نشر الباحث والمحلل الامني هشام الهاشمي مادة في صفحته على الفيس بوك، حول وثيقة التسوية التاريخية التي اعلنها التحالف الوطني العراق الحاكم، قال فيها، وفي نقاط:
1- الدعوة إلى التسوية التاريخية جاءت في توقيت لا أسوأ منه والعراقيون يحررون الأرض في الموصل، المحاصرة بمفخخات داعش الانتحارية، وفيها قرابة المليون وثمانمائة الف مواطن.
2- في المعارك الحاسمة، المنتصر سيكون له سهم أكبر في فرض الشروط، وعلى المحرر المصابرة والقبول بموازين القوة، وهذا الأمر معمول به معروف في كل المعارك والحوادث المشابهة في العالم، كما حدث مع المانيا وتركيا واليابان في الحرب العالمية الثانية، الأرض المحررة قبلت بمسايرة قانون المحرر.
3- الركون إلى دور الأمم المتحدة والحماية الدولية كما يحدث في لبنان ليس بالحل المثالي، مع بلد فيه السلاح السائب متوفر بكميات كبيرة وبأسعار رخيصة مع ضعف القانون وقلة الوعي بالعواقب وتوفر الحافز لرفع شعار السلاح هو الحل في اي مناسبة.
4- إن العراق من دون المحاصصة القومية والطائفية سوف يقع في أزمات كبرى وكارثية، ابتداءً من التمرد المسلح والفساد الاقتصادي وصولاً الى حرب أهلية أخرى.
5- إن قصة التسوية التأريخية العراقية ليست صحيحة بل هي مضللة، ولها آثار سياسية خطيرة حين تشجع المكونات الكبيرة على القيام بمغامرات التلاعب بحقوق الأقليات.
6- الجديد هو تبنّي أطراف هامة في التحالف الوطني الشيعي وثيقة التسوية التأريخية، وهذه الوثيقة لا يمكنها من إقناع الأحزاب الشيعية الصاعدة والمطالبة بحكم الأغلبية وفرضه كآمر واقع عند الضرورة، فضلاً عن نسبة كبيرة من الفصائل المسلحة داخل البيت السياسي الشيعي نفسه وميلها إلى إلغاء المحاصصة وفرض حكم الأغلبية.
النص الكامل لمبادرة التسوية الوطنيّة أو التسوية التاريخية التي سيطرحها التحالف الوطني العراقي
7- معنى القول إن التسوية التاريخية الحالية هي المناورة بالجمهور الانتخابي الشيعي وفصائله المسلحة، لتحقيق مصالح مشتركة مع الغرب والعرب، وإضعاف هيمنة شبح إيران.. ولكن عندما تحين لحظة الحقيقة وهو تنفيذ بنود الوثيقة، سينتفض رجال من داخل البيت السياسي الشيعي على بنودها، فالاتفاق يصادر طموح الأحزاب الصاعدة وحلفاءها بالكامل وهذا غير مقبول.
8- ما لا يقال كثيراً في مثل هذا الشأن عن سبب ظهور وثيقة التسوية التاريخية في هذا الوقت، هو ما جرى خلال مفاوضات العبادي مع البارزاني، فالوثيقة سوف تسهل من إنجازها!
9- ولم يكن إلا من قبيل الخطأ المقصود قيام بعض قيادات التحالف الوطني، بضرب كل المبادرات التي اعلن عنها علاوي والحكيم والصدر والجبوري..ربما هي مناورة الكبار للتلاعب بخارطة النفوذ مجدداً..وفي هذا المشهد الموغل في المؤامرات وتبادل الخدمات والغدر، هل سيشن السيد المالكي هجوماً كبيراً على هذه الوثيقة لتضييق الخناق على القائمين عليها واذا فعل ذلك فأنه باستطاعته حرقها الى الأبد.
كلمة ازاميل
منذ أن بدأت عمليات تحرير نينوى، والسياسيون العراقيون في واد، والعراق جيشا وشعبا في واد،
فعلى الأرض وجبهات القتال وفي مواقع التواصل، تجد العراقيين في حالة حرب ضارية جدا مع داعش ويقف فيها جميع العراقيين خلف المقاتلين بكل الصور والأشكال..
أما في الغرف السرية ومكاتب المسؤولين، الكبار منهم خاصة، تجد ومن خلال التصريحات التي ظهرت، انهم مشغولون بإعادة ترتيب أوراقهم، وحساباتهم، لمرحلة ما بعد داعش، و”استثمار” النصر، وعصره لأقصى حد ممكن لصالحهم!
هنا هم قاتل ومدمى بتحرير الأرض وجمع الكلمة وهناك في الأقبية السرية، قوم لا هم لهم، إلا مصالحهم، ونفوذهم على الملايين الذين دفعوا ثمن أخطائهم وفسادهم غاليا جدا، ومازالوا.
هنا يجد العراقي المعذب نفسه عاجزا عن وصف شجاعة أهله وأخوته وأبنائه في جبهات القتال وهم ينزفون دمهم أنهارا فيها، وبإندفاع يندر وصفه.
فأي كلمات تصف استعادة الجيش والشرطة لهيبتهما في نظر العراقيين، والأهم، استعادة روحنا العراقية التي أهدرها الفاسدون والدجالون من كل لون وصنف؟
أي عراقي يستطيع إنكار صدق مشاعر أهل نينوى وقبلهم الأنبار وهم يتحررون من أبشع تنظيم في العصر الحديث، وكان إفرازا لا يقبل الشك لتاريخ محتشد بالجرائم والتطرف والإرهاب؟
ولكن ماذا عن الرموز السياسية “القديمة” التي لم تزل تحلم بمواصلة مشوارها العظيم الذي لم يترك شيئا واحدا له قيمة في حياتنا؟
وماذا عن اولئك الذين لن يقبلوا مراجعة انفسهم، والاعتراف بأن طائفيتهم هي السبب الذي أوصلنا لما نحن فيه؟
شخصيا، لا أعتقد أن هؤلاء سيغيرون طبعهم ويتعظون من الدرس، لأنهم أصلا، لا يعرفون شيئا اسمه درس ولا موعظة.
فكل ما لديهم في قعر رؤوسهم المتحجرة، هو مجرد وحش بلاغي نهم جدا، وغير قابل للتغيير، محتجز في قالب ذهني ثابت ولا يلتهم إلا نوعا واحدا من الغذاء مهما تغيرت في الخارج الظروف والأماكن والازمان، فقد أدمنوا عليه، ولا بد من توفيره بكل طريقة، قتلا او سرقة او فسادا، ولو انقلبت الدنيا عاليها سافلها.
وأدناه أسئلة وملاحظات على وثيقة التسوية التأريخية
ا- بماذا تختلف التسوية الجديدة عن سابقاتها؟ الأطراف هي تفسها، والوسائل والأقاويل كذلك، فما هو المتغير الوحيد؟ المتغير الوحيد باختصار هو زوال داعش التي لم يكن لها من وجود أصلا لولاهم!
2- وما سبب ظهور هذه الوثيقة في هذا التوقيت الغريب، ونحن في حرب ضارية لتحرير ارضنا؟ الجواب الوحيد متعلق بالجواب المذكور في أولا
3- التسوية تشير إلى وجود خلافات بين الحيتان الحاكمة، ولكن أليس علينا اولا أن نعرف ما هي هذه الخلافات؟ وهل هي خلافات وطنية ام “محاصصية”؟
4- ما علاقة توقيت إعلان التسوية بالانتخابات؟، ولم يفترض المشاركون فيها انهم باقون لامد طويل في الحكم؟ ألا يشير هذا الإفتراض إلى أمر مهم وغير معلن؟
5- ما هي أهلية ومصداقية الاطراف المشتركة في التسوية؟ وهل هم في مستوى يحضى بالثقة والاحترام شعبيا؟ كل الوقائع تدل على العكس تماما!
6- ما هو موقف القوى الجديدة التي ظهرت (ومنها فصائل في الحشد الشعي والعشائري) وهي قادرة على رفض وإفساد اي تسوية اذا ما تهددت مصالحها؟ ألا يعني هذا أننا سنواجه نوعين من المخاطر الأول: حرب أهلية جديدة، والثاني: فساد مالي وإداري ابشع من كل ما سبقه، نظرا لقلة الموارد، ما يؤدي إلى كوارث إنسانية لا يمكن تصورها
7- ما هي علاقة الاطراف المتصالحة بالشعب العراقي، وما هي منجزاتها التي تؤهلها للحديث باسمه؟
8- ما علاقة هذه التسوية بمبدأ المحاصصة الذي دمر العراق، وبماذا ستختلف عنه؟ وهل هي مجرد طور جديد من اطوار المحاصصة نفسها، وقد يكون اسوأ مما سبقه؟
هذه الأجوبة لن يجيب عنها السادة الذين سيعقدون هذه التسوية، لأنها لا تخطر ببالهم أصلا، فهي مجرد حديث يخوضه “العامة” فيما بينهم، ولا شأن لهم بالتالي بذلك!
ورأينا أن الخيار الوحيد، هو ان يعي الناس أمرهم، ويوحدوا كلمتهم ليزيحوا هؤلاء عن المشهد تماما، وهذا هو الامر الأصعب.