قال العالم الأمريكي نعوم تشومسكي، والذي احتفل اليوم بعامه الثاني والتسعين، إن الحزب الجمهوري تحول لحركة فاشية وفيما اعتبر أن حصار إيران غير شرعي، أكد أن مستقبل الديمقراطية في خطر. ذلك بسبب تصاعد الفكر الرجعي عبر العالم خلال السنتين الماضيتين، مبينا أن ما ساعد على ذلك صعود ترامب الى البيت الأبيض.
واعتبر أن احدى أهم تلك الرجعيات اليوم يتمثل في نظام بولسونارو في البرازيل، ونظام مودي في الهند الذي قمع المسلمين وحطم النظام العلماني في البلد، إضافة الى أنظمة الحكم الخليجية واسرائيل في الشرق الأوسط.
70% من يهود إسرائيل يؤيدون ترامب مقابل 22% في أميركا!!
وأضاف تشومسكي “لقد تحركت اسرائيل في السنوات الأخيرة بشكل حاد نحو اليمين،بحيث أنها الدولة الوحيدة في العالم التي يمثل فيها جيل الشباب توجها أكثر رجعية من الأجيال الأكبر عمرا، الدولة الوحيدة التي يتمتع فيها ترامب بشعبية واسعة جدا.
وأضاف “واذا لاحظنا استطلاعات الرأي خلال الأشهر الماضية نجد أن 70% من سكان اسرائيل يفضلون ترامب مقابل 13% لبايدن”.
فيما صوت 75% من يهود الولايات المتحدة لصالح بايدن مقابل 22% لصالح ترامب! واذا قارنا نسبة شعبية ترامب في اسرائيل (70%) بنظيرتها في البلدان الأوربية نجد أنها لا تتجاوز ال18%!.
البشرية تواجه أربعة مخاطر
وتحدث تشومسكي في المحاضرة وكانت بعنوان (خواطر حول مستقبل الديمقراطية) أيضا، عن أربعة مخاطر تهدد مستقبل البشرية: الحرب النووية، الاحتباس الحراري، سقوط الديمقراطية، وجائحة كورونا.
يقول تشومسكي إن عددا من العلماء والمفكرين بدأوا يعبرون عن قلقهم بشأن نهاية الجنس البشري وفناء الحياة على كوكب الأرض منذ تفجير القنبلة الذرية عام 1945. وإن عقارب عقارب ساعة القيامة، التي تنذر بتلك النهاية، عملت بشكل متسارع خلال فترة حكم ترامب القصيرة.
لقد سعت إدارة ترامب للتخفيف من القيود المفروضة على تجارة السلاح ومخاطر السلاح النووي.
أزالت العديد من القوانين الملزمة والمقيدة للعاملين في الوقود الأحفوري المدمر للبيئة وللصحة العامة، وبشكل خاص أمراض الجهاز التنفسي، وهو ما يعد موضوعا حساسا في هذا الوقت تحديدا مع ظهور جائحة كورونا.من جانب المخاطر على مستقبل الديمقراطية.
تحدث تشومسكي في محورين، السياسي والذي يتلخص في مساعي ترامب لإسكات أي صوت معارض من خلال إزاحة الشخصيات المستقلة من إدارته، حتى أنه طرد المراقبين العامين الذين كان الكونغرس قد عينهم لمراقبة عمل الأجهزة التنفيذية ومحاربة الفساد.
والمحور الاقتصادي والذي يتمثل في سرقة مهولة للمال العام، ذهب ريعها لا لل10% الأغنى في المجتمع بل لل0.1% الأغنى.
تلك الطبقة الضيقة جدا، نجحت في مضاعفة ثرواتها خلال الأربعين عاما الماضية، مما كان له تأثير مدمر على فرص قيام ديمقراطية حقيقية.
الحزب الجمهوري تحول إلى حركة فاشية عنصرية
أما عن الانتخابات الأخيرة فيقول تشومسكي إنها كانت كارثة حقيقية. لقد تحول الحزب الجمهوري منذ سنوات الى حركة فاشية عنصرية على غرار الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوربا.
الجمهوريون ليسوا أفضل حالا من ترامب، حسب تعبيره. لقد أصبح الحزب يضم المناهضين لحماية البيئة، المنكرين لظاهرة الاحتباس الحراري (وكورونا)، القوميين المتطرفين، الإنجيليين المتعصبين، العنصريين من دعاة تفوق العنصر الأبيض وكراهية المهاجرين، وكذلك العسكريين من دعاة الحرب.
في موضوع مواجهة جائحة كورونا، يقول تشومسكي إن البلدان التي واجهتها مبكرا بإجراءات حكومية صارمة عادت اليوم الى حياة شبه طبيعية، مثل الصين وكوريا الجنوبية.
أوربا تأخرت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لكنها في النهاية تداركت الأمر وسيطرت على الموقف.
أما البلدان التي تقاعست عن اتخاذ إجراءات حكومية وهي أمريكا وفرنسا والبرازيل والهند، فهي على رأس قائمة البلدان المنكوبة اليوم.
وعن التحولات المرتقبة في عهد بايدن، يقول تشومسكي إن الحزب الديمقراطي منقسم اليوم، بين قيادة ليبرالية متمسكة بالنظام القديم حتى الرمق الأخير، وقاعدة شعبية من الشباب الأكثر انفتاحا وأكثر ميلا لليسار.
حصار إيران غير شرعي
وعن العلاقة مع ايران قال تشومسكي إن الحصار غير شرعي، ولا يستند الى أي مبررات قانونية، والضربة العسكرية غير مستبعدة.
أما عن الخطر الذي تمثله إيران في المنطقة فقال تشومسكي، إن الخطر الأكبر هو في كونها دولة رادعة.
أمريكا واسرائيل تريدان أن لا يكون هناك أي تحد لحرية تحركاتهما في المنطقة. أمريكا لا تريد حتى أن تناقش حقيقة امتلاك اسرائيل للسلاح النووي، بل أنها لا تعترف رسميا بامتلاك اسرائيل له.
وأخيرا يضيف تشومسكي أن الحرب إن تمت ستكون ضربات من بعيد، وليست مواجهات على الأرض، أو غزو، ولكن مع ذلك حرب من هذا النوع ستكون مدمرة للمنطقة كلها وليست لإيران فقط.
المادة من ترجمة الكاتبة نادية عاكف