سبعة قيود لا يمكن للإنسان التحرر منها!
عندما نتحدث عن قيود الإنسان فستتبادر الى الذهن فورا قيودا قانونية أو مادية أو دينية أو وطنية او عائلية، أو حتى لغوية لكنها جميعا يمكن تجاوزها والتحرر منها إلى درجة كبيرة فبإمكان الانسان تجاوز حدود وقيود الوطن والدين واللغة والفكر والمجتمع والمألوف والعاطفة ان أراد ذلك.
اذن ما هي القيود الحقيقية التي لا يمكن للإنسان التحرر منها؟
قيد الزمان
نحن باختصار أسرى الزمان..ربما لأن الزمان نفسه أسير نفسه أيضا، والسبب هي أنه لا يعرف السير إلا إلى الأمام دائما (ما دمت في المكان نفسه)، لذا ليس أمامك إلا أن تذهب نحو المستقبل ولو كنت تحلم بالماضي “ذهنيا”..فما مضى لن يعود مهما حاولت، أما من يدعون ذلك لغايات وصولية فهم واهمون او دجالون..من هنا فأنت مقيّـد بالسير نحو المستقبل تاركا وراءك الماضي. وهي مسيرة لن تتواصل معك غلى الأبد فهناك حد هو الموت سيقضي عليك..ولكنه لن يقضي على الزمن ..بل ستواصل “المواد” التي يتألف منها جسدك التقدم في بحر الزمن وربما للأبد!.
قيد المكان
على الرغم من عظمة الكون وتوسعه باستمرار الا أن حجمه محدود في النهاية والمواد المتوفرة فيه محدودة وتتحكم فيه أربع قوى فقط (الكهرومغناطيسية والجاذبية والقوة النّوويّة القوية والنّوويّة الضعيفة)، ونحن مقيدون بهن جميعا ولا يمكنك أن تتجاوزهم الى مكان آخر.
فطبقا لنظرية الانفجار العظيم فإن الزمان والمكان بدءَا فقط مع الانفجار وانبثاق الكون، إذا أنت هنا في هذه الأبعاد الأربعة وستبقى هنا يا صديقي.
هناك قيدٌ آخر كذلك وهو حجمك المحدود، فأنت للأسف لا تستطيع أن تكون أكبر أو أصغر مما أنت عليه, أضف الى هذا قوتك المحدودة أيضا.
قيد القوانين
اقرأ أيضاً: تطبيقات للمعلمين.. أفضل تطبيقات الهواتف الذكية المفيدة والمساعدة للمعلمين والتربويين
ولا نتحدث هنا القوانين الدستورية او الدولية بل عن القوانين العقلية والطبيعية وعلى رأسها قانون السببية (لا فعل من دون فاعل)، وقانون انحفاظ الطاقة (الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم ولكن يمكن تحويلها من صورة لأخرى فقط) الى غير ذلك من القوانين.
ومن هنا نجد أنّ الإنسان مُقيدٌ بهذه القوانين شاء أم أبى.
كيــف تعــرف أنك تعيش بعقليــة القــرون الوُسطــى ؟!
قيد الحواس الخمسة
الحواس الخمسة محدودة كما يشير الى ذلك الرقم 5 وأنت لا تملك غيرها للتعاطي مع هذا الكون، (هناك حواس اخرى غير رئيسية مثل حاسة التوازن وغيرها) وحتى هذه الحواس غير مُطلقة فمثلا لا تستطيع الرؤية الّا في الأمواج بين 400 و750 تيراهيرتز وتمثل جزءا صغيرا من الطيف الكهرومغناطيسي..ونحن قاصرون حسيا حتى بالنسبة للكائنات الأخرى لأننا لا تستطيع الرؤية بحدة نظر الصقر ولا حاسة شم الكلاب أو غيرها..علما اننا لا يمكن ان نستخدم دماغنا لمعرفة أي شيء بدون المعلومات التي توفرها هذه الحواس
قيد المـُخيّـِـلة
حتى خيال الانسان مقيد؟ نعم، فأنت لا تستطيع أن تتخيل حاسّةً غير الحواس الخمسة مثلا أو أن تتخيل أربعة أبعاد مكانية أو أن تتخيل كيف يبدو العدم، ولمعرفة ذلك علينا أن نفهم سر جهل العميان منذ الولادة، مثلا، بمعنى الألوان والأشكال المختلفة، وبطريقة تؤدي إلى فشلهم تماما في تخيلها.
قيد الضرورات الجسمانية
نحن كائنات تعتاش على الطبيعة، فلا يمكن لنا الاستغناء عن هوائها ولو لثواني..ولا لغذائها ومائها لبضعة أيام، ولا لترابها لكي يتاح لنا السير والنوم الخ..
جسدنا نفسه مؤلف بالكامل من مكوناتها، نحن باختصار وسط الطبيعة، مثل الجنين في بطن امه لا يمكن له الحياة دون مشيمة الأم.
باختصار.. أنت هنا بحجمك المحدود وقوتك المحدودة مُقيدٌ في هذا الكون المحدود الذي يحوي موادّا محدودة وتقيدك قوانينُه بالرغم عنك وليس لك الا حواسك الخمسة المحدودة ومُخيـّلـة محدودة للتعاطي مع الأمور ولك جسم يُرغمك على توفير حاجياته للاستمرار وأنت في النهاية مجبر على السير نحو المستقبل الى أن تصل الى حدّ اسمه الموت.. لذا أعد التفكير واستغل وقتك وحياتك جيدا قبل أن ترجل !
قيد المجتمع
الإنسان كائن اجتماعي..ولا يمكن له الحياة منفردا خارج المجتمع الذي يولد فيه..فهو يولد بشكل مبكر قياسا بالكائنات الحية الأخرى، التي نرى أنها تستطي الوقوف والسير والحركة والأكل منذ اللحظات الاولى لسقوطها من جنين امها..الرضيع البشري..لا يستطيع ذلك ويحتاج للبقاء ثلاث سنوات في بطن امه لكي يولد بشكل مناظر لأجنة الحيوانات الأخرى.
وعليه الرضيع سرعان ما يهلك دون رعاية امه على الاقل والمجتمع الذي يولد فيه،
وإليكم هذا المقال المنشور في موقع الجزيرة عن القيد الأخير
قيود المجتمع.. كيف تحاصرنا الأعراف الاجتماعية؟
كان يا ما كان.. عٌرف في بلدي أنه بقي كما كان.. في مجتمعي المتنوع الذي تتفاوت منازله في ترفها وفقرها كما تتفاوت قصص ساكنيها أيضا، مجتمع أنهكته الصراعات عقوداً من الزمان فهل يا ترى بخرت الحروب الفوارق الدنيوية بيننا أم ما زلنا في دهاليز التفاوت ضائعين وتحت خنقة الأعراف بائسين. تلك الحدود الاجتماعية الثقيلة التي ترقد على صدورنا بما فيها من آمال ورغبات بل بما فيها من حقوق مُوجِبة!
إن العُرف العربي سرٌ لا يفتأ العرب في اكتشافه يوماً تلو آخر ويقرأون فيه عبقريتهم وعنادهم وغباءهم على حدٍ سواء.. ما أصل هذا العُرف ومن أين يستمد كل هذه القوة التي تغلب المعتقدات والمنطق والعلم والقانون والفن؟ أهي القبيلة؟! أيعُقل أن يكون مصدر قوته هو ما نواريه اليوم خلف أثواب التحضر والحداثة بل إننا نفضناه من علينا حين أقبل الإسلام مساوياً وموحداً لجميعنا.
إن الأعراف المائلة في مجتمعنا العربي كثيرةٌ جداً حيث لا ينبغي عليَّ الغرق في حصرها لقومٍ أعلم مني بها، لذا ليست هي ذاتها مصدر الاهتمام هنا بل الأداة المنتجة لها ومصدر قوتها واستمراريتها وتطورها الذي يمضي بثقة نحو الرجعية المجتمعية والثقافية والإنسانية. يلزمنا أولاً معرفة الفرق بين العُرف كأداة وبين العُرف كمحتوى قائم ومٌلزم للشعوب وطرح السؤال هل هناك حقاً تداخل بينهما؟ حين نعرف تلك الإجابة سنتبصر كثيراً في حل القيد الذي وضعنا أيدينا فيه.
بدايةً حتى نفهم لنغض الطرف في هذا الموضع عن العلاقة ما بين العرف والدين، فالعُرف سابق للإسلام وشامل لغير المسلمين ولاحق لمن تخلو عما ألزمهم الدين به وتمسكوا بالعُرف، بالإضافة إلى أن هذه العلاقة تحتاج لأن تأخذ حقها الكامل في الطرح في غير هذا الموضع. حين نذهب لرؤية العُرف كأداة فنجد أن علماء النفس والاجتماع يعدّون العُرف ” طبيعة ثانية” لشدة ما تألفه النفس البشرية، ويعتبر العُرف أداة لمراقبة الفعل الاجتماعي بهدف ضبط حركته وتحقيق المصالح العامة فيه وفي هذا الشأن توجب تجدد الأعراف وتغيرها فيما يقتضي تحقيق تلك المصالح وما أُطلق عليه في هذا السياق “الحاجة العامة” ومن شروطه أيضاً أن يكون مظهراً من مظاهر الفطرة البشرية ويمثل الحال الذي بداخل الإنسان.
أصبحنا مختلفون في الأمثال والحكايات والأساطير وأعراف العمل والتجارة ومظاهر الحياة اليومية والشخصية! فهل أعرافنا اليوم هي حقاً ما استقرينا عليه في تصرفاتنا المجتمعية؟
ولو تأملنا العُرف كمحتوى حالي لوجدناه قوانين وقواعد صارمة جداً تُلزمك باتباعها سواء كانت تلائمك أم لا، وتملصك منها يعد خروجاً سافراً عن المجتمع برمته! ويبقى السؤال هل هناك تداخل بين العُرف كأداة وكمحتوى؟ سؤال إجابته ستغدو في ضوء ما سبق جليةً وتٌكون لدينا مفهوم جديد عن العُرف المجتمعي اليوم.. فهل وجدتْ عزيزي القارئ الإجابة؟! إن العُرف السائد دائماً هو نتاج مُحيطه، المحيط الاجتماعي أولاً ويليه السياسي والثقافي والعقائدي ولنتفق أيضاً أنه غالباً ما يقف مجابهاً للفنون والحرية والتجديد، بمعنى أنهُ نتاج لطرق تفكير هذا المجتمع وبالتالي أحد أهم محدداته المستقبلية ومن منظور آخر الأعراف ليست هي المحيط نفسه وليست قضاياه واحتياجاته هي فقط أتت بواسطته!
فـبرغم تنصل الجميع منه ورفضه فكرياً إلا أن لا أحد يمتلك القوة لنكرانه، الأمر يبدو غير منطقي وسخيف ولكنه هكذا، يدفعك للتعجب كيف لمجتمع أن يُنتج عُرفاً يمثل عائقاً كبيراً أمام تقدمه على عدة مستويات، لا يقتصر الأمر على إنتاجه فقط وإنما يتجاوز هذا ليضعهُ في منزلة قداسة مجهولة الهوية فلا تحمل في طياتها سوى كونها عُرفاً!! ونبقى في دوامة التساؤل هل العُرف شيءٌ منِّا أم نحن شيءٌ منه؟! حسناً.. إن هذا التخبط والتشعب والحيرة ستدفعنا لسؤال أكثر بساطة: ما معنى كلمة عٌرف؟ “هو العادة وما استقر عليه الناس في تصرفاتهم في المجتمع”ولو تجاوزنا الآن نقطة أنهُ اليوم مصدر خلاف متأجج في المجتمعات فنحن أولاً لا نعرف من أين يستمد اليوم موافقة الناس وفي الأساس غالبه متوارث وإن استقر عليه أُناس سابقون فلمَّ تُفرض موافقتهم علينا اليوم، لم لا نُسأل اليوم ويكون لنا الحق في أن نستقر عليه أم لا؟!
لنعد إلى النقطة المتجاوزة فهو اليوم مصدر خلاف تجاوز نقاط الأعراف التي تأخذ النمط الذي يحوي حُكماً “صائبا أو خاطئا”، إلى مرحلة أننا أصبحنا مختلفون في الأمثال والحكايات والأساطير وأعراف العمل والتجارة ومظاهر الحياة اليومية والشخصية! فهل أعرافنا اليوم هي حقاً ما استقرينا عليه في تصرفاتنا المجتمعية؟ وهل غياب استقرارنا على محتواه يسلبهُ مُسماه وقداسته كونه عُرفاً؟ وإن سُلب مسماه وقداسته هل حقاً سنتجاوزه؟ أم أننا سنخلق من ظلاله مسمىً جديداً نواري خلفه ضعفنا الذاتي وفشلنا في مواجهة الجديد في الحياة ومخاوفنا تجاهه، ونبقى في دهاليز ما ننتجه ليوارينا تحت ثرى الحرية؟!