أزاميل/ تعقيب ومتابعة: نشرت، الأربعاء، “رأي اليوم” افتتاحية تناولت فيها قضية التحرش بمراهقين إيرانيين في جدة، ونحن في “أزاميل”، نجد أننا معنيون بنشر خبر هذه الحادثة وسط الرأي العام السعودي، وقد تعرض الموقع جراء هذا لعدد كبير من الانتقادات والاتهامات التي يتطلب الرد عليها وتوضيح موقف الموقع منها.
أولا: تعرض الموقع بسبب هذا الخبر لتهمة جاهزة وشائعة عربيا وهي أنه موقع شيعي ويغرّد لإيران، ونود هنا توضيح امر مهم وهو اننا لسنا ممن يغرد لأحد أيا كان، لأن “التغريد” لجهة أو طرف ما مناف تماما للفكرة من إنشاء الموقع، وهو الخروج على حالة الاستقطاب التي تعاني منها وسائل الإعلام العربية لهذه الجهة او تلك، وذلك بنشر الأخبار بغض النظر عن تقبل هذا “الفريق” له أو غضب ذاك..وعليه ننصح أي جهة أن لا تنتظر منا التحدث بلغتها بل بلغة المواقع الإعلامية المهنية التي تسعى لنقل الحقيقة كما هي ودون خشية من رضا أو زعل أحد.
ثانيا: تم نشر الخبر بعد اختصاره في الموقع يوم 9 نيسان 2015، نقلا عن وكالة إيرانية تنشر أخبارها بالعربية، ولم يحظ بالاهتمام إلا بشكل مفاجئ بعد ذلك بأيام في تويتر، ولم نكن نتوقع أنه مازال مجهولا “بشكل مقصود أو غير مقصود” في الوسط الإعلامي العربي عامة، والسعودي خاصة، فضلا عن القنوات الإعلامية الإيرانية نفسها، وهو ما لايعرفه كثيرون.
ثالثا: نتفهم الموقف السعودي الرسمي الصامت تجاه هذه القضية التي تعتبر عادية وممكنة الحدوث في أي مكان في العالم، ونحترمه، فهو أمر ربما كان يتطلب معالجته بصمت وعبر القنوات الرسمية لا أكثر ولا أقل، ولهم حق الاجتهاد في ذلك وفق ما يرون، وكذلك نحترم ونقدر وبشكل كبير جدا الرأي العام السعودي النشط والمبدع، والمثابر، وننتظر منه تصويب خظواتنا بالملاحظة والرأي السديد، إذا ما أخطانا مستقبلا في نقل هذا الخبر أو هناك.
رابعا: التلميح من قبل “رأي اليوم”، التي هي برأينا من أفضل المواقع العربية مهنيا وإعلاميا، بأن لكل دولة “طريقتها” في إرسال الرسائل إلى خصومها، جعلنا نشك بأننا المقصودون به، وهو ما أجبنا عليه في الفقرة الاولى بوضوح. ثم اننا نقلنا خبرا رسميا صدر عن جهة رسمية ونشرته ايضا وكالة أنباء رسمية، وعليه لا توجد رسالة من الاصل، كل ما في الأمر أنه خبر لم ينتبه إليه أحد جيدا، وهذا قصور إعلامي نحن غير معنيين به.
كما ان “توظيف” إيران للخبر، حسب تحليل “رأي اليوم” لم يحدث أصلا، بل أن وسائل الإعلام الإيرانية لم تعر له أي اهتمام، ربما لأنه لا يشجع على “التحريض المطلوب” للإيرانيين الغاضبين، إنما على العكس يهدئ ويخفف من غضبهم، فهو يتضمن حلا سليما للمشكلة وتصريحا واضحا بان المعتدين السعوديين تم القبض عليهم، وانتهى الامر، وهذ بالطبع لا يصب في مصلحة الصقور المنتشرين على كلا الجانبين الإيراني والسعودي.
خامسا: ندعم ونؤيد معظم ما جاء في افتتاحية “رأي اليوم”، وعلى الأخص ما يتعلق بالشفافية ومواجهة ما يحصل مباشرة دون الحاجة لغض النظر عنه، أيا كانت درجة حساسيته او صعوبته.
سادسا: نجد ان ما حصل يفرض علينا توضيح ما يلي وهو : أن أزاميل موقع محايد لا سني ولا شيعي..ولا حتى أميركي..ولا تموله أي جهة تتبنى خطاب هذه “الطوائف” الثلاث والتي تعيش من لحم اكتافها أغلب المواقع والقنوات الإعلامية حاليا.
..ولأن الخبر الذي نقلته “أزاميل” ظهر جليا انه صحيح وفقا لتصريح سعودي رسمي، فنحن ننتظر ان يعتذر من اتهمنا جزافا باننا بوق إيراني أو شيعي، أو حتى “غير سني” ونريد ان نقول لمن اتهمنا الآن او لاحقا لسنا بوقا ولن نكون بوقا لا للسنة ولا للشيعة ولل للأميركان او غيرهم..وندعو الجهات التي اتهمتنا أن تتروى قليلا قبل إطلاق أحكامها، فليس كل من حولها طائفي مثلها، وعليها مستقبلا أن ترفع عن عينيها نظارات الطائفية لكي ترى العالم من حولها جيدا.
وللإطلاع على الخبر المنشور في الموقع يوم 9 نيسان اضغط هنا
وللإطلاع ايضا على التصريح الرسمي السعودي وتأكيد صحة الخبر بعد نشره بأيام إضغط هنا
وأدناه النص الكامل لافتتاحية “رأي اليوم”
ايران “توظف” حادثة “التحرش الجنسي” ضد اثنين من معتمريها الشبان في مطار جدة وسط “صمت سعودي” يتسم بالغموض.. فلماذا يستمر هذا الصمت؟ واين الحقيقة؟ وما المانع من تقديم المتهمين الى القضاء العادل والاعتذار رسميا عن هذا “الفحش” اذا تأكد؟
كل دولة لها طريقتها في ارسال رسائل الى خصومها، البعض يلجأ الى القنوات الدبلوماسية مثل الدول الغربية، والبعض الآخر يفضل ايصال رسائله عبر الصحف، بالايعاز لبعض الكتاب دون غيرهم، بشن هجوم شرس على الدول المعنية، مثلما هو الحال في مصر ودول عربية اخرى، بينما يفضل البعض الثالث اصدار التعليمات لمجموعة من ابنائه بالتظاهر امام سفارة البلد المستهدف ومحاولة اقتحامها، وتعتبر ايران “رائدة” في هذا المضمار.
الازمات متفاقمة هذه الايام بين المملكة العربية السعودية وايران، فالبلدان يخوضان حربا بالوكالة ضد بعضهما البعض في سورية والعراق واليمن، ولهذا لم يكن غريبا، ولا مفاجئا، ان تنتقل هذه الحروب الى ميدان آخر مختلف تماما وهو الاماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، تحت عناوين وذرائع تبدو غريبة، ومثيرة، في الوقت نفسه.
القصة بدأت عندما قال السيد حسين امير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الايراني المتخصص بملف الشرق الاوسط ان شرطيين سعوديين تحرشا “جنسيا” بشابين ايرانيين “صغيرين” كانا في طريقهما للعودة الى مطار طهران عبر مطار جدة الدولي، وبادر باستدعاء القائم بالاعمال السعودي في طهران لابلاغه احتجاجا رسميا، وطالب باعتذار سعودي رسمي ومحاكمة الشرطيين المتورطين.
السلطات السعودية التزمت، وما زالت، تلتزم الصمت، ولم يصدر عنها اي توضيح لهذه الاتهامات الخطيرة، الامر الذي زاد من غضب الايرانيين الذين بادروا بوقف رحلات العمرة احتجاجا، ونظموا مظاهرات احتجاجية اما السفارة السعودية في طهران، رفع المتظاهرون خلالها شعارات معادية للمملكة وعاهلها.
اعمال التحرش الجنسي تحدث في كل انحاء العالم، والسعودية ومطاراتها لا يمكن ان تكون استثناء، لكن ان تستهدف معتمرين ايرانيين وفي مثل هذا التوقيت الذي تتوتر فيه العلاقات بين البلدين الى ذروتها، فان هذا امر يبعث على الدهشة وطرح العديد من علامات الاستفهام في الوقت نفسه.
السيد عبد اللهيان يقول ان السلطات السعودية القت القبض على الشرطيين المتهمين ووعدت بمحاكمتهما الامر الذي يؤكد ان “جريمة” التحرش هذه صحيحة وليست مفتعلة مثلما يتبادر الى الاذهان للوهلة الاولى، ولكن هذه المعلومات صدرت عن الطرف الايراني وليس عن الجانب السعودي، الامر الذي يثير المزيد من الغموض على هذه الجريمة وتفاصيلها.
التحرش الجنسي، سواء استهدف ذكورا او اناثا، ايرانيين او غير ايرانيين، جريمة بشعة يجب ان يتعرض مرتكبها الى ابشع العقوبات، وهذه قاعدة قانوينة جنائية متبعة في معظم الدول في العالم، ان لم يكن كلها، ولذلك لا نفهم لماذا تلتزم السلطات السعودية الصمت في هذه الحالة، وتمتنع عن توضيح وجهة نظرها ازاء مثل هذه الاتهامات الايرانية الخطيرة.
ندرك جيدا ان موضوع زيارة الاماكن المقدسة لاداء فريضة الحج او العمرة من قبل المسلمين ينطوي على درجة عالية من الاهمية، والحساسية، في الوقت نفسه لدى السلطات السعودية التي تحرص دائما على راحة الحجاج، وتوفير اقصى خدمات ممكنة لتسهيل فرائضهم دون اي مشاكل او تعقيدات، وتنفق عشرات المليارات من الدولارات في هذا المجال، ولكن هذا لا يعني التحلي بحساسية زائدة عندما يتعلق الامر بحوادث او جرائم مقصودة، او غير مقصودة، تقع في الاماكن المقدسة او في محيطها، سواء عند نشوب حريق او انهيار نفق، او تعطل قطار نقل الحجاج، او حادثة تحرش جنسي، او غير جنسي.
الشفافية مطلوبة، لقطع الطريق على التأويلات والتفسيرات غير الدقيقة او حتى المغرضة، مثلما يحدث حاليا تجاه جريمة التحرش هذه التي تسيء للمملكة ونظامها القضائي واجهزتها الامنية في الوقت نفسه.
ففي ظل هذا الصمت الرسمي السعودي ستواصل السلطات الايرانية تضخيمها لهذه المسألة، وتجييش شعبها، وتحريض شعوب اسلامية اخرى ضد المملكة العربية السعودية ونظامها القضائي.
النظام القضائي السعودي يصدر يوميا تقريبا احكاما بالاعدام ضد مهربي المخدرات، ومغتصبي النساء والرجال، ومرتكبي جرائم القتل والسطو المسلح، فلماذا يتم استثناء هذين الشرطيين اذا كانا اقترفا فعلا جريمة التحرش الجنسي هذه لقطع الطريق على اي توظيف ايراني لها؟
المسؤولون السعوديون يؤكدون هذه الايام بأنهم يضعون مسألة اصلاح القضاء على قمة اولوياتهم، ويصرون على القول بأن بلادهم تتغير، ولن تعود الى الحال الذي كانت عليه طوال الاعوام السبعين الماضية، وما غاراتها الجوية على الحوثيين وحلفائهم في اليمن الا احد اوجه هذا التغيير، وان هناك مفاجآت قادمة، فانتظروها.
كلام جميل وينطوي على جانب من الصحة، ولكننا نريد ان نرى هذا التغيير في مجالات عديدة ابرزها التأكيد على نزاهة القضاء، ومساواة الجميع امام محاكمه، والعدالة في احكامه، وهذه في مصلحة السعوديين قبل غيرهم، واذا كان الحال كذلك، فان المدعي السعودي العام يجب ان يتحرك ضد الشرطيين المتهمين، ويقدمهما الى محاكمة عادلة، وان يخرج المتحدث باسم الداخلية السعودي الى وسائل الاعلام في مؤتمر صحافي ويشرح كل ملابسات هذه الجريمة، اذا وقعت فعلا، او ينفيها نفيا قاطعا، اذا لم تحدث في ظل شفافية مطلقة.
وربما يخرج علينا البعض، كالعادة، ويقول وما دخلكم انتم في “راي اليوم”، فهذا موضوع سعودي ايراني، ويتعلق بشأن داخلي سعودي، وهذا صحيح، وردنا هو ان الاماكن المقدسة، وامن زوارها، هي من صميم اختصاص كل مسلم، ثم انه طالما ان السعودية تطالب بمشاركة العرب والمسلمين في حروبها في اليمن وسورية والعراق فان مسألة الشأن الداخلي وتعريفاتها تغيرت كليا، وذابت حدودها، وبات يصعب التمييز بين الشأن الداخلي والخارجي في زمن ثورة المعلومات وتحول العالم كله، وليس العربي منه، الى قرية صغيرة.
“راي اليوم”