عقدت يوم الثلاثاء جلسة الاستماع في لجنة الخدمات العسكرية للكونغرس حول استراتيجية الحكومة الأميركية في سوريا، حضر فيها وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر وأكبر رتبة عسكرية في الجيش الأمريكي الجنرال جوزيف دانفورد، الذين استجوبهما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، وكانا يبدوان مثل تلميذين مذنبين وفاشلين أمام أعتى مدير مدرسة!
فأحرجهما وحاصرهما تماما بأسئلته الخطيرة والدقيقة جدا حول المعنى الحقيقي لاستراتيجية أميركا في سوريا، والقائلة بأن «المتدربين» عند أميركا سيقاتلون تنظيم «داعش» فقط ولن يقاتلوا الأسد.
وخاطب في سياق استجوابه هذا الرئيس باراك أوباما وإدارته قائلاً: «سلمتم سوريا لإيران وروسيا».
وكشف الشريط عن جانب من النقاش بين السيناتور ومرشح الرئاسة الأمريكي، ليندسي غراهام، والمسؤولين الأمريكيين، حول موقف أمريكا الحقيقي من نظام بشار الأسد.
وقال غراهام متسائلا عن إستراتيجية أمريكا الجديدة في سوريا، هل سندرب قوات المعارضة السورية داخل سوريا وسندعمهم بالسلاح داخلها، بدل الخارج؟ وهو ما أقره قائد الأركان الأمريكي.
وتابع غراهام قائلا: هل مازلنا نريد الإطاحة بالأسد؟ وهل ذلك أحد أهدافنا، وهو ما أجاب عليه كارتر مرتبكا “طبعا.. فالانتقال من الأسد إلى حكومة معتدلة نعمل عليه سويا مع أصدقائنا”.
ووجه غراهام سيلا من الأسئلة لوزير الدفاع وقائد الأركان، انتهت برفض المسؤولين الأمريكين الجواب بشكل واضح عن الموقف من نظام رحيل بشار الأسد.
واحتج السناتور بشدة على الوزير والقائد لأنهما لا يعرفان إن كانت المعارضة التي تدربها أمريكا تريد قتال الأسد من عدمه، مشددا على أن الشعب السوري يريد إسقاط داعش والأسد معا.
وكان الارتباك والتردد ظاهرا في أجوبة المسؤولين الأمريكيين اللذين فشلا في إقناع أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس الأمريكي، بأن أمريكا تريد إسقاط بشار الأسد، أو دعم المعارضة السورية على إسقاطه.
ويمكن إيجاز ما جرى بأن السناتور ليندزي جراهام أرغم وزير الدفاع الأمريكي ورئيس أركانهاللذين تلعثما عدة مرات و”متمتا” كثيرا قبل الإجابة على الاعتراف بأخطر حقيقتين بخصوص سوريا،
الاعتراف الأول هو عدم وجود أي خطة أو اي توجه أو نشاط عسكري للإطاحة بالأسد
الاعتراف الثاني أن أمريكا ترمي سوريا بغباء في أحضان روسيا وإيران !
ولكن ووفقا لرأي أحد المراقبين فان الأمر لايمكن وصفه بهذه الطريقة لأن سوريا كانت من البداية في أحضان روسيا وإيران، وكل ما في الامر منذ بدايته قبل نحو اربع سنوات وحتى الآن كان هو محاولة الفوز بسوريا وتخليصها من قبضتهما وفشلا في تحقيق ذلك حتى هذه الساعة”!
وأضاف “كما ان السناتور يجزم في حديثه بان الشعب السوري باكمله يطمح لشيئين فقط لا ثالث لهما وهو القضاء على داعش والأسد، ولا يورد في حديث أي ذكر لميليشيات اخرى مرتبطة بالإرهاب والقاعدة وكأنها ميليشيات وقوى تقف إلى صف الولايات المتحدة وتابعة لحلفائها سلفا ولا داعي لذكرها”.
وتابع “هكذا نصبت دولا كثيرة نفسها وصية على الشعب السوري وأصبحت تتحدث باسمه وتحلل وتحرم إذا صحت التسمية ما تشاء له وما لا تشاء، وكأن الامر بات مفروغا منه”، لافتا إلى أن “هذه النقطة بالتحديد هي التي استغلها الثعلب بوتين وواجه الجميع بموقف قانوني ومتعارف عليه دوليا ورسميا ولا شائبة قانونية فيه وهي انهم يخترقون القوانين والاعراف الدولية علنا بممارساتهم هذه”.
وفيما يلي الاستجواب كما نشره موقع «أورينت نت» الإلكتروني أمس:
غراهام، مخاطبا دانفورد: هل سنوفر غطاءً جوياً للمقاتلين الذين ندرّبهم لقتال داعش؟
دانفورد: نعم سنقوم بذلك، سناتور.
غراهام: هل يريد هؤلاء المقاتلون أن يسقطوا الأسد؟
دانفورد: المقاتلون الذين ندعمهم الآن يركزون على «داعش«.
غراهام: هل عندهم هدف إسقاط الأسد؟
دانفورد: لا أعرف.
غراهام: ما الذي تعنيه بأنك «لا تعرف»؟
دانفورد: لا أعرف لأن الأشخاص الذين ندعمهم…
غراهام (مقاطعاً): ألا تظن أن الناس في سورية يريدون شيئين اثنين: أن يقاتلوا «داعش« وان يتخلصوا من الأسد؟ فهو الشخص الذي قتل 250 ألف شخص سوري وعائلاتهم.
دانفورد: متمتماً…
غراهام متابعاً كلامه: هل هو لغز يصعب فهمه؟
دانفورد: لا، إنه ليس لغزاً.
غراهام: إذاً القضية ليست لغزاً غامضاً… طيب هل ستقاتل روسيا إلى جانب الأسد؟
دانفورد: روسيا تقاتل فعلياً مع الأسد.
غراهام: هل تقاتل إيران مع الأسد؟
دانفورد: نعم إنهم يقاتلون معه.
غراهام: هل سيقاتل حزب الله مع الأسد؟
دانفورد: نعم إنهم يقاتلون معه.
https://www.youtube.com/watch?v=W0UBaEs5pYA&feature=youtu.be
غراهام: عندما سيقوم الأشخاص الذين ندربهم بقتال الأسد، وهم بالتأكيد سيفعلون ذلك، هل سنقاتل معهم لتغيير الأسد؟
دانفورد: لا أستطيع أن أجاوب على هذا السؤال سناتور.
غراهام: هل هناك أي تهديد عسكري حقيقي للأسد الآن، بما أن روسيا وإيران وحزب يقاتلون إلى جانبه، هل ترى أي تهديد عسكري جدي بهدف إسقاطه يا جنرال دانفورد؟
دانفورد: أظن أن توازن القوى العسكرية على الأرض الآن في مصلحة الأسد.
غراهام: ليس لمصلحته فقط، بل هو آمن ومطمئن طوال اليوم!!! هذا ما يحصل يا سادة، هذه الاستراتيجية فاشلة تماماً، روسيا وإيران و«حزب الله« سيقاتلون دفاعاً عن رجلهم، ولن نقوم بفعل أي شيء لمساعدة أهل سوريا الذين يريدون تغييرها للأفضل عن طريق التخلص من الديكتاتور في دمشق… هل تتوقع بطريقة ما يا سيادة وزير الدفاع (آشتون) كارتر أن نقوم بالقتال لدعم مجهود يهدف إلى إسقاط الأسد؟ أي أننا سنقوم بالقتال الى جانب الناس الذين يريدون إسقاط الأسد في سورية؟ هل يمكن أن يحدث ذلك على المدى البعيد؟
كارتر: خطتنا لتغيير الأسد هي أن اممممممممم…
غراهام (مقاطعاً): هل هناك جانب عسكري؟
كارتر: هي بشكل أساسي جهد سياسي نظرياً ….
غراهام (مقاطعاً): يعني الجواب هو «لا»؟
كارتر (مستمراً): …. جهدنا العسكري ….
غراهام (مقاطعاً): هل سنقاتل مع الناس الذين يريدون إسقاط الأسد؟ هل سنقدم لهم مساعدة عسكرية؟
كارتر (يهز رأسه بالنفي): برنامجنا للتدريب والمساعدة يدعم الأشخاص الذين يقاتلون «داعش«.
غراهام: يعني الجواب بالنفي… دعني أنهي هذه المناقشة هنا، إذا كنت أنا الأسد فسيكون هذا يوماً سعيداً بالنسبة لي… لأن الحكومة الأميركية قد صرحت بشكل غير مباشر، أنهم لن يقاتلوا لتغييري… بالنسبة للروس والايرانيين و«حزب الله« هذا يوم سعيد جداً… لأن رجلهم لا يتعرض لتهديد عسكري حقيقي… الآن هل يمكن أن تخبروني أيها السادة ما الذي نربحه هنا؟
غراهام: (يتابع ساخراً) أنا متأكد أننا نحصل على صفقة ممتازة هنا!!!… ما قمتم به أيها السادة بمشاركة الرئيس (أوباما) هو أنكم سلمتم سوريا لروسيا وإيران، وقلتم للناس الذين ماتوا بمئات الألوف أننا نهتم بحل سياسي أكثر مما يمكن أن يحصل بعد ذلك.
ينهي غراهام كلامه قائلاً: كل ما أستطيع أن أقوله هو أن هذا يوم حزين بالنسبة لأميركا والنتيجة ستكون كارثية على المنطقة، لأن العرب لن يقبلوا بذلك… والناس في سوريا لن يقبلوا بذلك… هذه استراتيجية منقوصة غير ملائمة في أفضل حالاتها.
وكان غراهام في 15 سبتمبر 2014 قال لن نهزم داعش إلا بقوات برية علي الأرض يداً بيد مع الجيوش العربية والسورية
https://www.youtube.com/watch?v=9haI8-4dnao