخلافة أوقدوا لهيب الحرب على عدوكم تمنطقوا الحزم وشدوا العزائم، ويا جنود الدولة في الشام اصبروا على عدوكم فجموع النصيرة إلى زوال، وكثفوا الضربات ضد دول الكفر، واستهدفوا المنابر الإعلامية”.
وكان آخر تسجيل صوتي منسوب للبغدادي قد ظهر منذ حوالي عام مع بدء القوات العراقية معركة تحرير الموصل. ووجه رسالة لأنصاره، قائلا: “احذروا أن يستزلكم الشيطان بانحياز عن أرض، أو انسحاب من ثغر.. إن ثمن بقائكم في أرضكم، أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم”.
وقال المحلل العراقي هشام الهاشمي
خطبة #البغدادي
1-اعتراف بهزيمة الموصل، والدلالة الأبرز، لدى قراءة الخطاب من وجهة نظر تحليل المضمون، هو الشعور بالضيق والحصار وألم الخسارة التي دفعت البغدادي إلى الاعتراف بحتمية خسارتهم ارض الخلافة وارض التمكين، لغة التعزية ورفع المعنويات وشحذ الهمم، واللجوء إلى النصّ الدينيّ في أكثر لحظاته وجدانيّة وبعثاً على الألم والمظلومية، من خلال استحضار البغدادي ما رواه الصحابي خباب بن الأرت.
2-مواساة فلوله بذكر قصص عن الابتلاء والفتن، بآيات من القرآن الكريم تدعو إلى الصبر والتحمّل، باعتبار أن الهزائم والخسائر التي مُني بها التنظيم في الآونة الأخيرة في العراق وسورية وليبيا لم تضعفه، بل إنّما هي “ابتلاء”.
كما أهمل رثاء العشرات من الزعامات التي قتلت في نينوى والرقة خلال السنة الماضية، وايضا لم يعرج على وجود انشقاقات تنظيمية.
وأن التسجيل الصوتي الأخير للبغدادي هو الثالث صوتيا هدفه فقط “شدّ أزر أنصاره ومؤيديه واستنفارهم لأيام قاسية مقبلة في سورية”، وإعلان بقائه البغدادي حيًّا كقيادة تعيش الغيبة منذ اخر ظهور في الجامع النوري الكبير في الموصل منتصف 2014.
تحليل سياسي تناول به التنافس بين المحور الروسي والامريكي والخصومة بين بغداد وكردستان. ولعل استحضار القضية الكردية في الخطاب ليس وارداً لذاته بل كدلالة انه لايزال حيا وان كل مزاعم الروس والسوريين حول مقتله تبين انها بعيدة عن الصواب.
3-الإشارة إلى تركيا وأردوغان تعبير عن أزمة داعش بحربها مع تركيا الأمر الذي جعل البغدادي يعترف بتراجع تنظيمه، والانتقادات التي وُجّهت لجهود التقارب بين السعودية والعراق.
خطاب البغدادي يؤكد انه وأنصاره اصبحوا في زاوية حرجة، وأيضاً هو يدعوهم الى التربص بفوضى داخل العراق نتيجة الخلاف الكردي العربي وعند ذلك عليهم ان يعودوا الى تكتيك ارض التمكين واحتلال المدن من جديد، واما في سورية فهو يحفزهم على قتال كالذي وقع في الموصل ويحدد لهم الأولوية وهم الجيش السوري وحلفائه من الفصائل الشيعية.
4-وكأنه يريد من داعش في كافة فروعها ان تنفر الى قتال بتكتيك “الذئاب الجريحة” بدلا من الانسحاب ولملمة الفوضى ومعالجة الجراح، ليعلن السير على منهجية “الايام الزرقاوية” عشوائية القتل، وربما يلجأ، في المرحلة التي بعدها، إلى تكتيك هجمات الأطراف القريبة من الجبل والبوادي والصحاري التي تدافع بضراوة عما تبقى لها من رمق، فتمضي نحو وحشية باستهداف المدنيين من النساء والأطفال في المناطق المحررة والمستقرة نسبيا، وفي ذلك تكون أشدّ توحشاً وهمجيّة!