كتب منصور الناصر/
باتت صورة الحقيقة الوهمية، في داخلنا، أهم من الحقيقة
ولنقل بصراحة، نحن لا نعرف الإسلام ..ولا يوجد لدينا إيمان بالله ولا سعي لمعرفته..
الدين بالنسبة لنا أصبح مجرد لوائح وتعليمات وحركات تتكرر.. مجرد قوانين حلال وحرام وترهيب وترهيب اشتقها رجال دين وحسب مزاجهم وثقافتهم ووعيهم وعصرهم، من كتاب الله، وسنة رسوله.
لكنها، وهذا اكيد، لا تمثل بالضرورة ما جاء فيهما، حسب ما يؤكد الفقهاء هذا فعلا وعملا، لا قولا وادعاء.
تمت تنحية الكتاب المنزل جانبا، وفي وقت مبكر جدا،
وأصبحنا إما شيعة أو من أهل السنة والجماعة ..
صودر التنزيل، وتم اعتقاله، احتجازه كملك صرف، وتحويل بحره المفتوح إلى ساقية صغيرة، يحرسها بضعة كهنة متبلدين، ولم يعد مسموحا لأحد أن يبحر في مياهها كما يشاء إلا عبر أحدهم.
من هنا، وكأي بضاعة و”عهدة” ثمينة، بدأت التناقضات والصراعات، فيما بينهم، بالظهور، حتى أصبحت حقائق لا تقبل الجدل، والويل كل الويل لمن أنكر!
وهنا أغلقت أبواب السماء، ولم تعد تتحدث فقد قالت قولها وانتهى، فأصبح الصراع على الأرض فيمن له حق ان يكون “الحارس” على المحروس..وبات الكل يدعي انه الحارس الكفء الوحيد وكل من عداه فاسد او مدع أو مرتد او مجنون ……
أولا
.. ردة الفعل على الانقلاب على أردوغان: تحول الجميع إلى فريقين،
فريق انتصر للديمقراطية والسلطة الشرعية لأنها في صالح أردوغان وتزعمهم القرضاوي وكفر كل من ينتهكهما
وهو الفريق نفسه الذي أنكر الديمقراطية والشرعية التي يمتلكها نظام الأسد وكفر كل من ينتصر لهما!!
..لاحظوا التناقض الهائل الذي اصبح طبيعيا، تعرفون لماذا؟
لأننا شعوب شهوانية لا تفكر بالحق بل “تشتهي” الحق الذي يعجبها، بغض النظر عن أي قيم للحق والعدل والانصاف..أنا “أحب” أردوغان انتهى ..كل شيء عندئذ سيتحول إلى أداة للانتصار له، سواء في النص أي الكتاب والسنة أو في العالم من حولنا
.
ثانيا
مثل آخر حول ردة فعل المؤيدين للأسد ونظامه، فهم يغفلون الإشارة إلى دكتاورية الأسد ويحتجون على أردوغان لأنه ديكتاتور! ويريد أن يصبح سلطانا عثمانيا!
لأنه أعلن الطوارئ لأن فصيلا من الجيش “رفع السلاح ضد الدولة”
لكنهم ييررون ومن سنوات، قصف الأسد للمدنيين واعتقالهم بحجة “رفع السلاح ضد الدولة”ً!!
.
أما موقف السوريين المعارضين للنظام فهو نفسه ولكن بالمقلوب!!
.
ثالثا
ردة فعل “المسلمين” على جريمة ذبح الطفل الفلسطيني
وهي جريمة لا توصف بشاعتها فماذا كانت ردة الفعل؟
لابد لنا من تطبيق قوانين “الشهوة العربية” لفهمها
فالمتعاطفون مع المجرمين سارعوا لطمطمة الأمر وقالوا أن عمره 19 سنة وزوروا صورا وهوية له ..وكأن ذبحه في هذه الحالة سيكون حلالا!!
-علما انهم يحملون اسم حركة تحمل اسم نور الدين زنكي الذي سبق له ان طبخ طفلا!-
أما المستاؤون “فاستثمروا” الجريمة كالعادة لطعن “مجرمي” مذهب الآخر حتى الجد الألفين لهم، ونسوا أيضا أفعالهم.
.
رابعا
الكل يشتهي فقط تحقيق رغباته “الفكرية-الدينية”، رغم أنها لا تستجيب بالضروروة للحقائق على الأرض ولا المنطق، فنحن نتمنى نرغب بشدة، نتحيز لرموزنا المتوهمة للحقيقة لا كمعنى بل كصورة، ولهذا نصاب دائما بحالة مماثلة لحالة التعطش التي تصيب مدمن السكائر أو الكحول أو المخدرات، فهو كلما تناول اكثر منها تعطش لها اكثر واكثر، ولهذا نحن نندفع كالمتعطشين لتلبية رغباتنا على الأرض بأي طريقة، ونكون حينئذ على استعداد لتبرير أي فعل جرمي او أخلاقي للوصول إلى ما نبتغيه، لنلاحظ حجم التلفيق والمبالغات والاوهام المنتشرة في مجتمعاتنا منذ قرون كدليل لما نقول.
***
خلاصة
بناء على ما سبق من ردود أفعال تتكرر بالوتيرة نفسها طوال تاريخنا، ندعو الجميع إلى تقديم دراسة موسعة ومحكمة لاكتشاف ما أسميه “قوانين الشهوة العربية”، وهي قوانين كما اعتقد تتكرر بالوتيرة نفسها، وتمتلك انساقا خاصة بها تتكرر بطريقة محددة ويمكن التنبؤ بها مسبقا. وهي كفيلة في حالة وضعها، بفهم كل ما يجري في عالمنا العربي طوال تاريخه، تقريبا..
ونعتقد أنها قوانين قائمة على عقلين عربيين وليس عقلا عربيا واحدا وأشرنا لهما في مقال سابق وهما العقل الشيعي والعقل السني “للاطلاع عليه اضغط على الرابط الأزرق”.