ازاميل/ بغداد: تشكل الرواتب والمنافع الاجتماعية للنواب في العراق، النسبة الأعلى مقارنة مع البرلمانيين في دول العالم الأخرى، حيث يحظى النائب في العراق براتب ومخصصات تصل الى الاف الدولارات فضلا عن المنح والايفادات والمكافآت، وبالطبع “عوائد الفساد” الوفيرة والتي يقدرها بعض “الحساد” بعشرات أضغاف المبالغ الهائلة أصلا التي يتسلمها النائب رسميا.
بغداد: مناف العبيدي / الشرق الاوسط
كشف النائب السابق في البرلمان العراقي القاضي وائل عبد اللطيف عن وجود جيش من حمايات الشخصيات في الدولة العراقية يزيد تعداده على الجيش العراقي الحالي، مشيرا إلى أن المخصصات والأرقام المالية المهولة التي تصرف إليه أرهقت ميزانية العراق وأوصلتها إلى العجز، وأن هناك تحايلا على القانون والدستور في هذا الشأن مورس على مر السنوات الماضية لإبقاء الامتيازات والمرتبات على حالها.
وقال عبد اللطيف، وهو وزير سابق في الحكومة العراقية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، {إن الأعداد التي جمعتها عن تعداد عناصر حمايات رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان ونوابهم وحمايات الوزراء ورؤساء الوزراء السابقين وشخصيات سياسية أخرى تجاوزت 25 ألف عنصر حماية، وهذا العدد يصرف لكل واحد منهم راتب مقداره مليون و900 ألف دينار عراقي (نحو 1500 دولار)، إضافة إلى مخصصات طعام وإسكان ومحروقات ومخصصات طبية}. وحسب عبد اللطيف {يضاف إلى هذا العدد عدد كبير جدا من حمايات أعضاء مجلس النواب ورؤساء المجالس في المحافظات والمحافظين ونوابهم وأعضاء مجالس المحافظات والمديرين العامين ووكلاء الوزارات، ليتجاوز العدد الإجمالي لأفراد الحمايات تعداد أفراد الجيش العراقي الحالي}. وقال: «هذه الأرقام بالتأكيد هي أرقام كبيرة جدا، ولا تنسجم مع وضع البلد، وعلى رئيس الوزراء العمل بشكل فوري لإنقاذ العراق من كارثة اقتصادية في حال استمرار هذا النزيف الهائل في المال».
وبالنسبة للامتيازات المالية للمسؤولين، كشف عبد اللطيف أن «مجموع ما يتقاضاه الوزير وعضو مجلس البرلمان، كراتب اسمي لمدة شهر واحد فقط، يبلغ 12 مليونا و900 ألف دينار، أي ما يعادل 10 آلاف و800 دولار أميركي، بشكل مقطوع. ويتضمن هذا المبلغ مصاريف الحماية والنفقات الأخرى للشهر الواحد، ولا تشمله أي ضرائب، وأضيف إلى هذا المبلغ بمقترح من عضو البرلمان السابق (شيخ النواب) خالد العطية مبلغ 3 ملايين دينار لإيجاد سكن يليق بالبرلمانيين، وقوبل المقترح بالقبول، وتمت زيادة راتب عضو البرلمان العراقي ليصل إلى 16 مليون دينار. ووفقا لهذه الأرقام، فإن مجموع ما يتقاضاه عضو مجلس النواب في السنة الواحدة يصل إلى نحو 150 ألفا و600 دولار أميركي، ليبلغ الإجمالي في أربع سنوات من عمر البرلمان نحو 722 ألف دولار أميركي. ويستمر النائب في الحصول على 80 في المائة من راتبه كراتب تقاعدي مدى الحياة».
وأشار عبد اللطيف، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في القانون وعمل قاضيا في فترة ما قبل عام 2003، إلى أن «مجلس النواب سبق أن أقر قانونا يمنح بموجبه أعضاءه حق تملك قطعة أرض في أي مكان يرغبون فيه. كما نجحوا في اعتبار مبلغ قرض قيمته 70 مليون دينار (نحو 60 ألف دولار) قدم للنواب لشراء سيارات منحة بدعوى أنها صرفت على سيارات استهلكت في العمل»، مشيرا إلى «امتيازات إضافية حصل عليها النواب، منها سلف مالية معفاة من الضرائب (لغرض تحسين مستواهم المعيشي) بلغت قيمة كل سلفة منها 90 مليون دينار (76 ألف دولار)».
وتبدو هذه الأرقام مذهلة في ضخامتها إذا ما قورنت مع متوسط الدخل في العراق الذي بلغ، حسب بيانات رسمية، 266 دولارا شهريا (3200 دولار سنويا) في عام 2008، أي أن مرتب النائب يتجاوز 40 ضعفا عن متوسط دخل المواطن في العراق.
من جانبه، أكد الباحث والخبير في الشؤون الاقتصادية والسياسية، رحيم الشمري، أن الأرقام تؤكد حجم المخاطر والتراجع المخيف في الاقتصاد العراقي بسبب انعدام التخطيط السليم والرؤية والتفكير الصحيح واستشراء الفساد المالي والإداري.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «إصلاحات رئيس الحكومة حيدر العبادي تستند للمادة 78 من الدستور العراقي، وهي صحيحة ودقيقة مائة في المائة، كون الواجب في مواجهة الظروف الصعبة يدخل ضمن السياسة العام للدولة التي ترسمها السلطة التنفيذية، وشملت الكلف العالية من رواتب الدرجات العليا والعاملين بالرئاسات الثلاث ومخصصاتهم الاستثنائية، بالإضافة إلى الجيش الثالث (الحمايات) والذي يبلغ عدد الأفواج العسكرية الخاصة فيه 15 فوجا مخصصة للرئاسات وشخصيات سياسية منهم من أُحيل إلى التقاعد، ويصل تعداد عناصرها إلى نحو 16 ألف عنصر، أي ما يعادل فرقة عسكرية قتالية،
إضافة للحمايات الخاصة بأعضاء البرلمان الحاليين والسابقين التي تستهلك نصف ميزانية البرلمان العراقي حسب دراسة دقيقة أعدت نهاية العام الماضي، بسبب وصول هذه الأعداد إلى أربعة عشر ألف عنصر حماية، تضاف إليها الحمايات الشخصية الخاصة للوزراء والوكلاء والمديرين العامين والمستشارين التي يصل عدد أفرادها إلى نحو 22 ألف عنصر تتوزع على مديرية حماية الشخصيات في وزارة الداخلية وبعضها على وزارة الدفاع والبعض الآخر على ميزانية الوزارات».
وأضاف الشمري أن «هؤلاء لا يؤدون وفق القانون العسكري خدمة فعلية، في حين تصرف لهم ميزانية هائلة، وسياسة الإصلاح التي أعدت من قبل مساعدي رئيس الحكومة تتوقع سد ما بين 10 و15 في المائة من العجز الحالي، ومع الإصلاحات الأخرى في نظام الرواتب الموحد للجميع سيتجاوز العراق 35 في المائة من أزمته المالية الحالية».
https://www.youtube.com/watch?v=EVkJlYm92oc
وتشكل الرواتب والمنافع الاجتماعية للنواب في العراق، النسبة الأعلى مقارنة مع البرلمانيين في دول العالم الأخرى، حيث يحظى النائب في العراق براتب ومخصصات تصل الى الاف الدولارات فضلا عن المنح والايفادات والمكافآت
ويقول الخبير الاقتصادي عبد الحميد الحلي لو قورنت رواتب اعضاء مجلس النواب العراقيين بواردات الدولة من النفط الخام فان هذا سيقود العراق لتصدير 807 براميل نفط شهريا لتسديد راتب برلماني واحد،
مضيفا في حديث له قبل عامين ان راتب عضو مجلس النواب الواحد في اليوم يبلغ 1076 دولارا وفي الساعة الواحدة 41 دولارا وقليلا من السنتات. وكان مجلس النواب العراقي عقد جلسة افتتاحية في 14 حزيران/ يونيو الماضي واستمرت اقل من 20 دقيقة أدى فيها النواب الجدد اليمين الدستورية وبقيت الجلسة مفتوحة حتى الآن حيث لا تزال عملية تسمية رئيس للبرلمان والجمهورية ورئاسة الحكومة معطلة.
ويشير الحلي إلى دفع المجتمع المدني العراقي باتجاه مشروع لتقليل رواتب اعضاء مجلس النواب إلى النصف فضلا عن تقليل المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث كونها تثقل كاهل الميزانية العراقية، معتبرا أن رواتب النواب فيها مبالغة تذكر على المستوى العالمي كونها الاعلى بين اقرانها فضلا عن منافع الرئاسات عالية الكلفة. ويبلغ مجموع ما يتقاضاه النواب الجدد الـ 325 من مبالغ ومخصصات ورواتب او سلف، بحسب مراقبين بحدود 81 مليار و250 مليون دينار عراقي منذ حزيران الماضي وحتى منتصف تشرين الاول الماضي، في حين يبلغ مجموع راتب النائب 32 مليون دينار في الشهر الواحد .
ويستغرب الاعلامي يوسف التميمي اعطاء النواب في البرلمان الجديد مبلغ 90 مليون دينار كسلفة مع انهم لم يمضوا 8 اشهر حتى، دون تقديم شيء ملموس، الى درجة انهم يسعون الى جعل تلك السلفة منحة غير قابلة للاسترداد. ويضيف التميمي في حديثه أن هذه الرواتب والمخصصات تعد كبيرة على موازنة الدولة لانها ستكلف بعد مرور اكثر من عشر سنوات مايقرب من الملياري دولار سنويا، ويزداد المبلغ كلما تقدمت السنين، مشيرا الى ان ازمة رؤوس الاموال وشح الاستثمارات ارهقت الاقتصاد العراقي، لذا فان إنهاك خزينة الدولة واستنزاف الاموال العامة بغير مكانها لصالح نفر قليل مقارنة بالشعب، امر مرفوض اقتصاديا وبنيويا. ويقارن محللون في الشأن المصرفي والمالي رواتب النواب العراقيين بنظرائهم الأمريكيين، بعد الكشف عن مستوى رواتبهم مؤخرا، فان النائب منهم يتقاضى اقل من 165 الف دولار سنويا، اي ما يعادل 190 مليون دينار، في حين يتقاضى البرلماني البريطاني في مجلس العموم 170 الف دولار بما يعادل 200 مليون دينار عراقي، الا ان عضو مجلس النواب العراقي يخصص له راتب بـ384 مليون دينار في نفس العام. وتصنف رواتب البرلماني العراقي ضمن الرواتب الاعلى في العالم للنواب في وقت تتزايد فيه التحذيرات من غضب شعبي وحالة ارباك قد تتعرض لها ميزانية الدولة العراقية خلال السنين المقبلة خصوصا مع زيادة عديد البرلمانيين في البلاد