بدأ التيار الوطني الحر، أحد أبرز الحلفاء المسيحيين لحزب الله في لبنان، تصعيدا ميدانيا ضد الحكومة التي يشارك فيها التيار، رفضا لما يقول إنها “انتهاكات لحقوق المسيحيين”.
ومنذ ساعات الصباح توجهت مظاهرات لأنصار التيار من مختلف المناطق اللبنانية، باتجاه وسط العاصمة بيروت، وتحديدا إلى محيط السراي الحكومي، حيث انتهت جلسة الحكومة وحددت موعدا جديدا لاجتماعها بعد عيد الفطر.
حصار السراي الحكومي
شوهدت تعزيزات عسكرية استقدمها الجيش إلى محيط السراي الحكومي، تحسبا لأي تطورات، مع استمرار توافد أنصار التيار العوني، ووقع في وقت لاحق إشكال في محيط السراي؛ بين القوى الأمنية، وبين مناصري التيار الذين يحاولون الوصول إلى محيط مقر الحكومة.
وتطور المشكل فيما بعد إلى اشتباك بين أنصار التيار العوني وعناصر الجيش الذين عملوا على منع تقدم العونيين إلى مقر الحكومة، وهو ما أسفر عن عدد من الإصابات من الطرفين نقلوا إلى مشاف مجاورة.
وبالتزامن مع التحرك على الأرض، صعدت وسائل الإعلام التابعة للتيار من لهجتها بحق رئيس الحكومة؛حيث وصفه الموقع الإلكتروني الرسمي للتيار بأنه “داعشي”، وذلك عبر رسالة نشرها الموقع لأنصاره جاء فيها: “يا شعب لبنان العظيم.. سلام الداعشي يهين المسيحيين ووزراء التيار.. كرامتكم بالدق” (أي على المحك).
وكانت مشادة حدثت قبيل انعقاد جلسة الحكومة، بين رئيسها تمام سلام، وبين وزير الخارجية جبران باسيل، الممثل للتيار، ما دفع الجهة المشرفة على الإعلام في مجلس الوزراء إلى قطع البث المباشر الذي كانت تنقله الفضائيات اللبنانية.
وقال النائب عن التيار وليد خوري، لقناة “الجديد”: “سنبقى في الشارع حتى إسقاط الحكومة إذا استمرت على هذا النهج”، وصرح الوزير العوني السابق غابي ليون للقناة ذاتها بالقول إن “ما نطلبه هو الشراكة، والانتفاضة هي جراء اغتصاب حقوق المسيحيين” على حد وصفه.
وبعد انتهاء جلسة الحكومة، انضم الوزير جبران باسيل إلى المتظاهرين ليعلن من بينهم أنه “اليوم حصلنا على ما نريد لكن المعركة بدأت، ولن تنتهي وليست متعلقة ببند أو بمكان أو زمان”، في إشارة إلى خطوات لاحقة ينوي التيار الإقدام عليها.
يوم تاريخي
بدوره اعتبر ميشال عون “أننا لا زلنا ببداية تحركاتنا وكل ما أخذ بالتآكل سيرجع” موجها في الوقت ذاته انتقادات للجيش بالقول: “رأينا كيف كان التعرض للشباب من قبل القوات المسلحة، وبالأمس كان العديد أكبر، ولكن اليوم لماذا تم التعامل بقوة، والتعامل بقوة لن يثنينا”.
ورأى عون في مؤتمر صحفي من مقر إقامته بمنطقة الرابية ببيروت بعد انتهاء جلسة الحكومة أن ما جرى اليوم “كان يوما تاريخيا بالنسبة لنا، ونتمنى الشفاء للجرحى من مناصري التكتل جراء ما تعرضوا له خلال تحركهم السلمي الذي رافق جلسة الحكومة”.
وأشار عون إلى أن “هناك مفاجئات كثيرة، ومن لا يريد أن يمشي لا يمشي نحن مكفيين وموفيين (..) نحن نريد حقوقنا”، مضيفا أن “حلفائي أحرار بموقفهم، ومن يأتي للمساعدة أهلا وسهلا، وإن لم يرد نحن لدينا قوتنا وشخصيتنا، ونحن أول كتلة مسيحية في المجلسة، وثاني أكبر كتلة في المجلس النيابي”.
وهاجم عون خصومه ممن انتقدوا نزول أنصاره إلى الشارع، متسائلا: “كم خطيئة ارتكبت بحق الدستور والقوانين المدنية والعسكرية؟ ولا يمكن أن لا ننزل إلى الشارع لأن من يقابلنا أولاد شارع ولا يمكن مواجهتهم إلا في الشارع”.
وفيما يتعلق بالملفات العالقة، شدد عون على أن “لا حق في التمديد للمجلس النيابي أو التمديد في القيادة العسكرية، وهناك اجتهادات سيئة وخاطئة ولا أحد يعلمنا الدستور”، لافتا إلى أن “قانون الانتخابات يجب أن ينفذ قبل انتخاب رئيس الجمهورية وقبل انتخابات مجلس النواب”.
عون: السنة حيوانات
وتزامنت هذه التطورات مع الكشف عن وثائق تشير إلى وصف زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، السنة في لبنان بـ”الحيوانات”.
وكشفت صحيفة الجمهورية المقربة من فريق الرابع عشر من آذار جانبا من وثائق ويكليكس المسربة تشير إلى مضمون اجتماع بين السفير الأمريكي السابق جيفري فيلتمان ووزير العدل الأسبق شارل رزق.
وبحسب اللقاء، فقد تحدث الوزير رزق للسفير فيلتمان عن ما دار بينه وبين ميشال عون خلال لقاء في السابع من شهر آب/ أغسطس عام 2007، حيث تحدث عون عن السنة بلغة عنصرية ووصفهم بـ”الحيوانات”.
ونقل رزق أيضا أن عون حرص في اللقاء على تأكيد قربه من حزب الله بالقول إن “الشيعة في لبنان هم مثل الموارنة من طينة ملح الأرض، وأن الطائفتين يحبان الأرض وهذه هي الخطوة الأولى إلى حب الوطن وأن السنة غرباء ومن دون جذور ومن جنسيات مختلفة وعشاق مال ومتطرفين جدا”.
بدوره حذر نائب الجماعة الإسلامية في البرلمان اللبناني الدكتور عماد الحوت، من خطورة طروحات رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، معتبرا أنه “يضع الحكومة أمام أزمة حقيقية جراء معادلة إما استقرار لبنان وأمنه، أو تحقيق حساباته الشخصية”.
واستغرب الحوت في تصريحات له الخميس لإذاعة “الفجر” المحلية في لبنان، عدم اكتراث عون بمصير لبنان بعد قوله: “إذا انشققت ينشق الوطن”، مؤكدا أنه “آن الأوان للشارع المسيحي أن يعبر هل هو مع شق الوطن خدمة لأهداف عون، أم هو مع الحفاظ على الوطن ورفض المتاجرة بالمسيحيين”.
ولفت الحوت الانتباه إلى أن “عون يرفع شعار حقوق المسيحيين للمزايدة على باقي الفرقاء”، مشيرا إلى أن “مطالبته بالفيدرالية ستعزل المسيحيين”، ومتسائلا “ما إذا كانت مغامرته بالمناصفة ستؤدي إلى المثالثة التي يطرحها شركاؤه”.
وذكر الحوت بأن “حلفاء عون من مسيحيي الثامن من آذار يعارضون تحركه”، مشيرا في الوقت عينه الى أن “حزب الله” “ليس بوارد التضحية بالحكومة حاليا لأنها حاجة أساسية بالنسبة له”.
واستنكر الحوت “محاولة عون اللعب بالنار عبر تحويل الازمة من سياسية إلى طائفية بعد اتهامه للبعض بممارسة “داعشية سياسية”، كما قال.