أزاميل/ لندن/ وكالات:
أثارت صورة جثة طفل قذفتها الأمواج إلى شاطئ مدينة بودروم التركية، انتشرت في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، ردود فعل قوية. فمن هو هذا الطفل الصغير الذي قضى نتيجة حرب لم يشعلها وتهجير لم يرده؟
وفي مقابلته الصحفية مع راديو “روزنة” الكردي، أعدتها المذيعة زينة ابراهيم، قال عبد الله كردي:”قفز المهرب التركي إلى البحر ولاذ بالفرار وتركنا نصارع الأمواج وحدنا، انقلب القارب وتمسكت بولديّ وزوجتي وحاولنا التشبث بالقارب المقلوب لمدة ساعة، كان أطفالي لا يزالون على قيد الحياة”.
وقال “بدأت المياه تدخل القارب على بُعد 500 متر من الشاطئ. ابتلّت أقدامنا”. وحاول أن يمسك بطفليه وزوجته بينما كان يمسك بالقارب الذي انقلب، إلا أن المياه سرعان ما سحبتهم.
وقال الوالد “كان الظلام مخيّماً والجميع يصرخون، لذلك لم تتمكن زوجتي وولداي من سماع صوتي. حاولت أن أسبح إلى الساحل مستهدياً بالأضواء، لكنني لم أتمكن من العثور على زوجتي وولدي حين وصلت إلى اليابسة”.
وأضاف “عندما لم أعثر عليهم في نقطة التجمع في بودروم حيث نلتقي عادة، توجهت إلى المستشفى وأبلغوني الأخبار السيئة”.
وأكد أن عائلته كانت ترغب في التوجه إلى كندا، ولكنه يريد الآن العودة إلى كوباني لدفن عائلته.
وصرح مصدر في مستشفى في بودروم لوكالة فرانس برس أنه سيتم نقل الجثث جوّاً إلى اسطنبول في وقت لاحق، يوم الخميس، وبعد ذلك إلى بلدة سوروتش التركية الحدودية قبل أن تُنقل إلى محطتها الأخيرة في كوباني.
وصرح مصطفى عبيدي، الصحافي في كوباني على الحدود التركية شمال سورية، أن عائلة عبد الله كانت تعيش في دمشق حتى 2012 إلا أنها أجبرت على الفرار بسبب الحرب.
وأضاف عبيدي أن العائلة مكثت في بودروم شهراً وادّخرت بعض المال واقترضت البعض الآخر من الأقارب لدفع تكاليف الرحلة.
ونقلت وكالة دوغان عن عبد الله قوله إن العائلة دفعت المال للمهرّبين مرتين للتوجه إلى جزيرة كوس اليونانية.
وقال عبدالله “في المحاولة الأولى قبض علينا حرس السواحل، وأفرج عنّا لاحقاً”. وأضاف أنه في المرة التالية “لم يفِ المهرّبون بوعدهم ولم يحضروا لنقلنا في قارب”.
ونتيجة لذلك، قرر عبد الله وعائلته القيام بالرحلة المنكوبة بشكل مستقل، فقام مع سوريين آخرين من بلدة كوباني “الحصول على قارب بطرقنا الخاصة، وحاولنا العبور إلى الجانب الآخر”.
واعتقلت السلطات التركية أربعة أشخاص يشتبه بأنهم مهرّبون، وهم سوريون تراوح أعمارهم بين 30 ـ 41 عاماً، للاشتباه بتورطهم في حادثين أوديا بحياة عائلة عيلان و11 شخصاً آخرين.
وذكرت وكالة دوغان للأنباء أن المشتبه بهم متهمون بالتسبب “بوفاة أكثر من شخص” و”تهريب مهاجرين”.
وكان ايلان مع 23 مهاجرا آخرين قالت الشرطة التركية إنه ابحروا على متن قاربين صغيرين من شبه جزيرة بوردون في محاولة يائسة للوصول على جزيرة كوس اليونانية، حيث وصل الاف اللاجئين في الاسابيع الاخيرة. ومنها كان عائلة ايلان وغالب تحاول الوصول بطريقتها الى كندا بعدما حاولت عبثا الدخول اليها بطرق شرعية.
تيما، شقيقة عبدالله وهي مصففة شعر في فانكوفر غادرت الى كندا قبل أكثر من عشرين سنة قالت لموقع “أوتاوا سيتيزن” :”وصلني الخبر الساعة الخامسة فجرا”.اتصلت بها غصن كردي،زوجة شقيقها الاخر محمد لتبلغ اليها إنها تلقت اتصالا من عبدالله وكل ما قاله إن زوجته وابنيه ماتا . وروت أن عبدالله وريهان وولديهما قدما طلبا للجوء وفقا لبرنامج”جي 5″ رفضته وزارةالجنسية والهجرة في حزيران الملضي، نظرا الى التعقيدات الخاصة بطلبات اللجوء في تركيا.
وكانت العائلة تواجه مشكلتين، على غرار الاف #اللاجئين_السوريين الاكراد في تركيا، ذلك أن الامم المتحدة لا تسجلهم كلاجئين، والحكومة التركية لا تعطيهم تأِشيرات للخروج. وأضافت: “كنت أحاول كفالتهم، وأصدقائي وجيراني ساعدوني بكفالات مصرفية، لكننا لم نستطع اخراجهم، ولهذا ذهبوا في قوارب.كنت أدفع لهم بدل الايجار في تركيا، ولكن الطريقة التي يعاملون بها اللاجئين السوريين مرعبة”.
فين دونيللي، النائب عن منطقة بوت مودي-كوكيتلام قال إنه سلم بيده ملف عائلة كردي الى وزير الجنسية و#الهجرة كريس الكسندر في وقت سابق هذه السنة، وأكد أن الكسندر وعده بدراسته لكن الطلب رفض في حزيران.ووصف خبر غرق العائلة بأنها اليمة، مقرا بأن “اليأس من الانتظار وعدم التحرك كان رهيبا”.
آيلان الكردي – ضحية حرب في وطن لم يعرف فيه السلم!
الصبي يدعى آيلان كردي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام تركية. وأشارت إلى أن شقيقه البالغ من العمر خمس سنوات مات على نفس القارب. وذكرت تقارير إعلامية أنه من بلدة كوباني السورية القريبة من الحدود التركية والتي شهدت قتالا ضاريا بين مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” وقوات محلية كردية قبل عدة شهور. وانتشر على تويتر هاشتاغ “الإنسانية تلفظ على الشاطئ” (#HumanityWashedAshore) بعد أن أعيد تناقل الصورة مرات عديدة. وفي الساعات الأولى القليلة أعيد نشر الصورة آلاف المرات.
وقد أثارت الصورة ردود فعل قوية لدى الأوروبيين عبرت عنها تعاليق عدد من الصحف الأوروبية. “صورة تجعل العالم يصمت”، هكذا علقت صحيفة لاريبوبلكا الإيطالية، فيما كتبت الصحيفة الإسبانية “إل بيرييوديكو” على موقعها الالكتروني: “إنها نهاية أوروبا”. أما صحيفة ذي إنديبندنت البريطانية فتساءلت قائلة: “ماذا لو لم تغير صورة الطفل الذي لفظته الأمواج على الشاطئ موقف المفوضية الأوروبية إزاء اللاجئين؟” الصورة تظهر أبشع مظاهر كارثة إنسانية على السواحل الأوروبية.
من جهته، قال مسؤول كبير في البحرية التركية إن القاربين كانا ينقلان 23 شخصا وانطلقا بشكل منفصل من منطقة أكيارلار في شبه جزيرة بودروم. وتأكد مقتل امرأة وخمسة أطفال. وأنقذ سبعة أشخاص ووصل اثنان إلى الشاطئ وهما يرتديان سترتي نجاة. وقال المسؤول إن الآمال تتضاءل في العثور على شخصين مفقودين. وقال الجيش التركي إن فرق البحث والإنقاذ التابعة له أنقذت مئات المهاجرين في البحر بين تركيا وجزر يونانية خلال الايام القليلة الماضية.
ووصل عشرات الآلاف من السوريين الفارين من الصراع في بلادهم إلى ساحل بحر إيجه في تركيا خلال فصل الصيف الحالي لركوب قوارب تنقلهم إلى اليونان بوابتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ومنذ أشهر يتزايد عدد المهاجرين، وأغلبهم من السوريين والافغان والافارقة، الذين يحاولون عبور بحر ايجه في ظروف شاقة للوصول الى الجزر اليونانية باعتبارها مدخلا إلى الاتحاد الاوروبي. ويدفع الساعون إلى الهجرة للانتقال من بودروم إلى كوس اكثر من الف دولار للفرد، لعبور الممر البحري الاقصر بين تركيا واوروبا. وتؤكد السلطات التركية انقاذ اكثر من 42 الف مهاجر قبالة سواحلها منذ مطلع العام 2015، فيما تقدر وكالات الاغاثة أنه خلال الشهر المنصرم قطع نحو ألفي شخص يوميا رحلة العبور القصيرة إلى الجزر الشرقية اليونانية على متن زوارق مطاطية. وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من 2500 شخص لقوا حتفهم حتى الآن هذا العام وهم يحاولون عبور البحر المتوسط.
ش.ع/ م.س (أ.ف.ب، رويترز)
صورة تحزننا.. تهزنا.. وتشعرنا بعجزنا!
وكتب رئيس هيئة مؤسسة DW الألمانية ألكسندر كوداشيف كلمات مئثرة حول صورة الطفل الغريق قائلا
إنها صورة رهيبة تُظهر مدى الهول الذي يخلفه الهروب العبثي القاتل من جحيم الحرب الأهلية التي مزقت أوصال سوريا. وهي صورة بقدر ما تحزننا وتهزنا، فهي تشعرنا بعجزنا وتدفعنا للتأمل، كما يقول ألكسندر كوداشيف رئيس تحرير مؤسسة DW.
إنها صورة تلامس المشاعر. إنها صورة تفقدنا الكلمات من شدة الألم ومن شدة التعاطف على السواء. إنها صورة تجعلنا نحس بعجزنا وتدفعنا للتفكير والتأمل. إنها صورة تهز مشاعرنا جميعاً. صورة تمثل وبحق صورة العام، بل صورة لعقد كامل. إنها صورة تختزل كل شيء لامس أحاسيسنا خلال الأشهر الأخيرة وحرك فينا مشاعر الغضب والاستياء. باختصار، إنها صورة فظيعة.
هل يمكن أو ينبغي نشر هذه الصورة؟ هل يجب على مؤسسة دويتشه فيله نشر هذه الصورة؟ هناك أسباب مقنعة وأخرى تدفع للتفكير مليا بعدم فعل ذلك. أسباب تتعلق بالرفق بهذا الطفل وحفظ كرامته، وتتعلق أيضاً بإيماننا بمبدأ التحفظ كوسيلة إعلام. ومع كل ذلك، قررنا نشر الصورة. ولكن ليس بدافع الإثارة أو لجلب أكبر عدد من القراء إلى موقعنا أو كسب مزيد من المشاهدين لمحطتنا التلفزيونية.
قررنا نشر الصورة لأنها حركت مشاعرنا. ننشرها لأنها ترمز لمأساة اللاجئين: طفل بريء ينتهي في قعر البحر لأن والداه سلكا طريقاً محفوفاً بالمخاطر بحثاً عن مستقبل أفضل تُصان فيه كرامته الإنسانية. ننشر هذه الصورة لأنها هزت كياننا وجعلتنا في اجتماع هيئة التحرير نبتلع ألسنتنا غارقين في التفكير من هول إحساسنا بالمعاناة و فظاعة الموت. ننشرها لأننا نحس بعمق المعاناة، حيث اُرغمنا على التوقف ونسيان ضغط عملنا الصحفي اليومي. والسبب هو هذه الصورة.