هل هناك إسلام صحيح واحد يجب تطبيقه؟ من أبتكر هذه الأسطورة وما الغاية منها؟
.
يقول كثيرون أن مصدر مشاكلنا الوحيد هو بسبب عدم تطبيقنا التطبيق الصحيح للإسلام..-ومايتبع ذلك من القول بان الاسلام واحد والكتاب واحد…الخ-
وهو قول يطرح غالبا لإلقام كل من يتحدث “حجرا” بأن ما نشاهده من تطبيقات مدعية للإسلام لا تمثله حقا..وهي حجة ذات وجهين
الأول يخص مُطلق الحجة، فهي توفر له راحة نفسية تعفيه من التامل العميق فيما يجري، بطرد جميع المتحدثين باسم الإسلام من حضيرته دفعة واحدة،
والثاني: هي انها تدعي ضمنا بأن طريق الحل سهل جدا وموجود ولكننا لا نتبعه، وننحرف عن مساره، وهي حجة تبسيطية تسطح المشاكل فضلا عن انها توحي بان الإسلام الصحيح هو مثل حبة الدواء يتحقق بمجرد تناولها.كما انها تلقي باللوم على الناس أجمعين، وليس لشيوخ دين محددين.
..
ولمناقشة الموضوع علينا اولا ان نسأل:ماهو المقصود بالتطبيق؟ وكيف سيجري ؟
وسنحاول الإجابة او العثور على مفاتيح قد توصلنا فيما بعد لجواب نافع ونقول:
أن تطبيق شيء ما يفترض اولا أن تعرفه أو أن تراه ومن ثم تتناوله بطريقة ما لكي تستطيع تركيبه او تطبيقه على المكان المطلوب.
والشيء هنا هو الإسلام والشيء الذي نريد تطبيقه عليه هو العالم بما فيه وبمن فيه من بشر ومخلوقات وأشياء.
هكذا نحن لدينا الآن شيئان الإسلام من جهة، والعالم من جهة اخرى.
وهنا علينا مواجهة هذا السؤال المحرج: هل يستطيع احدا كائن من كان ان يدعي امتلاكهما؟ او حتى معرفتهما ولا نقول الإحاطة بهما وجوديا؟
مع هذا سنحاول اكتشاف طريقنا ونقول مرة اخرى..
ما هو الإسلام؟ وكيف لنا ان نصل إليه لكي “نعرفه” و”نحيط” به على الأقل؟
وهنا ستواجهنا مسألتان تاريخية ولغوية
-فتاريخيا يجب التساؤل: هل هناك إسلام واحد؟
https://www.youtube.com/watch?v=YV2V9hArCBw
الحقيقة الأولى التي سنواجهها والتي تتعارض تماما مع من أطلق هذا الادعاء في البداية، هي ان هناك انواعا لا تحصى من الإسلام..ليس هذا فحسب، هناك داخل كل نوع مذاهب مختلفة وداخل هذه المذاهب توجد ايضا فرق أخرى وهكذا..
-أما لغويا فتستدعي معرفة علاقة الاسلام بالقرآن والحديث..باللغة والنص، بالتاريخ، السياسة، الطبيعة، الخ فماذا سنجد..وعلى اي شيئ هذه العلاقات كلها تستند؟
الواضح مبدئيا أن كل شيء في الإسلام يستند على نص، قرآني او نبوي، والنص قائم على اللغة واللغة قائمة على أصوات..
ومعروف أن كل نص لا يمكن أن يحمل قيمة إلا بوجود قارئ، وهنا نصل للسؤال الأهم وهو هل هناك قارئ واحد؟ وهل أن افتراض وجود هذا القارئ الواحد كفيل بمعرفته؟
وحتى لو وجد هذا القارئ فكيف لنا أن نفهمه، ولكل منا شخصيته وتجاربه وثقافته المختلفة؟
الاجابة الاولى على هذه الاسئلة هي ان هناك قراء لأاي نص بعدد قرائه بل أكثر بعدد مرات قراءته، فقد تكون قراءة شخص واحد في وقتين منفصلين، مختلفة..
المشكلة الأخرى هي أن النص مقدس وبالتالي هو كامل لا عيب فيه، وكل من يقرأه بالتالي هو “ناقص”.
وهنا نصبح امام مازق جديد فنحن لكي نطبق الإسلام بشكل صحيح يجب أولا أن يكون الاسلام واحدا وهذا غير موجود، وان يكون القارئ واحدا وهذا غير ممكن!!
والحل السليم سيكو احد اثنين
الأول: إطلاق الحرية الكاملة لكل مسلم في اختيار “الإسلام” الذي يريد والقراءة التي يجيدها..
والثاني: ارغام الجميع، وبالقوة، على “قراءة” محددة للنص ونوع أو مذهب محدد من الإسلام فقط، وتكفير ما تبقى..وهو حل يتناقض مع النص القرآني بالكامل..لأنه نزل لكي “يُقرأ” وبحرية، وليس بالقوة او وفقا لقراءة شيخ ما، يقدم نفسه للجميع كانه “مالك” هذا النص الحقيقي الوحيد، ويحوله إلى “إقطاعية” خاصة به وباتباعه!!
وللحديث صلة..
.
بقلم #منصورالناصر