شكلت هزيمة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية التي يرفض الإقرار بها صفعة للأحزاب اليمينية الشعبوية المتطرفة في ألمانيا وأوروبا، لما كان يشكل وجوده في البيت الأبيض من دعم رمزي لها بحكم دعمه لقادتها.
وطوال ولايته الرئاسية، لم يتوانَ ترامب عن محاولة ضرب الأحزاب التقليدية وخلق اضطرابات في بلدان كانت تعتبر الأكثر استقراراً في أوروبا، وبخاصة أنه لم يكتفِ بالدعم المعنوي، بل إن مستشاره السابق ستيف بانون تدخل خلال فترة التحضير للانتخابات الأوروبية عام 2019 دعماً لليمين المتطرف.
وتبرز التعليقات التي صدرت عن قادة أحزاب اليمين الشعبوي، أن الإعجاب بترامب لم ينقطع. وفي الصدد، اعتبر الرئيس المشارك لحزب “البديل من أجل ألمانيا”، تينو شروبالا، في تغريدة على “تويتر” أن “ترامب حفز الديمقراطية”.
Was jetzt schon feststeht: #Trump hat Ungehörten wieder eine Stimme gegeben & die wirtschaftliche Lage vieler Amerikaner verbessert. Er hat die Demokratie belebt & keinen Krieg angezettelt, wie seiner Vorgänger das taten. Und all das trotz Widerstand & Zensur durch Establishment.— Tino Chrupalla (@Tino_Chrupalla) November 4, 2020
ما هو مؤكد بالفعل: لقد أعطى # ترامب صوتًا غير مسموع مرة أخرى وحسن الوضع الاقتصادي للعديد من الأمريكيين. لقد عمل على تنشيط الديمقراطية ولم يبدأ حربًا كما فعل أسلافه. وكل ذلك على الرغم من المقاومة والرقابة من قبل المؤسسة. – (Tino_Chrupalla)
وفي حديث مع شبكة “ايه اردي”، رفض شروبالا الاستنتاجات التي تشير إلى أن خسارة ترامب هزيمة أيضاً لـ “البديل”، معتبراً أنه لن يكون لذلك أي تأثير.
في المقابل، اعتبرت أحزاب أخرى في البرلمان الألماني، بينها الخضر، أن انتصار الديمقراطي جو بايدن على ترامب يشكل إنذاراً للقوميين الشعبويين.
وقالت المتحدثة باسم الحزب للشؤون الأوروبية في البرلمان الألماني فرانسيسكا برانتنر، إن نتيجة الانتخابات تظهر أن الأكاذيب وخطابات الكراهية لا يمكن أن توصل إلا إلى هذا الحد.
وفي ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، وبعض الأحزاب التي حافظت حكوماتها على علاقة وطيدة مع ترامب، كما هو الحال بالنسبة إلى بولندا، أشارت برانتنر في تصريح لها إلى أنه بعد خسارة ترامب قد تكون الأمور الآن تتحرك في اتجاه آخر، وهذا سيكون موضع ترحيب.
وفي السياق، توقع الباحث البلغاري، إيفان كراستيف، في تحليل لمركز الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن الحكومات غير الليبرالية في بولندا والمجر، تنظر إلى ترامب كحليف طبيعي، وسيتضاءل حضورها وتأثيرها لإضعاف الاتحاد الأوروبي.
وتكثر التساؤلات عمّا إذا كانت الأحزاب اليمينية الشعبوية ستخبو أكثر في أوروبا، مثل حزب “الليغا” في إيطاليا وحزب “الحرية” اليميني المتطرف في النمسا، بعد أن كان ترامب مصدر إلهام لها، وفق ما ذكرت تقارير إعلامية، مع “البديل من أجل ألمانيا” الذي يعاني من حروب داخلية، وحزب ماري لوبان في فرنسا.
وكان فوز بايدن محل ترحيب من الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الذي تحدث لصحيفة “فرانكفورتر الغامينه تسايتونغ” أخيراً عن “عودة العقل والثقة للديمقراطية”، فيما غرد الرئيس السابق للمجلس الأوروبي دونالد توسك قائلاً: “قد تكون هزيمة ترامب بداية لنهاية انتصار الشعبوية اليمينية في أوروبا أيضاً”.
Trump’s defeat can be the beginning of the end of the triumph of far-right populisms also in Europe. Thank you, Joe. pic.twitter.com/wm6Skj3ZDF— Donald Tusk (@donaldtuskEPP) November 7, 2020
وفي هذا الإطار، اعتبر وزير خارجية لوكسمبورغ، جان اسلبورن، أن اليمنيين الشعبويين لم يخسروا فقط حليفهم الأقوى، بل باتوا يفتقدون إلى نموذجهم العظيم ومرجعيتهم، مضيفاً في تصريح له: “هذا يجعلني واثقاً من أن هزيمة ترامب خسارة كبيرة لأعداء أوروبا”.
في المقابل، ذكر موقع “شتيرن” عن كريستوف تريبيش من معهد كيل للاقتصاد العالمي أن الوقت ما زال مبكراً على إصدار الأحكام، لكنه اعتبر أن اليمين الشعبوي يضعف بمستوى عالٍ جداً.
وفيما أبرز أن تلك الأحزاب “ليست ظاهرة ستختفي بسرعة”، ألمح إلى أن أنصارها من قادة الأحزاب الأوروبية سيفتقرون إلى حليف مهم في المستقبل.
وعلى أي حال أشارت شبكة “ايه ار دي” الألمانية إلى أنه “سيكون من السابق لأوانه إعلان نهاية القومية اليمينية في العالم، في ضوء هزيمة ترامب الانتخابية، التي لم تكن بمثابة انهيار شامل للترامبية، بعد أن كانت المنافسة على أشدها بفعل تقارب أصوات الناخبين بين بايدن وترامب”.