هل الدين حاجة فعلا..أم مجرد حجّة؟

……….هل الدين حجّة ام حاجة؟……..

. منصور الناصر

Advertisements
Advertisements

.
لا يتحقق الايمان بأي مقدس دون احتقار للذات ولو بتعذيبها جسديا ونفسيا
ولكن فضلا عن احتقار الذات، كيف لنا أولا: التقرب للمقدس، وثانيا تبرير حاجتنا له؟
والجواب الأول هو: بخلق أعداء وهميين أو حقيقيين، إما مع محاربة النفس “الأمارة بالسوء”، أو محاربة الآخرين “بعد تكفيرهم طبعا”
والجواب الثاني: بتسليم أنفسنا لمقدس ما، وبإشراف أي قوة خارجية “نخولها” التصرف بنا، وكيفما تشاء.

***
في لحظات “تأملهم” أو تعبدهم، لا تحد، ميادين الحروب الشاسعة التي يخوضها يوميا الكهنة الطموحين
العبارات المنفعلة التي يطلقها هؤلاء على المنابر (ليس المقاهي -فهذه لا يدخلوها، ترفعا-)، تؤكد ثقتهم بحسن عاقبتهم مهما طال الزمن وعلو صوتهم على العالم أجمع.
يكفي كذلك تذكر عبارات الدواعش وهم يقدمون على القيام بعملية انتحارية، فضلا عن عبارات قادمون يا روما التي تركوها بالخط العريض على الجدران قبل قتلهم.
.
مع هذا، لا بد من الاعتراف بأن امر الإرهابيين والمتعصبين، لا يخلو من “متعة” يعيشها هؤلاء مع انفسهم،
فكثيرا ما قرأنا حكايات “لمجاهدين” وصفهم أصدقاءهم بانهم كانوا عاديين وطيبين، لكنهم فجاة تحولوا لمتعصبين.
.
وتفسيري، أن هؤلاء قرفوا من حياتهم الرتيبة، من خمولهم واحساسهم بالعجز والفشل والملل مع كل أمر. ولم يعد أمامهم سوى البحث عن أعداء كحل لا ينضب لإثارتهم وجذبهم وتحفيزهم، وكل ما يحتاجونه، ليس السلاح بالدرجة الاولى، إنما المبرر..أو الفتيل الذي يطلق نيران براكينهم الكامنة ويجعلها تنفجر أينما حلت.
وهذا الفتيل (والحمد لله؟؟) موجود دائما في بلداننا، ويتمثل بالنص المقدس، بكل ما يتضمنه من وعود أخروية، وامتيازات متخيلة و”افتراضية”، قابلة دائما، بحكم كونه نصا ادبيا، للتنويع وابتكار ألوان مختلفة منه، وحسب الحاجة، وعلى يد كهنة متخصصين ومحترفين.
.
قد يظن البعض أنه هؤلاء أغبياء وسذج، صدقوا انهم سينامون فورا مع الحور العين..ولكن الحقيقة الاقرب للواقع، هي انهم لما عادوا يرغبون بالنوم مع أنفسهم الخاملة، البليدة، وفضلوا الهرب منها والانسياق لشروط قوة مقدسة ما، قوة ما ورائية مدهشة، على بقاء حالهم البائس على ما هو عليه..
وبالطبع، سيبتلع هؤلاء سريعا، وبمجرد دخولهم أسواقنا الدينية العامرة، طعم عشرات بل مئات “الصيادين” الجاهزين لاصطيادهم.

***
للشعور بالذنب قوة جبارة قلما ننتبه إليها، وهو شعور يجيد إثارته الكهنة في قلوب أتباعهم الباحثين بحماسة عما يحفزهم على القيام بفعل بطولي أو أي شيء ذي قيمة ويستحق الاحفاء به.
يصبح الدين هكذا ليس حاجة لا غنى عنها للإنسان، كما يقول بعض المفكرين، بل بابا قابلا لأن ينفس فيه “المخلوق” الخامل عن طاقته المعطلة.
ولهذا فأن:
..اللغط والجدل الذي لا نهاية له في تخريج هذه الآية او البحث في هذه الكلمة او تلك ليس بلا معنى
..التساؤل عن هذا الطقس أو الشعيرة وهل هي حلال ام حرام..ليس أيضا بلا معنى
كل التفاصيل التي لا تحمل قيمة كبيرة في حد ذاتها، تصبح مهمة جدا، فهي تفتح ميدانا خصبا جدا لتوظيف و”استثمار” كل ما يدور في ذهن “المؤمن” من تصورات وحقائق وافتراضات ومعلومات وأمنيات..وجعله متسقا،
ولكن ليس على يد “المؤمن” نفسه، بل بإسلام نفسه أو تسليمها لرجل دين يتحكم فيها بالكامل وكما يشاء..هكذا تصبح الحياة سهلة، مثيرة ولا هم فيها، وقابلة لأن تطاق، حياة لامسؤوليات فيها ولو مسح صاحبها قرية بكاملها من الخريطة!!
هنا نجد تبادلا للمصلحة: بين “مؤمن” يريد التخلص من همّ نفسه، ودجال متخصص في استثمار أمثال هؤلاء “المسّلمين”، والذين باعوا أنفسهم “روحيا”

وهذا هو، بالمناسبة، معنى “الإسلام” الكامل..اي تسليم المرء نفسه تماما، لربه أو من يمثله.
.
وهذا أيضا سر قوة الإسلام كدين، وإصرار كبار علمائه على التسليم أولا، وفقا لأية “لا تسألوا عن اشياء إن تبد لكم تسؤكم”..فضلا عن قطع دابر كل “من في نفسه مرض”.
***
بناء عليه، لدي سؤالين، الأول: هل ان إلغاء شخصية الإنسان، بجعله مؤمنا، أسهل بكثير من تحقيقها، لما يتطلبه ذلك من جهد وبحث وتفكير؟
جوابي بالتأكيد نعم
***
والسؤال الآخر هو: هل يمكن اعتبار الدين حاجة إنسانية مثلها مثل الأكل والشرب والجنس، أم انه مجرد حجة للاتكاء على “مقدس ما” بغض النظر عن قيمته، لكسر الروتين، والانطلاق بقوة في حجب ودهاليز العالم؟

المقال نشر في صفحة الشاعر والكاتب منصور الناصر Mansour Alnasser     

Advertisements

ويمكن متابعة المادة المنشورة مع التعليقات من هنا 

شاهد أيضاً

هل يجب التخلي عن نيتشه؟

Advertisements هل أصبح نيتشه ملهما لليمين المتطرف الجديد؟ Advertisements Advertisements Advertisements ترجمة: ياسر منهل/ المشروع …