أدناه الجزء الثاني من ملف أهم المذاهب والمدارس في الفلسفة اليونانية: الأبيقورية، ويتضمن مكانة المدرسة الأبيقورية، والأخلاق الأبيقورية والقانون الأبيقوري، ومواضيع اخرى.
مكانة المدرسة الإبيقورية في تاريخ الفكر الإِنساني
سيطرت الإبيقورية على حوض المتوسط بأكمله فوجدت مدرسة إبيقورية في أنطاكية، في القرن الثاني قبل الميلاد وتأثرت المذاهب الفلسفية في الإسكندرية بالأفكار الإبيقورية.
أما روما، فمع أنها عرفت الإبيقورية في حياة مؤسسها إبيقور، فإِن إِشارات الخطيب الروماني شيشرون الثابتة إِلى الإبيقورية تثبت أنها – أي الإبيقورية – ازدهرت فيها وسيطرت عليها في القرن الأول قبل الميلاد.\ وكذلك وجدت مراكز للإبيقورية في منطقة نابولي الإِيطالية وجوارها.
ومع أن الإبيقورية كانت ما تزال مزدهرة في القرنين الأول والثاني الميلاديين، فإِنها أخذت تتفكك تدريجياً لتحلّ محلها المسيحية بمؤسستها الكنسية التي سيطرت على الفكر الأوربي في القرون الوسطى.
ولكن ما إِن بدأ النصف الأول من القرن السابع عشر حتى لوحظ نوع من إِحياء للإبيقورية سببه معارضة التجريبيين لعقلانية ديكارت.
والباعث على هذا الإِحياء غاسندي الذي وضع النظرية الحسَّوية للمعرفة الإبيقورية مقابل ديكارتية الأفكار الفطرية.
ونصَّرَ نظرية إبيقور الذرية بأن عدّ الإِله علة لحركة الذرات، خلافاً لإبيقور ذاته الذي عزا ذلك إِلى الجاذبية الأرضية، كما أنّه رأى في الكون كلاً متماسكاً يتطلب وجود إِله كليّ القدرة، ليوضح قوامه وغائيته.
وقد حاول غاسندي أن يوفق بين دعوته الكهنوتية وتجريبيته المضادة للديكارتية والمتأثرة بالإبيقورية.
ويلاحظ كذلك أن نفعية بنتام وستوارت مل قد تأثرت، في جوانب منها، بالأخلاق الإبيقورية.
وقد تكون الإبيقورية أول محاولة، في العالم الغربي، لتأسيس مذهب إِنساني كامل.
القانون الإبيقوري
يمّيز إبيقور ثلاثة أقسام في الفلسفة: العلم القانوني والطبيعة والأخلاق. الأول أساس العلم، ويعلم طرائق تمييز الحقيقة من الخطأ.
والثاني يبحث في كون الأشياء وفسادها وطبيعتها، والثالث يميّز الأشياء التي توفر حياة سعيدة من الأشياء الضارة التي يجب الابتعاد عنها.
والعلم القانوني والطبيعة في خدمة الأخلاق، وغايتهما دراسة الأسس التي تسمح بالتحرر من الآراء الخداعة، للتوصل إِلى حياة حرّة هادئة ومتزنة.
والقانون الإبيقوري مختلف عن المنطق الأرسطي التصوري، وعن المنطق الأفلاطوني الديالكتيكي، وكذلك عن المنطق الرواقي الشرطي. إِنه منطق لا يحتاج إِلى الكلمات إِلاّ ليشير إِلى ما هو موجود وهو وسيلة للاقتراب من الواقع. وتتجلّى نقطة انطلاق هذا القانون في أنّ هناك أربع سمات للحقيقة: الإِحساسات والتصورات القَبْلية والانفعالات والتصورات الحدسية للفكر.
الإِحساس
الإِحساس في نظر الإبيقورية، ليس صياغة ذاتية ونسبية كما تعتقد الأفلاطونية، وإِنما هو صورة مطابقة للواقع تنشأ من اتصال بين جسمين: الأول خارجي حسي، والآخر ذاتي متعلق بالعضو الحاس، ولما كان الإِحساس خامة تبدأ معارفنا بها، لذا لا يمكن تسويغ صحته بالعقل الذي لا يكون عليه الإِتيان بتفاصيل الإِحساس وانتقاده، بل العكس هو الصحيح.
أي إِنّ الإِحساس يفرض نفسه من دون حاجة إِلى أي تسويغ، لأن مجاله، برأي إبيقور، متقدّم على مجال العقل. وبذا خالفت الإبيقورية المذاهب العقلية التي اعتقدت أن الإِحساس ليس نقطة انطلاق المعرفة الصحيحة، كما خالفت المذاهب الريبية التي أكّدت استحالة المعرفة. فالإِحساس، في نظر الإبيقورية، يمكِّن الإِنسان من العيش في توافق مع الطبيعة ومع المجتمع.
وفي سلام داخلي. وهو الأساس في الأحلام، لأن الظلال الناجمة عن الموضوعات الغائبة هي التي تنتجها عندما تلاقي الحواس، وهكذا أبعد إبيقور السمة الإِلهية عن الحلم، ليجعل من الإِنسان سيد نفسه ومصيره.
التصور القَبْلي
حين يتكرر الإِحساس يُحدث في الذهن معنى كليّاً يُطبّقه الإِنسان على الجزئيات كلما عرضت له في التجربة. فالإِحساس يسمح للمرء بأن يسأل: «هل هذا الحيوان ثور أم حصان؟» ويصدر أحكاماً تتجاوز التجربة الراهنة، مثل قوله: هذا الشبح الذي أبصره هناك هو شجرة.
بيد أن مثل هذه الأحكام لا تصير تصديقات إِلاّ إِذا أيّدها الإِحساس، والأسئلة تعني أننا ندرك معانيها إِدراكاً متقدماً على الإِحساس الذي حملنا على إِصدار الأحكام وطرح الأسئلة. وهكذا فإِن التصور القبلي ليس الأفكار الفطرية كما يدَّعي شيشرون لتناقضها مع مادية إبيقور، وليس فكرة خاصة تبقى في الذهن.
كما يؤكد شتاينهارت، وقد تستدعى الإِرادة بقصد المقارنة، إِنّه، في الواقع، إِحساس متكرر يترك فينا طابعاً واضحاً وأكيداً، وفكرة عامة تؤكد تفوّق الإِحساسات، وذلك وفق انطباعات تتركها فينا إِحساسات متقدمة تشبه الإِحساسات المذكورة.
التصورات الحدسية للفكر لهذا التعبير، الذي يعاين الكون في جملته، منهجان: منهج يؤدي إِلى التصديق بأشياء ليست واقعة في التجربة، مثل الجوهر والخلاء ولا نهاية المادة؛ ومنهج يؤدي إِلى استخراج تفاصيل العالم «من نظرة إِجمالية».
مثل استخراج الظواهر الجوية من معرفة مفاعيل العناصر، وإِذا كان المنهج الأول يمكّن من إِدراك اللامحسوسات، في علاقتها بالمحسوسات، فإِن المنهج الآخر، يمكّن من إِدراك اللامحسوسات ذاتها.
الطبيعيات الإبيقورية:
يتلخص المبدأ الكبير لطبيعيات إبيقور بأن «لا شيء خلق من لا شيء بفعل قدرة إِلهية»، ولا شيء يمكن أن يرتد إِلى العدم. وهذا ما يقود إِلى مبدأ آخر يقول: «إِن الكون مؤلف من جسم وفراغ ومكان»؛ نستدل على وجود الأجسام بالحواس، وعلى وجود الفراغ والمكان بضرورتهما.
وإِلا فلن يكون هناك مكان تتحرك فيه الأجسام فأجسام هذا العالم، الموجودة بأعداد غير متناهية، وفي امتداد الفراغ غير المحدود، موجودة منذ البدء. «أي إِن العالم كان دائماً، كما هو اليوم، وهو هكذا منذ الأزل». أما فيما يتعلق بالذرات، فإِنها، على عددها غير المتناهي.
لا يمكن أن تُستنفد بخلق عالم أو عدة عوالم، لذا فمن الضروري وجود عوالم لا تُحصى مشابهة لعالمنا أو مخالفة له. أما الغاية من دراسة الطبيعة، فهي العيش بأمان تجاه الآخرين والأشياء، ومن ثم الوصول إِلى الرصانة. بيد أنّ هذه الغاية لا يتوصل إِليها إِلاّ من لا يخاف: لا من الأساطير الأخروية، ولا من الظاهرات الطبيعية، ولا من الموت، ولا حتى من الآلهة.
الذرات:
يميّز إبيقور بين نوعين من الأجسام: أجسام مركبة، وعناصر صنعت منها الأجسام المركبة يُطلق عليها الذرات. إِن الأجسام المركبة أنظمة مرتبة يمكن أن تفقد من ذراتها، لأن ليس لها هوية مطلقة.
أمّا الذرة، فهي عنصر صلب متراص ثابت، لا يحتوي على أي فراغ أو أية مسافة، ومع أن للذرات مقداراً يراوح بين حدّ أعظم وحدّ أصغر، فإِنها تبقى غير منقسمة، وللذرات، بالإِضافة إِلى خاصة المقدار، خاصتان أخرىان هما الشكل والوزن.
وأشكال الذرة لا يحصى عددها مع أنه متناه، أما وزنها، فهو السبب في حركة سقوطها نحو الأسفل.
ومع أنّ وزن الذرات يختلف باختلاف مقدارها وشكلها، فإِن هذه الاختلافات لا تؤدي إِلى أي فرق في سرعة السقوط، لأن كل الذرات تسقط في الفراغ بسرعة واحدة وعلى نسق واحد.
الذرات متحركة حركةً محددةً بعناصر ثلاثة هي: الثقل والتصادم والانحراف.
والأول هو سبب الحركة العمودية لسقوط الذرات. والثاني يؤدي إِلى تغيير اتجاه الذرة، من دون أن يؤثّر في سرعتها التي تبقى ثابتة. والثالث يطلق على الحركة التلقائية أو الميكانيكية للذرات التي تحملها على التحول خارج خط السقوط بسبب وزنها.
وعن طريق نظرية الانحراف هذه تتوضح حرية الإِنسان. وهكذا فإِن حرية الإِنسان تقوم على أسس طبيعية مادية، لا على اعتبارات ميتافيزيقية.
ولما كانت الذرات ثابتة، فلا يمكن أن تُسند إِليها كيفيات متغيرة، كاللون والرائحة والصوت وغيرها. فالكيفيات تتعلق بالأجسام المركبة فقط، وهي إِمّا أن تكون محمولات تعود إِلى الجسم ذاته على الدوام، كالصّور، وإِما أن تكون أعراضاً يمكن أن تعود إِلى الأجسام من وقت إِلى آخر، أي على نحو مؤقت، كالعبودية.
المكان والزمان:
المكان طبيعة موجودة لا تُلْمَس، ولا يقاوِم تحرك الأجسام؛ ويمكن أن يشغله جسم ما، فحيث يوجد الجسم يستمر المكان.
وهو، أيضاً، فراغ خالٍ مؤقتاً من أي جسم، وضروري للحركة الدائمة للذرات، إِذ من دونه تستحيل الحركة.
وهو كذلك امتداد، وامتداده غير متناه، لأن الفراغ إِذا كان «محدوداً ومحصوراً، لا يستطيع احتواء الأجسام في عدد غير متناهٍ». أما الزمان، فهو «عرض الأعراض»، لا يوجد في ذاته، ولا نحسُّ به «خارجاً عن حركة الأشياء وسكونها».
فهو يرافق الأحداث التي منها ينتج الإِحساس به.
النفس:
النفس، في نظر إبيقور، جسم حار لطيف للغاية تكمن فيه جميع القوى، ولكن لا يكون إِحساسا إِلاّ إِذا ارتبطت النفس بالبدن: فهو الذي يتيح لها أن تمارس قدرتها على الإِحساس، كما أنها، بالمقابل، هي التي تجعله حساساً، فإِنْ تفرّق شملهما تبددت النفس إِذ إِنها تتكون معه، وتنحل بانحلاله، فهي إِذن مادية وفاسدة.
النفس مؤلفة من تجمع أربعة أنواع مختلفة من الذرات، تأتي منها خصائص الجسم الحي: النَفَس وتأتي منه الحركة، والهواء ويأتي منه السكون، والحار وتأتي منه الحرارة، وأخيراً نوع رابع يأتي منه الفكر الذي يقوم بنشر «الحركات الإِحساسية في الأعضاء».
وهناك تمييز آخر تبقى صلته بالتمييز الأول غير واضحة، وهو التمييز بين الروح والنَفْس: فالروح محلها في القلب، ولها وظيفة وجدانية متمثلة في الإِحساس والفكر والإِرادة؛ والنفس منتشرة في البدن كله ولها وظيفة حيوية قائمة على بث الحياة في الجسم.
وعندما تتحرك ذرات النفس، ويُكرهها الجسم على القيام بحركات معيّنة بنشرها العنصر اللاجسميّ، بما تحمله من إِحساسات بين عناصر النفس الأخرى وخلال الجسم بأكمله، يتولد الإِحساس، فالإِحساسات جميعها تعود إِلى اللمس، حاسة الجسم بأكمله.
وانطلاقاً من هذه الفكرة الأساسية عرف الإبيقوريون أنواع الحواس الأخرى من ذوق وسمع وشم ونظر. فغاية نظرية الحساسية هي إِثبات أن الإِنسان كائن يعيش في اتصال وثيق مع ما يحيط به، وفي توافق مع الطبيعة انطلاقاً ممّا يُنقل إِليه من الإِحساسات، التي بها، وليس بالغائية العنائية، يُقوّم الإِنسان. أما الفكر، فإِنه ظاهرة عارضة متولدة من تنضيد الإِحساسات المباشرة وتركيبها. فالفكر يتولّد من الإِحساس، وبتولده منه يعبّر عن مضمونه المجرّد من كل سمة زمانية ومكانية.
الآلهة:
لم ينف إبيقور مطلقاً وجود الآلهة، بل رفض الأساطير التي أسندها الجمهور إِليها، وعدّ الأفكار التي تُسِندُ إلى طبيعتها دوراً في خلق العالم وتلاحق الزمان من أخطر الأفكار، لأنّ العالم وجد من التقاء الذرات ولا يجوز الاستنجاد بالطبيعة الإِلهية لتوضيح انتظام دوران الكواكب وتلاحق الزمان، إِذ ليس هناك لا عناية ولا قدر،
بل كل الأشياء من نتاج المصادفة. وهكذا فإِن الآلهة موجودة، ومن ينفي وجودها كمن ينفي البداهة.
فنحن، أولاً، نرى في المنام وفي اليقظة أشباهاً لابدّ أن تكون منبعثة عن الآلهة ذاتها، وهذه تجربة تكفي لإِثبات وجودها وثانياً، عندنا عن الآلهة تصور قبلي بأنها موجودات سعيدة ومغتبطة تحيا في طمأنينة وسعادة كاملتين وثالثاً، لابد من أن يقابل الوجودَ الفاني المتألم وجودٌ دائمٌ سعيدٌ، هو الآلهة المجبولة من مادة نقية خالصة، لا يتطرق إِليها الفساد.
الأخلاق الإبيقورية:
تهدف الأخلاق الإبيقورية -القائمة على مادية واضحة- إِلى بيان أن مذهب المتعة هو أسهل الطرق إِلى الحكمة؛ على طريق إِعطاء الحكيم إِمكانية إكفاء ذاته بذاته في وحدانية هادئة بعيداً عن الانفعاليين الحمْقى.
وهي تدور حول غايتين أساسيتين هما: اللذة، وحالة الطمأنينة والخلو من الهموم. ومع أن التوفيق بين هاتين الغايتين ليس سهلاً، فإِن جوهر الأخلاق الإبيقورية يكمن في الصلة بينهما. بيد أن الغاية الوحيدة التي يسلم بها إبيقور على ما يبدو، هي اللذة.
أما الطمأنينة فلا قيمة لها إِلاّ بقدر ما تكون تابعة للذة ومنتجة لها. ولهذا صوّر خصوم الإبيقورية الإبيقوريين في صورة فُسّاق وفَجَرَة لا يردعهم عن شهواتهم روادع.
ولكن بعضهم أقر، ولاسيما سنيكا Seneque الرواقي وفورفوريوس الأفلاطوني، بالسمو الأخلاقي للتعاليم الإبيقورية مستشهدين ببعض مبادئها.
والواقع أن مفهوم إبيقور عن اللذة مغاير لمفهوم القورينائيين لها، وذلك لأسباب ثلاثة، أولها، أن إبيقور قد قال بالمتعة الثابتة والمقوّمة، خلافاً للقورينائيين الذين قالوا، بتأثير فكرة هيرقليطس Heraclite في التحوّل والتغيّر، باللذة المتحركة،
وثانيها: أنّ إبيقور لم يسلّم إِلاّ بلذة واحدة حسية هي لذة الجسد والبطن، خلافاً للقورينائيين الذين سلموا باللذات الفكرية. وثالثها: أن اللذة، في نظر إبيقور، ليست، كما تخيّلها القورينائيون، حركة وجيشاناً، وإِنما هي لذة تقوم على غياب الألم الجسدي والاضطراب النفسي.
وهنا تبدأ مشكلة التوفيق بين مبدأين إبيقوريين: الأول يقول إِن الخير يتم اختياره دوماً بالإِرادة؛ والآخر يؤكد أن كل لذة خير وكل ألم شر، لكن لا يتم اختيار كل لذة، ولا تحاشي كل شر بالإِرادة دائماً. وهنا يميّز إبيقور، كالقورينائيين، موضوع الإِرادة المتبصرة من الغاية موضوع الميل المباشر.
فإِذا كان الميل يحدو إِلى اللذة، فإِن على التبصر بالمقابل أن يزنعواقب كل لذة. وهكذا تُهمل اللذات التي تجرّ فائضاً من الآلام، وتُتحمل الآلام التي تأتي بلذات أكبر.
ولهذا جعل إبيقور اللذات على ثلاث مراتب: اللذات الطبيعية والضرورية التي لا بد من إِشباعها، كالرغبة في الأكل؛ واللذات الطبيعية وغير الضرورية التي تطلب التنوع في إِشباع الحاجة، مثل الرغبة في تناول نوع معين من الطعام من دون غيره؛ وأخيراً اللذات اللا طبيعية واللاضرورية. كالرغبة في تاج، وهي رغبات فارغة باطلة.
وهكذا فالحكيم هو من يعلم أنّ أعلى درجات اللذة يمكن بلوغه بإِشباع النوع الأول من الرغبات، أو بالأحرى، بالاكتفاء بالقليل والتلذذ بما تضعه الطبيعة المتبصرة بتصرفه.
وهذا المبدأ يبيّن أن ضابط الرغبة لا يقوم في الإِرادة المقابلة لها، وإِنما في اللذة ذاتها.
فالأخلاق الإبيقورية طائفة من التوجيهات التي تلجم الفكر عن الشرود وتردعه عن تجاوز الحدود التي عينتها الطبيعة، والتقيّد بهذا المفهوم يوضح العلاقة بين الفكرتين المحوريتين، اللذة والطمأنينة.
فطلب اللذة يستتبع وجوباً كل تلك التمارين العقلية: من تأمل في الحد الطبيعي للرغبات، ومن حساب اللذات، ومن تصور اللذات الماضية أو المستقبلة التي يكوّن جانبها السلبي طمأنينة النفس.
وهكذا يتوصل الحكيم بالعلم القانوني والطبيعيات والأخلاق، إِلى أمور أربعة هي التالية: عدم الخوف من المغيّبات، وعدم الخوف من الموت، والحصول على الخير بسهولة، واحتمال الألم بسهولة.
فالحكيم إِذن موجود حرّ، تحرّر من فكرة الضرورة ومن الآخرين، أي إِنّه من دون سيّد، ويكفي ذاته بذاته. وصفوة القول إِنّ إبيقور إِنسان فكَّر بتعمق حول تفسّخ الأخلاق وحول الصيغ المختلفة للهستيريات الجماعية، وأراد، من خلال رسالته إِلى معاصريه، أن يبيّن لهم أن على الإِنسان أن يكون سيد قدره.
يدل تقارب العديد من الإتجاهات الفلسفية المعاصرة مع تعليمات إبيقور علي أن أسس المذهب الإبيقوري لا تزال سليمة وعلي أن أهميتها لمستقبل الفلسفة ل تقل عما كانت لماضيها/ هذا بصرف النظر عن سوء الفهم البالغ التي تعرضت له أفكار إبيقور من كثير من معاصريه.
في مقدمته لقراء أبقراط، قام د/س. هاتشنسن بشرح التعريفات المختلفة للإبيقورية علي مر العصور وجائت كالآتي:
“أنشأ إبيقور نظامياً فلسفيا وأسلوباً للحياة يستحقا احترامنا بل وولاءنا. ذلك النظام الحياتي الإبيقوري أغري الآلاف لاتباعه والالتزام به في المجتمعات البحرمتوسطية القديمة التي ظلت متماسكة لمئات السنين. ولكن، منذ بداية مسيرته التعليمية لم تسلم رسالة إبيقور من الاعتراضات ومحاولات التشويه من فلاسفة أكاديميين وسلطات سياسية ثم دينية مسيحية. لم يحدث رغم كل ذلك أن هجر الإبيقوريون فكرهم أو أبدلوه بفكر فلسفي آخر بل علي العكس كانت المدارس الفلسفية الأخري تفقد طلابها لصالح المدرسة الإبيقورية،
لماذا؟ لأنهم ببساطة وجدوا أن لهذا الفكر معني حقيقي ومنطق متماسك. فسر أركيسلوس -فيلسوف من ألد خصوم إبيقور- إقبال الفلاسفة علي الفكر الإبيقوري بطريقة حادة لا تخلو من الازدراء فقال: “يمكنك أن تحول رجلاً سليماً إلي رجل مخصي ولكنك لا يمكنك أن تفعل العكس”. بينما في العصور الحديثة، حاول منتقدو إبيقور تقديمه كإنسان كسول، سطحي، عاشق للملذات، غير أخلاقي وفلسفته كتقليد سيء وملحد للفلسفة الحقيقية.
في أيامنا هذه، كلمة إبيقورية أصبحت تعني عكسها فصارت حماسة مدعية لكل ما هو باهظ الثمن من طعام وشراب. لذا، أرجو منكم أن تحظوا بالشجاعة الكافية لتجاهل ألفي عام من الأفكار المسبقة الخاطئة وإعطاء هذا الفيلسوف القدر الذي يستحقه” (احمد ابوجوده)
8-
الفكر السياسي الابيقوري
اما عن الفكر السياسي الابيقوري وفلسفته الخاصة التي تستند إلى الجانب الشهواني والابتعاد عن ساحة المتافيزيقة والموضوعات التجريدية بينما اصالة الفكر السياسي قائم على الاعتبار العقلي مع مرونة الموضوع. وإمّا عدم تمسكة بالتساوي المركزي فهو على عكس ما تصوره من وجود العداء والتباغض لإنّ الاعمال الوظيفية إذا كانت في خط المساواة توجب انعدام البغضاء والعداء. (احمد ابوجوده)
9-
الابيقورية والدين
أعتبر الابيقوريين الدين والموت اساسين للخوف فدعوى بدون برهان لإنّ الخوف من الصفات الغريزية، وليست من الأفعال المكتسبة، فالدين يوجب العقاب الآخروي على مخالفة المقررات القانونية الآلهية.
كما يسري على ضوئه التشريع الوضعي عند مخالفة مقرراته القانونية يلاقي العقوبات الجزائية، كما أن الموت يعاكس غريزة البقاء، فلابد أن يدرسا بما هما لا بما ينتج عنهما الخوف حتى يكونا في صفحة السير المعاكس للذة والسعادة.
ويبدو في تصوير الابيقوريين لكيان الدول على اساس الأمن والإطمئنان والوقوف امام المغيرين فهذا في واقعة قد اعطى بعض الأضواء عن حياة الدول واثرها الاجتماعي، ولم يوف الجوانب الآخرى التي ترتكز عليها صفحات الدول.
وإمّا تصويرهم في المجتمع البشري على الانانية والانطواء الذاتي وإنّ كنا نعتقد أن الاصالة للفرد دون المجتمع لكن هذا لايقر على وجود الانانية، بل من حيث اصالة ذاتة ولكنه يرتبط بعلاقات على اختلاف أسبابها مع ماتجد معه في النوعية الحيوانية الناطقية. (احمد ابوجوده)
10-
وادناه بعض الحورات الابيقوريه الاساسيه
والتي تبين يعض جوانب فلسفته في الحياه :
1- اذا كان الله كامل وكلي القدره فهو اذن في سلام دائم، ولذا لايمكن ان يغضب او ان ينزعج من اي شيء او من اي مخلوق، لان غير الكامل هو الذي ينزعج ويغضب ويضطرب.
واذا كان الله كاملا فهو لايحتاج الى اي شيء او الى اي احد لانه اذا احتاج الى شيء او طلب من اي احد شيء ما سيكون ليس الخالق الكامل او الكلي القدره .
2- ان الموت لايعني لنا الكثير فعندما يتحول الجسد والدماغ الى تراب ورماد لن يبقى هناك شعور او تفكير.
3- ان قمه اللذه ان تكون حرا من الحسد.
4- من المستحيل ان تكون سعيدا بدون ان تكون حكيما ومحترما وشريفا ومن المستحيل ان تكون حكيما ومحترما وشريفا بدون ان تكون سعيدا .السعاده تعتمد على ممارسه الحكمه ،الاحترام والامانه وان تكون مهملا لواحده من هذه الامور يعني ان حياتك سيسودها الاضطراب والضياع والاسى .
5- ليس هناك لذة او متعه هي سيئه بحد ذاتها او لذاتها ،ماهو سيء هو ان لاتستخدم عقلك عندما تختار اي من المتع التي تقبل عليها او تلك التي تتجنبها .
6- اذا كان مايجلب البهجه لحياه الانسان يسهم يتحريرهم من الخوف من الرب والموت ويسهم بتعليمهم كيقيه التحكم برغباتهم بشكل عقلاني ومنطقي ،سيصبحوا احرارا من اي الم جسدي او عاطفي وسيكونون بدون اخطاء ويكون هذا بدايه القضاء على الشر .
7- اذا لم يتعكر صفو اذهاننا بايه خرافات حول المذنبات والنجوم الساقطه او ايه خرافات فلكيه اخرى وبالخوف من الموت وبقله معرفتنا بحدود الالم او كيف تعامل بمنطقيه مع رغباتنا سيكون سهلا علينا ان نمتلك معرفه كليه وشامله لعلوم الطبيعه .
8- ان اي منا لن يكون متحررا من جميع الافكار المزعجه والمخيفه اذا لم يكن لديه معرفه علميه دقيقه وشامله للطبيعه وإلا فسيكون بدون ذلك تحت سيطرة الخرافات والاساطير.
9- ان الغنى الحقيقي هو ان تملك ماتحتاجه فعلا لحياه هانئه سعيده ومن الخطأ ان تتصور ان الغنى والجاه ستنهي كل متاعبك بل ستسهم بارهاقك طول حياتك .لن تعطيك الحياه الخاله من السغاده اكثر مما تعطيك حياتك الفانيه اذا استطعت ان تحيا حياه عقلانيه وان تبني فهما صحيحا للبهجه في هذه الحياه .
من اقوال ابيقور المأثورة في الله والموت:
هل يريد الله ان يمنع الشر , لكنه لا يقدر ؟ حينئذ هو ليس كلى القدرة !!
هل يقدر , لكنه لا يريد ؟ حينئذ هو شرير !!
هل يقدر ويريد ؟ فمن اين يأتى الشر اذن ؟
هل هو لا يقدر ولا يريد؟ فلماذا نطلق عليه الله اذن؟
Is God willing to prevent evil, but not able?Then he is not omnipotent.Is he able, but not willing?Then he is malevolent.Is he both able and willing?Then whence cometh evil?Is he neither able nor willing?Then why call him God?
اما ان الله يريد ان يمحو الشر لكنه لا يقدر , او انه يقدر لكنه لا يريد , او انه لا يقدر ولا يريد
ان كان يريد , ولكنه لا يقدر , فانه ليس كلى القدرة
ان كان يستطيع , ولكنه لا يريد , فانه شرير
لكن ان كان الله يقدر ويريد ان يمحو الشر , فلماذا يوجد الشر فى العالم ؟
Either God wants to abolish evil, and cannot; Or he can, but does not want to; Or he cannot and does not want to. If he wants to, but cannot, he is impotent. If he can, but does not want to, he is wicked. But, if God both can and wants to abolish evil, then how come evil is in the world?
لماذا أخاف من الموت ؟
فطالما انا موجود , فان الموت لا وجود له
وعندما يكون الموت , فأنى لست موجودا
فلماذا اخاف من ذلك الذى لا وجود له عندما أكون موجودا ؟؟
Why should I fear death? If I am, death is not. If death is, I am not. Why should I fear that which cannot exist when I do?
لو ان الالهة تنصت لصلاة البشر لهلكوا سريعا اجمعين , لانهم لا يتوقفون عن الصلاة التى يدعون فيها ان يصيب الشر بعضهم بعضا
If the gods listened to the prayers of men, all humankind would quickly perish since they constantly pray for many evils to befall one another.
لم أبالى ابدا بالعوام , لان ما اعرفه لا يوافقوننى عليه , وما يتفقون عليه لا اعرفه
I have never wished to cater to the crowd; for what I know they do not approve, and what they approve I do not know. (احمد ابوجوده)
11-
فلسفة السعادة بين أبيقور و علم النفس
” إذا كان القليل لا يكفيك ، فلن يكفيك أي شيء ” ( أبيقور ) .
عبر العصور ، كان الفلاسفة تواقون لإخبارنا كيف نعيش و كيف نكون سعداء . من المؤكد أن نصيحتهم تأتي إلينا مع بريق الإنجاز العقلي ؛ و لكن هل يمكن لنا أن نفهمها و إلام تصير قبالة البحث السيكولوجي المعاصر ؟ أحد الفلاسفة الذين قدموا نصيحة واضحة عن كيف نعيش حياة سعيدة كان أبيقور ، اليوناني الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد . المتعة الأبيقورية : كان أبيقور من دعاة مذهب اللذة ، و لكن ليس بالمعنى المعاصر للكلمة .
حاليا نحن نميل إلى إرفاق اللذة بالسعي إلى المتعة المفرطة أو بالمتعة الحسية المشذبة . لكن ما قصده أبيقور كان شيئا أكثر عمقا و دقة ؛ فهو بالتأكيد لم يعتقد بأن الطريق إلى السعادة معبد بالثراء المادي أو الترفي . ما شدد عليه كان فكرة أن يكون المرء غير مضطرب أو ” منزعج الخاطر ” . اعتقد أبيقور بأن المتعة و الألم كانا مركز الأخلاق البشرية .
وجهة نظره كانت بأن المتعة و الألم شديدا الأهمية للوجود البشري بحيث أن أفعالنا كافة محكومة بنشدان المتعة و محاولة تجنب الألم . كما رأى بأن غياب الألم هو متعة بحد ذاته . بطبيعة الحال هناك كلا من الألم الجسدي أو الفيزيائي و أيضا الألم النفسي .
و أبيقور شدد على فكرة أن يكون المرء غير مضطرب من الخبرات الإيجابية للمتعة . اعتقد أنه يمكن بلوغ الحياة الجيدة من خلال الإشباع الذي يكون فيه الجسد و العقل في وئام . العون الذاتي ، الأسلوب الأبيقوري : إلى هنا و الأمور جيدة بالنسبة للمفاهيم الفلسفية المجردة ، و لكن ماذا عن الممارسة ؟
كيف فكر أبيقور بالضبط بشأن قدرتنا على إراحة كل من العقل و الجسد ؟
فلكي نبقي الجسد مكتفياً و العقل حراً من المخاوف ، دافع عن دواء من أربعة أجزاء :
1. لا تخشى الأقدار و الصدف العمياء :
بالنسبة لأبيقور كانت الآلهة في نعيم و هي بالتالي لم تكن منزعجة من أفعال البشر . و على ذلك ليس علينا أن نخافهم و يجب ألا نتوقع أي شيء منهم .
و إذا لم تكن شخصا متدينا فإن توجيه أبيقور يصبح : لا تخاف الأقدار و الصدف العمياء ، لأن أيا منها لا يحفل بنا . عمليا ، لكل منا الخيار في أن يوجِد النظام في حياته ، لأن القدر و الصدفة لن يقوما بذلك من أجلنا . نحن من يجب أن نلبي حاجياتنا و نتدبر المخاطر التي تنشأ بصورة حتمية .
2. لا يقلقك الموت، سبق أن كنا أمواتا!
هذا أمر يسهل قوله و يصعب فعله ، و لكن لدى أبيقور مقاربته المنطقية للموت . لقد رأى الموت كنهاية للتجربة الحواسية ، كنقطة تحول ، ينبغي ألا تقلقنا .
فبينما نحن أحياء فإن الموت ليس مهما ، لأنه لم يوجد بعد ؛ بكلمات أخرى ، نحن لا نزال أحياء !
و سيان عندما نكون أمواتا ، حيث لا يعود بمقدورنا اختبار أي شيء و بالتالي يبقى الموت بلا أهمية ( لم يكن لدى أبيقور إيمان بالحياة ما بعد الموت أو بخلود الروح ) .
3. من السهل الحصول على ما هو جيد
هذا الجزء مثير للجدل ، و لكن قد يكون على علاقة بثقافة الاستهلاك في هذه الأيام .
هنا يقيم أبيقور تمييزا هاما بين ما هو ضروري و ما لا ضرورة له .
تتضمن الأشياء الضرورية و الطبيعية أساسيات الحياة كالطعام و المأوى .
أما الأشياء غير الضرورية و غير الطبيعية فتتضمن الشهرة و الغنى المفرط و التكريمات المبالغ فيها . و حتى ضمن الأشياء الضرورية ميز أبيقور بين ما هو ضروري و غير ضروري .
فمثلا يُسكت الخبزُ الجوعَ كما يسكته الكافيار . لسوء الحظ فإن الاعتياد على الكافيار قد يودي إلى تعاسة في المستقبل ، حين لا يمكننا الحصول عليه .
أما الخبز ، فسيبقى في متناول معظم الناس . لم يكن أبيقور ضد الانغماس الزائد بشكل كامل . في الواقع اعتقد بأن الشخص الذي يمكنه الاستمتاع بملذات الحياة البسيطة سيستمتع بالإفراط أكثر عندما يأتي . و لكن بصورة عامة ، كان أبيقور ميالا للاعتدال .
لقد اعتقد أبيقور أن جمالية تعلّم حب الحياة البسيطة ، تكمن في أنها أكثر ديمومة . فكلما ازداد ما لديك ( أو ما تريد ) ، كلما كان لديك الكثير لتخسره ( أو تخفق في الحصول عليه ) .
4. يصعب تحمل ما هو فظيع أو بغيض :
اعتقد أبيقور أنه حتى الألم الجسدي يمكن تحمله باستخدام العقل . فالتركيز على المتعة ، التي اختبرت في الماضي و الآتية في المستقبل ، يمكن أن تساعدنا على تشتيت الانزعاج الجسدي الراهن . و بعيدا عن هذا الدواء المكون من أربعة أجزاء هناك العديد من الخيوط الهامة في فلسفة أبيقور . الفلسفة : لا غرابة في أن أبيقور اعتقد بأن دراسة الفلسفة أمرا مركزيا للسعادة .
فالفلسفة يمكن أن تساعدنا على التعامل مع الخوف من الموت و الخوف من القدر .
الصداقة
:اعتقد أبيقور أن الصداقة إحدى أهم مناحي الحياة الجيدة . فهي لا تقدم لنا العديد من الفوائد فحسب ، بل تفيد أصدقاءنا أيضا .
و على النقيض من ذلك ، نصح أبيقور بعدم الزواج . لم يكن مولعا بالجنس قائلا أن على المرء أن يعتبر نفسه محظوظا إذا لم يسبب له الجنس أي أذى .
الحصافة: الحصافة بالنسبة لأبيقور هي الطريقة الممتازة لاتخاذ القرارات . يمكن النظر إلى أن جميع القرارات قد تؤدي إما إلى المتعة أو إلى الألم .
التخطيط للمستقبل و التفكير مقدماً في هذه النتائج المحتملة سسيساعد في الوصول إلى الحياة الممتعة .
الأمان :هنا انصب اهتمام أبيقور في الطريقة الفضلى لضمان هناء البال عندما يكون هناك تهديد على المستويين الفردي و الاجتماعي .
نصح أبيقور بأن أفضل حل هو العيش حياة خاصة دون الانخراط في السياسة أو الأعمال أو القانون .
و بدل ذلك نصح بأن يحيط المرء نفسه بأصدقاء لديهم عقول مشابهة لعقله ، حيث يضمن العقد الاجتماعي معهم حياة هادئة .
رأي علم النفس المعاصر في المساعدة الذاتية الأبيقورية :
إذا ، هل كان أبيقور على صواب ؟ يمكننا أن نكون فكرة بمقارنة نصائحه مع الملاحظات المتراكمة جراء الأبحاث الضخمة في السيكولوجيا المعاصرة حول الرضا عن الحياة . و قبل أن نطنب في المديح ، لنلقِ نظرة على النقاط السلبية . و لكن فيما نقوم بذلك ، يجدر بنا أن نتذكر بأن عمر نصيحة أبيقور يتجاوز الألفي عام . و من نافل القول أن المجتمع قد تغير تغيراً كبيراً .
• كان أبيقور على خطأ فيما يخص الحياة المنعزلة :السبب الذي دعا أبيقور إلى الوقوف ضد الانخراط في المجتمع ، هو اعتقاده بأن المجتمع مصدر الشدة و التعاسة . تاريخيا ، عاش أبيقور في عصر ساده التقلب السياسي ؛ و في هذا السياق يمكن فهم نصيحته .
أما في عصرنا الحالي فتبدو النصيحة غير مواتية تماما . إذ تُظهر الأبحاث المعاصرة علاقة بين الدرجات العليا من السعادة و المزيد من الانخراط الاجتماعي .
• يمكن مناقشة أبيقور فيما يخص تجنب الزواج : بشكل عام ، المتزوجون و الذين يعيشون مع بعضهم كالمتزوجين ، أكثر سعادة . هذا تعميم إجمالي ، و يجب الإقرار به على هذا النحو .
و السبب أنه حاليا ، و في كثير من المجتمعات زادت نسبة الطلاقات ، و الطلاق سيئ جدا للسعادة . يجادل بعض علماء النفس بأن الناس يكونون أكثر سعادة إذا ما جربوا الزواج و أخفقوا ، أكثر من عدم الخوض في تجربته نهائيا . و بشكل عام فإن أسوأ ما يمكن أن يقال عن الزواج ، أنه لا يجعل السعادة أقل .
• السعادة ليست نقيضا للألم : بين علم النفس المعاصر بأن اللذة ليست غياب الألم ، و أن العواطف الإيجابية و السلبية مستقلة . فللعواطف الإيجابية الكثير من التأثيرات الإيجابية الأخرى بحيث أن أبيقور يخطئ في اختزالها إلى حد اعتبارها غيابا للألم . و لكي نعطي مثالا نقول أن العاطفة الإيجابية تزيد الفاعلية و العشرة الاجتماعية التي يرجح بدورها أن تقود إلى سعادة أكبر على المدى البعيد .
بماذا أصاب أبيقور ؟
أصاب أبيقور في الكثير من الأمور و منها :
1. استخدامه استراتيجيات معرفية للتعامل مع الموت و الألم : بعض الأشياء في الحياة لا يمكننا تغييرها – إحداها حقيقة بأننا سنموت ، و بالنسبة لبعض الناس الألم و المرض . نصح أبيقور بأنه علينا أن نتعامل مع هذه الحقائق من خلال القبول و تكييف مواقفنا .
و هذا ينسجم بوضوح مع العلاج المعرفي – السلوكي المعاصر الذي يركز على تغيير الاستجابات النفسية على الشدات الحتمية .
2. الصداقات تعني أكثر من مجرد كسب منزلة أو مال : تتصل الروابط الاجتماعية بالسعادة إلى حد كبير ، في حين أن حيازة المزيد من الثروة لا تعني بالضرورة الحصول على السعادة .
3. السعادة تأتي من المتعة المتنوعة و المعتدلة : تظهر البراهين التجريبية الحديثة بأن النشاطات المتنوعة من يوم إلى آخر تقود إلى مستويات متزايدة من السعادة . و أخيراً أعتقد انه ليس سيئا أن نستعيد نصائح و أفكار عمرها ألفا عام ! فالكثير مما تحدث به أبيقور لا زال طازجا يصلح حتى وقتنا الراهن .
فهذا الرجل استطاع أن يصل إلى محددات أساسية للسعادة أينما و حيثما وجد الإنسان . (احمد ابوجوده)
12-
من أبرز النقاشات الإلحادية حول لامنطقية الإله هو الإعتماد على ما يُسمّى بمعضلة أبيقور , و هو فيلسوف يونانى و يعتبر من أوائل من صاغ فكرة الفلسفة الجدلية فى التاريخ حيث طرح وجهة نظره بالنسبة للإله فى هيئة سؤال يعتمد على توضيح وجهة نظر واحدة فقط دون وجود أى تحليل منطقى لأى رد دينى
و هنا يجب علينا أن نفهم أولًا ماهية معضلة أبيقور بجميع حلولها المطروحة , تعتمد معضلة أبيقور على طرح سؤال (إذا كان الإله هو العادل و المثال الأعلى للخير , فلماذا توجد الشرور ؟)
و هنا يُصيغ أبيقور حلول معضلته فى هيئة أربع إجابات منطقية (يريد الإله منع الشرور و لكنه لا يقدر و هكذا يصبح الكيان الإلهى عاجز غير كامل القدرة – يستطيع الإله منع الشر و لكنه لا يريد و هكذا يصبح الكيان الإلهى هو أصل الشرور فى العالم – يستطيع الإله منع الشرور و يريد منع الشرور و هكذا أصبحنا فى معضلة أخرى و هى من أين تأتى الشرور – لا يستطيع الإله منع الشرور و هنا يصبح من الصعب وجود كيان إلهى من الأساس) ,
و لكن هذه الحلول كما وضّحت سابقًا تعتمد على وجهة نظر واحدة فقط و هى وجهة النظر الغير معتمدة على الأديان , و هو ما سيتضّح صحته من خطأه لاحقًا.
فى حقيقة الأمر هذه النظرة الشكوكية للفلسفة الإلهية تعد منطقية للوهلة الأولى من حيث إعتمادها على فلسفة غير قابلة للضحد مما يدفع البعض للأخذ بمنظور هذه الفلسفه دون غيرها , و هو ما يطرح سؤال آخر عن ماهية السبب الذى يدفع الإله إلى ترك إبليس يغوى آدم و يُصبح فى عداوة أزلية هو و أبنائه ؟
و هو ما سيجعلنى أستثنى الحلول الثلاثة (يريد الإله منع الشرور و لكنه لا يقدر – يستطيع الإله منع الشرور و يريد منع الشرور– لا يستطيع الإله منع الشرور) و أفنّد الحل الرابع و المعتمد على أن الإله هو أصل كل الشرور.
هناك مبدأ دينى يقول (أن الدنيا دار إختبار) مهما كانت الصياغه أو التناظر اللفظى فهذا المبدأ موجود فى كل المعتقدات الفلسفية و الأديان و هو ما يعرف بالتحفيز للمثالية من خلال وجهة النظر المطروحة فى الفلسفة الدينية , و هو ما يجعل تعريف الإختبار الروحى من سياق أى ديانة هو وسيلة مهمة من وسائل التدريب العملى على ممارسة الأخلاق الدينية المكتسبة فى إطار عملى.
او بمعنى آخر هى وسيلة لإختبار رد فعل الإنسان تجاه المواقف و الظروف التى يمر من خلالها و قدرته على التمسّك بالتعاليم الدينية المذكورة فى النص المقدّس الذى يتّبعه أى معننق لديانة , و بما أن الأديان نسبية أو مختلفة فكل دين يعتمد على عدة مناهج و مبادئ متغيّرة تُوضّح مفاهيم الخير و الشر بالنسبة له , و إلى ما سيؤدى كلًا منها فيما بعد أو ما يطلق عليه الحساب و العقاب فى الدار الآخرة أو الوصول إلى النيرفانا تبعًا للتعاليم الروحية داخل كل ديانة
و هو ما يقول بإختلاف رد فعل الإنسان تجاه الإختبار بالإستناد إلى نسبية الديانة التى يعتقدها , و مهما كانت المسميات فهناك تضارب واضح بين فرضية الحل المذكورة لمعضلة أبيقور و بين التعريف الفعلى للخير و الشر من خلال أى ديانة من حيث إعتمادية أبيقور على ثبات تعريف الخير و الشر بالنسبة لكل البشر.
ثم ننتقل للسبب الثانى فى لامنطقية فرضية أبيقور حيث أنه بمعضلته هذه أقر مبدأ عدم التناقض و هو ما يعد مخالفة عقلية بحته لكل ما هو متعارف عليه فلسفيًا و علميًا , فمبدأ عدم التناقض فلسفيًا يعتمد أن إثبات وجود الشئ يعتمد على نفى وجود نقيضه أو كما قال الفيلسوف الكبير هيجل (أن كل شيء يحتوي على نقيضه في صميم تكوينه و إنه لا يمكن أن يوجد الشئ إلا حيث يوجد نقيضه معه)
فلا يمكنك معرفة الوجود إلا من خلال الإعتراف بالعدم بينما أبسط مثال على قانون عدم التناقض علميًا هو أن المادة ما هى إلا عبارة عن كتلة و العدم هو عدم وجود هذا الكتلة و بالتالى لا يمكننا الإعتراف بوجود كتلة إلا بنفى عدميتها .
و بالتالى نرى أن فرضية أبيقور إعتمدت على توضيح وجود الخير مع عدم توضيح عدمية وجوده , و هنا يتضح خطأ أبيقور حيث إعتماده على الوجود المطلق للخير و الشر كلِ ككيان منفصل عن بعضهما فى حين أن النظرة الصحيحة هى الإعتراف بوجود جانبى الخير و الشر جنبًا إلى جنب فى كيان واحد متّصل بحيث يتمكّن الإنسان من تمييز كل منهما كلِ حسب معتقداته الفكرية. (احمد ابوجوده)
13-إن كتاب (الأبيقوريون) الضخم المشترك الذي يقع في 1552 صفحة والصادر هذا العام تحت إشراف دانيال ديلاتر وجاكي بيجو يستحق عن جدارة بأن يوصف بأنه جينيالوجيا الفكر الأبيقوري ما دام يجمع بين دفتيه السلالة الطويلة للأدباء والمفكرين الذين نهلوا منه.
مونتان، مولير، ساد، سارتر، وطبعا ماركس… وغيرهم قبلهم وبعدهم. ما أن تلفظ اسم أبيقور حتى ينهض أمامك جدار من الأفكار والأحكام المسبقة التي تقول لك بأن الأبيقورية تعني الرجل البرجوازي الذي لا هم له سوى الأكل والشرب ومعاشرة النساء.
ولكننا يجب أن ندرك أن فلسفة أبيقور قد تركت في العقول أثرا يسعى الكثيرون الى الاحتماء منه، إذ أن التصريح بأن “الآلهة” غير جديرة بأن تخاف أو يوضع لها اعتبار، وأن سلطتها لا قيمة لها ما دام العذاب الذي يكابده الإنسان قد فاقها قوة. هذا القول في زمن أبيقور، كما هو في كل زمن، لا يجلب لصاحبه سوى كره الآخرين في أحسن الأحوال ناهيك عن التسفيه والمحاربة.
لم يُهن شخص ويُمنع كما أهين أبيقور ومنع حتى وإن كان أفلاطون قبل ذلك قد أحرق كتب سلفه ديموقرط. هكذا نعرف بأن أبيقور لم يؤمن برب خالق أو بأن الكون قد ولده انفجار عظيم.
هل هي العدمية إذن؟ يمكن النظر في هذه المسألة من جانب تمجيد الحياة والإحساس بها وتحدي الموت.
نجد الفكر والحس هنا مادة واحدة وهو ما يفسر لنا كون الذي لا يمتلك حسا لا يمتلك شيئا. هل هو إنكار وجود الآلهة؟ الأبيقورية تقول لا…. تعترف بأنه يوجد الكثير من الآلهة الخالدة ولكنها تعيش بمعزلٍ سعيدةً لا يعكر صفوها معكر.
غير أن الكائنات البشرية، الفانية، يمكنها بالفكر أن تبلغ من السمو والرفعة والخلود ما بلغته الآلهة: “تذكَّرْ.. أنت يا ذا الطبيعة الفانية والعمر المحدود بانك ارتفعت بفضل التأمل الى الأبدية وبلغت اللامحدود ورأيت ما كان وما سيكون”. لم تبق خلة ذميمة إلا وألصقت بأبيقور..
الداعر، الكذاب، الضال المضل، رفيق البغايا وأخيرا وليس آخرا.. الخنزير. وهذه الصفات أثارت حفيظة ديوجين فكتب في (حياة وعقائد الفلاسفة المشهورين) بأن “هذا ما جرؤ على قوله المجانين عن أبيقور”. إن المجانين، العقلاء ظاهرا، هم الذين يجعلون الناس يعيشون الخوف من الموت.
ولكن كما يقول أبيقور” عوِّدْ نفسك على التفكير بان الموت ليس شيئا ذا بال ما دام الخير والشر لا يوجدان إلا ضمن الحس” و ” من يعلن خوفه من الموت ليس لأن فكرة مجيئه يوما مخيفة بل لأن انتظاره مخيف هو أحمق”.
بعض الفلاسفة ينتجون شعراء عظاما ولقد أنتج أبيقور الشاعر (لوقريس) الذي يؤكد القديس جيروم أنه أصبح مجنونا بعد احتسائه “شراب المحبة” فلم يستطع بعدها مقاومة العواطف الجياشة التي تعتمل في صدره وانتحر.
هذا الشاعر أهدى أشعاره الى فينوس “متعة الناس والأرباب” التي سحرها ينشط في كل مكان، في الزهور، في ضحكة البحر، في الطيور، في الموسيقى، “في البذور التي لا تحصى في الكون العميق”. كان أبيقور أول من كسر مغاليق أبواب الطبيعة و “قطع المسافات الشاسعة بالروح والعقل”.
أصداء لهذه الفكرة نجدها عند دانتي أو لوتريمون ” أسير هناك حيث لم يسر أحد، أشعر بالفرحة لدنوي من الينابيع البكر، أشعر بالفرحة وأنا أقطف الأزهار الغضة لأصنع منها تاجاً لي”. أبيقور الذي “كلماته من ذهب” قد فجر أنوار الظلمات ورأى “عبر الفراغ كل الأشياء تتكامل”.
إن ما يوازي قدرة الآلهة يظهر عنده في قوى الزمن الشاسع، و “مقام السلام” سلام الفكر وسط التقلبات وفي عين الإعصار حيث “معرفة المتعة لا شيء دون معرفة الألم”. يقول لافونتين:” يامن جعل روح اليونان الأجمل عشيقته/ لا تستهن بي، تعال وأقم عندي/ لن تكون دون عمل”.http://www.alsabaah (احمد ابوجوده)
14- ليس كمثلة شئ ” – الشورى 11يتساءل أبيقور ” هل يريد الله أن يمنع الشر، لكنة لا يقدر ؟ “بداية يجب علينا أن نذكر حقيقة مطلقة ، لا يختلف عليها أثنان .. وهى أن الخير هو القاعدة، بينما الشر هو الإستثناء أو الشذوذ عن القاعدة؛ فالصحة هى الاساس والمرض هو الاستثناء.
وثبات الأرض هو القاعدة بينما الزلازل والبراكين فهى استثناء .. ثم انه لكل شر جانبان ؛ جانب خيير وآخر بغيض .. فمثلاً ؛ فى حين حدوث الزلازل والبراكين، فالأرض بهذا تُنفث عن كبتها ولولا حدوث الزلازل أو البراكين لانفجرت الأرض من شِدة كبتِها .
ثم أن المرض يخلق فى جسد الأنسان المناعة ويشتد عزمة .. ومن هنا نعرف المعنى وراء ” الصحة “فلولا وجود المرض لما كان للصحة أى معنى ، ولولا وجود عكس المعنى لما كان للمعنى معنى .. ثم ان الزلازل والبراكين تُظهر لنا مافى باطن الأرض من معادن وكنوز تُسخر لخدمتنا بطريقة غير مباشرة .
فنكتشف البترول والحديد والنحاس وغيرها من الكنوز المُخبأة بباطن الأرض .. وهذا يُطهر لنا أنه حتى للشر جانب خيير .. فالخير هو الاساس والأصل .
وفى سؤال أبيقور نوعاً من المُغالطة الكبرى ، فهو حين يسأل ” هل يريد الله ” فهو بذلك وضع نفسة مكان الله عز وجل شأنة ؛ أعتقاداً منه أنه بشر مثلنا ، يريد و يقدر أولا يريد ولا يقدر !، كلها أسأله تدنوا من شأن الخالق وتجعل منه مخلوقاً ، له عقل مثلنا يفكر ويُخطئ ويُصيب !!
ولو إفترضنا أن الله يريد أن يمنع الشر ولكنة لا يقدر ، فعلينا أن نسأل ” يمنعه مِن مّن !؟ ” ” ولا يقدر على من !؟”هل أراد الله الحاق الشرور بالبشر ثم نَدِمَ على فعلته هذه !؟كلها استفثارات تُبين لنا قِصر عقل أبيقور وتشبيهه للاله على انه بشر ..وعلينا أن نرد على هذه الافتراءات ونوضح له الحقيقة الحقه من وراء ذلكالشر من جنس عمل الانسان .. فالحروب والمجاعات والفقر والأوبئة هى من صنع الانسان.
والله غنى عنها الله خلق بنى آدم خليفة له فى الأرض ليُعمرها وليرفع من شان اخيه الانسان – يقول الله تعالى” وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا “اى لتفيد وتستفيد من غيرك لا لتضره أو تمحيه من على الوجود، بقنبلة نووية كما حدث فى نجازاكى وهيروشيما وغيرها ،كالحرب العالمية الاولى والثانية، والامثلة على فساد الانسان فى الأرض عديدة ولا حصر لها ،
يقول تعالى – ” واذ قال ربك للملائكة انى جاعل فى الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انى اعلم ما لاتعلمون “، فالانسان هو خليفة الله فى الارض ، ووجودة مرتبط بالمهمة التى خولت اليه وهى إعمار الأرض لا هدمها والافساد فيها، والجزاء من جنس عمله، فمن عمل خيراً فأجرة على الله ومن يفسد فجزائة بئس المصير.
وهذا هو العدل الحق .والله لا يريد بنا الا كل خير ، واعلاء كلمة الحق التى هى أساس الوجود ،، وعن أى ابتلاء يصاب به الانسان فمن نفسة وأعماله المُشينة ، والله لا يظلم أحداً .. ولكن الانسان هو من يظلم نفسة دون علم، نظراً لجشعة وكبريائة وطمعة.
ظناً منه أنه خالداً فيها أبدا !! لكن لا مال يدوم ولا جاه وسلطان دائم ؛ وتتساقط الامبراطوريات والباقى هو الله،وختاماً – يقول الله عز وجل فى سورة البقرة ” واذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض قالوا انما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ” .. هل علمنا الآن من أين يأتى الشر !؟؟ (احمد ابوجوده)